(ْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ)
يقول القشيرى رحمه الله معرفا الصدق”ألا يكون في أحوالك شوب، ولا اعتقادك ريب، ولا في أعمالك عيب .وقد عرَّف بعضهم الصدق بأنه: “استواء السر والعلانية، والظاهر والباطن، وبألا تُكذب أحوال العبد أعماله، ولا أعماله
والصدق أنواع (قول وعمل وحال) .
فالصدق فى الأقوال: يعنى انك إذا تكلمت كلمة، تكون مطابقة للواقع اى استواء اللسان على الواقع كاستواء السنبلة على ساقها
وصدق الافعال وهى أن يأتي العمل مطابقاً لما تقول أو هو استواء الأفعال على الأمر والمتابعة، كاستواء الرأس على الجسد. ومنزلة صدق الأعمال به تميز أهل النفاق من أهل الإيمان، وسكان الجنان من أهل النيران.
والصدق في الأحوال: استواء أعمال القلب والجوارح على الإخلاص،
فلا ينبغي أن يختلف العمل بين الخلوة والجلوة ، إذا لم يختلف عملك أو عبادتك بين أن تكون في خلوة كان تكون بمفردك لأيراك احد من الناس وأن تكون في جلوة اى بين الناس فأنت صادق إن شاء الله، .كما لا ينبغي أن يختلف العمل بين المدح والذم فلا يلهث الإنسان وراء استجداء المديح وتهبط همته فى حالة الذم .فهذا يعنى عدم الإخلاص .وإياك وإقناع الناس بما ليس حقيقة فيك !!! فهناك بعض الناس لديهم طلاقة لسان، يسميها علماء النفس القدرة على الإقناع، فيسوقون لأنفسهم حجماً كبير غير حقيقى ويكذبون وهم أقلّ بكثير فى اعمالهم وقدراتهم أجعل عملك يتحدث عنك
كما أن ظن الناس فيك او كلامهم عنك لا يغيِّر من حقيقتك شيئا فأنت أدرى بحقيقة نفسك التى فى جنبك وهى الصورة التى سيحاسبك الله عليها
والإنسان يكون منصفا :إذا استوت سريرته وعلانيته وان كانت سريرته أفضل من علانيته فذلك الفضل، وإن كانت علانيته أفضل من سريرته فذلك الجور،
ومن معانى الجميلة للصدق الدخول في العمل صادقا والخروج منه صادقا: وهو صدق العزم مصداقا لقوله تعالى:
﴿ وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ ﴾
الدخول شيء، والخروج شيء آخر، فيمكن أن تكون صادقاً 100 % حينما تَقبل أن تستلم منصباً معيناً، وفي نيتك خدمة الناس، وأنت في المنصب، مع أن ” الدنيا تغر وتضر وتمر “، فانحرفت عن نيتك، وأصبحت تحقق المكاسب الشخصية فقد تدخل المنصب صادقاً، ومن الممكن أن تخرج غير صادق، لذلك الدعاء:﴿ وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ ﴾﴿ وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ ﴾سورة الشعراء الإنسان يتكلم، والكلام سهل، لو فرضنا قبل أن يتزوج يقول لأمه: والله يا أمي حينما أتزوج سأكون أنا وزوجتي في خدمتك، يسمعها كلاماً من أحلى ما يكون، فإذا تزوج دون أن يشعر شيئاً فشيئاً انحاز إلى زوجته، ورأى أمه عبئاً عليه، بدأ يسمعها كلاماً قاسياً، إذاً: هذا في أقواله السابقة لم يكن صادقاً فيها، جاءت أفعاله بخلاف أقواله، عن النبي صلى الله عليه وسلم:
فالصدق في العزم. :تعنى د أن يعزم الإنسان على شيء يعود عليه بالنفع في دينه، فلا يفعل ما نواه وعزم عليه، فهذا قد خالف ما عاهد الله عليه، قال تعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾التوبة:.
فجعل الله العزم عهدًا ووعدًا، وجعل الخلف فيه كذبًا، والوفاء به صدقًا.
وهناك الصدق في النية والإرادة:
ومرجع ذلك إلى الإخلاص، فمن قصد بعمل الآخرة الدنيا، وخالط عملَه شوبٌ من حظوظ النفس، بَطَل صدقُ النية، وصاحبه كاذب في نيته، كما في حديث الثلاثة: العالم والقارئ، والمجاهد، والمتصدق، فلما قال القارئ: قرأت القرآن… إلى آخره”، إنما كذَّبه الله تعالى في إرادته ونيته، لا في نفس القراءة، وكذلك صاحباه.
من يصدق الله في نيته وإرادته، يصدقه
• وصدق النية يصل بصاحبه إلى أعلى المقامات:
وروى عن سهل بن حنيف رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه)).
الصدق في مقامات الدين، وهي أعلى الدرجات:كالصدق في حسن التوكل على الله:
الصدق في الخوف:فكثير من الناس يقولون بألسنتهم: نخاف الله، مع ذلك تجدهم يتجرؤون عليه، ويبارزونه بالمعاصي، وينتهكون محارمه،
وكذلك الصدق في الرجاء، والزهد، والرضا، والحب، والتوبة… وغير ذلك من أعمال القلوب، التي لا يطلع عليها إلا علاَّم الغيوب
منزلة الصدق في القراّن الكريم عظيمة فقد يطلق على القراءان الصدق يقول تعالى (والذى جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون) وهناك ايات كثيرة تحض على الصدق منها قوله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ اى لاتصاحب ولاتعيش الا مع مع الصادقين، لأنهم ينهضوا بك،
ويقول تعالى :﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً .
الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ :
في الصحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(( إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا، وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا )) متفق عليه ]: اللهم اجعلنا من الصادقين فى الأقوال والافعال والأحوال
أ.د إبراهيم درويش وكيل كلية الزراعة جامعة المنوفية لشئون البيئة وخدمة المجتمع