الدكتور محمد المليجى يكتب : ترع حفرت بدماء أجدادك
هل تعرف كيف حفر محمد على باشا واولاده الترع في مصر ؟
حفروها بدماء أهالينا واجدادنا زمان.
كل ترعة تراها تمر امام قريتك حفرها اجدادك بأيديهم ومعاولهم وغلقانهم وحميرهم وجمالهم ورويت بدمائهم قبل ان تمر بها مياه النيل.
لم يرسل محمد على او اسماعيل باشا جيش وحفارات تحفر للمصريين الترع. ولكن اجدادك حفروها وبعد ان وصلت المياة ارجاء القطر المصري قبلي وبحري وزع الأرض اقطاعيات على الاقارب والمحاسيب.
اما الذين حفروها ظل معظمهم فلاحين اجراء. كان اعيان القري يؤجرون عمال للحفر ويدفعون اجورهم بالأمر ولكن البقية كانت تعمل مجانا وبالكرباج ان لزم الأمر
في حفر قناة السويس كان عمدة كل قرية يكلف بجمع عدد من شباب القرية غصبا ولذلك كانوا ينصبون الفخاخ ويتربصون بالشباب ويقبضون عليهم في الليل ويربطونهم بالحبال ويرحلونهم كالحيوانات الى قناة السويس واكثرهم لا يعود.
ويكتب التاريخ عن حفر الترع :
“وكان محمد علي قد أمر كشافين البحيرة بجمع الأنفار، وتجهيز العمال، والبنائين، والحدادين، والمساحين، والفؤوس، والغلقان، والمقاطف، والعراجين، والسلب. وكانوا يسيرون مع كاشف كل منطقة بالطبل والزمور. وكان كل إقليم تمر به الترعة له حصة من الأقصاب ليحفرها, فإذا انتهي من الحفر يساعد الإقليم المجاور.”
تاريخ ترعة الابراهيمية
ويرجع الفضل في وضع تصميمها وإنشائها إلى المهندس المصري دويدار محمد باشا، إذ كان مفتشًا لهندسة الوجه القبلي، وقد بدأ بإنشائها سنة 1867، واشتغل في حفرها نحو مائة ألف نسمة بطريق السخرة (العونة)، وتم حفرها سنة 1873، أي أن إنجازها اقتضى ست سنوات تقريبًا وتولى بهجت باشا ملاحظة العمل طبقاً للتصميم الذي وضعه، ولما انتقل في خلال العمل إلى الوجه البحري خلفه المهندس الكبير سلامة باشا، الذي تولى إنشاء قناطر الترعة، ثم خلفه إسماعيل باشا محمد، وكان عهده تمام العمل، ولما أنشئت الترعة وقاطعت بحر يوسف القديم تحول فمه من النيل وصار يستمد ماءه منها عند «الفشن» المستجدة، واستمدتا مياههما منها، وقد كان لهذه الترعة الفضل العميم على أطيان الوجه القبلي من أسيوط إلى بنى سويف، إذ زاد خصبها وتحول الري فيها من ري الحياض إلى نظام الري الصيفي، واتسعت فيها زراعة قصب السكر والقطن. صنفت هذه الترعة من أعظم الأعمال اليدوية في العالم حيث تم شق هذه الترعة بدون استخدام أي تكنولوجيا بالإضافة إلى أنها تروي حوالي مليوني فدان.
اما ترعة المحمودية فقد مات ما يقرب من ٣٠ الف عامل مصري يعملون بالسخرة في حفرها بسبب البرد والامراض وفقر التغذية.
هكذا حفرت الترع زمان واليوم يأتي مشروع وطني كبير لاعادة تأهيل الترع وتبطينها وجعلها اكثر كفاءة لتوفير المياة وتوصيلها بسرعة ولكن بدون سخرة لأننا اصبحنا شعب حر. الذين يشككون في المشروع قطعا لا يفهمون اهدافه او مغرضون لا يعجبهم العجب. المهم ان ينتقدوا لسبب او لآخر.
الدولة تعرف ان تكاليف المشروع مرتفعه وهذا معروف ولكن العائد منه كبير على المدي الطويل. والاكثر من ذلك هو الأزمات المائية التى قد تواجهها مصر في المستقبل تجعلنا نبحث عن توفير كل قطرة ماء مهما كان ثمنها.
محمد على باشا كان يبحث عن مجده الشخصي وانشاء امبراطورية له ولأولاده من بعده ولكن السيسي وحكومته مهما كان لهم من اخطاء فهم يعملون من اجل مستقبل مصر وشعبها. والذي يعمل لا بد ان يخطأ ولكنه لا بد ايضا ان يتعلم من خطأه. مفيش حلاوة من غير نار ومصر محتاجة لكثير من الاصلاحات التى تأخرت كثيرا.
اري على البعد من يتحسرون على ايام مبارك واقول لهم لولا ايام مبارك وفسادها ما كان هذا حال مصر الآن. اي رئيس لبلد فقير يكون لأولاده مليارات في البنوك الخارجية قطعا لص ولا بد من حسابه من اين لك هذا يا هذا.
في اسرائيل يمنع القانون اي مسؤول في الدولة ان يكون لها حساب بنكي خارج اسرائيل.
الذين يفتون فيما لا يعلمون كثر والذي في موقع المسئولية يري امامه ما لا نراهً ومن غير المنطقي ان تقف على محطة القطار وتكون اكثر معرفة من قائده بالطريق. من حقك كمواطن ان تنتقد وتعبر عن رأيك وتطلق المقترحات في حدود معرفتك وعلمك وخبراتك. الانتقاد الموضوعي المدعم بحقائق لا يغضب منه احد بل على العكس يجد استحسان ويأثر ايجابيا حتى ولو تأخر الأخذ به