المشكلة الحقيقية في ما تفوه به اعلامي غشيم تجاوز كل حدود الذوق واللياقة في حديثه عن سلوكيات اهل صعيد مصر تجاه قضية الزيادة السكانية وكثرة الانجاب ، هي في اعتيادنا اطلاق توصيفات سلبية وغير لائقة علي اهلنا ممن ينتمون الي هذه الكتلة الجغرافية الحيوية من ارض مصر في ظلم فادح لهم ولا اري اساسا ثقافيا او حضاريا او تاريخيا او انسانيا مقنعا له….
ومن واقع خبرتي ومعايشتي الطويلة للصعيد كما يطلقون عليه ، بحكم عملي استاذا بجامعة اسيوط ، ورغم اني لا انتمي بنشاتي القاهرية اقامة ودراسة ولا باصولي العائلية اليه ، فاني اشهد بان ما اراه منهم في اسيوط وفي غيرها من مدن ومحافظات جنوب مصر يشهد لاهلها الاصلاء الكرام بما هم عليه من رقي وتحضر وتقدم كبير يدعو الي الاحترام والاعجاب… فضلا عما قدمته لنا هذه المحافظات من قامات انسانية شامخة ولها مكانتها العظيمة في نفوس المصريين في كل مجالات الحياة..ولا تتسع لذكرها مجلدات……
وقد آن الاوان لكي نلغي تعبير الصعيد بدلالاته السلبية الشائعة من قاموس حياتنا ، وان نشير الي محافظاته باسمائها، سيما وان لكل منها كيانها الخاص وشخصيتها الذاتية وتاريخها ورجالها ورموزها الثقافية والسياسية والاجتماعية الكبيرة…. وهذا ادعي لانصافها ، واقرب الي الحقيقة من ان نجمعها كلها في توصيف واحد لا معني ولا اساس له….واذا كنا نفعل ذلك مع المحافظات الكائنة في شمال مصر فلماذا لا نفعل الشئ نفسه مع المحافظات الكائنة في جنوبها ؟ نحن هنا امام درجة عالية نسبيا من التنوع الثقافي والتاريخي والحضاري والانساني الذي تزخر به كل هذه المدن والمحافظات المصرية ولسنا امام كتلة جغرافية واحدة صماء كما يؤشر بذلك تعبير الصعيد الذي عفا عليه الزمن…. ويكفي ان مدنه هي التي ضمت معظم كنوز مصر الاثرية الفرعونية القديمة التي بهرت العالم واذهلته وما تزال تبهره حتي الآن… …….
واعتقد ان تصويب المفاهيم واعادة تصوير الواقع بشكله الحقيقي بعيدا عن التعميم الظالم ، هو ما سوف يقطع الطريق علي مثل هذه النوعية من الاعلاميين وغير الاعلاميين الجهلاء ويخرسهم عندما يحاولون التجرؤ علي اهلنا الاعزاء هناك بما لا يصح ولا يليق….
ا. د إسماعيل صبرى مقلد – عميد كلية الحقوق جامعة أسيوط سابقا