خواطر وطنية وبعيدا عن السياسة .. حقا إنها دعوة الي الهدم
وتأتي كتابة تلك الخواطر متزامنة مع وفاة إثنين من أعز الزملاء بالبرنامج القومي لبحوث الذرة الشامية بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية وهما ا.د.عادل شلبي رئيس بحوث التربية بالبرنامج والذي توفي نهاية الأسبوع الماضي ، واليوم كانت الوفاة الثانية للزميل العالم ا.د.حمدي الشربيني أحد أبرز رؤساء البرنامج القومي للذرة السابقين والذي ترك ثروة قومية لا تقدر بمال ألا وهي إنتاج وإستنباط العديد من أصناف الذرة الشامية العالية الإنتاجية وخاصة الصفراء منها .. ندعو الله للفقيدين بالرحمة والمغفرة والفردوس الأعلي ..
وتستمر مسيرة العطاء لا تتوقف أبدا رغم آلام الفراق… إنها رحلة طويلة بدأها جيل من العمالقة والعلماء الباحثين أنهم جيل الآباء ويقودها حاليا جيل الوسط مشرفا علي جيل الشباب الناهض.. ولقد بدأت الرحلة من قبل ثورة يوليو ١٩٥٣م. وبعدها إلا إنها بلغت الذروة في نهاية السبعينيات وأوائل الثمانيات حينما بلغت انتاجية فدان الذرة الشامية حوالي ١٠ اردب للفدان واستمر العمل الجاد حتي زاد متوسط إنتاج الفدان الي أكثر من ٢٥ اردب تحت إشراف الفريق البحثي العلمي من أساتذة مركز البحوث الزراعية والمركز القومي للبحوث وأساتذة كليات الزراعة بالجامعات المصرية من خلال أعمال الحملة القومية للنهوض لمحصول الذرة الشامية..
وقام الباحثون من علماء معهد بحوث المحاصيل الحقلية بإستنباط العديد من الأصناف الصفراء والبيضاء التي وصلت إنتاجية بعضها الي ٤٠ أردب للفدان أو ما يزيد تحت النطاق التجريبي في المحطات البحثية وأيضا في الحقول الإرشادية لدي السادة المزارعين … والمسيرة مازالت تسير رغم وجود الكثير من العقبات والمعوقات الأدبية والمادية ولن تتوقف إن شاء الله أبدا رغم نعيق البوم والغربان ودعاة التشاؤم واليأس وهنا نبعث بتحية إجلال وتقدير الي روح القائد معالي أ.د عبد الرحيم شحاتة(خريجي الجامعات الامريكيه )..
تحية إلى روح أبو القمح الدكتور عبد السلام جمعة :
وما جري في برنامج القمح القومي تحت قيادة العلامة المصري والعالمي معالي أ.د.عبد السلام جمعة والفريق البحثي المشارك تحت رئاستة وإشرافة العلمي وتمكنه من إنتاج وإستنباط العشرات من الأصناف المتفوقة والممتازة أدت إلى زيادة إنتاجية الفدان من حوالي ٨ أردب للفدان حتي وصل مؤخرا الي حوالي ٢٠ اردب للفدان أو يزيد… ويتم استنباط الأصناف المنتقاة علي أراضي المحطات البحثية بالجميزة و سخا و سدس و شندويل…فتحية الي روح العالم الجليل أ.د عبدالسلام جمعة رئيس مركز البحوث الزراعية الأسبق وأبو القمح في مصر واحد أكبر علماء العالم في تربية القمح و هذا باعتراف العالم الأول بالعالم في مجال تربيه القمح البروفسير بورلخ أمام الجميع و في أثناء زياره له منذ سنوات مضت لمحطه البحوث الزراعية بالجميزة(لكم الفخر ان يوجد بمصر واحد من أكبر علماء تربية القمح بالعالم انه البروفسير جمعة )….و أ.د عبدالسلام جمعة خريج الجامعات الامريكيه..
وما حدث في برنامج الأرز القومي تحت إشراف العلامة الكبير الراحل ا.د.محمد سيد البلال(خريج الجامعات اليابانيه ) ومعه فريق متميز من العلماء و الباحثين قد تمكنوا من استنباط وإنتاج العديد من الهجن و والأصناف المتفوقه مما أدي إلي زيادة انتاجية الفدان من ٢ طن حتي بلغت الإنتاجية للفدان الي حوالي ٤ او ٦ للطن..
وكان لتلك النهضة الرائدة في أبحاث محاصيل الحبوب الاستراتيجية أكبر الأثر في حماية مصر العظيمه من مواجهة مجاعة غذائية محققة ولقد ذكر ذلك صراحة وفي وضوح وأكثر من مره ا.د. عادل البلتاجي الأستاذ الجامعي و المستشار الزراعي السابق للرئيس السيسي و وزير الزراعه الأسبق…وما جري من نهضة علميه رائعة في محاصيل الحبوب جري أيضا في محاصيل البقول و العلف و غيرها من المحاصيل الحقلية..
وان ننسي لا ننسي مطلقا الدور الرائد و المميز للساده العلماء و الباحثين في مجالات علوم الأراضي والمياة وأمراض النبات و الحشرات و المحاصيل السكرية و في مجال الإنتاج الحيواني و صحه الحيوان و الاقتصاد و الإرشاد الزراعي و غيرها من المجالات العلميه البحثية التطبيقية ….نعم لقد اصاب المركز و خاصة بعض معاهده البحثية مثل معهد بحوث البساتين ومعهد بحوث الإنتاج الحيواني نوعا من الجمود والإحباط نتيجة التخفيض الجائر في السنوات العشر الماضية للميزانية بنسبه قد تصل الي حوالي ٧٠% إضافة إلى سوء اختيار بعض القيادات و لكن ذلك لا يستدعي اطلاقا التشنج و النحيب و لطم الخدود والدعاء بالويل و الهلاك على المركز كله و الدعوه الى هدم الكيان العلمي الشامل و نسيان الدور التاريخي و الاستراتيجي الهام للمركز و اهاله التراب علي ماضيه ومستقبله.
ما أسهل الهدم و التخريب وما اصعب البناء و اعاده التصحيح …أيها الساده ان مركز البحوث الزراعية مؤسسة علمية بحثية تطبيقية و إرشادية تعتبر أكبر مؤسسه من نوعها على مستوى العالم الثالث وتضم حوالي ١٢ ألف من الباحثين الحاصلين على درجه الدكتوراه والماجستير و معهم حوالي ٢٥ ألف من الإداريين والفنيين ويضم المركز ١٦ معهدا بحثيا متنوعا تعمل في جميع مجالات البحث العلمي الزراعي التطبيقي وعشر معامل إقليمية كبيره في حجم المعاهد البحثية و يقوم بتنفيذ برامجه البحثية المختلفه من خلال أكثر من ٥٠ محطة بحثية متخصصة في مجال المحاصيل الحقلية و المحاصيل البستانية و الانتاج الحيواني و موزعة في جميع أنحاء الجمهورية ….هذا الصرح العلمي العملاق لا يضيره ان يلقي عليه غلام طائش أو فتي جاهل أو حتي مسئول لا يعرف الحقيقه حجر هنا أو حجر هناك ….فهل يعكر صفو الماء بالبحر المحيط ان يلقي غلام علي سطح الماء بحجر….(أيها السادة من كان بلا خطيئة فليرمي هذه بحجر) …ان القافلة سوف تسير الي ماشاء الله حتي تبلغ الهدف و مهما كان العويل و النباح عاليا …
ليس غريبا أن نسمع ان احد المسئولين يطالب بإنشاء مؤسسة للغزل و النسيج بالمحلة الكبري بتكاليف قد تصل الي حوالي ٢٠ مليار جنيه و ربما لا يعلم هذا المسئول ان هناك مصانع طلعت حرب و المقامه علي مئات الافدنه و كان إنتاجه يغطي مصر و يصدر الفائض الي جميع بقاع العالم إنها تحتاج فقط الي التحديث و التطوير حتي تواكب العصر….اتحدي أن كان هذا المسئول قد قام بزياره تلك المصانع أو درس مشاكلها …
-.هل مصانع الحديد والصلب العالميه بمدينه حلوان و المعطلة منذ سنوات طويلة و تحتاج فقط الي اعاده التعمير و التحديث…نطالب ببيعها أو هدمها..؟
-هل هيئه الطاقة الذرية و مراكزها البحثية و التابعة حتي الان لوزارة الكهرباء المصريه ولم تحقق الغرض من إنشائها نطالب بهدمها ام الأجدر ان نطالب بدعمها و إصلاحها حتي نصبح مثل دوله الهند التي بدأت معنا البرنامج النووي و يوجد لديها العديد من القنابل الذرية وتقوم حاليا بتصنيع المفاعلات النووية ؟ ..
-هل شركه عثمان أحمد عثمان التي كانت يوما ما شركه عالميه في الإنشاء و التعمير و قامت باعمار السعوديه بالكامل و دول الخليج و حصلت على مقاولات ضخمه في أوربا الغربية ايام المجد و العزه وتعاني منذ سنوات من الإهمال الشديد ….تحتاج إلى الهدم و التخريب ام الي الإصلاح و اعاده البناء ؟ أيها الساده علينا أن نكون دعاة إصلاح و ليس دعاة هدم و تخريب…
و اسلمي يا مصر انا لك الفدا
مع خالص تحياتي
د.حمدي المرزوقي