أخباررئيسيزراعة عربية وعالميةمجتمع الزراعةمحاصيلمقالات

الدكتور على عبد الرحمن يكتب : تلوث الغذاء والأمراض الناتجة عن التلوث الغذائي

لاتقتصر مشكلة الغالبية العظمى من المصريين مع الغذاء على أنهم يقبعون تحت خط الفقر الغذائي، وإنما تمتد المشكلة إلى ما يتوافر لهم من غذاء الذي تحول إلى خطر كبير يتهددهم بالمرض والموت. هذا وتوجد أنواع عديدة تسبب تلوث الغذاء سنكتفي فيما يلي بذكر أهمها وأكثرها انتشاراً وخطورة على حياة الإنسان:
أولاً:التلوث البكتيرى:
يعتبر هذا النوع من التلوث من أقدم أنواع التلوث التى عرفها الإنسان وأكثرها انتشاراً، والطعام الملوث بالبكتيريا الضارة (الحمى الراجعة) والدوسنتاريا، وقد تقوم البكتيريا كذلك بإفراز سموم بالطعام ينتج عنها أعراضاً مرضية مثل الإسهال والقيء وآلام البطن، وهذه الأعراض قد تكون خطيرة تؤدى إلى الوفاة مثل التسمم البوتيولينى الذى تسببه المعلبات والأسماك المملحة الفاسدة.
وإن تكاثر البكتيريا وزيادة معدل إنتاجها للسموم بالغذاء قد يكون قبل أو بعد تناول الغذاء، وعادة يكون تأثير الطعام الملوث أسرع وأشد إذا ما كان الطعام ملوثاً قبل إعداده للاستهلاك.
أما الأغذية الأكثر عرضة للتلوث بالبكتيريا الضارة فهي:
• اللحوم ومنتجاتها والدواجن والأسماك والألبان ومنتجاتها
• الأغذية المصنعة
• الأغذية المطهية والمعلبات الفاسدة
• الوجبات السريعة التى تباع بالشارع مثل: الكشري والباذنجان المقلي والطعمية….. إلخ.

ومن أهم مسببات التلوث البكتيري:
1. عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية ونظافة الأدوات المستخدمة وأماكن تحضير الأطعمة
2. سوء تداول الغذاء وتخزينه في درجات حرارة غير مناسبة أو لفترات طويلة تسمح
3. بنشاط البكتيريا المسببة للتلوث.
4. عدم الطهي الجيد للغذاء وتناول الأغذية من المصادر غير الموثوق بها وخاصة الباعة الجائلين.

ثانياً : التلوث بسموم الفطريات (العفن):
تنمو بعض أنواع الفطريات على الأغذية وتفرز سموماً شديدة الخطورة على صحة الإنسان حيث تسبب سرطان الكبد وخللاً بوظائف القلب والأنسجة المختلفة، وكذلك حدوث تغيرات وراثية وتشوه بالأجنة.
والأغذية الأكثر عرضة للتلوث بالفطريات (العفن) هي:
1. الحبوب مثل: القمح والذرة
2. البقوليات مثل: الفول السوداني والعدس والفاصوليا واللوبيا والبسلة الجافة
3. الخبز والدقيق
4. الأنواع المختلفة من المكسرات مثل البندق واللوز
5. الفواكه المجففة مثل: التين والمشمش والزبيب والبلح.
وأهم مسببات التلوث بالفطريات:
• التخزين السيئ في أماكن مرتفعة الحرارة والرطوبة
• طول مدة التخزين وعدم استخدام العبوات المناسبة.

ثالثاً: التلوث بالمبيدات:
تستخدم المبيدات لحماية الإنتاج الزراعى من مختلف الآفات بهدف زيادة الإنتاج، وتتواجد متبقيات المبيدات فى معظم أنواع الخضر والفاكهة ودهون اللحوم والطيور والأسماك والألبان والأحشاء الداخلية وبعض الغدد الغنية بالدهن مثل المخ والكلى والكبد.
وترجع خطورة المبيدات إلى أنها تؤثر على الجهاز العصبي بصفة خاصة وتحدث خللاً في وظائف أعضاء الجسم المختلفة مثل الكبد والكلى والقلب وأعضاء التناسل، بل يصل التأثير إلى أهم مكونات الخلية حيث تحدث تأثيرات وراثية أو سرطانية أو تشوه خلقى فى المواليد، ويتعدى الأمر إلى خلل فى سلوك الأفراد وخاصة الأطفال.
وخطورة هذه المبيدات ليست فقط فى إحداث التسمم الحاد الذى قد يؤدى إلى الوفاة، وإنما في حدوث سمية مزمنة من خلال التعرض أو تناول الأشخاص لجرعات ضئيلة ولفترات طويلة من حياتهم. ويلاحظ أن الأطفال هم أكثر أفراد الأسرة تأثيراً بأخطار المبيدات وهذا يستوجب بذل المزيد من الجهد لحمايتهم من هذه الأخطار.
ومن أهم مسببات التلوث بالمبيدات:
1. الإسراف أو الاستخدام السيئ لها خلال إنتاج وتجهيز وتداول الغذاء
2. عدم الإلمام بكيفية التخلص أو التقليل من متبقياتها بالأغذية المختلفة.

رابعاً: التلوث بالمعادن الثقيلة:
أصبح التسمم بالمعادن الثقيلة مثل الرصاص والزئبق والكادميوم والزنك والنحاس من أكبر المشكلات التى تواجه الإنسان فى الوقت الحاضر حيث يؤدى تعرض الإنسان وتناوله لهذه المعادن إلى حدوث بعض الأمراض مثل الفشل الكلوي، والذي أصبح في زيادة مخيفة فى الآونة الأخيرة.
ويؤدى هذا النوع من التسمم إلى :
1. خلل وظائف الكبد وزيادة حالات الإجهاض والأنيميا
2. حالات من التخلف العقلى ترجع إلى التأثير الضار لهذه المعادن على الجهاز العصبى.

والأغذية الأكثر عرضة للتلوث بالمعادن الثقيلة هي:
• أسماك المياه الملوثة بمياه الصرف الصحي ومخلفات المصانع
• الخضر والفاكهة المزروعة على جوانب الطرق حيث يعرضها ذلك للتلوث بعادم السيارات
• الأغذية غير المغلفة والمعروضة للبيع على جوانب الطرق ومع الباعة الجائلين
• الأغذية المعلبة – خاصة الحمضية منها – والتى يستخدم الرصاص فى لحام عبواتها

وأثبتت الأبحاث العلمية أن متوسط عدد الميكروبات بعد السلخ يصل الي 216 ميكروباً في سنتيمتر واحد من سطح الذبيحة، ويتم ذبح 30% من الحيوانات خارج المجازر ليهرب أصحابها من الكشف الطبي والرقابة الصحية.
وبالنسبة لمنتجات اللحوم تثبت الدراسات التي أجريت علي بعض العينات أن عدد الميكروبات في الجرام الواحد 7 ملايين في البيف برجر و50 مليوناً في الكفتة ومليون في اللانشون.
وأثبتت نتائج فحص الهامبورجر عزل ميكروبات الاشيريشيا كولاي بنسبة 30% من العينات، السالمونيلا 5%، الميكروب العنقودي الذهبي 20%.
والأخطر من ذلك – حسبما يشير الخبراء – هو وجود بعض المؤشرات التي تمثل خطورة علي الغذاء في مصر وأهمها ظهور أمراض بكتيرية وفيروسية وطفيلية مزمنة وحادة، كما تسبب التلوث في انتشار أمراض الصيف والعدوي بفيروس التهاب الكبد الوبائي ” أ” وزيادة حالات الإصابة بالأورام السرطانية والفشل الكلوي والكبدي.
ورغم ما تعانيه مصر من مشكلة غذائية آخذة في الاتساع، فإنها تملك من المقومات والإمكانات الموضوعية ما يكفي ليس فقط لسد حاجياتها من الغذاء فحسب، بل لتحقيق فائض يصدر إلى العالم الخارجي.
وإن قضية تحقيق الأمن الغذائي لم يعد من الممكن مواجهتها محلياً، بل أصبحت هناك ضرورة ملحة لتنسيق السياسات الزراعية على المستوى المحلى والإقليمى بل وحتى الدولى، وإعادة النظر فيها أصبح أمراً مفروضاً لتحقيق تطلعات الشعوب من أجل توفير أمنها الغذائي وتعزيز قدراتها الغذائية.


دكتور/ علي عبد الرحمن علي
مستشار وزير التموين والتجارة الداخلية





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى