أخبارخدماترئيسيمجتمع الزراعةمحاصيلمقالات

الدكتور السيد وجيه يكتب: القول الفصل فى مسألة تناول بطاطس بها بقع بنفسجية أو خضراء!!!

إحذر البطاطس البنفسجية والخضراء!!!
إذا وجدتم البطاطس تحتوي على بقعة بنفسجيه أو بقعة خضراء من الداخل فقوموا برمي الدرنة بكاملها علي الفور!!!
هذه هي النصيحة التي نشرها بعد الجهلاء في مشاركة أرسلتها لي إحدي قريباتي وبعض طالباتي القدامي الذين أعتز بهن علي الخاص وطلبوا مني أن أعطيهن رأيي فيما جاء بها من معلومات قبل أن يقرروا هن موقفهن منها، ففعلت.. ولتوسعة نطاق الفائدة قررت أن أنشرها علي صفحتي عسي أن يكون فيها بعض الفائدة لمزيد من المتواصلين معنا!!!
المؤسف أن هذه المشاركة البائسة هي لمحاسب، من خريجي كلية التجارة ، ربما لايعلم أن لون بالطو المعمل أبيض، نشرها علي صفحة مختصة بكل ما يتعلق بالغذاء وصحة الإنسان بصلة إسمها “ثقافتنا” ويمكنكم الإطلاع عليها في الرابط التالي:
والمضحك المبكي أن صاحب المشاركة قد نشرها تحت عنوان “توعية” ويقول فيها للناس:
“إذا وجدتم البطاطس تحتوي على بقعة بنفسجيه من الداخل لاتحاولو قطع تلك البقعه واخذ باقي البطاطا بل يجب رميها بأكملها فهذا اللون يدل على وجود تركيز عالي للماغنسيوم وهذا يعنى أنها سامه ومن الخطر أن يتم تناولها وللحذر تلقى بأكملها وإذا وجدتم البقعه خضراء فهذا يعنى أنها بها تركيز عال من مادة السولانين وهذا المكون يدخل في تركيبة سم الفئران ! لذا يجب الحذر الشديد اذا وجدتم اي من اللونين داخل ثمرة البطاطس فقومو برميها على الفور.”
والآتي ما أرسلته من رأيي علي هذا العبث:
يسعدني الإستجابة لطلب سيادتكم بخصوص الـ Post الذي يحذر من تناول درنات البطاطس التي تظهر عند قطعها نصفين بعض المساحات في أنسجتها الداخلية التي تتخذ ألوانا معينة حددها بالبنفسجية أو الأخضر وينصح بعدم تناول الدرنة ويؤكد علي وجوب التخلص منها كاملتاً لخطورتها علي صحة الإنسان!!!
ويؤسفني أن أقول لسيادتك بأن هذا الـ Post الذي عنونه صاحبه بكلمة “توعية” لا يتضمن أي كلام علمي كما تعوذه الصياغة الرزينة المتماسكة والدقة المطلوبة التي يقتضيها التحليل العلمي في وصف مكونات الظاهرة موضوع المشاركة وفي إثبات العلاقة السببية بين ما يدعيه صاحبه وصحة الإنسان كما تعوذه الأدلة العلمية لإقامة العلاقة السببية!!! وهذا ربما ما سبب هذا الكم من الخلط بين المتواصلين خاصة المشتغلين بالبحث العلمي!

ظاهرة معقدة 

قصة تلون أنسجة النباتات الخارجية والداخلية بألوان غير لونها الطبيعي هي ظاهره معقدة لا يسببها مسبب واحد وتحتاج إلي عالم مطلع لتفسيرها وقد سبق أن علقنا علي مشاركات مماثلة وبينا حقيقة الظاهرة ومدي خطورتها ولكن يبدوا أن البعض خاصة غير المتخصصين وقليلي الإطلاع مثل كاتب هذا الـ Post، يظهر علينا بين الحين والآخربنفس القصة المسلية ليسبب قدر كبير من البلبلة بين العامة وبعض الخاصة!!!
فما تم نشره في هذه المشاركة ماهي إلا خرافات لا تصدر إلا من شخص غير قادر علي فهم الأساس العلمي لما يتحدث بشأنه!!! فكل ما جاء بهذه المشاركة هو هراء مابعده هراء..فالصورة المنشورة هي لدرنات بطاطس تتلون بعض أنسجتها الداخلية باللون البنفسجي علي حد قوله ولقلة معلومات صاحب هذا الـ Post، إختار لها خلفية من درنات بطاطس مصابة بمرض معروف لدي أطباء النبات بمرض الدرنة المغزلية في البطاطس (Potato Spindle Tuber disease) وهو مرض يصيب البطاطس ويسببه كيان حي أصغر من الفيرس (Virus) يعرف بالفيرويد (Viroid) والذي من بين أعراضه تشوه الشكل المعتاد لدرنات البطاطس فتبدوا مستطيلة أو مغزلية الشكل أي سميكة من طرف ومستدقة من الطرف الآخر مع ضحالة العيون وبروز المنطقة المحيطه بها فيما يعرف بالحواجب البارزة Protuded eyebrows مما يدل علي أن صاحب الـ Post ليس لديه أي دراية بأمراض النبات وفسيولوجيا الصحة والمرض ليتصدر لمهمة التحذير من تناول بعض الأجزاء النباتية عند تغير ألوانها!!!
كما أن الأعراض التي أظهرها في القطاعات العرضية للأنسجة الداخلية والتي يصفها بأنها ذات لون بنفسجي لا علاقة لها بارتفاع نسبة المغنسيوم كما إدعي بل هي أعراض لم ينتبه إليها راجعة لإصابة الدرنات بمرض فيرسي يسببه عدد من الفيروسات المعدودة المعروفة لدينا نحن أطباء النبات من أشهرها فيرس تكتل القمة (Mop Top Virus) أو فيرس نخر الدخان (Tobacco etch virus) هو بالتأكيد لايدري عنهما شيئاً، وهي مجرد حالة موت للأنسجة الداخلية (Internal necrosis) قد تأخذ كثيراً الشكل المقوس كما هو ظاهر في الصورة المنشورة وهذه الأعراض لا تصاحبها أي خطورة علي صحة الإنسان إذا تناول درنات تحملها!!!
لقد ثبت لي أن صاحب الـ Post ليس له أدني علاقة بعلوم البيولوجي عامة وعلم النبات وأمراضه وعلوم التغذية خاصة وذلك من خلال أخطاء علمية وقع فيها دون أن يعي أنها أخطاء كأن يتحدث عن الدرنات علي أنها “ثمار” وهي ليست كذلك!!! فالدرنات (Tubers) أبعد ما تكون عن الثمار (Fruits) من الناحية النباتية إذ أن الثمار هي ناتج تكاثر جنسي يتم فيه إخصاب حبوب لقاح لبويضات موجودة في مبيض زهرة فتتكون ثمار تحمل داخلها بذور أما الدرنات (Tubers) فهي سيقان متحورة للتخزين!!! ثم يفاجئنا صاحب الـ Post بخطأ آخر وهو إفتراض أن زيادة المغنسيوم في هذه المساحات المحدودة من الأنسجة المتلونة باللون البنفسجي تمثل خطراً علي صحة الإنسان في الوقت الذي ينتظر، إن كان ما يقول صحيحاً، أن يكون العكس صحيحاً!!!

خيال “غير علمي”

المصيبة الأخري التي وقع فيها هذا الجاهل، صاحب الـ Post، أنه توهم أن المساحات الداخلية قد تتخذ اللون الأخضر ويصف ذلك علي أنه نتيجة تكوين الكلوروفيل والذي يصاحبه تكوين مادة السولانين وهذا تخريف آخر!!! فهو لايدري أن الكلوروفيل لا يمكن أن يتكون في الأنسجة الداخلية العميقة في ظل الظلام الدامس المتوقع وجوده هناك وبالتالي لايمكن أن يتكون بخلاياها لا Solanine ولا غيره!!! فالمعروف أن اللون الأخضر لا يظهر مطلقاً إلا إذا توفر الضوء لأن تفاعلات تكوين الكلوروفيل ترتبط بوجود الضوء(Photochemical reactions) وأن عدم توفر الضوء لا يمكن للكلوروفيل أن يتكون، فكيف تتكون مساحات خضراء في أنسجة الدرنة الداخلية حيث الظلام الدامث الذي يزيده ظلمه أن الدرنات تكون في وضعها الطبيعي متصلة بالنبات الأم ومدفونة بالتربة فمن أين سيأتيها الضوء ليتكون بها الكلوروفيل؟!!! هذا خيال “غير علمي” غير موجود إلا في دماغ الجاهل صاحب الـ Post!!! فحقيقة الأمر أن تكون اللون الأخضر في درنات البطاطس هي حالة فسيولوجية معروفة في العائلة الباذنجانية التي منها الطماطم والبطاطس والباذنجان وغيرهم وتظهر في الأنسجة السطحية أو تحت السطحية عند تعرضها للضوء ولكنها لا تظهر مطلقاً في الأنسجة الداخلية العميقة كما يبدوا في الصورة :
وهذه الظاهرة يصاحبها تكون مادتين سامتين من السموم العصبية تعرفان بالسولانين (Solanine) والشاكونين(chaconine)!!! هذا والمعروف أن هذه المواد السامة لا يقتصر وجودها علي درنات البطاطس عند تعرضها للضوء بل تتواجد أيضاً في ثمار الطماطم الخضراء بتركيز يقترب من 500mg (أي خمسمائة مليجرام ..علماً بأن المليجرام الواحد ‘mg’ يساوي واحد من الألف من الجرام) لكل كيلوجرام من الثمارولكن ينخفض تركيزها إلي 5mg فقط في الثمار الحمراء الناضجة!!! وبما أن التركيز الذي يسبب مشاكل صحية للإنسان من مادة الـ Solanine هو في حدود 5mg لكل كيلوجرام من وزن الجسم وهو ما يعني أن الجرعة السامة للشخص متوسط الوزن الذي يبلغ وزنه سبعون كيلوجرام هي 350mg وهذا بدوره يعني أنه لكي يحدث لك حالة تسمم بهذه المادة عليك أن تتناول في الوجبة الواحدة 70 كيلوجرام طماطم (أي قدر وزنك) وكمية أكبر من درنات البطاطس الخضراء وهذا أمر غير متصور وغير معقول!!! والإدعاء بأن درنات البطاطس التي تظهر عليها الأعراض التي أتت بالمشاركة تحتوي علي مخاطر يتعارض مع أبسط المعارف العلمية التي يعلمها علماء فسيولوجيا النبات والإنسان وقد لايعلم الكثيرين بما فيهم من أطلق التحذير أن هذه الدرنات موجودة في مصر وتستهلك بصورة شبه دائمة لسنين عدة دون أن يتسبب عنها أي أذي !!!
من لديه كميات من هذه الثمار أو الدرنات الجميلة عليه التفضل بإرسالها علي عنواني وأعد أنني سوف أتناول كيلوجرام كاملاً منها أمامكم لأحاضركم بعدها لمدة ثلاثة أيام متتالية عن تفاصيل تكنولوجيا إنتاجها وأمانها الحيوي!!!
وبأعتباري أستاذ لأمراض النبات الفيرسية أكاد أجذم من مظهر درنات البطاطس الموجودة بالصورة بما في ذلك تغير اللون الذي يشتكي منه صاحب الـ Post ليس لها أدني خطورة علي صحة الإنسان إذا تغذي عليها باستثناء فقط أن محتواها الغذائي سيكون أقل نسبياً من الدرنات المتحصل عليها من نباتات سليمة ليس إلا!!!
وقانا الله وإياكم شر المرض ومدعي المعرفة وهم كثر!!!

الأستاذ الدكتور/ السيد السيد وجيه
أستاذ الفيرولوجي والبيوتكنولوجي،
ورئيس قسم أمراض النبات سابقاً – كلية الزراعة – جامعة الإسكندرية،
دكتوراة (PhD) في الفيرولوجي من الكلية الإمبراطورية (كلية العلوم والطب) جامعة لندن،
درجة عضوية الكلية الملكية للعلوم (DIC) بلندن،
دبلومة التعليم (Education) جامعة كمبريدح-بريطانيا.
و”رئيس تحرير” (Editor-in-Chief) المجلة الدولية للفيرولوجي
(International Journal of Virology) – الولايات المتحدة.
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏طعام‏‏




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى