الدكتور على عبد الرحمن يكتب : نظام الدعم .. المكونات والأهداف ومدى وصوله لمستحقيه (2- 2)
بدأ الدعم في مصر منذ عام 1941، حيث قامت الحكومة وقت إذ بتنظيم توفير وتوزيع السلع الغذائية الضرورية على الأفراد بأسعار منخفضة نسبيا بهدف مراعاة البعد الاجتماعي، ويشمل هذا الدعم دعما مباشر وغير مباشر، كما يشمل الدعم الغذائي وغير الغذائي، وتخصص الدولة سنويا في الموازنة العامة للدولة.
بنود الإنفاق الاجتماعي والذي يشمل:
• دعم السلع الأساسية من المواد الغذائية والأدوية والشرائح الأولي من استهلاك الكهرباء ومياه الشرب والمواد البترولية والبوتاجاز والغاز الطبيعي.
• دعم الخدمات وتشمل دعم الإسكان التعاوني والشعبي، دعم السكك الحديدية ووسائل النقل الأخرى، دعم العلاج على نفقة الدولة والتأمين الصحي والتأمين الطبي على الطلاب، دعم طلاب الجامعات، دعم الإقراض الشعبي والتعاوني والعشوائيات، دعم الخدمات الدينية والشباب.
• دعم قطاع الزراعة من خلال خفض أسعار الفائدة، وزيادة سعر توريد قصب السكر.
• دعم التأمينات الاجتماعية من خلال فتح باب المعاش من لا عائل لهم وسداد العجز في صناديق المعاشات وزيادة عدد المؤمن عليهم.
• دعم مخصص للتنمية المتكاملة للقرى، ويعتبر الإنفاق على هذه الخدمات بمثابة دخول حقيقية تضاف إلي دخول الأفراد وتتحمل الدولة نيابة عنهم تكاليف مثل هذه الخدمات.
بدائل لإصلاح سياسات الدعم الغذائي :
الدعم من أحد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي هي من حق الأفراد على الدولة، فلكي ترقي الأمم اقتصاديا واجتماعية وسياسيا، لا بد التأكيد على وجود الدعم بأشكاله المختلفة.
والدعم هوأحد السياسات الأساسية منذ بدأ الخليقة حتي الآن ومستقبلا، فالدعم وجود مع بداية الخلق، كما أن الدعم وجود في كل الأمم المتقدمة والنامية، وحتي في جميع الأنظمة السياسية والاقتصادية الدعم وجود، وله أساليب المختلفة في توزيعة على الفئات المستحقة له.
ومنذ منتصف الثمانينات تبنت الحكومة المصرية عدة استراتيجيات لتخفيض تكاليف الدعم تدريجيا، ورغم تحقيق انخفاض معنوي في التكاليف بالأسعار الحقيقية، فإن تكاليف الدعم بالأسعار المطلقة مازات مرتفعة، والدعم في صورته الحالية هو دعم مقنن.
ففي حالةالدعم الغذائي تتحدد الكمية التي يمكن شراؤها بحدود معينة للفرد، وهو ما يتوفر لبعض أو كل أفراد المجتمع بأسعار أقل بكثير من سعر السوق. وتعتبر برنامج دعم السكر والزيت من أمثلة الدعم المقنن. وهناك برامج مقننة أخري وأخري غير موجهة لفئات محدودة الدخل، والميزة الرئيسية للدعم المقنن هي ضبط التكاليف، فالتقنين يحدد التكاليف الكلية للدعم، ويجعل تكلفة الدعم قابلة للتنبؤ بها بالمقارنة مع تطبيق الدعم غير المقيد.
وعموما الدعم له أشكال متعددة:
• الدعم العيني: مثل توزيع مواد غذائية بدون مقابل من قبل الحكومة على المستحقين له.
• الدعم العيني بمقابل مادي: وهو حصول الأفراد على السلع من الحكومة بأسعار أقل من سعرها الحقيقي، وتتدخل الحكومة في شكل ووزن وكميات وطريقة توزيع تلك السلع، مثل البطاقات التموينية.
• الدعم النقدي: وهو أن تتخلي الحكومة عن شراء وتوزيع السلع المدعومة، ووتوزيع قيمة هذه السلع نقديا على المستحقين، وهي طريقة سهلة في التوزيع، لكن عيوبها:
1. أنه سوف تزيد من تكاليف الدعم نتيجة لابد من الإستقاء والتفتيش الدوري والمستمر عن الأفراد المستحقين لهذا الدعم، وفي العديد من الدول وجد أن تكاليف الدعم النقدي يصل إلي حوالي 3 ـ 4 مرات الدعم العيني.
2. سوف توجه نسبة كبيرة من الدعم النقدي لغير المستحقيق لعدم وجود شفافية في البيانات التي تعطيها الأفراد.
3. سوف يوجه عدد كبير من المستفدين من الدعم النقدي إلي شراء سلعا غير السلع المخصص من أجلها هذا النوع من الدعم.
4. ارتفاع أسعارعدد كبير من السلع والخدمات، نتيجة تخلي الحكومة عن دعم السلع عيني، مما قد يسبب العديد من المشاكل الاقتصادية التي قد تسبب قلاقل سياسية واجتماعية، مما قد يؤدي إلي التخلي عن هذا النوع من الدعم.
5. ارتفاع نسبة الفقر والفقراء نتيجة إلغاء الدعم العيني بمقابل، وتركهم عرضة لاحتكارات التجار والأسواق.
6. ظهور وإنتشار العديد من الأمراض نتيجة تخلي الحكومة عن الدعم العيني الذي من أهدافه الرعاية الصحية، وقد ينتج من ذلك إرتفاع تكاليف الرعاية الصحية والعلاج، مما يوضع الحكومة أمام خيرات عديدة هي في غني عنها حتي في الوقت الحاضر ومستقبلا.
يعتبر نظام الدعم الغذائي جزء لا يتجزأ من السياسة الحكومية طويلة الأمد لتحقيق سياسة الأمن الغذائي وتحقيق العدل الاجتماعي، وبالتالي تحقيق الاستقرار السياسي، ورغم أن الدولة حققت تقدما في تخفيض تكاليف نظام الدعم، إلا أن التكاليف المطلقة للنظام مازالت مرتفعة ، لذا تحاول الدولة إصلاح نظام الدعم باتجاه تحسين استهداف الفقراء وزيادة استفادتهم من الدعم وتحسين فاعلية تكاليف إدارة النظام.
أ.د/علي عبدالرحمن علي
مستشار وزير التموين التجارةالداخلية