ننشر تفاصيل سرقة وضياع مكتبة عالم أمريكى من داخل مركز البحوث الزراعية
كشف الدكتور صلاح يوسف وزير الزراعة واستصلاح الاراضى الاسبق تفاصيل ضياع ثروة من الكتب والابحاث النادرة لواحد من أبرز العلماء الامريكيين أهداها للدكتورة زينب الطبشى ” رحمها الله تعالى” والتى قامت بدورها بعد جهد شاق وبعد الحصول على موافقة من الدكتور يوسف والى بنقلها وحفظها بمقر معهد بحوث أمراض النبات بمركز البحوث الزراعية ، إلا أن قادم الأيام أثبت سرقة وضياع هذه المكتبة النادرة .. فى السطور القادمة يسرد الدكتور صلاح يوسف تفاصيل هذه الواقعة التى مر عليها اكثر من 25 عاما ، إلا أننا نرى أن ما جرى لا يسقط بالتقادم ، خاصة أنه أمر يتعلق بالبحث العلمى وثروة نادرة من الكتب لواحد من أبرز العلماء فى العالم وهو نويل سومر ..وإلى التفاصيل :-
من الذكريات مع التبرعات
أمضيت فترة فى ديفز بكاليفورنيا عام ١٩٩٣.. خلالها جلست أكثر من مرة مع واحد من أكبر علماء التخصص فى العالم وهو Noel Sommer.. والذى عملت بمعمله لبضع شهور، كان وقتها هذا العالم الكبير قد خرج على المعاش كلية وكان يأتى أيام قليلة لينهى إجراءات علاقته بالجامعة.. تناقشنا فى جلسات خاصة فى بعض موضوعات علمية بالتخصص ، جلسنا ذات مرة بمكتبه الذى كان يحتوى مكتبة ضخمة، وخلال مناقشاتنا كنا نستعرض بعض الكتب بمكتبته والتى تمنيت إن احصل على كتاب منها ، عدت من الزيارة وبعد العودة بحوالى سنتين وجدت الأستاذة الدكتور زينب الطبشى رحمها الله رحمة واسعة تخبرنى وقتها إن د سومر قد أرسل لها كل مكتبته الخاصة التى سبق ان تمنيت منها اقتناء كتاب واحد.. دفعنا فى منتصف التسعينات أكثر من ٤٠٠٠ جنيه جمارك أو ما شابه لاستلام هذه الكتب وكان طبعا مبلغا كبيرا..
وصلت كتب المكتبة وتقدمت الدكتورة زينب رحمها الله بطلب الى السيد الأستاذ مدير المعهد بطلب لضم تلك الكتب الرائعة إلى مكتبة المعهد.. ولعدم التوافق بين سيادتها ومدير المعهد وقت ذاك رفض قبول الهدية العلمية، وكان رأيي وقتها إن هذه الكتب كلها متعلقة بالتخصص فأولى إن تكون بمكتبة القسم ، ولكن طبعا نزلنا جميعا لرغبة الدكتورة زينب والتى رفضها مدير المعهد العلمى لخلاف شخصى وهمى زال بعد ذلك مع الوقت ، أصرت الدكتور زينب رحمها الله على تقديم الكتب إلى مكتبة المعهد واصر مدير المعهد رحمه الله على موقفه .. فما كان من الدكتورة زينب إلا أن تقدمت بطلب إلى سيادة النائب وزير الزراعة فوافق على إيداع الكتب بمكتبة المعهد والزم مدير المعهد بذلك.. تقبل مدير المعهد الهدية العظيمة مرغما.. و نتيجة توجه مدير المعهد تم عمل دفتر غير رسمى سجلت فيه كل كتب مكتبة دكتور نويل سومر.. ولم تسجل كعهدة رسمية، خرج مدير المعهد على المعاش وتولى بعده أستاذ دكتور آخر لعامين ثم تولى ثالث والذى كان وفريقه على درجة من التوافق مع بعض الشخصيات غير السوية.. ذهبت يوما ما المكتبة فوجدت كل كتب مكتبة نويل سومر قد اختفت وسجل الكتب أيضا قد اختفى.. وضاعت كتب مكتبة كاملة رائعة بل سرقت عمدا وبحكم التخصص أعلم طبعا من قام بسرقتها لكن ليس هناك دليل على اى شئ..
وهنا تذكرت وقلت للزملاء إن هناك أحد أنواع الصدقة الجارية ترك علم ينتفع به.. والكتب أحد هذه الفروع.. وايضا اعتقد إنه من الاثم الجارى من منع علما ينتفع به.. وربما كان هذا فى نظرى أسوأ عقاب أتمناه لمن قام بسرقة تلك المكتبة..
تسجيل التبرعات ليس هو الضمان لحماية وجودها أو بقائها.. لكن التسجيل وبقية الإجراءات الرسمية المكملة..
ما يعيبنا فى مصر هو عدم الاحترافية حيث نخلط الخلافات الشخصية بالعمل بينما تعاونت مع شخصيات من دول مختلفة لم أجد أبدا من يخلط هذا بذاك.. هذا العيب للأسف موجود على كل المستويات بالدولة تحت كل الأنظمة..