الدكتور إسماعيل مقلد يكتب : لماذا كل هذه الضجة بعد تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل؟

لا ادري سببا كافيا لكل هذه الضجة السياسية المثارة حول قرار دولة الامارات العربية بتطبيع علاقاتها مع اسرائيل وتبادل الاعتراف الرسمي معها واقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما ، وكان القضية الفلسطينية كانت في طريقها الي الحل النهائي بما يحفظ حقوق ال؛عب الفلسطيني واولها حقه في اقامة دولته المستقلة علي ارضه ، حتي جاء القرار الاماراتي ليقطع الطريق عليه ، ويحول مسار النزاع الفلسطيني الاسرائيلي في اتجاه مختلف ، وهو امر تشهد ضده كل الشواهد والمؤشرات بعد ان دخلت القضية الفلسطينية باصحابها في طريق مسدود… وهو ما لا يمكن ان يلام عليه الاماراتيون او غيرهم بقدر ما يلام عليه الزعماء الفلسطينيون انفسهم بعد ان انفردوا بادارة هذا الملف وحدهم عملا بمقولة ان اهل مكة ادري بشعابها، وخلال كل هذه السنوات لم يتقدموا بقضيتهم خطوة واحدة للامام بل دمروها بسوء ادارتهم لها وبصراعاتهم البينية التي استنزفتهم وجردتهم من معظم عناصر قوتهم التفاوضية مع اسرائيل…

واذا كان لا بد وان نبدأ من البداية لنضع النقاط علي الحروف ، ولنعرف ان كان لهم الحق في لوم الاماراتيين علي ما اقدموا عليه ، فان البداية كانت مع اتفاقية اوسلو التي وقع عليها في واشنطون الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في سبتمبر 1993 مع رئيس الحكومة الاسرائيلية اسحق رابين ووزير خارجية اسرائيل شيمون بيريز وبحضور الرئيس الامريكي بيل كلنتون ووزير خارجية الولايات المتحدة وارين كريستوفر ووزير خارجية روظيا الاتحادية وقتها اندريه كوزيربف…….
وفي هذه الاتفاقية التي جاءت بعد مفاوضات سرية لا يدري بها احد جرت في اوسلو برعاية الحكومة النرويجية ، واستمرت لمدة عام ونصف في كتمان شديد ، وكان كبير المفاوضين الفلسطينيين فيها هو محمود عباس ابو مازن، اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية علي لسان رئيسها ياسر عرفات بحق دولة اسرائيل في العيش في امن وسلام ، والاعلان عن بدء حقبة جديدة من العلاقات خالية من العنف ، واعتبار المفاوضات انها الوسبلة لتسوية كافة القضايا المتعلقة بالوضع الدائم بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي…. وتضمنت اتفاقية اوسلو عددا من المبادئ الحاكمة لهذه العلاقات الجديدة جاء في مقدمتها :
____ اعلان منظمة التحرير الفلسطينية ادانتها القاطعة لكافة اشكال العنف والارهاب..
______تعديل الميثاق الوطني الفلسطيني بما يتواءم مع هذا التغيير ،وبحيث ينص صراحة علي نبذ المنظمة للارهاب والعنف والتعهد بوقف اعمال المقاومة المسلحة ضد اسرائيل وحذف البنود التي تتعلق بها من ميثاق المنظمة..
_______ تاخذ منظمة التحرير الفلسطينية علي عاتقها الزام كل العناصر المنتمية اليها بعدم انتهاك هذه التعهدات وضبط المنتهكين……..
_____اقامة سلطة حكم ذاتي انتقالي فلسطينية هي السلطة الوطنية الفلسطينية ومجلس تشريعي منتخب في الضفة الغربية وقطاع غزة لفترة انتقالية لا تتجاوز خمس سنوات للوصول الي تسوية دائمة بناد علي قراري الام المتحدة 242 ، ،338 ….
______ تعترف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة اسرائيل علي 78٪ من اراضب فلسطين ، اي كل فلسطين ما عدا الضفة الغربية وغزة..
______تكون اسراذيل هي المسئولة عن حفظ امن منطقة الحكم الذاتي من اي عدوان خارجي باعتبار انه لن يسمح بوجود جيش وطني فلسطيني ، وان يكون هناك تنيبق امني مشترك بين شرطة السلطة الفلسطينية والجيش الاسرائيلي.
______ان مفاوضان الوضع النهائي سوف تشمل وشع مدينة القدس ومشكلة اللاجئين والمستوطنات والترتيبات الامنية والحدود وقشايا العلاقات والتعاون مع دول الجوار…….

وقد وجه ياسر عرفات وقتها رسالة علنية الي وزير خارجية النرويج اعلن فيها عن موقف منظمة التحرير الفلسطينية الذي تدعو فيه الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة الي المشاركة في الخطوات المؤدية الي تطبيع الحياة ورفض العنف والارهاب والمساهمة فط تحقيق السلام والاستقرار والمشاركة بفاعلية في اعادة البناء والتنمية الاقتصادية والتعاون المشرك………

وبكل هذه التعهدات والالتزامات والاعلانات الفلسطينية التي اعلنوها علي العالم واشهدوه عليها ، اصبح ياسر عرفات، القائد والرمز ، كالمحارب الذي سمح لعدوه بتجريده من كل اسلحته وحرق كل اوراقه ونسف الارضية التي يقف عليها بعد هذا التاريخ الطويل نن النضال الوطني الفلسطيني… لقد تنازل عن هذا كله طواعية قبل ان يتاكد لنفسه من مدي جدية عدوه او حسن نواياه…. ولهذا كافاوه في العام التالي ، 1994، بمنحه مع كل من اسحق رابين وشيمون بيريز جاذزة نوبل للسلام، ولتتوالي بعدها المصائب علي رءوس الفلسطينيين حتي انتهوا بعد هذه المسيرة الكفاحية الطويلة الي امارة اسلامية في غزة ودولة من ورق في رام الله.. فعن اي شيئ نتحدث الآن بعد ان اضاع اصحاب القشية قضيتهم.. ويجيئون الآن ليبكوا علي اللبن المسكوب…

وللحديث بقية حتي نعرف اين نضع رءوسنا من اقدامنا بعد ان اختلطت الامور ببعضها الي هذا الحد……..

استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بكلية التجارة جامعة اسيوط والعميد الاسبق للكلية .