أخبارمقالات

الدكتور إبراهيم درويش يكتب : قوة الأوطان مرتبط بقوة مؤسساتها الأمنية وتماسك جبهتها الداخلية

هناك عدة ألفاظ تداخل معانيها وتختلف مفهومها عند المتلقى مثل كلمة التضحية ، البذل ، العطاء والجهاد.. وهذه الكلمات كلما ارتقى المجتمع البشرى اذدادت واتصلت معانيها.

مفهوم الجهاد هو دفاع وحماية وعطاء وتضحية وبذل للنفس فى سبيل غاية سامية ومعنى نبيل ، وذلك أمرفطرى موجود لدى الحيوانات التى هى أقل شئنا منا فهذه الحيوانات والحشرات تدافع عن حق الحياة وتبذل فى الدفاع عن نفسها. واولادها كل ما تسطيع بوسائلها الذاتية فيها ويمكن أن تلقى حدفها وتفقد حياتها ثمنا لذلك واذا لم تسطيع المواجهة اتخذت وسائل أخرى للدفاع عن نفسها منها الهروب والاختفاء للهروب .

فمابالكم بالإنسان الذى كرمه الله بنعمة العقل وسخر له ما فى السموات والأرض وانزل له الرسل و الكتب التى ترفع شأنه وتعلى فكره وذاته وتؤصل لديه مبادىء التعاون والإخاء والعطاء وجعل ذلك من الأعمال الصالحة ومن صميم الإيمان وتدعوه إلى الإيجابية وتحذره من السلبية والأنانية

وبالتالى هو احرص من الحيوانات على الدفاع عن حق الحياة ونتيجة الكريمه عاش ا انسان فى شعوب وقبائل كل فى مكان على سطح الأرض ووضع لنفسه من خلال الأديان والمعتقدات والمعارف والعقل الذى منحه الله اياه مجموعة من القيم الإنسانية و التى يجب المحافظه عليها ومن ينتهك هذه القيام وجل الجهاد ضده لان انتهاك القيم هو نوع من انتهاك الإنسانية التى خص الله بها الإنسان واصبح الإنسان واجب عليه ان يدافع عن حقه فى الحياة فى المكان الذى يعيش فيه وهو وطنه الذى يعشقة وتربى فيه حتى ولو.كان ذلك الوطن صحراء جرداء ودرجة حرارته فوق الخمسين فليس شرطا أن يكون الوطن حدائق غناء ولكن الوطن تاريخ وثقافة  وانشاء حياه فى هذا الوطن ، الإنسان حريص على وجوده وحياته وعلى قيمة الإنسانية بل يضع قوانين تنظم هذه القيم ومن ينتهك هذه القوانين يتم الجهاد ضده ، ويتضح هذا الأمر جيدا فى قوانين الأمم المتحدة والتى تطبق الفصل السابع لمن ينتهك هذه القوانين والمعهادات التى وضعت لرفعة الإنسان

ومن هنا تقدم الدول مرهون بقوة المؤسسات الأمنية التى تؤمن حياة الشعب وتماسك أفراد المجتمع وزيادة وعيهم بأنهم مسؤولون مع مؤسساتهم الأمنية فى الدفاع عنه والحرص على مقدراته.
والعمل بروح الفريق والمحبة خالصة وعطاء لتوفير كل المتطلبات التى تلزم الحياة الكريمة لابناء هذا من مطعم وماكل ومشرب وفرص عمل ونظمصحيه مناسبة ووسائل أمن واعية خاصة إذا كان القائمين على أمر الوطن يبذلون كل الجهود ويسارعون الزمن فى خدمة الوطن وأهله
والمجتمع الحريص على وطنه يجب ان يكون لديه منظومة من القيم والمعارف التى تحصن أفراده ويملكون قدرا من الحب يمكنهم من.التعاون مع الآخر مما ينعكس على رقى المجتمع وتنميته واستقراره .

ويكون لهذا المجتمع منظومة تشريعية قانونية تحافظ على الحقوق وتكبح جماح من يخرج على النظام المجتمعى الذى ارتضاه المجتمع
وعموما يقاس درجة رقى المجتمع بدرجة محافظتة على استقراره واستدامته وعوامل الاستقرار كثيرة الاقتصادية والصحية والتعليمية …. الخ…
لكن الأهم مدى مايملك من قوة تحمى هذا المجتمع من نفسه ومن أعدائه حتى يحقق هذا المجتمع كل مايصبوا اليه وهذه القوة مدى ما يمتلك من منظومة امنية داخلية وخارجية
المنظومة الداخليه وهى الشرطة التى تضبط أمنه وتعمل على تحقيق القيم الإنسانية وتوفر المناخ المناسب للعمل فى كل ميادين الحياه ، أما خارجيا من خلال حماية الحدود وحراسة الأمن القومى و تقوم بها الجيوش والقوات المسلحة فهى درع الأوطان وهم جنود من أبناء الشعب اختارهم الشعب للدفاع عن كينونته وذاته وأرضه.وعرضه ومقدراته وأمنه
وكلما أذادات قوة الجيش كلما كان غصة فى قلوب أعداء الوطن ولذلك تجد أعداء الأوطان كل همهم تفكيك وضرب المنظومات الأمنية التى تحمى الشعب حتى لا تتم مقاومتهم فيستبحون كل شىء فإذا ضعفت الشرطة وتفكك الجيش كانت الدول لقمة سائغة فى أيدى أعداءها .

قيمة الوطن الوطن ليس كلمة

لذلك على الجميع ان يعرف قيمة الوطن الوطن ليس كلمة ولكن أرض وتاريخ وحضارة وشعب ومقدرات ومؤسسات ومستقبل وبالتالى كل فرد من أفراد الشعب عليه دور ومشارك فى بناء والدفاع والتضحية لهذا الوطن أيا كان.موقعك
وعندما يطلب منك ان تبذل أو تضحى يجب ان تعلم انك تضحى من أجل نفسك واسرتك واحبابك ومستقبلك فى هذا الوطن .
مفهوم التضحية المشروعة عام وليس خاص ، فالتضحية دليل عملى على الحب ونوع من العمل الصالح ومدى الارتباطه بالايمان حتى تكون التضحية مشروعة وذلك على حسب انواع التضحية المختلفة .
وهناك التضحية المذمومة هي التَّضْحية في نصرة باطل، أو من أجل جاهلية، وكل تضحية لم تكن في سبيل الله أو ابتغاء مرضاته، أو تحقيقًا لمقصد شريف نبيل فهي مذمومة درجاتك عند الله مرتبطة بحجم عطاءك .وبحجم عملك الصالح.. وهناك كثر من مئتي آية قَرَنت الإيمان بالعمل الصالح ﴿ و لِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ ﴾ علَّة وجودنا في الدنيا بعد أن عرفنا الله العمل الصالح،والدليل على ذلك قوله تعالى﴿قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً )

والمؤمن الحقيقى يبنى حياته على العطاء، وغير المؤمن يبنى حياته على الأخذ، كما ان المؤمن اجتماعيا مشاركا وليس منعزلا متقوقعا والايمان العملى بأن يمتزج الحب بالطاعة، وبالتضحية والبذل..
المحبة العملية هي المحبة الباذلة، التي فيها يعطى الإنسان: يبذل وقته وجهده وماله، وكل شيء ويقدمه لأجل الذي يحبه.. وعندما تنمو المحبة وتصل إلى كمالها، يبذل ذاته أيضًا وبهذا كان حب الشهداء لله، وهو أعظم ألوان الحب، لأن فيه بذل للذات..

والحب والعطاء مترادفان وليس متقابلين، ولا يصدران إلا من نفس سوية، ولا يعبران إلا عن اتزان الداخل ، وصدق المشاعر، فالإنسان المحب لا شك معطاء فالحب ليس قولا باللسان بل عمل يدل على المحبة مثل التضحية من أجل الأولاد والأسرة، نضحى بحياتنا ودنيانا من أجل آخرتنا، نضحى بأوقاتنا من أجل الدراسة، نضحى بجزء من سعادتنا من أجل إسعاد الآخرين، نضحى براحتنا من أجل أطفالنا وتربية أبنائنا، لكن التضحية من أجل الوطن هى التضحية التى لا يتقنها إلا الشرفاء ولا تقبل صفحات تاريخهم إلا أن تكتب بحروف من ذهب حتى لا تمحى أبدا من ذاكرة الأمة. فالتضحية فى سبيل الوطن
وسُئل الفيلسوف الإنجليزى «برتراند راسل»: هل أنت مستعد للتضحية بحياتك من أجل أفكارك؟ فأجاب: لا.. لأنى على يقين من حياتى، ولكنى لست على يقين من أفكارى.

فالتضحية من أجل الوطن هى من أعظم أنواع التضحية على الإطلاق، فكل ذلك من أجل استقرار الوطن وإرساء قواعد الأمن والأمان لأبنائه الشرفاء الصادقين المخلصين المدافعين عن كرامته وعزته واستقراره،

ميادين ومراتب العطاء

كثيرة منها على سبيل المثال ان يعطي الإنسان من وقته، و من علمه وماله ،و من جاهه، و من جهده، ومن عضلاته، وأعلى عطاء هو أن تجود بنفسك .

التضحية او الجود بالنفس ..هو الاغلى والأعلى فقد قال الله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ) .والجود بالنفس أقصى غاية الجود هؤلاء نالوا مرتبة الشهادة، يقول تعالى : ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)
الجود بالمكانة يأحياناً قد تحتاج أن تضحي بمكانتك، هذه المكانة فيها مغانم كثيرة، وقد يخسر الإنسان شيئاً من الدنيا حينما يلتزم طريق الله عز وجل، ولكن هذا محفوظٌ عند الله.. (ما ترك عبدٌ شيئاً لله إلا عوَّضه الله خيراً منه في دينه ودنياه )

الجود بالعلم  من بين مراتب الجود وذكرناها ، بل  هى التى تشكل الوعى وتزيد الثقافة وأساس التطور والتحضر وأن تجود بالعلم،هذا ينطلق من قول الله عز وجل:﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً﴾سوهذا من زكاة العلم وقد قال عليه الصلاة والسلام: بلغوا عني ولو آية ) ، وكلنا مسؤولين عن تشكيل وزيادة وهى الأمة والتصدى للشائعات المخربة للاوطان وحروب الجيل الرابع .
من الجود التضحية بالجاه . لنصرة الضعيف ورُفعَ عنه الظلم وقضاء حاجته .مثل أن تعيد زوجةً إلى زوجها، أو زوجاً إلى زوجته، أوتلُم الشمل بخطواتٍ تخطوها فى الله قال الله عز وجل:﴿وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾.
التضحية بالمجهود العضلى . وذلك ببذل اى جهد عضلى كان تُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ تَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرْفَعُ لَهُ مَتَاعَهُ عَلَيْهَا فى ذلك صدقة وكذلك. الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ وَكل خطوة يَمْشِيهَا المؤمن إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ وَان تُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطريق صدقة ، وأن تعطي دورك في ازدحامٍ شديد لامرأة او رجل كبير .(إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِم ) كل ذلك من العمل الصالح.
ومن أغرب أنواع البذل هو الجود بالعرض، أحد أصحاب النبي رضوان الله عليهم اسمه أبو ضمْضم أصبح فقال: اللهم إني لا مال لي – أنا فقيرٌ يا رب – أتصدق به على الناس، وقد تصدقت عليهم بعرضي؛ فمن شتمني أو قذفني فهو في حلٍ. فقال عليه الصلاة والسلام: أيَعْجِزُ أحَدُكُمْ أنْ يَكُونَ كأبي ضَمْضَم.

الجود بالصبر أن تجود بالصبر. يقول تعالى (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ فقد تعفو على إنسان اعتدى على ابنك لو عنك ولكنه لم يقصد ذلك، ، فأسقطت حقك الشخصي، وصبرت على هذا المصاب الذي ألمّ بك، فهذا نوعٌ من البذل، الجود بالخُلُقِ والبِشر وبسطة الوجه.
ابتسامتك وان تلقى أخاك بوجهٌ طلق، وسؤالك عن صحته نوع من حبر الخواطر أيضا نوع من انواع التضحية والبذل.

التعفف عن مما فى ايدى الناس .. فهذا نوعٌ من البذل السلبي، حينما لا تطمع بما عندهم، تعفو عما في أيديهم، كان لا تنظر لامرأة غيرك وتجاهد نفسك وتمنعها من الشهوات وترضى بما قسم الله لك

الخلاصة :

قضية التضحية أو الجود أو العطاء أو الحب للأوطان قضية متداخلة مترابطة لها أهمية كبرى يجب التأكيد عليها دائما ،كما أنه يجب ان يعلم الجميع أنها ليس قضية حكومة او فئة من الناس بل كل فرد من أفراد المجتمع مشارك فيها ومسؤول عن جانب منها . . وأن الوطن المتماسك.المتعاون الواعى بما يدبر له وما يحيط به والقارئ فى تاريخه والمؤمن بربه والواثق فى قيادته والمساند لشرطته ، والداعم لجيشه هو القادر على البناء والتنمية فى كل المجالات وهو الذى يستطيع تحقيق شعار يد تبنى ويد تحمل السلاح. . وهو الجدير أن يُحترم ويُفسح له الطريق بأن يكون فى مصاف الأمم المتحضرة والقوية
حفظ الله مصر شعبا وشرطة وجيشا وقيادة ووطنا نعيش فيه ويعيش فينا.


ا.د ابراهيم حسينى درويش
أستاذ المحاصيل ووكيل كلية الزراعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة – جامعة المنوفية





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى