تؤثر الحشرات الطبية والبيطرية علي صحة وراحة الإنسان والحيوان فبعض هذه الحشرات تسبب مضايقات ولا تنقل أمراض والبعض الآخر يحمل مسببات الأمراض والتي تنتقل للإنسان والحيوان وتسبب أمراض خطيرة وهناك بعض الإناث مثل الدبابير والنحل والتي تسبب الأضرار عن طريق اللسع وقد يؤدي ذلك إلي موتها. والخسارة التي تسببها الحشرات للحيوانات قد تكون مباشرة مثل الإزعاج – الحساسية – امتصاص الدم – التسمم – التدويد وأحياناً الموت’ والأضرار الغير مباشرة ترجع إلي نقل مسببات الأمراض وخفض الإنتاج الزراعي (لحوم – لبن – منتجات الدواجن).
و نلخص في هذا المقال تأثير الحشرات ذات الاهمية الطبية والبيطرية علي صحة الانسان والحيوان يمكن تلخيصها فيما يلي:
اولاً: مفصليات الارجل كعوامل مباشرة للمرض او عدم الراحة.
1- التأثير السيكولوجي ( الخوف )
إن مجرد طنين البعوض قد يحرم بعض الاشخاص من النوم رغم قدرتهم علي النوم في اماكن شديدة الضوضاء كما ان زحف حشرة صغيرة او مرورها علي الوجه او اي جزء من اجزاء الجسم او طيرانها علي مقربة منه قد يسبب قلقاً او ازعاجاً او خوفاً عند بعض الناس . تثير بعض انواع الحشرات كالصراصير والذباب وبق الفراش اشمئزاز بعض الناس نتيجة الروائح الكريهة التي تفرزها او المخلفات التي تتركها في الاماكن التي تزورها . كما ان بعض انواع ذباب الخيل والبرغش يثير القلق والفزع بين حيوانات المزرعة بمجرد سمع طنين اجنحتها وذلك بسبب وخزها المؤلم.
2- الحساسية :
تنتشر حالات الحساسية بين المشتغلين في تربية النحل بسبب تعرضهم للسع ، كما ان تواجد الصراصير وبرازها بكميات كبيرة يسبب نوعاً من الحساسية ، ويصاب العاملون في المتاحف ومجاميع الحشرات بنوع من الحساسية مثل السعال وضيق التنفس والربو والتهاب العين يسبب تعرضهم لمساحيق الحشرات وحراشفها.
3- الاضرار العرضية لأعضاء الحس:
قد تدخل بعض الحشرات صغيرة الحجم عين الانسان او جهازه التنفسي عرضاً مثل التربس او الهاموش مما يسبب التهاب العين او ضيقاً في التنفس كما ان بعض حوريات القراد يمكن ان تدخل اذن النائم وتسبب الأماً حادة ، او قد تدخل يرقات الذباب في الفتحات التناسلية للأطفال عند عدم تغطيتهم اثناء النوم .
4- افراز سموم بالملامسة او حقنها بالجسم :
بعض انواع الخنافس الحراقة تفرز مادة كاوية هي الكنثادرين بمجرد ملامستها لجسم الانسان مما يؤدي الي الشعور بالألم الحاد في مكان الملامسة كما يسبب سم العقرب الماً حاداً في موضع اللدغ وفي بعض الحالات الشديدة ربما يؤدي ذلك الي الوفاة.
5- التطفل الخارجي علي جسم العائل :
القمل الماص وبق الفراش والبراغيث كلها طفيليات خارجية علي الانسان تمتص دمه مما ينتج عنه الاصابة بأمراض خطيرة .
6- مهاجمة الانسجة :
تحفر بعض انواع الحشرات التي تصيب الانسان وحيوانات المزرعة انفاقاً تحت جلد العائل مسببة التهابات حادة وجفاف الجلد وتشققه كما تنمو بعض يرقات الذباب داخل انسجة الجسم عن طريق الجروح وهو ما يعرف بالتدويد Myisais.
ثانياً: مفصليات الارجل كناقل للأمراض :
ويحدث ذلك بعدة طرق:
1- نقل ميكانيكي :
قد يكون نقل مسبب المرض نقلاً مباشراً كما في حالة ذباب الاسطبلات التي تنقل ميكروب الحمي الفحمية عن طريق أجزاء الفم الملوثة من جسم الحيوان المصاب الي الحيوان السليم عند الحصول علي جرعة دم. وقد يكون النقل غير مباشر كما في حالة الذبابة المنزلية والصراصير التي تلوث غذاء الانسان بجسمها او اجزاء فمها الحاملة للميكروبات ( الكوليرا – الدوسنتاريا – او بعض الديدان الطفيلية ) اثناء التغذية .
2- نقل بيولوجي :
تعمل مفصليات الارجل كنواقل لبعض مسببات الامراض مثل الحيوانات الاولية والبكتريا والريكتسيا والاسبيروكيت والفيروسات التي تؤثر علي صحة الانسان والحيوان وقد تسبب امراضاً خطيرة ، ويكون وجود الحشرة ضرورياً في هذه الحالة لنقل المرض ويتم انتقال مسبب المرض بأحدي الطرق الاتية :
أ- انقسام المسبب المرضي دون تطوره داخل جسم الناقل :
وفيه يدخل المسبب المرضي في دورة تكاثرية اي انه ينقسم ويتضاعف دون ان يتطور كما يحدث في حالة ميكروب الطاعون Pestis Yersinia وهو نوع من البكتريا التي تتكاثر بسرعة في مقدمة القناة الهضمية لبرغوث الفار الشرقي Xenopsylla cheopis .
ب- انقسام المسبب المرضي وتطوره داخل جسم الناقل :
ومثاله ما يحدث في حالة بلازموديم الملاريا داخل الجسم بعوض Anopheles حيث يقضي الطفيل دورة حياته بين عائلتين وفي دورتين ، الدورة الاولي اللاتزوجية وتتم علي مرحلتين داخل الجسم ، المرحلة الاولي تتم في الكبد عندما تلدغ انثي البعوض الحاملة للمسبب المرضي الانسان ناقلة له السبوروزويت sporozoites حيث تهاجم الخلايا الطلائية وتتحول بعد ذلك الي طور الميروزيت Merozoites والذي ينتقل في المرحلة الثانية الي الدم بعد انفجار الخلايا الكبدية ، تهاجم الميروزيت كريات الدم الحمراء لتنقسم داخلها في دورة لتتحول بعد ذلك الي الطور الجنسي مكونة الجاميطات المذكرة والمؤنثة التي تمتصها انثي البعوض عند تغذيتها علي دم الانسان حيث تحتاج هذه الدورة لفترة زمنية تتراوح بين 6- 9 ايام .
الدورة الثانية وتتم داخل جسم البعوض بعد تغذيتها علي شخص مصاب بطفيل الملاريا حيث تنتقل الجاميطات المذكرة والمؤنثة الي داخل المعدة ليتم التزاوج وتكوين الزيجوت الذي يتحول الي اوكنيت Ookinete ليخترق المعدة مهاجراً الي المنطقة بين الخلايا الطلائية والغشاء القاعدي ليدخل في دورة يتحول بعدها الي السبوروزويت Sporozoites التي تنطلق من الفراغ الجسمي الي الغدد اللعابية حيث تستغرق هذه الدورة فترة زمنية تتراوح بين 8-12 يوم لتكون بعدها الاثني قادرة علي نقل المرض.
ج- تطور المسبب المرضي دون انقسامه داخل جسم الناقل :
كما يحدث في حالة ديدان الفيلاريا Wuchereria bancrofi المسببة لداء الفيل والتي تتطور من الطور اليرقي الي الطور البالغ دون تكاثر او تضاعف داخل القناة الهضمية الوسطي وعضلات الصدر في الجسم انثي البعوض Culex لتهاجر اليرقات بعد ذلك الي الخرطوم لتكون بعدها الأنثى قادرة علي نقل المرض.
د- نقل المسبب المرضي دون تطور او انقسام:
ينقل الحيوان القشري Cyclops sp والذي يعمل كعائل وسطي لنقل المسبب المرضي لدودة غينيا Dracunculus medenensis دون ان يتكاثر او يتطور بداخله حيث تخترق اليرقات امعاء الحيوان وتنتقل الي الفراغ الدموي ويصبح معدياً ، ويصاب الانسان اذ ما شرب ماء يحوي الحيوانات القشرية والتي توجد اليرقات المعدية بداخلها.
هـ – تلوث مبيضي :
ينتقل المسبب المرضي في هذه الحالة من الكائن الناقل الي البيض فاليرقات فالحوريات فالحيوانات الكاملة . ومثال ذلك الحيوان الاولي Babesia bigemina المسبب لحمي تكساس في الماشية والذي ينقله قراد الماشية Oophilus annulatus وايضا بعوض الايدس الناقلة لحمي الوادي المتصدع حيث يتجه الفيروس الي المبايض ثم البيض فيصبح ناقلاً للمرض .
ثالثاً: مفصليات الارجل كعائل وسطي للديدان المتطفلة:
ومن امثلة ذلك قمل الكلب Trichodecctes canisالذي يعمل عائلاً وسطياً لأنواع عديدة من الديدان الشريطية مثل دودة الكلب الشريطية Dipylidium caninum وايضا الصراصير التي تعمل كعائل وسيط للنيماتودا Gongylonema pulchrum في الانسان.
تجدر الاشارة هنا الي ان هناك بعض الحيوانات تعمل خازنة Reservoirs لبعض مسببات الامراض فهي تحمل في اجسامها مسبب المرض وتكون مصدراً لعدوي غيرها بينما هي لا تتأثر به او يكون تأثرها ضعيفاً ، فالفئران مثلاً تعمل خازنة لميكروب الطاعون وهي لا تتأثر به او يكون تأثرها ضعيفاً ولا تظهر عليها اعراض المرض ولكن مسبب المرض يمكن ان ينتقل منها الي حيوان اخر سليم عن طريق برغوث الفأر.
والنواقل قد تكون متخصصة في نقل مسببات مرضية معينة حيث يكون هناك ارتباط بيولوجي بين الناقل والمسبب المرضي مثل بعوض الانوفلس الذي ينقل بلازموديم الملاريا. هناك ايضاً بعض مفصليات الارجل تعمل كنواقل غير متخصصة في نقل نوع معين من المسببات المرضية حيث تعيش وتتربي في بيئات ملوثة فتتعلق بأجسامها المسببات المرضية لتنقلها بطريقة ميكانيكية الي طعام وشراب الانسان مسببة له امراضاً خطيرة مثل الذباب المنزلي والصراصير.
أ. د/ عبد العليم سعد سليمان دسوقي المنشاوي
مدير وحدة مكافحة الأفات بكلية الزراعة – جامعة سوهاج – مصر
abdelalem2011@gmail.com