أخبارمجتمع الزراعةمقالات

الدكتور على عبد الرحمن يكتب : الاقتصاد الغذائي والسياسات الزراعية

اقتصاد الغذاء food economy هو العلم الذي يختص بدراسة الظواهر والقوانين الاقتصادية المتعلقة بالموارد الاقتصادية الغذائية المختلفة وتفسيرها من حيث الإنتاج والتوزيع، بغية تحقيق الاستثمار الأمثل لهذه الموارد.

وبدراسة العلاقات الاقتصادية بين الإنتاج والاستهلاك وبيان الأسلوب الأفضل لتوفير الاحتياجات الغذائية للسكان وتحقيق الأمن الغذائي.
وللموارد الاقتصادية الزراعية ومعطياتها الإنتاجية مكانة مميزة في اقتصاديات الغذاء.
وأهمية دور القطاع الزراعي في الاقتصاد الغذائي، وأسهموا في الدراسات والبحوث المتصلة بهذا الموضوع.

ويمكن تحديد دور الزراعة وتأثيرها في اقتصاد الغذاء بأنها توفر الاحتياجات الغذائية للمواطنين كالحبوب والخضراوات والفاكهة، إضافة إلى المنتجات الحيوانية كاللحوم والألبان ومشتقاتها.
ويستفاد من المنتجات الزراعية المختلفة في الاستهلاك الغذائي المباشر أو في الصناعات الغذائية.
وقد ازداد هذا التنوع في المنتجات الزراعية بازدياد الطلب على السلع المذكورة مع مرور الزمن.
وارتبطت هذه الزيادة في الطلب بكثير من المتغيرات أهمها: النمو السكاني ومرونة الطلب الداخلية، وتطور الأنماط الغذائية في أكثر البلدان كالإسراف وعدم الترشيد في استهلاك الغذاء ولاسيما لدى الفئات ذات الدخول المرتفعة.
ويمكن تمييز ثلاثة أنماط غذائية في العالم:
• المجتمعات المتقدمة، حيث تسود التقنيات المتقدمة، ويستهلك السكان فيها نسبة عالية من المواد البروتينية
• البلدان الآخذة في النمو التي تستهلك نسباً مرتفعة من الحبوب.
• المجتمعات التي مازالت في المراحل الأولى للتنمية فهي تعتمد على المحصولات والسلع الزراعية الدنيا. ومن هنا يأتي دور القطاع الزراعي وأهميته في توفير السلع الغذائية.
وقد كان للنمو المتزايد في تجارة المواد الغذائية إبان السنوات الأخيرة آثار واضحة في التوسع السريع في تدفق رؤوس الأموال بين مختلف دول العالم.
وشهد اقتصاد الغذاء العالمي تغيرات كبيرة ومهمة، إذ تركز الإنتاج والمخزون والفائض من السلع الغذائية الاستراتيجية في عدد قليل من الدول المتقدمة، وانقسمت بلدان العالم إلى مجموعتين رئيستين:
• مجموعة البلدان المصدرة للغذاء وهي الدول المتقدمة صناعياً
• مجموعة البلدان المستوردة للغذاء وهي البلدان النامية

ويتركز إنتاج الحبوب، التي تعد من أهم السلع الغذائية، في عدد محدود من البلدان، إذ يلاحظ أن نحو 68% من الإنتاج العالمي يتركز في تسع دول هي: الولايات المتحدة الأمريكية والصين وفرنسة وكندا وأسترالية ورابطة البلدان المستقلة والهند وتركية والأرجنتين.
ويتذبذب هذا الإنتاج في عدد من الدول من سنة إلى أخرى، ويرجع ذلك، في الدرجة الأولى، إلى أن نحو 85% من الأراضي المزروعة تعتمد على الأمطار و15% منها تعتمد على الري، مما يجعل الإنتاج ومردود وحدة المساحة يتأثران بالتقلبات الحادة في المناخ.
وتعد الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مصدر للحبوب في العالم فهي تصدر نصف مجموع الصادرات العالمية منها ونحو 40% من صادرات القمح وحده.
فإذا أضيف إليها كندا وفرنسا وأستراليا فإن صادرات هذه البلدان مجتمعة تصل إلى نحو 83% من صادرات العالم.
ومن ذلك يظهر مدى تركيز تجارة الحبوب العالمية، وخاصة تجارة القمح، في قلة من البلدان، وخطورة ذلك على مسار اقتصاد الغذاء العالمي، لقدرة هذه البلدان على احتكار هذه المواد والتحكم بأسعارها وممارسة ضغوط اقتصادية وسياسية على البلدان المستوردة للغذاء ولاسيما البلدان النامية.
ويعد عدم استقرار معدل الإنتاج من المحصولات الزراعية والسلع الغذائية الذي شهدته معظم بلدان العالم إحدى الظواهر التي اتصفت بها العلاقات الدولية في مجال الغذاء في السنوات الماضية.
فقد كان للتجارة الخارجية نصيب متزايد في الدخل القومي لكثير من الدول، وشهدت هذه الحقبة تغيرات هيكلية في الأوضاع لمختلف البلدان في التجارة الدولية للغذاء، إضافة إلى عدم استقرار الأسواق بعد عام 1973 وما رافق ذلك من تضخم في ديون الكثير من البلدان النامية، وارتفاع أسعار الفائدة على الديون، وعدم مقدرة بعض تلك البلدان على سداد ديونها فأدى كل ذلك إلى مطالبتها بإعادة جدولة ديونها والتفاوض بشأنها.
وقد نتجت عن هذه الظاهرة تغيرات مهمة في المبادئ العامة لتجارة الغذاء الدولية.
ومع تباين تفسيرات مشكلة الغذاء على الصعيد العالمي، ومن بينها التقلبات الحادة في إنتاج بعض البلدان الكبرى، ولاسيما الاتحاد السوفييتي وأوكرانيا، أو ما صاحب النظام العالمي من تقلبات في السياسة النقدية، إلى ما هنالك من تفسيرات تمثل وجهات نظر اقتصادية وسياسية مختلفة
ويرجع إلى التغيرات التي أحدثتها البلدان المنتجة والمصدرة للغذاء في السياسات الزراعية إلى جانب تغيير التركيب التسويقي للغذاء لمصلحة البلدان المصدرة

وظهرت أنماط وصيغ مختلفة من التعاون بين التكتلات الدولية قائمة على أسس اقتصادية أو سياسية أو أيديولوجية أو إقليمية في إطار التنسيق والتكامل الاقتصادي.
وكان قطاع الزراعة والغذاء من مظاهر هذا التعاون وقد اعتمدت تلك التكتلات على نظم قانونية تطمح إلى التنسيق والتكامل. ومن أهمها الاتحاد الأوروبي، ويمثل هذا العدد نحو 20% من القوة العاملة في تلك البلدان.

ومن أهداف أساسية للسياسة الزراعية المشتركة هي:
• زيادة الإنتاج الزراعي بتشجيع التقدم التقني والاستخدام الأمثل لعناصر الإنتاج ولاسيما العمالة
• ضمان مستوى مقبول من المعيشة للعاملين في القطاع الزراعي بزيادة دخل الفرد
• ضمان استقرار السوق
• ضمان استمرار إمدادات كافية من الغذاء
• ضمان وصول إمدادات الغذاء إلى المستهلك بأسعار معقولة


دكتور/ علي عبدالرحمن
نائب وزير التجارة الأسبق





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى