أخباررئيسيزراعة عربية وعالميةمياه ورى

الدكتور أحمد المفتى يكتب محذرا مصر والسودان : لا توقعوا على المسودة الأمريكية ” الملغومة” لسد النهضة

نصيحة من اجل انسان وادي النيل : لا توقعوا علي المسودة ” الملغومة ” ، التي تعمل امريكا علي اعدادها حاليا ، بعد ان رفضت التلويح ، بالمواجهة المفتوحة مع اثيوبيا !!

اولا : ان الكرت الوحيد المؤثر ، الذي لعبه السودان ومصر ، بعد عشر سنوات من الموقف الاثيوبي المخالف للقانون الدولي ، هو التلويح بالمواجهة المفتوحة ( اخطر عناصرها المواجهة العسكرية ) ، واتخاذ ترتيبات عملية في ذلك الصدد .

ثانيا : ولقد كان موقف ادارة ترامب ، قبل ذلك ، هو اعطاء اثيوبيا 90% مما تصبو اليه ، علي ان تستكمله اثيوبيا لاحقا ، بعد حصولها علي القنبلة المائية ( تخزين 74 م م م ) ، وفي نفس الوقت تجريد السودان ومصر من كل حقوقهما المائية ، وذلك بموجب المسودة التي اعدتها امريكا مع البنك الدولي ، ولكن رفضتها اثيوبيا في فبراير 2020 ، لانها تريد 100% من مطالبها فورا ، معلنة صراحة ان كل المياه ” اثيوبية ” ، تتصرف فيها كما تشاء ، بارادتها المنفردة ، وكل الذي ترجوه ، من مفاوضات سد النهضة ، هو ” اعتراف ” سوداني مصري بذلك ، واحد شواهد ذلك هو قيامها بالملء الاول ، بارادتها المنفردة ، علي الرغم من مطالبات مجلس الامن ، والاتحاد الافريقي ، والنص الصريح في اعلان المبادئ ، بان لا تفعل .

ثالثا : ثم عملت امريكا ، بعد رفض اثيوبيا للمسودة ، علي ترك الحبل علي القارب لاثيوبيا ، لفرض الامر الواقع علي السودان ومصر ، وبما ان المواجهة التي لوح بها السودان ومصر ، سوف لن تمكن اثيوبيا من فرض الامر الواقع ، لذلك تحركت امريكا فورا في اتجاهين ، وهما :

١. الاشارة صراحة ، الي انها ترفض المواجهة العسكرية ، وتفضل مواصلة المفاوضات ، واستجاب السودان فورا لتلك الاشارة .

٢. وبما ان المفاوضات ، قد فشلت ، بشهادة كل العالم ، قامت امريكا بارسال وفودها للمنطقة ، لتسويق رؤيتها ، التي لم تعلن عنها حتي الان ، ومن ذلك انها اجرت ، قبل يومين ، اتصالات مباشرة مع اثيوبيا ، لشرح تلك الرؤية المحددة ، التي سوف تجاز من خلال جولات مفاوضات جديدة .

رابعا : ولن يصعب علي اي متابع ، التكهن بمضمون تلك الرؤية ، ونري انها سوف تعتمد علي المسودة ، التي سبق ان اعدتها امريكا والبنك الدولي ، ورفضتها اثيوبيا ، في فبراير 2020 ، كما اوضحنا اعلاه ، ومما يسهل من تمرير تلك الرؤية ، ان مصر قد وقعت علي تلك المسودة بالاحرف الاولي ، وكان يمكن للسودان ان يوقع عليها ، لولا رفض اثيوبيا لها .

خامسا : وحتي تقبل اثيوبيا التوقيع علي تلك المسودة ، التي رفضتها ، عام 2020 ، فاننا نعتقد ان ” المطابخ ” الامريكية تعمل حاليا ، علي ادخال تعديلات عليها ، مستخدمة براعتها في صياغة الغموض البناء – Constructive Amiguity ، التي ابتكرها وزير خارجيتها السابق هنري كسينحر ، بحيث ، يكون الهدف الاول منها هو اخذ موافقة السودان ومصر ، علي الملء الثاني ، بالكيفية التي يقبلان بها ، علي سبيل المثال الزام اثيوبيا بتوفير المعلومات التي يطالب بها السودان ، ثم بعد ان تمتلك اثيوبيا ” القنبلة المائية ” ، تعمل علي فرض ارادتها ، من خلال الغموض البناء المزروع داخل تلك المسودة ، بحيث تبرر اثيوبيا أفعالها ، اعتمادا علي تفسيرها لذلك الغموض ، الذي يقبل بطبيعته عدة تفاسير .

سادسا : ولذلك فان نصيحتنا من اجل انسان وادي النيل ، هي عدم التوقيع علي تلك المسودة التي سوف تكون ” ملغومة ” ، خاصة وان امريكا تستطيع ان تملي ارادتها بتجريد السودان ومصر ، من خيار المواجهة ، ولكنها لن تستطيع اجبارهما علي التوقيع علي تلك المسودة الملغومة .

سابعا : وبالاضافة الي ذلك ، يمكن للسودان ومصر سحب توقيع كل منهما ، علي اعلان المبادئ ، واللجوء الي مجلس الامن ، علي اعتبار ان الملء الثاني يهدد الامن والسلم الدوليين ، وكذلك مطالبة كل الدول والجهات الاخري ، علي عدم التعامل مع سد النهضة ، علي اساس انه يفقد الشرعية .

ثامنا : وعلي الرغم من مرارة اجبار امريكا للسودان ومصر ، علي التخلي عن خيار المواجهة ، الا انه لا احد ، في الظروف الدولية الراهنة ، يقوي علي القيام بمواجهة ترفضها امريكا ، ولذلك نري ان ما نصحنا به اعلاه ، هو افضل ما يمكن للسودان ومصر القيام به .

تاسعا : ان الملء الثاني بارادة منفردة ، كارثة علي السودان ومصر ، ولكنه عمل غير مشروع ، لانه يخالف القانون الدولي ، اما التوقيع علي المسودة ” الملغومة ” ، فانه كارثة اكبر ، لانه يمكن اثيوبيا من الملء الثاني وفقا للقانون الدولي ، لانه سوف يتم ، بموافقة السودان ومصر ، بسبب توقيعهما علي المسودة الملغومة .


د/ أحمد المفتى البروفيسور السودانى عضو لجنة  مفاوضات سد النهضة المستقيل





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى