الدكتورة مسنات الحيارى تكتب: تحقيق التعافي الاقتصادى فى ظل الجائحة
أكد جلالة الملك عبدالله الثاني في كتاب التكليف السامي لدولة الدكتور بشر هاني الخصاونة على أهمية تكريس الجهود في المرحلة المقبلة لتحقيق التعافي الاقتصادي للحد من التداعيات الاقتصادية الناتجة عن الجائحة وتحفيز النمو وزيادة التنافسية للقطاعات الإنتاجية.
أدت جائحة كوفيد 19 إلى تراجع معدل النمو الاقتصادي بسبب تقلص الدخول وانخفاض الادخار وتقلص الفرص الاستثمارية، كما أن خروج بعض الانشطة من السوق وتحقيق خسائر حادة وتسريح العمالة وفقد الحصة السوقية أدى إلى ارتفاع مستويات الفقر، وتغير نمط الحياة، وانقطاع المسار الوظيفي، وزيادة الاضطرابات الاجتماعية. وقد ضربت الجائحة جانبي العرض والطلب معا، فأحجم الناس عن الإنفاق، وتعطل الاستثمار والتشغيل والانتاج. ويعتبر تعطل سلاسل التوريد بسبب تداعيات الوباء وما فرضه من إغلاق في أغلب الدول أحد العوامل التي قد تقف حجر عثرة في وجه التعافي الاقتصادي، خاصة بالنسبة للدول النامية.
ومن المتوقع أيضا أن تؤثر الأزمة على الابتكار الذي يعد محركا رئيسا للتقدم الاقتصادي طويل المدى، كما أن الابتكار عامل حاسم للتغلب على آثار الوباء ومعالجة عدم المساواة، لكن مساعي الابتكار قد تواجه صعوبات بسبب الانكماش الاقتصادي الذي يهدد موارد البحث والتطوير، ويمكن وضع التقدم الاقتصادي على المسار الصحيح من خلال تشجيع الابتكار ووضع الاستراتيجيات الضرورية للاستثمار، لكن ذلك سيتطلب تغييرا كبيرا في مختلف القطاعات، ولن يكون ذلك ممكنا إلا من خلال التعاون والعمل المشترك بين المنظمات العامة والخاصة، وانخراط الحكومات في إعادة تشكيل القطاعات القائمة وبناء أسواق جديدة.
كما يجب أن يكون التعافي الاقتصادي موجها نحو تكثيف الوظائف، وتعزيز العمل اللائق للجميع، وتوفير الحماية الاجتماعية الكافية، ودعم ومساعدة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وحماية ومساعدة القطاعات الاقتصادية لتمكينها من الخروج من هذه الازمة والانتقال إلى مرحلة التعافي الاقتصادي.
ويتعين أن تهدف السياسة المالية التوسعية على مستوى الانفاق الحكومي وتوجيهه نحو الاستثمار وتخفيض العبء الضريبي، والتيسير على الاعمال بهدف التخفيف من الآثار السلبية الناجمة عن التباطؤ السريع في الأنشطة الاقتصادية. وينبغي أن توفر السياسة النقدية سيولة كافية للشركات والأسر، وتضمن توفر الحكومة على آليات تمويل كافية لتعبئة الموارد. من المهم أن تقوم البلدان بتوسيع شبكة المساعدة لتشمل أولئك الذين تم تسريحهم مؤخرا بسبب وباء كورونا، ففي العديد من البلدان، تعمل المنظمات الخيرية والتطوعية على مساعدتهم.
وأجمع الخبراء على أهمية دور الضرائب في معالجة عدم المساواة التي أدت تداعيات الوباء إلى تسارعها، ورأوا أن تكييف الهياكل الضريبية يعد شرطا عاجلا في سبيل تحقيق ذلك، بما في ذلك مواصلة الجهود الرامية للحد من التهرب الضريبي، بالإضافة إلى إعادة النظر في الضرائب على الثروة وأصحاب الدخل المرتفع.
ومن المهم ايضا تطوير أساليب الانتاج وطرق أداء المهام وممارسات الأعمال والتحول بشكل كامل نحو الحكومة الإلكترونية والتحول الرقمي، والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاعتماد على الذات في العديد من القطاعات الصناعية والانتاجية.
*خبيرة اقتصادية أردنية