أخبارمقالات

الدكتور عبد العليم سعد يكتب : أهمية الأمن البيئي

إرتبط الأمن البيئي Environmental Security، بتصاعد التهديدات البيئية على كافة المستويات (وطني، إقليمي، دولي) ،حيث أصبحت هذه التهديدات تشكل خطراً على الوسط الطبيعي للإنسان والكائنات الحية، ما استدعى من الباحثين والأكاديميين وكذا صنُاع القرار إيلاء أهمية قصوى لهذا القطاع الأمني، حيث برزت العديد من الكتابات والمقالات حول القضايا والمفاهيم المتعلقة بالأمن البيئي، و صارت من ضمن الاهتمامات البحثية الجادة في السنوات الأخيرة .

هو مصطلحٌ ظهر للدلالة على وجود علاقةٍ بين أمن البشر والبيئة التي بقيت موضع نقاشٍ ومثار جدلٍ خلال العقود الأخيرة، حتى ظهر مفهوم الأمن البيئي بالتوازي مع تحديد معنى استراتيجية الدفاع والمجتمع البيئي، وإيجاد نوعٍ من التفاهم والارتباط بين الفكر التقليدي للأمن الوطني والحماية البيئية وتطوير السياسة.

 

إن حماية البيئة هي مسؤولية تقع على عاتق الجميع أفراداً و مؤسسات كل حسب مهنته و وظيفته و طبيعة علاقته بالبيئة و مواردها وفقاً لتخصصها العلمي والمهني، إن حماية البيئة و الحفاظ عليها يعود نتائجها و فوائدها إلى المحافظة على عناصر الحياة و مكوناتها البيئية ولعل أهم جوانب الحفاظ على البيئة وحمايتها يكمن في علاقة البيئة بالتنمية و محاولة خلق توازن بين البيئة و التنمية  يتجاوز المصالح الذاتية جماعيا و فرديا على حساب غيرهم و خلق توازن بيئي قدر المستطاع ولعل الهدف الرئيسي أو النهائي لخلق ذلك التوازن هو الوصول إلى تحقيق الأمن البيئي الذي يعني تأمين حق الجميع في حياة حرة كريمة و صحية لضمان إستمرار و إستقرار التنمية الإقتصادية و الإجتماعية.

إن الأمن البيئي يشمل مجموعة من الجهود المبذولة من الدول و الأفراد من أجل تحقيق الرفاهية و التقدم الإجتماعي و حماية المواطن من المخاطر وهو ما يعني حماية الإطار الذي يعيش فيه وهو البيئة والحد من إفسادها و تدهورها، إضافة إلى الإستثمار الأمثل للموارد الطبيعية البيئية ومن أجل تحقيق الأهداف المذكورة في حماية البيئة ووصولاً إلى الأمن البيئي المنشود فان الوعي في مشكلات البيئة و تأثيرها على الموارد من خلال الإدراك لطبيعة البيئة و مكوناتها و التفاعلات فيما بينهم أمر مطلوب لتحقيق وعي بيئي يؤدي إلى تغيير السلوك و الممارسات تجاه البيئة و مواردها.

ويأتي في مقدمة المعارف التي يجب أن يعرفها البشر في مكونات البيئة و مواردها خاصة في سعيهم لإستغلالها في حياتهم وفي نشاطاتهم التنموية و الإقتصادية وهو إدراك حقيقة محدوديته الموارد البيئية و الطبيعية على تحمل الإجهاد و التدهور والإفساد.

إن إستنزاف الموارد البيئية و محدوديتها من جانب و المشكلات البيئية من تلوث و تدهور من الجانب الآخر يؤثر في محصلتها على تلبية الإحتياجات الأساسية للإنسان، من هنا لابد للنشاطات البشرية و التنموية مراعاة عدد من العوامل و الاعتبار الهامة في البيئة و مواردها أبرزها أدرك قدرة كوكبنا على تلبية حاجاتنا من الموارد خاصة تلك الموارد المتجددة أو غير المتجددة أو حتى المتجددة التي تتعرض للتلوث التي تحتاج للرعاية و الحفاظ عليها من  الأضرار.

إن الإستنزاف و التلوث متلازمان و مرتبطان في معظم الأحوال في تدمير البيئة و مواردها بحيث إنهم يشتركان في حرمان الإنسان من الموارد و تلويث البيئة و أنظمتها في وقت واحد فمثلاً وقود الطاقة وهي من المواد المحدودة وغير المتجددة فإنها تتعرض للإستنزاف من خلال تزايد إستهلاك الطاقة عالمياً وإستخدامه بشكل كبير و مكثف يؤدي إلى تلويث الغلاف الجوي.

كما إن التلوث الجوي يفعل الإستغلال المكثف لهذه الموارد هو عامل من العوامل الرئيسية في ارتفاع درجة حرارة الأرض و تقلبات المناخية و تآكل طبقة الأوزون كما أنه أدى إلى سقوط الأمطار الحمضية الضارة بالإنسان و التربة الزراعية، من هنا لابد من التعامل الواعي مع هذه الموارد من حيث ترشيد إستهلاك الطاقة بإتباع وسائل و تقنيات تعمل على الحد من تلويث البيئة أو التخفيف منه إن الإضرار بالموارد البيئية وتلويثها يكون له إنعكاسات مباشرة على صحة الإنسان، في الماء مثلاً العنصر الأساسي لحياة الكائنات الحية وهو المورد الذي يعتبر من الموارد الطبيعية الدائمة على الرغم من محدودية وجودة في كوكب الأرض وهو الماء الصالح للشرب و الإستخدامات الحيوية، هذا المورد يتعرض للإستنزاف من ناحية  و إلى التلوث أيضاً،حيث يتزايد في عالمنا اليوم تلوث مصادر المياه مما يؤدي إلى تعرض البشر إلى الأمراض الأوبئة و السرطانات حيث بينت الأبحاث العلمية أن 85% من السرطانات البشرية عائد لأسباب بيئية أكثر منها وراثية

يمكن القول إن الأمن البيئي هو أحد مجالات الأمن الوطني والإقليمي الذي يقلل ويمنع من حصول التهديدات المتعلقة بمصادر الطاقة وطرق إمدادها والمخاطر البيئية والضغوطات المسببة لزعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي وحدوث النزاعات والصراعات بين البلدان

 

أهمية الأمن البيئي : يعد الأمن البيئي أحد مركبات الأمن الإنساني ويشار إليه بالأمن الحيوي الذي يشمل الأمن البيئي وله ثلاثة مستويات: الفردي والوطني والعالمي . لذا أخذت القضايا البيئية بُعداً استراتيجياً، إذ لم يعد نشوب التوترات والنزاعات العسكرية قاصراً على حدوثها بمفردها، و لكن أصبحت ممتزجة بتحديات عالمية جديدة وواسعة النطاق وبات الارتباط بين مشاكل البيئة والأمن الدولي في تزايد. ومع ارتفاع وتيرة التدهور البيئي زادت الأهمية والحاجة إلى تبني مفهوم الأمن البيئي؛ لأن الإنسان قام بإهمال مقومات الحياة ( النظام البيئي والتنوع البيولوجي) التي تمدنا بالماء والأكل والدواء والهواء النقي .كما أن أهمية الأمن البيئي تبرز في الحفاظ على الموارد الطبيعية والابتعاد عن شبح الندرة، وذلك بالاستغلال الرشيد لهذه الموارد وفق مبدأ المساواة بين الأجيال الحاضرة وكذا مبدأ الإنصاف مع الأجيال المستقبلية.

كما أن الأمن البيئي قد أصبح ذا تأثير على الأمن القومي للدول، حيث يظهر أثر البعد البيئي في الأمن القومي من خلال عنصر الأمان والاطمئنان على الثروات الطبيعية الواجب حمايتها من أجل أجيال الغد خوفاً من مستقبل يحمل مخاطر وتحديات بيئية تضر أجيال المستقبل بقدر إضرارها بسيادة الدول.

………………………………………

 

د/ عبد العليم سعد سليمان دسوقي

كلية الزراعة – جامعة سوهاج- مصر

رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بمحافظة سوهاج





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى