أخباررئيسيمجتمع الزراعةمقالات

الدكتور صلاح يوسف يكتب : المبيدات المسرطنة والدكتور والى.. ذم بباطل ومدح بباطل

المبيدات المسرطنة والدكتور والى.. ذم بباطل ومدح بباطل من وجهة نظرى

أولا: أنا لم أقابل في حياتى الدكتور يوسف والى إلا ثلاث مرات فقط فى أواخر عام ١٩٩٩ و أوائل عام ٢٠٠٠، وتعلقت هذه المقابلات بشأن إدارة معهد بحوث أمراض النبات وقتها وبمكافحة أمراض النبات.. ثم لم أقابله بعدها إلا منذ حوالى سنتين أو يزيد شهورا حينما عدته بمستشفى الزراعيين بمرافقة السيد الأستاذ الدكتور رئيس نادى أعضاء هيئة البحوث و أستاذ دكتور زميل وسألته وقتها حينما دخلت غرفته أنا د. صلاح يوسف هل تعرفنى؟، ولم أحضر له اجتماعا في حياتى إلا اجتماعا واحدا عاما كان بالقاعة المركزية بمركز البحوث الزراعية وكان هذا فى أواخر التسعينيات.

ثانيا: لطبيعتى الشخصية فأنا أراقب الحياة السياسية في مصر منذ صغرى اى ما يزيد عن ٥٠ سنة وبمنظورى وتطورا مع النمو والادراك مع العمر، وبالتالى كنت متابعا لنشاط وسياسات وزارة الزراعة ضمن سياسات الدولة المصرية منذ بداية الثمانينات بحكم التخصص والاهتمام و الأولوية كزراعى.

ثالثا: أنا كمسؤول سياسي سابق لوزارة الزراعة خلال فترة من عام ٢٠١١ أى عام الثورة بالتأكيد لى نقدى الشخصى لسياسات الدكتور والى، ولكن يقينا نقدى يختلف عن أى مواطن عادى أو حتى مسؤول سابق بالوزارة لأنها رأي شخصى مرتبط بالمعلومات و الطموحات التى كنت أتمناها لبلدى.

رابعا: بحكم التخصص والنشاط العلمى في مجال مكافحة أمراض النبات.. تابعت قرار وزير الزراعة عام ١٩٩٦ بعد صدوره مباشرة بخصوص حظر تجريب واستخدام والاتجار فى بعض المبيدات لخطورتها على الصحة العامة تبعا لجداول منظمة الصحة العالمية المتعلقة بدرجات السمية واحتمال خطورة الاصابة بالسرطان، وإمتاز هذا القرار بأنه أول إشارة إلى سمية وخطورة عدد كبير من المبيدات بعد أن ظهر قبلها سمية لمبيد إندرين وإجهاضه للسيدات الحوامل فى منطقة قطور بمحافظة الغربية، وعاب هذا القرار أنه صدر بدون وجود حلول تخص مكافحة الأوبئة المرضية التى تصيب النباتات وكان منها الندوة المتأخرة على البطاطس وهذا المرض يهدد محصول البطاطس بشكل شديد على مستوى مناطق إنتاج البطاطس فى العالم، وهنا ذهب المصدرون إلى الدكتور يوسف والى طارحين عليه سؤال وكيف نحمى البطاطس كأهم محصول تصدير خضراوات من حيث الكم والقيمة من الندوة المتأخرة وأوبئتها معلومة؟ علمت هذا حينما توجه المصدرين إلى معهد بحوث أمراض النباتات باحثين عن الحل تبعا لتعليمات د. والى، وكانت اجتماعات طويلة شملت الباحثين المتميزين بقسم أمراض الخضر وبالمعهد وإدارة المعهد.. وهنا تفتق في ذهن بعض مصدرى البطاطس أن يكون هناك إستثناءا لهم من قرار الحظر ليستوردوا بعض المبيدات المحظورة بمصر والتى كانت مقبولة في ذلك الوقت بأوروبا لاستخدامها في الزراعات المخصصة للتصدير، وأعتقد أن هناك من زين الأمر من المصدرين ومن المقربين للدكتور والى بالموافقة على اساس أنها زراعات للخارج وليس المواطن المصري، وعاب هذا الاستثناء أمرين.. الأول تشريعى حيث لا يحق لوزير الزراعة وهو جهة الاختصاص أن يستثنى من قرار وزارى حتى لو كان هو مصدر القرار لأن الاستثناء مخالف للقانون، بينما من حقه أو واجبه إصدار تشريع كامل بصفته، هذا من حيث الشكل القانوني، أما من الناحية الفنية فإن قرار الاستثناء معيب حيث ليس كل البطاطس المنتجة للتصدير يتم تصديرها بل هناك الفرزة وغيرها وبالتالى فرص تسرب كميات ملوثة بهذه المبيدات إلى السوق المحلى واردة.

خامسا: عملت المعاهد المعنية بالمبيدات وهى معهد بحوث أمراض النبات ومعهد بحوث وقاية النبات ومعمل الحشائش وقتها وعلى مدار سنتين لتسجيل بدائل للمبيدات المحظورة، وللأسف تم تسجيل الكثير من المركبات سواء الكيماوية أو الحيوية دون تجريب حقيقى وفي مدة قصيرة جدا ودون مراعاة قواعد التجريب السليمة، وكانت هذه المجهودات من المعاهد تحت إشراف وتعاون الدكتور ياسين عثمان رحمه الله بصفته الرسمية.

سادسا: كان النشاط السياسي في مصر والصراع على السلطه على أوجه بين رجال الصف الأول والثانى في البلاط الحاكم، وكان استبعاد د. والى هدفا مهما، وحيث كان د. والى يحظى بمكانه خاصة لدى مبارك فما كان لمنافسى د. والى أن يزيحونه إلا بمكيدة منظمة على المستوى الاعلامى والحزبى و الحكومى.

سابعا: أخلص من هذا أن د. والى هو مصدر منع استخدام المبيدات المسرطنة وليس هو مدخلها، وأنه أخطأ حينما إستثنى من القرار ولكن هذا الخطأ لا يرقى ليحمله مسؤولية تهمة أنه مدخل المبيدات المسرطنة.

ثامنا: ينفى العامة وبعض الخاصة أن هناك مبيدات مسرطنة أو محتمل قدرتها على إحداث السرطان، وهذا في غير محله فهناك بالفعل من المبيدات ما هو مسبب للسرطان، كما أن هناك في الجانب الآخر ملوثات كثيرة حولنا مسببة للسرطان ومنها السجائر والبنزين على سبيل المثال لا الحصر وهما من أكثر المواد شيوعا في بيئاتنا، وبالتالى فمحاولة تبرأة د. والى بأنه ليس هناك مبيدات مسببة للسرطان هى محاولة غير علمية ولكنها تميل للعاطفة أكثر .

تاسعا: قرأت اليوم تفسيرا يفند براءة د. والى من المبيدات المسرطنة وأنه غير مسؤول عنها، وأعتقد أن أى حديث من غير متخصص يزيد البلبلة لدى عامة الناس.

عاشرا: كثير ممن يدينون د والى بشدة يدينونه بأمور غير صحيحة عن عدم علم لتفاصيل كثيرة متعلقة بالعلم والسياسة، وأيضا كثير ممن يدافعون عنه يدافعون ببعض أمور أراها عيوبا.. وليس مجال الحديث ذكر المحاسن والمثالب ، ولكن الحديث عن قضية شغلت الرأى العام لسنوات، وسبق أن طرحت رأيي هذا من قبل من باب زيادة الوعى لدى الرأى العام واحقاقا للحق وإظهار ما هو حسن وما هو معيب بخصوص هذه القضية فقط، أما بقية سياسات الدكتور والى فهو أمر آخر ليس هذا مجاله.

أخيرا.. هذه وجهة نظرى بناءا على المعلومات المتاحة لى أو عايشتها بشكل مباشر أو غير مباشر خلال تلك الفترة القاسية من حياة المصريين وربما هناك فترات أقسى منها.

اللهم زد وعى شعبنا واحفظه من كل مغرض سواء كان مسؤولا كبيرا أو صغيرا أو حتى من عامة الناس، واحفظه من كل قرار أو سياسة تضره في صحته أو ماله أو نفسه أو كله.


الأستاذ الدكتور صلاح يوسف وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الأسبق





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى