الدكتور نصر علام يكتب : المذكرة الأثيوبية لمجلس الأمن (١)
المذكرة الأثيوبية لمجلس الأمن (١):
تقدمت أثيوبيا فى ٢٢ يونيو الجارى بردها على الشكوى المصرية لمجلس الأمن فى ٧٨ صفحة مكونة من خطاب من وزير الخارجية الأثيوبى ومرفقا به مذكرة تفسيرية ثم عدد ستة من الملاحق. الملحق الأول نسخة من اتفاقية اعلان المبادئ، والثانى نسخة من اتفاقية عنتيبى (CFA)، والثالث نسخة لاحتجاج أثيوبيا بتاريخ سبتمبر ١٩٥٧ على محادثات مصر والسودان لتقسيم حصص مائية بينهما، والرابع احتجاج أثيوبي فى عام ١٩٨٠ على مشروع ترعة السلام، والخامس احتجاج أثيوبي أخر بتاريخ مارس ١٩٩٧ الى البنك الدولى والى مصر بخصوص مشروع توشكى، والسادس والأخير نسخة من اتفاقية مايو ١٩٠٢ بين اثيوبيا والسودان واريتريا.
وخطاب السيد وزير الخارجية الأثيوبى يمثل امتدادا لسياستها العدوانية والاستعراض الاعلامى بقلب الحقائق والاستخفاف بالعقول. فقد بدأ الخطاب بأسفه على قيام مصر بالشكوى لمجلس الأمن بالرغم من انخراطها فى مفاوضات ثلاثية ناجحة على حد زعمه وبحضور مراقبين دوليين وبعد تحقيق توافق كبير فى الجوانب الفنية!!
وأضاف أن المفاوضات توقفت رغبة من السودان فى رفع الأمر لرئيس وزراءه للتشاور. يعنى السودان هو الذى اوقف المفاوضات، وعطل المسيرة، وأدى الى كل هذه المشاكل. والمعروف لدينا نحن من العامة أن أثيوبيا رفضت الالتزام بأى توافقات فنية تم التوصل اليها فى هذه المفاوضات، الا فى اطار ان تكون للاسترشاد بها فقط، ورفض الالتزام بها فى بنود الاتفاقية المأمولة. ومن المعروف لدينا أن السودان (بناءا على تصريحات وزيره للرى) أوصى برفع الخلافات القانونية والمتبقي من الخلافات الفنية الى رؤساء الوزراء لمحاولة حلحلتها ولكن وزير الرى الأثيوبى رفض ذلك.
ومن المعروف من تصريحات وزير الرى السودانى وجود مشاكل قانونية عديدة حول بنود الاتفاقية وصياغة بنودها.
ذلك بالاضافة الى أن وزير الرى المصرى أفاد بعدم حدوث تقدم يذكر فنيا او قانونيا، لأن كل التفاهمات الفنية لا تريد أثيوبيا ادراجها فى الاتفاقية، أى مجرد دردشة.
والحقيقة انا أتعجب من هذا المستوى المتدني من الكذب على أكبر منظمة عالمية، وفى قضية تمس حياة ١٥٠ مليون مواطن فى مصر والسودان. ولماذا هذه الإساءة الى السودان الشقيق الذى أعد عدة مقترحات للتوفيق بين الجهات المتفاوضة بالرغم من ألامها ومخاوفها الهائلة من هذا السد الخطر على حياة شعبها.
وأين المراقبين الدوليين الذين تعرضوا للتعذيب المهنى خلال أيام التفاوض ووتعرضوا لأشد أنواع التعنت واللف والدوران والخروج التام عن الاطار المهنى فنيا وقانونيا طيلة فترة المفاوضات.
أرى أن يتفضل مجلس الأمن بطلب مذكرة تفسيرية من السودان برأيها فى تفاصيل المفاوضات، وأخرى من المراقبين الدوليين لوضع حد لهذا الكذب الفج والمقصود به إهدار وقت وجهد مجلس الأمن الموقر.
ومازال هناك الكثير فى خطاب وزير خارجية أثيوبيا للتحدث عنه بالرغم من صعوبة ذلك كثيرا على نفسيتى وأعصابى.