الدكتور وائل غيث يكتب: التعامل الرشيد مع ظروف الزراعة الملحية
الغرض الأساسي من هذة المعاملات الزراعية هو تقليل اضرار الاسموزية الناتجة عن تكدس الاملاح الضارة في نطاق عمل الجذور الماصة للنبات والتخلص من الاضرار النوعية التي يتسبب فيها زيادة تراكم عنصر الصوديوم في التربة مما له من اثار مدمرة على هدم بناء التربة وتفريق المادة العضوية اللاحمة المكونة لتجمعات التربة مما سوف يتسبب في افساد التهوية واختناق الجذور .
واذا افترضنا ان قطعة ارض مساحتها فدان تروى بمياه ري ذات ملوحة 4000 جزء في المليون تستقبل 3000 متر مكعب في السنه فهذا معناه ان كل متر مكعب من هذه الكميه سوف يضيف للتربة 4 كجم من الملح ولك ان تتخيل عزيزي المزارع فداحة الموقف بعد مرور سنة واحدة وايضا بعد مرور سنوات
كما ان تراكم الاملاح على حدود مخروط الابتلال الذى ينشأ عن الرى بالتنقيط وهو الاسلوب الغالب الاعم في ري الاشجار يجعل هناك خطرا كبيرا يتشكل من تواجد كمية كبيرة من الاملاح تحيط بمنطقة جذور النبات النشطة (كما يحيط السوار بالمعصم) لذلك تنتشر بشده حالات صدمه الاملاح وموت الاشجار بعد سقوط الامطار لأن المزارع في هذا الوقت يعمل الى وقف الرى فترات سقوط الامطار مما يجعل الامطار تدفع هذة الاملاح المتراكمة حول مخروط الابتلال عكس اتجاه ازاحتها الى خارج منطقه الجذور الماصة فتحدث الصدمة التي تؤدى الى نفوق العديد من النباتات ومن هنا علمتنا التجارب ضرورة ان تكون الزراعة في الأراضي الملحية في منطقه مرتفعة بحيث تتراكم الاملاح في مستوي ادنى من المنطقة المزروع بها النبات بحيث لا يحدث هذا الارتداد العكسي للأملاح وقت سقوط الامطار ومن هنا نشأت فكرة زراعه المصاطب والتي توضحها الصور المرفقة
ثاني النقاط الهامة التي تؤثر بشدة في نجاح عمليات الزراعة في الأراضي الملحية او الأراضي التي تروى بماء مالح هو مدى تواجد طبقة صماء قريبة في هذة الارض
ومن المعلوم ان كثير من اراضينا المصرية لاسيما الأراضي الجيرية تتميز بوجود طبقه صماء يختلف بعدها عن جذور النبات من مكان لآخر فهناك طبقات صماء على بعد (40سم او 50 سم او حتي 80سم او 90سم واحيانا اكثر من ذلك) والقاعدة الأساسية عند الزراعة في أراضي جيرية او غير جيرية تعتمد في ريها على ماء مالح لابد ان يجتهد المزارع في اعداد مرقد عميق للشتلة بمعنى انه يجب عليه تحطيم هذه الطبقه الصماء وتفتيتها بأي شكل لذا لابد من استخدام الحفار العميق لتحطيم هذه الطبقه الصماء عند اعداد المراقد على الاقل في ابعاد (متر x متر x متر ونصف عمق) لتأسيس جورة سليمة تحتضن النبات لان هذه الطبقه المرتفعة والتي يمكن ان تكون على ارتفاع 40 سم اكثر او أقل من سطح التربة تنشأ حالة صرف سيئ وملوحة ثانوية تعزز الملوحة الاصلية لماء الرى فتتعاظم أضرار تراكم الاملاح على النبات ويحدث الفعل الأسموزي الذى يمنع دخول المحاليل الى خلايا الجذور بسبب فرق الضغط الأسموزي وقد يصل الضرر إلى أن تتبلزم الخلايا بسبب السحب العكسي للمحاليل وتموت .
ثالث العمليات الهامه الكبرى والمؤثرة جدا هو اضافه المادة العضوية لذا لابد لنا عند تأسيس مرقد الشتلة في أراضي تعانى من ملوحة ارضيه او ملوحة ماء ري ان تضاف كميه كبيره من المادة العضوية مختلطة مع تراب السطح واذا كان تراب السطح ترابا جيريا يغلب عليه المشاكل فلا مانع من استبدال هذا التراب بتراب من مكان اخر يتميز بالخصوبة لاسيما لو أتي من بطون الوديان وكان يحتوى على الطين والسلت وتبدو عليه علامات الغنى والخصوبة وتخلط مع المادة العضوية كمحسن للتربة ومن وجهه نظري كلما زادت المادة العضوية وتعدت 30 كجم في تأسيس جوره النبات في الاراضي الملحية زاد عظم هذا الاجراء تأثيرا على نضارة النبات وقدرة جذوره على الامتصاص والانتشار لينعكس هذا بمنتهي القوة علي نمو النبات وانتاجيته كما وكيفا
رابعا : النقاط المهمة هو برنامج التسميد المطبق والذى يجب ان يكون إسبوعيا ويعتمد على الحقن من خلال شبكه الرى بالتنقيط وهنا ننوه ان الواجب في هذه الظرف ان تكون التسميدات بكميات قليله ولكن بمنوال منتظم حتى نتجنب فقد العناصر السمادية من جانب ومن جانب اخر حتى نرفع من قدرة النبات على اخذ إحتياجاته اولا بأول حتى لا تتسرب الأسمدة الى التخلل العميق و قبل ان تقوم التربة بمسك لبعض هذه العناصر فيتعذر على النبات إستخلاصها والجدير بالذكر ان استخدام الأسمدة ذات الشقوق الحامضية فى أراضينا المصرية ذات الph المرتفع والذى يصل الى الرقم 8 واكثر احيانا هو الإجراء الانسب لكى يستفيد النبات من هذه العناصر الغذائية المضافة لان الأسمدة ذات الشقوق الحامضية تخلق حاله من التعادل مع ظروف ال ph المرتفع لذا يتم التركيز على التسميد بحمض النيتريك وحمض الفوسفوريك وحمض الهيومك والفولفيك واي اسمده اخري مثل سلفات النشادر وغيرها مع الاهتمام بشكل خاص بإضافة عنصر الكبريت بكميات كبيره عند تأسيس الجورة واضافه المادة العضوية لاسيما سبله الدواجن مع الكومبوست لما لها من اثار في خفض ال Ph وتنظيمه كل هذه العومل مجتمعه قد تساهم فى تيسير امتصاص مجموعه كبيرة من العناصر اهمها الفوسفور وهو من العناصر الكبرى و معظم العناصر الصغرى التي يحتاجها النبات
خامسا : من اهم تقنيات تخفيف الاثار الضارة لتراكم الاملاح والتي يجب علي عزيزي المزارع ان يهتم بها المعاملة بمعالجات الملوحة على الاقل مره كل ثلاث اشهر لان تراكم عنصر الصوديوم بما يحمل من اضرار للنبات سيشكل خطرا كبيرا و لابد من السيطرة عليه بمعالج ملوحة قوى يحتوى على نسب مرتفعة من عنصر الكالسيوم تفوق ال 15% حتى يحد من مخاطر تزايد الصوديوم الخطر
– سادسا : بالنسبة لتقنيات اضافه العناصر الصغرى والتي تعاني من التثبيت في البيئات الملحية نجد ان اسلوب تطبيق هذه العناصر بالرش هو الحل الامثل لاسيما لو تم اضافتها معقدة مع الاحماض الامينية وكدلك الڤولڤيك اسيد لان ذلك يعطى نتائج إيجابية جدا لعلاج نقص هذه العناصر وتحسين الحالة العامة للنبات تحت الظروف الملحية
– سابعا : ظهرت مؤخرا بعض الحلول الابتكارية والتي ارشدت اليها نتائج الابحاث بأنها ذات اثر إيجابي في تقليل اثار الملوحة وتعظيم قدرات النبات على امتصاص العناصر الغذائية في ظل بيئة مرتفعة الملوحة اهمها (استعمال التسميد الحيوي بفطريات الميكوريزا لاسيما اذا احسن استخدام السلالات المتوافقة اكثر مع النوع النباتي المنزرع عند تأسيس المرقد في البداية مع اضافة المادة العضوية او علي جذور الشتلات بشكل مباشر قبل وضعها في المرقد وأشارت البحوث ان هذة المعاملة لها اثار ايجابيه جدا في تحسين قدرات الجذور في امتصاص العناصر الغذائية من البيئات الملحية كما ان المعاملة ببعض منظمات النمو وبعض المواد التي تخفف الاجهاد مثل الاستيل سالسيليك اسيد والحامض الأميني البورلين اعطت نتائج ملموسه في تخفيف اثر تراكم الاملاح في بيئة جذور النباتات في هذا المضمار
– ثامنا: من اهم النقاط وتستحق ان تكون النقطة الاولي حينما تتوجه لزراعه مكان يعاني من مشاكل ملوحة في التربة او في ماء الرى يجب عليك ان تختار الانواع النباتية الملائمة لهذة الظروف الحرجة بدقه شديده بل انصحك ان تختار الاصناف النباتية بعناية خاصة جدا وعلى سبيل المثال إذا اردت ان تزرع نوعا نباتيا في ارض مرتفعة الملوحة فلابد ان تضع هذا الميزان نصب عينيك
الاقوى في تحمل ملوحة مياه الرى من الاشجار المثمرة هو النخيل يليه بمسافه ليست قريبه أشجار التين والزيتون والرمان والسدر يليهم بمسافه ابعد اشجار العنب والجوافة اما حينما تختار الصنف النباتي داخل النوع الواحد مثل الزيتون مثلا فهناك اصناف اكثر تحملا من اصناف اخرى فمثلا صنف العجيزى وهو صنف تخليل اكثر تحملا لتراكم الاملاح من اصناف اخرى مثل البيكوال او المنزانيللو بما يتصف به هذا الصنف من تركيب تشريحي واوراق جلديه غليظة واغصان قوية تتمتع بمرونه كبيرة وخلايا مدعمة تجعلها اكثر قوة علي مواجهة الظروف البيئة المعاكسة واجهادات الملوحة ولتكن القاعدة دائما عند اختيار صنف ما في بيئة ملحية هي التبكير في الاثمار لتخفيف اعباء الشجرة مبكرا والبعد عن مواسم الانتاج الطويلة الشاقة.
أ.د/ وائل غيث استشاري البساتين والزراعات الصحراوية