الدكتورة هالة رجب تكتب: الأمراض التي تسببها الزائفة الزنجارية في حيوانات المزرعة
الزائفة الزنجارية Pseudomonas aeruginosa)) هي أحد مسببات الأمراض البكتيرية الانتهازية المسؤولة عن ارتفاع معدل الإصابة بالعدوى الحادة والمزمنة التي يصعب علاجها في الإنسان والحيوان، وتنتشر الزائفة الزنجارية على نطاق واسع في البيئة لأنها تتطلب القليل من المغذيات للنمو والتكاثر. وقد تم عزلها سابقا من أعلاف الحيوانات, والنفايات, والتربة، والسماد، وجلد الحيوانات.
كيف تنتشر عدوى الزائفة الزنجارية في المزرعة والبيئة المحيطة؟
يستطيع هذا الميكروب البكتيري أن ينمو وينتشر بسهولة في المزارع والبيئة المحيطة؛ حيث يلوث مصادر البيئة المختلفة، مثل المياه (كالآبار، الأحواض، البرك، وخراطيم رش المياه)، وكذلك ينمو في أعلاف الحيوانات و يلوث أيضا أدوات الحلب ومعداتها، وينمو علي أسطحها الداخلية.
الزائفة الزنجارية ميكروب انتهازي:
ينتهز ميكروب الزائفة الزنجارية فرصة ضعف الجسم المضيف فيهاجم الأنسجة الضعيفة أو المصابة, ولذا فإن الحيوانات ذات المناعة الضعيفة بسبب الأمراض المعدية الأخرى أو نقص التغذية غالبًا ما تكون أكثر عرضة للإصابة بالزائفة الزنجارية، كما يصيب هذا الميكروب البكتيري الإنسان, وبخاصة المصابين بمرض التليف الكيسي ( Cystic fibrosis)، أو أي شخص مصاب بحالة مرضية أخرى تضعف جهاز المناعة في الجسم، ويسبب التهابًا رئويًّا شديدًا ينتهي غالبا بالوفاة.
و يسبب أمراضًا لكل من الماشية والحيوانات المرافقة، فينتج عن هذه العدوي خسائر اقتصادية فادحة، حيث يسبب التهاب الأذن والمسالك البولية في الكلاب، والتهاب الضرع الحاد في الأبقار الحَلائب، والتهاب بطانة رحم الأفراس، وكذلك تلوث الجروح وتقيحها وتأخر التئامها، وأيضًا يصيب الدواجن مما يؤدي إلى ارتفاع معدل النفوق في القطيع.
أهم الأمراض ذات البعد الاقتصادي التي تسببها الزائفة الزنجارية في حيوانات المزرعة:
- التهاب الضرع:
تسبب الزائفة الزنجارية التهاب الضرع الحاد المفاجئ وانتشاره في قطيع الأبقار الحلائب في غضون أيام قلائل، والأعراض تشمل انتفاخًا واضحًا في الضرع, وارتفاعًا في درجات الحرارة (105-107 فهرنهايت)، ويصير الحليب مائيًّا غير طبيعي، ويحتوي بالإضافة إلى ذلك على رقائق أو جلطات أو دم، وقد تظهر علامات شديدة على الأبقار المصابة كتسمم الدم.
وعلى الرغم من العلاج المكثف بالمضادات الحيوية , ينفق العديد من الحيوانات، وحتي معظم الأبقار التي تستجيب ويتم علاجها من العدوي لا تصلح للإنتاج، وتستبعد من القطيع.
- التهاب بطانة رحم الأفراس:
من أهم الأعراض التي تظهر علي الأفراس المصابة: العقم، والولادة المبكرة حيث لا تستطيع الفرس بلوغ فترة حمل كاملة، وقد تظهر مع الأعراض إفرازات مهبلية، وقد تشير الدورات الشبقية المتكررة إلى التهاب بطانة الرحم.
وبالرغم من أن عدوى الزائفة الزنجارية عرفت سابقا بإمكانية انتقالها عن طريق التلقيحvenereal transmission) ) ممَّا يسبب التهابًا شديدًا في بطانة رحم الأفراس فقد أشارت دراسة في جامعة كوينزلاند في أستراليا إلى أن سبب ظهور التهاب بطانة الرحم في عدد من الأفراس بعد التزواج يعود إلى تلوث أعضاء الأفراس التناسلية الخارجية بالزائفة الزنجارية من مصدر بيئي مشترك، وأشارت الدراسة إلى أن المياه المستخدمة لغسل أعضاء الأفراس التناسلية قبل التكاثر قد تم تلويثها بهذه البكتريا فانتقلت بين الأفراس مما أدى إلى التهاب بطانة الرحم. كما تم عزل البكتريا من4 أفراس زكور و3 إناث , ووجد أن السلالة المعزولة لها نفس نمط الحساسية لمضادات الميكروبات، وبتغيير مصدر المياه المستخدمة لغسل الأفراس, لم تحدث إصابات جديدة بهذه السلالة ممَّا يستوجب -طبقا لهذه الدراسة- فحص مصادر مياه المزراع، وتأكيد خلوها من الميكروبات الضارة.
- الزائفة الزنجارية في الدواجن:
تعد الإصابة بـهذه البكتريا من الإصابات المسؤولة عن النفوق بنسب عالية في قطعان الدواجن. ومن أهم الأعراض الرئيسة: الأعراض التنفسية، والتسمم الدموي، وبتشريح النافق وجد رواسب جبنية، وضيق في الأكياس الهوائية والتجويف البريتوني, واحتقان شديد في القلب والرئة، وكذلك لوحظ علي الكتاكيت النافقة التصاق فتحات الشرج، وعدم امتصاص كيس المح.
لماذا يعتبر علاج عدوي الزائفة الزنجارية تحديًّا كبيرًا؟
إصابة حيوانات المزرعة أو حتي الإنسان بعدوي الزائفة الزنجارية تكون شديدة المقاومة للمضادات الحيوية؛ لأنها تقاوم بشكل طبيعي العديد من فئات المضادات الحيوية، ولها قدرة عالية على تطوير المقاومة بسرعة أثناء العلاج، وذلك لقدرتها علي تكوين الأغشية الحيوية الرقيقة(Biofilm) التي تحميها من المضادات الحيوية.
وتعتبر الزائفة الزنجارية واحدة من ستة مسببات أمراض (ESKAPE)، التي أبلغت عنها جمعية الأمراض المعدية الأمريكية، ممَّا يستوجب سرعة تطوير الأدوية قديمة، أو اكتشاف أدوية جديدة.
د/ هالة رجب خليل علي _ باحث: دكتوراه في البكتريا والمناعة – معهد بحوث الصحة الحيوانية – مركز الحوث الزراعية – مصر