أخبارمقالات

الدكتور على عبد الرحمن يكتب : ازدياد سكان القطاع الريفي يؤدي إلي ارتفاع غير مسبوق في الطلب على الطاقة والمياه والغذاء

أدى النمو السريع للسكان والانتقال من الأرياف الى المدن ودعم الأسعار إلى ارتفاع غير مسبوق في الطلب على الطاقة والمياه والغذاء خلال العقود الأخيرة. ونتيجة للنمو الاقتصادي والتطور التكنولوجي وعوامل ثقافية واجتماعية متعددة، شهدت أنماط الاستهلاك في المنطقة تحولات مثيرة.

وأيضا ارتفع عدد السيارات الخاصة أضعافاً، وأصبح السفر للعمل والسياحة أكثر شيوعاً، وازداد امتلاك الأدوات الكهربائية والإلكترونية، كما نشهد تفاوتاً بين فئات المجتمع المختلفة وكذلك بين الأرياف والمدن.
وقد أظهر تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية حول البصمة البيئية أن مصر تعاني عجزاً كبيراً في الموارد القابلة للتجدد، خاصة الأراضي والمياه، وهذا الوضع سيتفاقم نتيجة لتغير المناخ.
وأِشارالتقريربخصوص الأمن الغذائي، أن تعديل العادات الغذائية شرط ضروري لتحقيق الأمن الغذائي، وأن ترشيد الاستهلاك شرط ضروري لأية خطة جدية.
وكفاءة الري تبلغ نحو نصف المعدل العالمي. أما استخدام الطاقة، خاصة الكهرباء، فهو في أجزاء من المنطقة العربية الأعلى في العالم، بينما أجزاء أخرى محرومة من إمدادات الطاقة المضمونة.
أما في ما يخص الغذاء، فإن محدوديات الطبيعة تحتّم التحول إلى أصناف بديلة يمكن للمنطقة إنتاجها من دون استنزاف مواردها الطبيعية المحدودة في الزراعة المكثّفة، أوهدر مواردها المالية للاستيراد من الخارج.
فبينما تستورد مصراللحوم الحمراء، ما زالت الثروة السمكية غير مستغلة على النحو الصحيح، مع أن قادرة على الاكتفاء الذاتي في الأسماك وإنتاج فائض للتصدير أيضاً.
كما أن إنتاج لحوم الدجاج يتطلب كميات أقل من المياه، لذا، فزيادة استهلاك الأسماك والدجاج على حساب اللحوم الحمراء يساهم في الأمن الغذائي.
وقد يستدعي تأثيرات التغير المناخي التحول إلى أنواع بديلة من الحبوب تتحمل الحرارة والجفاف وتستهلك مياهاً أقل. هذا كله يحتاج إلى تحوّل يستدعي تحولاً في الأنماط الاستهلاكية.
ويتطلب تعديل أنماط الاستهلاك حوافز وروادع مالية، تشجع الاستثمار في منتجات محددة، ما يؤدي الى خفض أسعارها لجعلها مرغوبة من المستهلكين، ورفع أسعار منتجات أخرى بهدف خفض استهلاكها.
ولكن هذا لا يكفي، إذ ان تغيير العادات الشخصية يحتاج إلى عمل حثيث في التربية والتوعية.
وهذا يتطلب مزيج من سياسات حكومية واستراتيجيات يتبناها القطاع الخاص، ومبادرات من المجتمع المدني والمؤسسات التربوية ومراكز الأبحاث ووسائل الإعلام.
وذلك من أجل تعديل أساليب الحياة والأنماط الاستهلاكية لدى الأفراد وصولاً إلى تصرفات أكثر استدامة.
فالفرد المسؤول بيئياً يستهلك كمية أقل من الطاقة والمياه، ويختار أنواع الغذاء الملائمة للطبيعة والظروف المحلية، ويخفف من الهدر وإصدار الانبعاثات.
وتغيير أنماط الاستهلاك، يساهم في إدارة أفضل للموارد الطبيعية وحماية البيئة، للتعرف إلى مدى قبول الجمهور بتبديل عاداته الاستهلاكية في ما يخص المياه والطاقة والغذاء.
وهذا يدعو لعمل الاستطلاع مستوى معلومات الجمهور حول ندرة المياه العذبة ومستويات الاستهلاك المرتفعة والهدر، وما يرونه من أسباب وراء ذلك، لمعرفة اذا كانوا على استعداد لدفع السعر الحقيقي للمياه والكهرباء والوقود، اذا ترافق هذا مع رفع الأجور وتقديم خدمات التعليم والطبابة والتقاعد، وعما إذا كان مستوى استهلاك السيارة أوالأدوات المنزلية الكهربائية عاملاً في الاختيار.

وفي مجال الطعام سيوضح الاستطلاع عن المأكولات الجاهزة والأغذية المستوردة وقابلية التحول إلى أطعمة بديلة إذا كان إنتاجها أكثر رفقاً بالبيئة

وأخيرا فإن تعديل أنماط الاستهلاك شرط حتمي لرعاية البيئة وإدارة الموارد بما يحفظ استدامتها.


دكتور/ علي عبدالرحمن
رئيس الاتحاد الدولي للاستثماروالتنمية والبيئة





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى