تعرف الزراعة النظيفة على أنها أسلوب من الإنتاج الزراعى الذى يتجنب فيه استخدام المواد الكيمائية وخاصة الأسمدة والمبيدات، وقد يتصور الكثير أن الزراعة النظيفة تقتصر على أسلوب واحد، لكن فى الحقيقة لها العديد من الأساليب التى تقع جميعها تحت مفهوم تنمية النظم الطبيعية الحيوية وتعتبر الزراعة الحيوية والعضوية جزءا لا يتجزأ من الزراعة النظيفة، تعتمد الزراعة الحيوية والعضوية على أسس علمية راسخة مما يتعلق بالتوازن الطبيعى فى الكون والحفاظ على الموارد الطبيعية من تربة ومياه وعناصر جوية فى إنتاج مزروعات نظيفة، هذا إلى جانب عدد من العناصر يجب تكاتفها معا واستغلالها الاستغلال الأمثل فى وقاية المزروعات من الإصابات المرضية والحشرية المختلفة وكذلك الاهتمام بالبيئة والمحافظة عليها من التلوث.
-لماذا الحاجة الى الزراعة العضوية والحيوية؟
نتيجة الأبحاث والدراسات المختلفة التي أجريت على ثمار الفواكه المختلفة وجد أنها تحتوى على بقايا من الأسمدة الكيماوية والمبيدات بنسبة عالية عن المسموح بها وتوجد معلومات قليلة عن تأثير هذه المواد على المدى الطويل والسمية التى تسببها، وكانت أهم الانتقادات التى وجهت الى الزراعة الحالية هي أنها أدت إلى:
تدهور تركيب التربة.
تدهور البيئة الطبيعية والمسطحات التقليدية.
اضرار صحية نتيجة التراجع فى جودة الغذاء.
أصبح الإسراف في الأسمدة والمبيدات الكيماوية خطرا يهدد حياة المواطنين ويصيبهم بالأمراض الخطيرة كالسرطان وغيرها، بعدما كانت الأسمدة أحد أهم العوامل التي ساعدت في زيادة وتطور الإنتاج الزراعي لكن الاستخدام الجائر والعشوائي لها من قبل الفلاحين، ترك آثارا سلبية على البيئة وصحة المواطن حيث إنها تتفاعل مع التربة وتترك آثارا سلبية على عناصر البيئة المختلفة، والإسراف في استخدامها يؤدي إلى مشاكل بيئية عديدة منها:
1ـ الإصابة بأمراض سرطانية: وذلك بسبب استخدام الأسمدة الكيماوية التي تحتوي على مواد نيتروجينية حيث تتحول النترات في أمعاء الإنسان إلى مادة النيتريت المسببة لـسرطان الدم في المعدة والأمعاء، كما أن استخدام سماد اليوريا الذي يحتوي على مادة البيوريت السامة والتي تنشط عند ارتفاع درجة الحرارة، كما أن تحلل اليوريا وتطاير غاز الأمونيا منها يؤدي إلى التهابات الجهاز التنفسي وإصابة الرجال بالعقم.
2ـ قلة المحصول: بسبب زيادة النمو الخضري للنباتات على حساب نمو الثمار والمحاصيل وذلك عند الإفراط في التسميد بـالأسمدة الكيماوية وخاصة الغنية بالنترات، وذلك يؤدي لإصابة المحاصيل بالأمراض والحشرات.
3ـ تراكم العناصر الثقيلة الضارة في التربة: وذلك بسبب استخدام الأسمدة الفوسفاتية التي تؤدي إلى تراكم عنصر الكادميوم الضار بصحة الإنسان سواء من خلال وصوله من النبات أو الحيوان.
والعكس من ذلك فإن الزراعة العضوية لها تأثير ايجابى لأنها تعتمد على المصادر الطبيعية المتاحة والمحافظة على التوازن البيئى عن طريق تطور العمليات البيولوجية للحد الامثل، كما أن حماية البيئة والتربة من أساسيات المزارع العضوي وهناك دلائل عديدة للعلماء على أن الغذاء العضوي آمن وصحي قياسا بالغذاء غير العضوي كما أن المستهلك يريد تحسين احتياجاته من العناصر المعدنية والفيتامينات عن طريق أخذها من مصادر عضوية عن تلك التى عرضت لبقايا المبيدات أو الأسمدة الكيمياوية .
وقد أدّى كل ذلك إلى البحث عن طرق واستراتيجيات زراعية جديدة صديقة للبيئة يتم فيها تقليل استخدام الأسمدة الكيمياوية بإيجاد انواع اخرى من الاسمدة كالعضوية والحيوية وكلها تهدف لإنتاج غذاء صحي وآمن للإنسان و تحافظ على البيئة للأجيال القادمة.
-أهداف الزراعة النظيفة:
1. تقليل التلوث البيئي الناتج عن استخدام المبيدات الكيماوية .
2. تقليل المخاطر الصحية وخاصة لمستخدمي الاسمدة الكيمياوية والمبيدات .
3. تحسين البيئة والأمن الغذائي والمحصول الناتج والمعد للتصدير .
4. عدم فقد العناصر الغذائية من التربة الزراعية وتحسين خصوبة التربة .
5. توفير الطاقة وزيادة التنوع الحيوي .
-التسميد الحيوي (Biofertilizers):-
تعتمد الأسمدة (المخصبات) الحيوية Biofertilizersعلى استخدام النظم البيولوجية الطبيعية في تيسير العناصر الغذائية الهامة للنبات دون اللجوء إلى الأسمدة الكيماوية الضارة بهدف المحافظة على مستوى الإنتاجية لهذه النباتات بأقل كلفة ممكنة اذا ما قورنت بغيرها من الأسمدة وفي نفس الوقت خلوها من الملوثات لإنتاج غذاء صحي آمن وقابل للتصدير، وتعتبر الأسمدة الحيوية من أنواع الأسمدة الصديقة للبيئة والتي يرتبط نطاق استخدامها في معظم دول العالم، وترتبط الأسمدة الحيوية بدور عدد من الكائنات الحية التي تساهم في إغناء التربة بالمغذيات النباتية، وتعد البكتريا bacteria والفطريات fungi والطحالب الخضراء المزرقة blue green algae من أهم مصادر الأسمدة الحيوية حيث تقوم تلك الكائنات بدور مهم في خدمة النباتات من خلال إتاحة العناصر الغذائية أو مقاومة الأمراض أو الصمود في وجه الظروف السيئة المحيطة بنمو النبات كالإجهاد البيئي في التربة أو التغيرات المناخية ، كما يرتبط عدد كبير من هذه الكائنات بالنباتات بما يسمى بالمنفعة المتبادلة symbiosis .
تعرف الأسمدة الحيوية على أنها ميكروب أو مجموعة من الميكروبات التي تعمل على توفير عنصر أو اكثر من العناصر الغذائية اللازمة لنمو النبات في صورة ميسرة له بما تحوله من العناصر من صورها غير الجاهزة الى صورها الجاهزة للامتصاص خاصة العناصر الغذائية المهمة كالنتروجين والفسفور والبوتاسيوم، أو يمكن تعريفها بأنها عبارة عن تلك اللقاحات الميكروبية (Microbial inoculants) التي تحتوي على الأعداد الكافية من السلالات الفعالة من الكائنات الحية الدقيقة التي تلعب دورا مهما في المنطقة المحيطة بجذور النباتات الريزوسفير Rhizosphere وذلك عن طريق تلقيح البذور أو التربة بكائنات حية دقيقة قادرة على إحداث تأثيرات معنوية مفيدة على العائل النباتي المناسب بالإضافة إلى كونها تعتبر مصدرا لأنواع من كائنات حية دقيقة محددة تكون ذات فعالية عالية في المكافحة البيولوجية لمسببات الأمراض المحمولة في التربة ، كما أن دور الاسمدة الحيوية سيتعاظم في حل مشاكل كبيرة تواجه نمو النبات مثل التغلب على اثر الملوحة الزائدة في التربة وحماية النبات من المسببات المرضية حيث تقوم بإفراز مضادات حيوية تثبط نمو بعض الميكروبات الممرضة للنبات، وقد عمد الباحثون على عزل هذه الكائنات من البیئات الطبیعیة لها وكذلك البیئات الزراعیة والعمل على تنمیتها معملیا ثم تجریبها على العدید من الاراضي الزراعیة لمختلف المحاصیل، إن المفهوم العلمي لهذه العملیة یطلق علیه التسمید الحیوي وهو الكتلة الحیویة الناتجة عن إكثار الكائنات الحیة الدقیقة التي تضاف إلى التربة بغرض تیسیر بعض العناصر الغذائیة الأساسیة اللازمة لنمو النبات مثل النتروجین والفسفور والبوتاسیوم والكبریت والحدید.
تشير المصادر المختلفة إلى دور المخصبات الحيوية وأهميتها والميزات التي تضيفها إلى التربة نتيجة لاحتوائها على الكائنات الحية الدقيقة النافعة مثل البكتريا والفطريات وغيرها فقد أشار العديد من الباحثين الى أن استخدامها يحقق فوائد عديدة للنبات والتربة ومنها:
1- توفير العناصر الغذائية المهمة لنمو النبات من خلال تثبيت النتروجين الجوي وإذابة الفوسفات الثلاثي وخماسي الكالسيوم وتحويلها إلى فوسفات أحادي الكالسيوم الصالح للامتصاص من قبل النبات وتحويل البوتاسيوم من الصورة غير الذائبة إلى الصورة الذائبة الصالحة للامتصاص بواسطة النبات .
2- تقليل الاعتماد على المركبات الكيماوية الزراعية وخاصة الأسمدة والمبيدات chemical compounds – Agro مما يعني تقليل تكاليف الإنتاج وخفض مستوى التلوث البيئي من جراء استخدام مثل هذه الكيماويات، بل يمكن القول باستبعاد صورة من أهم صور التلوث الناتجة من المعاملات الزراعية التقليدية.
3- زيادة المادة العضوية في التربة مما يؤدي الى تحسين خواصها الفيزيائية والكيميائية والحيوية خاصة في الأراضي التي تعاني من نقص المادة العضوية .
4- تعويض الفقد السريع في النيتروجين نتيجة الذوبان السريع لبعض المركبات النيتروجينية سهلة الذوبان مما يعني حفظ خصوبة التربة.
5- تحسين النمو الجذري للنبات من خلال تشجيع تكوين الشعيرات الجذرية وزيادة مسطح المجموع الجذري مما يؤدي الى زيادة امتصاص الماء والعناصر الغذائية .
6- تحسين النمو الخضري للنبات حيث إن النباتات الملقحة تكون أسرع في النمو وتعطى محصولا مرتفعا ذا نوعية جيدة.
7- إفراز بعض الهرمونات النباتية مثل اندول حامض الخليك (IAA) وحامض الجبرليك (GA3) المهمة لنمو النباتات.
8- المحافظة على خصوبة التربة وتنوعها الحيوي بل وإمدادها بكميات وفيرة من الكائنات الحية الدقيقة المفيدة التي قد تنافس الميكروبات المرضية وتحول دون نشاطها وإصابتها للنباتات، كما تعمل على تحسين خواص التربة الرملية المفككة عن طريق ما تفرزه هذه اللقاحات من مواد هلامية وصموغ تعمل على تجميع حبيبات التربة وزيادة تماسكها.
9- الإسراع في إنبات البذور وخروج البادرات مما يقلل من فرصة الإصابة بالأمراض.
10- إفراز مضادات حيوية تحمي النبات من المسببات المرضية الموجودة في التربة من خلال تثبيط نمو بعض الميكروبات الممرضة للنبات.
11- الحد من تلوث البيئة وخفض تكاليف الإنتاج حيث تعتبر الأسمدة الحيوية مصادر غذائية نظيفة للنبات ورخيصة الثمن جدا إذا ما قورنت بالأسمدة المعدنية.
12- إنتاج الإنزيمات القادرة على تحليل المواد العضوية المعقدة وتحويل العناصر الموجودة بها من الصورة العضوية إلى الصورة المعدنية الصالحة لاستخدام النبات.
-الاسمدة العضوية السائلة :
تشكل الأسمدة العضوية بأنواعها المختلفة مصدرا مهما وأساسيا للعناصر التي يحتاجها النبات الكبرى منها والصغرى فضلا عن دورها المهم جدا في تحسين خصائص التربة الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية، وفي الآونة الأخيرة برزت أهمية استخدام الأسمدة العضوية السائلة باعتبارها أحد أهم البدائل النظيفة للعناصر الغذائية التي تحتاجها شتلات الفاكهة وذلك لاحتوائها على بعض الأحماض العضوية مثل أحماض الهيوميك والفولفيك والأحماض الأمينية وغيرها من المواد والتي تتميز برخص ثمنها وسهولة إستعمالها وقلة تلوثها للبيئة والمنتجات الزراعية ومساهمتها في تحسين الصفات الفيزيائية والكميائية والحيوية للتربة والذي ينعكس بصورة إيجابية في نمو وإنتاج النباتات المختلفة ،كما أن هذه المواد تمتص من قبل جذور النبات وتحرر ايوناتها بسهولة وتنتقل بسرعة ليستفاد منها النبات بمشاركتها في العمليات الفسيولوجية مما يوفر للنبات الطاقة اللازمة لامتصاصها خاصة في المراحل الحرجة من نموه.
لقد أشارت المصادر المختلفة إلى دور المادة العضوية وأهميتها والميزات التي تضيفها إلى التربة في تحسين خواص التربة الكيميائية والفيزيائية حيث:
1- تعد مصدرا جيدا للمغذيات الكبرى(N,P,K) والصغرى وعند تحللها حيويا تتحرر كميات من تلك العناصر فيستفيد منها النبات، كما أنها تعمل على تحويل الكثير من العناصر الغذائية إلى الصورة الجاهزة للامتصاص نتيجة تعديل درجة تفاعل التربة، إذ إنها تزيد من حامضية الترب القاعدية وتقلل من حامضية الترب الحامضية.
2- تعمل على تقييد وخلب العناصر الغذائية ومن ثم حمايتها من الغسل لاسيما عند إضافتها إلى الترب الخفيفة وذلك لكبر مساحتها السطحية بالنسبة إلى وزنها وكذلك احتوائها على مجاميع فعاله مثل الكاربوكسيل والهيدروكسيل والفينول.
3- تزيد من فعالية وأعداد وأنواع الأحياء المجهرية، كما أنها تعتبر مصدرا للكاربون والطاقة اللازمة للكائنات المفيدة مثل ديدان الأرض والبكتريا والفطريات.
4- تنظيم التربة ضد التغيرات السريعة بسبب الحموضة، القلوية، الملوحة، المبيدات الكيميائية والمعادن الثقيلة السامة.
5- تعمل على تقليل تكون القشرة عند سطح التربة من خلال زيادة تماسك حبيبات التربة كما تقلل من تفرقها الذي يحدث نتيجة لتساقط الأمطار.
6- تحسن من تركيب التربة والحفاظ على ثباتية تجمعاتها، كما تعمل المادة العضوية على خفض الكثافة الظاهرية للتربة فتزيد من مساميتها وزيادة تهويتها.
7- تزيد المادة العضوية من قدرة الأراضي على احتفاظها بالماء، إذ إن المواد العضوية ما هي إلا غرويات تتشرب الماء، وعلى ذلك فإن إضافة المادة العضوية بطريق مباشر على صورة أسمدة أو غير مباشر كذلك بقايا المحاصيل بها تزيد من مقاومة مثل هذه الأراضي للجفاف.
8- ينتج من تحلل المادة العضوية العديد من الأحماض العضوية وكذلك ثاني أوكسيد الكاربون الذي يذوب في المحلول الأرضي مكونا حامض الكاربونيك، وتعمل هذه الأحماض العضوية المنفردة من تحلل المادة العضوية على إذابة العديد من العناصر المغذية الموجودة في التربة وجعلها اكثر صلاحية للامتصاص بواسطة الأشجار خاصة عناصر الفسفور والحديد والزنك والمنغنيز.
9- عند تحلل السماد العضوي في التربة نتيجة لنشاط الاحياء المجهرية يكون مصحوبا بتحرر طاقة حرارية يمكن الإفادة من هذه الطاقة باعتبارها وسيلة لتدفئة جذور النباتات في فصل الشتاء إضافة إلى دورها في زيادة قابلية الجذور على امتصاص الماء والعناصر الغذائية لأنها تزيد من فاعلية الجذور وتزيد من تنفسها ومن ثم إنتاج الطاقة الضرورية لامتصاص بعض العناصر المغذية ونتيجة لذلك يتحسّن نمو النبات وإنتاجه.
لقد أجريت دراسات عديدة لبيان أهمية إضافة الأسمدة العضوية السائلة في تسميد نباتات الفاكهة فقد تبين أن رش نبات الفراولة بمحلول مغذي يحتوي على أحماض دبالية (هيوميك + فولفيك) أدى الى زيادة الإنتاج وتحسن نوعية الثمار المتكونة وزيادة محتوى الثمار من السكريات وانخفاض نسبة الثمار التالفة.
ووجد في دراسة أخرى أن إضافة الأسمدة العضوية السائلة (حامض الهيوميك) أدى الى زيادة كمية حاصل أشجار التفاح صنف (جولدن ديليشيس) وترافقت هذه الزيادة مع تحسن معنوي في الصفات النوعية للثمار .
ولوحظ أن معاملة إضافة حامض الهيوميك الى كرمات العنب أدت إلى زيادة الحاصل من خلال زيادة وزن العناقيد لكل كرمة.
وأعطت معاملة السماد العضوي NutriGreenعند إضافتها إلى أشجار المشمش أعلى متوسط لحاصل الأشجار.
وفي دراسة حول تسميد أشجار الزيتون بإضافة حامض الهيوميك أثناء فترة التزهير الكامل أدت إلى زيادة في كمية الحاصل وحسنت من بعض الصفات مثل نسبة العقد للثمار وعدد الثمار المتبقية لكل شجرة عند الجني ووزن وحجم الثمار مما انعكس ذلك على كمية الحاصل في الشجرة.
د. اياد هاني إسماعيل العلاف – الموصل – العراق