أخبارمجتمع الزراعةمقالات

الدكتورة ايمان زعبل تكتب : التلوث الغذائي في بيئتنا المعاصرة

الغذاء يطلق عملياً على جميع ما يتناوله الإنسان من المواد الجافة من طعام نباتي أوحيواني أو خلافه ، أوالمواد السائلة المختلفة المتمثلة بالماء والمشروبات الأخرى ويشكل الغذاء للإنسان كغيره من الكائنات الحية التي تعيش على الأرض المصدر الرئيسي للطاقة، هذه الطاقة التي تؤمن للجسم القيام بمختلف العمليات الحيوية اللازمة للبقاء ، ويتم ذلك بالاستعانة بأوكسجين الهواء الذي يحصل عليه بعملية التنفس للقيام بعملياته الحيوية. ويحتاج الانسان أيضا كأي كائن حي الى عنصر حياتي أساسي وهو الماء الصالح  للشرب كجزء هام في عملية البقاء واستمرار وجوده . تشكل هذه العناصر الثلاثة جوهر الحياة بالنسبة للأحياء وعلى رأسها الإنسان ،ودأب الإنسان للمحافظة على حياته من خلال العناية بهذه المصادر باستمرار،ويمكن تجاوزا اعتبار جميع المخاطر التي يتعرض لها الإنسان من الأمراض تسلك إحدى الطرق الثلاث سابقة الذكر. من خلال مايدعى بــ التلوث أو التلوث البيئي .يمثل الغذاء عموماً جميع ما يتناوله الإنسان من المواد الجافة من طعام نباتي أوحيواني عضوي أو خلافه ، وكذلك السوائل المختلفة المتمثلة بالماء والمشروبات الأخرى .يقصد بالتلوث الغذائي أو تلوث الأغذية وصول الكائنات الحية الدقيقة أو أي أجسام غريبة غير مرغوب بوجودها في المادة الغذائية،حيث يعتبر الغذاء ملوثاً إذا احتوى على جراثيم ممرضه أو تلوث بالمواد المشعة أو اختلط بمواد كيمائية سامة، وتسبب في حدوث التسمم الغذائي.

والتلوث الغذائي يحدث بصورة مختلفة تبعاً لنوع المتسبب في هذا التلوث، فهو قد يكون تلوثاً ميكروبياً أو تلوثاً كيميائيا ً أو تلوث بالأشعة الذرية .

1-التلوث الميكروبـــــــــي:

يحدث هذا النوع من التلوث الغذائي عن طريق الأحياء الدقيقة والتي عادة ما توجد في البيئة المحيطة بالمادة الغذائية كالتربة والهواء والماء، إضافة إلى الإنسان والحيوان، تحدث الإصابة بالمرض عن طريق تناول غذاء يحتوي على أعداد كبيرة من الميكروبات وعندما تصل هذه الميكروبات إلى الأمعاء الدقيقة للإنسان فإنها تتكاثر وتنتج سموم وبالتالي تظهر أعراض المرض . وقد تفرز السموم في الطعام قبل تناوله.ومن أمثلة هذا النوع التسمم بميكروب الكلوسترديم فرنجز ، وهو منتشر في التربة ، ويمكن عزله من التربة وبراز الإنسان ، ولذلك فمن الممكن تلوث اللحوم والدجاج وكذلك الخضار والتوابل ، وأيضاً يحدث التلوث بالميكروب بعد طهي الغذاء حيث أن خطورة هذا الميكروب تكمن في تجرثمه عند تعرضه لظروف قاسية كحرارة الطهي .

وتختلف مصادر التلوث الغذائي تبعاً لشكل أو نوع التلوث فالتلوث الغذائي بالجراثيم تتبناه الميكروبات البكتيرية والفطريات وبيض الديدان ويتم ذلك إما عن طريق الهواء أو عن طريق الحشرات والقوارض وبمعنى أخر يتعرض لمثل هذا النوع من الملوتاث التي تؤدي إلى دخول عدد من الميكروبات إلى جسم الكائن الحي وذلك نتيجة لإهمال الغذاء عند إعداده أو تصنيعه أو حتى تداوله خاصة في تلك ألاماكن الملوثة والقذرة إضافة على عدم تبريد الأغذية في بعض الأحيان تبريداً ملائماً أو عن طريق تعرض الغذاء خاصة في ألاماكن الملوثة للذباب والحشرات.ومصادر تلوث المواد الغذائية بالكائنات الحية عديدة ومتنوعة ، فالتربة على سبيل المثال تعتبر مأوى طبيعياً للعديد من الأحياء الدقيقة، مما يجعلها مصدراً هاماً لتلوث بعض النباتات خاصة تلك التي تلامس التربة كالنباتات الدرنية والجذرية.

وتزداد أهمية التربة كمأوى الكائنات الحية الدقيقة كلما زادت خصوبتها مع توافر الرطوبة والحرارة المناسبتين، هذا بالإضافة لما تحتويه التربة من مواد عضوية ومعدنية يجعلها مناسبة لنمو وتكاثر تلك الكائنات الدقيقة. وهنا لابد من التنويه الى أن التلوث الغذائي بالجراثيم من أهم أسباب تسمم جسم الكائن الحي والذي يظهر على شكل أمراض تعرف بالأمراض المعدية حيث أن الميكروبات التي تدخل إلى جسم الكائن الحي(الإنسان أو الحيوان) ، تعمل على مهاجمة أنسجة الجسم وتظهر حالات المرض الذي عادة ما يصنف بنوع الميكروبات او البكتيريا التي تغزو الجسم مثل حمى التيفوئيد التي يصاب بها الانسان عند اصابتة بميكروب السلمونيلا.أما التلوث الغذائي الجرثومي ( الميكروبي ) فهو ينتج بفعل تحلل المواد الغذائية بواسطة بعض الأحياء الدقيقة في حالات عديدة منها فساد الحليب ومشتقاته والفواكة وغيرها من الأطعمة التي لا تحفظ جيداً ، وتحدث الإصابة هنا بواسطة السموم (التوكسينات) التي تفرزها الميكروبات أثناء تكاثرها في الغذاء وهذه السموم هي التي تسبب المرض للإنسان وليس الميكروب نفسه .

ومن أمثلة هذا النوع من التلوث وهو التسمم البوتيوليني وهو من الأمراض المفزعة بالنسبة للإنسان حيث يسبب شللاً جزئياً أو كاملاً  للأعصاب ويحدث نتيجة للسموم التي يفرزها ميكروب الكلوسترديوم بوتيولينم في الأغذية ، وهو ميكروب لا هوائي وينمو في الأغذية المحفوظة بطرق غير سليمة ، وتظهر علامات فساد على العبوات الملوثة بهذا الميكروب مثل رائحة كريهة وقد تكون مصحوبة بانتفاخ العبوات .وقد يلعب الإنسان فيه دورا كبيراً إيصال هذه الكائنات إلي المواد الغذائية، نظراً لما قد يحمله وبأعداد كبيرة منها في جهازيه الهضمي والتنفسي أو على السطح الخارجي للجسم، وتزداد احتمالات تلوث الأغذية عن طريق الإنسان إذا ما انخفض مستوى الوعي الصحي والنظافة الشخصية لديه، خاصة إذا كان هذا ممن يعمل في مجال إعداد وتحضير وتداول الأغذية سواء في منشأة غذائية أو في المنزل.

كما أن الحشرات والقوارض تعتبر أحد أهم الوسائل في نقل الملوثات الميكروبية من البيئات ذات المحتوي العالي من هذه الكائنات كأماكن تجميع القمامة والمجاري إلى المواد الغذائية، مسببة تلوثاً لهذه الأغذية مما يؤدي للإصابة بأحد التسممات الغذائية أو الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء، كذلك فإن الأدوات المستخدمة في إعداد وتحضير الأغذية كالسكاكين وألواح التقطيع والأسطح الملامسة للأغذية مباشرة، قد تكون مصدراً رئيسياً لتلوث الأغذية إذا لم تراع فيها الاشتراطات الصحية المطلوبة من حيث نظافتها وتنظيم عملية استخدامها، إضافة لذلك فإن المواد الغذائية نفسها قد تكون أحد المصادر الهامة للتلوث بالكائنات الحية، فتخزين أو ملامسة الأغذية الطازجة من أصل حيواني كاللحوم والدواجن والأسماك التي عادة ما تحمل على سطحها الخارجي أعداد كبيرة من الكائنات الحية مع الأغذية الأخرى، لا سيما تلك التي تستهلك طازجة دون طهي كالخضراوات المستخدمة في تحضير السلطات سيؤدي لحدوث ما يعرف بالتلوث الخلطي أو التبادلي فيما بينها وبالتالي قد يشكل هذا مخاطر صحية عند استهلاكها.

2-التلوث الكيمـــــــــــــــاوي :

يحدث هذا النوع من التلوث الغذائي عند وصول أي مادة كيميائية خطرة أو سامة إلى المادة الغذائية، مما يجعلها ضارة وغير صالحة للاستهلاك البشري، وقد يؤدي استهلاكها للإصابة بتسمم غذائي.كما أن تلوث الغذاء بالكيماويات يؤدي إلى ما يعرف بالتسمم الغذائي الكيماوي وهو ينتج كنتيجة لتعرض الغذاء للمواد الكيماوية مثل المبيدات الحشرية التي تستخدم لمكافحة الآفات الزراعية وعند رشها بكمية كبيرة يؤدي إلى تعرض المنتجات الزراعية إلى التلوث إضافة إلى ذلك يمكن أن يتعرض الغذاء من الخضار والفواكة إلى التلوث الكيميائي عن طريق الأسمدة الكيميائية.

والتلوث الكيميائي للأغذية يحدث بطرق ووسائل متعددة، فهو قد يحدث عن طريق الخطأ والإهمال، أو عن طريق الاستخدام الخاطئ وغير السليم للمواد الكيميائية.

* التلوث بالمبيدات الحشرية : ويحدث نتيجة تناول خضروات أو فاكهة بعد رشها بالمبيدات مباشرة لعدم الغسيل الجيد لها ، ويحدث أيضاً التسمم بالمبيدات الحشرية المنزلية نتيجة إساءة الإستخدام وبالرغم من ضرورة استخدامها للمحافظة على المنتجات الزراعية، فإنها قد تكون إحدى الملوثات الكيميائية الخطيرة للمنتجات الزراعية عندما ترش رشاً جائراً وبنسب عالية عن الحدود المنصوص عليها دولياً، إضافة إلى أن الاستعجال في قطف هذه المنتجات الزراعية من قبل المزارعين وعدم تركها فترة زمنية كافية للتخلص من بقايا هذه المبيدات يزيد من تفاقم هذه المشكلة.

* الأغذية المحفوظة تتعرض للتلوث الكيميائي بواسطة المواد الحافظة التي تضاف إليها مثل النيترات إضافة إلى بعض المعادن الثقيلة التي قد تحث بفعل المواد الحافظة آو تحلل الأوعية الحافظة أو نتيجة لانتقال مثل هذه المعادن في الهواء إلى الغذاء.

* تخزين المواد الغذائية قريبة من المواد الكيميائية قد يكون أحد الأسباب في تلوث المواد الغذائية كيميائياً، مما يتسبب في حدوث أخطار صحية على صحة وحياة المستهلك. وهنا يجب الإشارة إلى أنه قد يحدث هذا النوع من التلوث في المنازل نتيجة الإهمال أو الخطأ، وذلك عند تخزين المنظفات والمبيدات الحشرية المنزلية، خاصة التي توجد في صورة مساحيق مع المواد المستخدمة في إعداد الوجبات الغذائية كالتوابل والملح في خزانة واحدة، حيث إنه قد تضاف هذه المساحيق إلى المادة الغذائية عن طريق الخطأ أو السهو، مما سيترتب عليه أمور بالغة الخطورة على أفراد العائلة، كذلك فإن استخدام أواني الطهي المصنعة من مواد تحتوي على مركبات أو معادن ضارة كالرصاص، قد يكون لها دور في تلوث الأغذية

* أما الأحياء البحرية كالأسماك والقشريات، فكثيراً ما يتم تلوثها بالمواد الكيميائية

بسبب تصريف مخلفات المصانع المختلفة والتي عادة ما تحتوي على مواد ومركبات

كيميائية خطرة في المسطحات المائية كالبحار والأنهار، إضافة إلى ما ترميه السفن

العابرة وناقلات البترول من مخلفاتها في البيئة المائية، وبالتالي تصبح هذه الأحياء البحرية مواد غذائية استهلاكية ملوثة كيميائياً.إضافة لما سبق فهناك ملوثات كيميائية أخرى قد تصل للمادة الغذائية بطرق مختلفة كبقايا العقاقير البيطرية في منتجات اللحوم والألبان عند استخدامها في علاج الحيوانات

3-التلوث الإشعاعــــــــــي

يحدث التلوث الغذائي بالإشعاع نتيجة لتعرض المنتجات الغذائية الزراعية للمواد المشعة في حالات تساقط الغبار الذري على النباتات أو نتيجة لتلوث الهواء والماء بمخلفات التجارب أو النشاطات النووية أو الذرية

4- التلوث بالمعادن الثقيلة :

التسمم بالمعادن الثقيلة مثل الرصاص والزئبق والكادميوم والزنك والنحاس من أكبر المشكلات التى تواجه الإنسان فى الوقت الحاضر حيث يؤدى تعرض الإنسان وتناوله لهذه المعادن إلى حدوث بعض الأمراض مثل الفشل الكلوي،: خلل وظائف الكبد وزيادة حالات الإجهاض والأنيميا، وقد يؤدى كذلك إلى حالات من التخلف العقلى.

والأغذية الأكثر عرضة للتلوث بالمعادن الثقيلة هي:

أسماك المياه الملوثة بمياه الصرف الصحي ومخلفات المصانع.

الخضر والفاكهة المزروعة على جوانب الطرق حيث يعرضها للتلوث بعادم السيارات.

الأغذية غير المغلفة والمعروضة للبيع على جوانب الطرق ومع الباعة الجائلين.

الأغذية المعلبة – خاصة الحمضية منها – والتى يستخدم الرصاص فى لحام عبواتها.

الكادميوم :يشكل وجود الكادميوم في التربة مشكلة كبيرة حيث أن تغذية الحيوانات على النباتات النامية بهذه المناطق تؤدي إلى تركيز هذه المعادن في لحوم الحيوانات وبالتالي بشكل خطورة على صحة المستهلك .

النيتريت والنترات :ترجع أهمية استخدام النيتريت والنترات في صناعة اللحوم إلى :

1- تثبيت اللون الوردي الجذاب لمنتجات اللحوم بينما عدم إضافتها يؤدي إلى لون رمادي غير جذاب للمستهلك.

2- يمنع نمو وإفراز ميكروب الكلوستريديم بوتيلينم للسم المسبب لتسمم البوتيلزم .
وإضافة النترات والنيتريت بكمية كبيرة إلى اللحوم أثناء التصنيع يؤدي إلى تكوين مركبات النيتروزامينات المسببة لسرطان الجهاز الليمفاوي ،

5- السموم الفطرية

تنمو الفطريات تحت ظروف خاصة على المحاصيل الزراعية فتفرز السموم الضارة بصحة الحيوان والإنسان.وقد تنتقل السموم الفطرية عن طريق اللحوم ، وذلك عن طريق تغذية الحيوانات على علائق تحتوى السموم الفطرية فتترسب في أنسجة الحيوانات كمتبقيات وبالتالي ينتقل إلى المستهلك. ومن الشائع في صناعة بعض منتجات اللحوم تركها في درجة حرارة الغرفة بغرض التعبيق الطبيعي وينتج عن ذلك نمو الفطريات.والسموم الفطرية ذات أثر سرطاني شديد ، ومن الفطريات التي تنتج السموم : البنسليوم والاسبرجلس.

المبيدات الحشرية

دكتوره/ ايمان زعبل

باحث الباثولوجيا الاكليتيكية بمعهد بحوث صحه الحيوان بالزقازيق

إن الزيادة الرهيبة فى تعداد سكان العالم والضغوط الاقتصادية والكوارث الطبيعية من جفاف وفيضانات مدمرة جعلت من الزراعة والإنتاج الزراعى قضية إقليمية بل عالمية الأبعاد لما لها من أثار مباشرة وغير مباشرة على تقدم أو تخلف الشعوب خاصة النامية والفقيرة بل والمتقدمة كذلك.  ولسنا فى حاجة للقول أن العديد من الدول مازالت وستظل تعانى من نقص الإنتاج الزراعى، ومن ثم تعانى شعوبها من سوء التغذية حيث يتفوق التعداد السكانى على الإنتاج الزراعى. وهناك عوامل عديدة ومتشابكة بعضها يقع على مسئولية الإنسان والكثير خارج نطاق إرادته وتحكمه خاصة ثورة المياه والظروف البيئية غير المناسبة ومن بينها الإصابة بالآفات التى تدمر المحاصيل الزراعية بالتالى تؤدى إلى نقص فى الإنتاج الزراعى.

ويتساءل البعض ألم تكن الآفات موجودة منذ بدء الخليقة؟  ألم يكن هناك فقد فى الإنتاج الزراعى؟ إلى غير ذلك من التساءولات العقلانية والمتوقعة. والإجابة توضح إنه كانت هناك زراعات وآفات وفقد لا ينكر ،ولكن أثار هذا الفقد لم يكن محسوسًا بسبب قلة التعداد البشرى آنذاك، فالآفات الموجود منها ماهى آفات زراعية، أفات تتطفل على جسم الحيوان وتنقل له أمراض عديدة مما يسبب فقد فى الإنتاج الحيوانى من لحوم وألبان ونفوق الحيوانات.  لذلك بدء التفكير فى القضاء على تلك الآفات لكى نحصل على محاصيل زراعية تفى بحاجة السكان وكذلك المحافظة على الثروة الحيوانية من تلك الآفات التى تنقل الأمراض.

وقبل اكتشاف المبيدات الحديثة كان الإنسان القديم يستغل كل ما هو متاح لديه فى مكافحة الآفات.  ومع التقدم العلمى المتواصل ثم التوصل إلى المبيدات الحشرية التى قضت على الآفات، ولكن ظهرت لنا مشكلة التلوث البيئى بالمبيدات، وتعتبر ظاهرة التلوث بالمبيدات مشكلة جديدة لم يعرفها الإنسان إلا فى النصف الثانى من القرن العشرين حيث يؤدى الإسراف فى استخدام هذه الكيماويات الخطيرة إلى تلوث التربة الزراعية لأنه غالبًا ما يتبقى جزءً كبير من هذه المبيدات فى الأرض الزراعية وتسبب هذه المتبقيات كثير من الأضرار الصحية للإنسان والحيوان والنبات والبيئة عمومًا.

والمبيدات هى مواد كيميائية تستخدم فى مجالات الزراعة والصحة العامة للقضاء على آفات شتى سواء كانت حشرات أو حشائش ونباتات ضارة أو عديد من الطفيليات الأخرى التى تهدد صحة الإنسان.  والمبيدات تتركب من المواد الفعالة مضافًا إليها مواد كيميائية أخرى تسمى مادة حاملة.  ولقد بدأ التوسع فى تصنيع المبيدات الكيميائية بعد اكتشاف مركب (د. د. ت) عام 1939 ومكافحته الهائلة للعديد من الآفات وبعدها توالى اكتشاف مجموعات كثيرة من المبيدات الحشرية.

 

تقسيم المبيدات الحشرية:

المبيدات الحشرية لها تقسيمات عديدة ولكن أهم تقسيم لهذه المبيدات حسب تطورها وتركيبها ومصدرها ويمكن تقسيمها إلى:

(1) مبيدات غير عضوية:  مثل فوسفات الكالسيوم وأكسيد الماغنسيوم وأملاح الزرنيخ والنحاس والفلور والزنك وغيرها وهى سموم طبيعية.

(2) مبيدات عضوية: وتنقسم إلى:

أ –  مبيدات عضوية نباتية: وهى المواد التى تخلق داخل النبات مثل:

– النيكوتين:  الذى يؤثر على العقد العصبية فتنشط الجهاز العصبى أولاً ثم تفقد نشاطه بعد ذلك فتفشل الأعضاء عن تأدية وظائفها ويحدث النفوق.

– البيرثرين:  الذى يؤثر على الجهاز العصبى المركزى وينتج الشلل والنفوق

ب-  مبيدات عضوية صناعية:  وتنقسم إلى:

1- مبيدات الكلور العضوية:  مثل الـ د. د. ت، والتوكسافين والهيبتاكلور وتؤثر هذه المركبات على نسبة استهلاك الخلايا للأكسجين فتزيده إلى ثلاثة أضعاف، مما يؤدى إلى اختلال عملية تمثل المواد الدهنية بزيادة احتراقها كما يحدث فى مركبات الداى نيترفينول أما مركبات الـ د. د. ت ومشابهاتها تؤثر على الجهاز العصبى وكذلك تؤثر على نسبة استهلاك الخلايا للأكسجين. وهذه المركبات خطيرة لكونها تخزن فى الأنسجة والسوائل الغنية بالدهون فى الحيوان والإنسان لذلك فإنها تخزن لمدة طويلة فى أنسجة الحيوان ويتم إخراجها ببطء كما أنها تسبب تسمم مزمن.

2- مبيدات الفوسفور العضوية:  مثل الملاثيون، الباريثون، الديمثويت والدورسبان، وهى مبيدات شديدة السمية، والأخطر على الإنسان والحيوان وتعمل على تثبيط وإيقاف عمل أنزيم الكولين استريز بالأنسجة والجهاز العصبى للإنسان والحيوان والحشرات.  وهذا الأنزيم يقوم بتحليل مادة (الاستيل كولين) التى تعمل كوسيط لنقل إشارات الأعصاب فى أماكن التقائها بالجهاز العصبى عند اتصال الأعصاب الحسية بالأعضاء الحركية والغدد والعضلات وهذا النوع من المبيدات سهل التحلل بل ويستخدم الكثير منها فى القضاء على الحشرات المنزلية.  وقد ثبت أن المركبات الناتجة من تحلل هذه المركبات هى مواد سامة وأعلى سمية من المبيد الأم.

3- المبيدات الكرباماتية مثل:  السيفين واللانيت وهى تشابه المبيدات الفوسفورية فى طريقة عملها حيث إنها توقف عمل أنزيم الكولين استريز، وهى مركبات لها درجة عالية من الثبات فى البيئة ويقع تحتها الكثير من مبيدات الحشائش.

ج- المبيدات الحديثة ومن أمثلتها: الهرمونات ومانعات الانسلاخ – الفيرمونات وغيرها من المبيدات الحديثة وهذه المبيدات تأثيرها على البيئة ما زال تحت الدراسات.

ولقد أصبح استخدام المبيدات الحشرية الأداة الأساسية لمكافحة الآفات فى العالم سواء كانت آفات زراعية أو حشرات ناقلة للأمراض كالذباب والبعوض والبق أو القواقع أو الحشائش. وقد أدى كثرة استخدام المبيدات الحشرية فى الآونة الأخيرة إلى تلوث الأرض الزراعية والنباتات ببقايا المبيدات الحشرية، وتتوقف كمية بقايا المبيدات بالتربة على مدى ثباتها لخواصها الطبيعية والكيميائية وصورها وتركيزها وطبيعة التربة.  وتعتبر التربة مصدرًا رئيسيًا لتلوث كل ما يوجد عليها من محاصيل مختلفة وحيوانات المزرعة ومنتجاتها بالمبيدات والتى تنتقل بدورها للإنسان الذى يعتمد اعتمادًا كاملاً عليها فى غذائه.  ومن هنا تظهر مدى الخطورة التى يمكن أن يتعرض لها الإنسان نتيجة انتقال هذه السموم إلى جسمه.

ويتوقف تأثير المبيدات على صحة الإنسان والحيوان على عدة عوامل هى:

1– مدى سمية المادة الفعالة التى تدخل فى تركيب المبيد.

2- جرعة وتركيز المبيد.

3- الخواص الطبيعية الكيميائية للمادة الفعالة التى تدخل فى تركيب المبيد.

4- طريقة دخول وامتصاص مادة المبيد بجسم الإنسان والحيوان وطرق امتصاص المبيد عبر الجسم تتكون أساسًا من:

أ – الاستنشاق ويحدث ذلك فى الأماكن المغلقة أثناء صناعة المبيدات.

ب- الجلد والأغشية المخاطية وهى أكثر طرق الإصابة المهنية شيوعًا.

5- مدة التعرض للمبيدات حيث تساعد مدة التعرض فى تحديد الجرعة التى يتم امتصاصها.

بعد سنوات طويلة من الاعتماد على المبيدات كوسيلة وحيدة فى مكافحة الآفات ننظر حولنا ونتحسر على ما فعل الإنسان بنفسه بهذه السموم، ولا يختلف اثنان على فائدة المبيدات وكذلك الأضرار التى تحدثها.  لذلك كان لابد أن نتعامل مع هذه المبيدات من منطق (فائدة فى مقابل الضرر) ولا يوجد مبيد نظيف أو غير سام حاليًا وفى المستقبل وتحقيقًا لأكبر فائدة مع أقل ضرر لهذه المبيدات يجب التمسك بالتعليمات والتوصيات المنصوص عليها لاستخدام المبيدات، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بالاستخدام المناسب؛ بمعنى اختيار المبيد المناسب والتركيز المناسب على الآفة المناسبة فى التوقيت المناسب وكذلك يجب أن يكون قرار استخدام المبيدات القرار الأخير وعند الضرورة.

لماذا المبيدات خطيرة على الكائينات الحية

الإجابة بسيطة حيث ضخمت المبيدات من حجم المشاكل التى كان من المفروض أن تحلها ويكفى أن نعدد أضرار المبيدات الحشرية وما أحدثته المبيدات من جراء الاستخدام المكثف والعشوائى.

1- الاستخدام المتكرر للمبيدات أدى  إلى ظهور العديد من الآفات التى تستطيع تحمل العديد من المبيدات بتركيزات عالية.

2- تفاقم مشكلة تلوث البيئة بالمبيدات خاصة مصادر مياه الرى والشرب وتلوث التربة.

3- وجود المبيدات فى المنتجات الغذائية المصنعة خاصة فى الألبان ومنتجاتها.

4- زيادة حالات الأمراض الخطيرة التى تصيب الإنسان خاصة السرطانات وأمراض الكبد والكلى، والمبيدات قد تنتقل خلال لبن للأطفال الرضع ولو بتركيز خفيف.

5- المبيدات الحشرية لها تأثير ضار على الجينات وتسبب تشوهات الأجنة وولادة الأطفال ناقصى النمو، كما تؤثر بالضرر على هرمونات الجسم وكفاءة الجهاز المناعى، كما تسبب المبيدات إجهاض الحوامل من الإنسان والماشية

6- لا يقتصر تأثير المبيدات على الإنسان فقط بل يمتد إلى الطيور حيث يتبين أنه يدخل فى العمليات الكيميائية المؤدية إلى تكوين الكالسيوم فى أجسام الطيور مما يؤدى إلى إنتاج بيض رقيق القشرة وهش.

7- وتؤثر المبيدات على شغالات النحل أثناء تجميع الرحيق من الأزهار فيؤدى إلى موت تلك الشغالات بالتالى يؤدى إلى نقص فى إنتاج العسل

من كل ما سبق نستطيع أن نقول أننا فى حاجة إلى مبيد حشرى مثالى كى نتجنب هذه الأخطار، ويجب أن يكون مميزات المبيد الحشرى المثالى هى:

1- إبادة جميع أنواع الحشرات وفى مختلف المراحل من دورة الحياة.

2- يجب أن يكون فعلة سريع جدًا.

3- غير سام للحيوان المضيف وأقل ضررًا على الإنسان.

4- يمكن استعماله فى عده صور مختلفة وبسهولة (مراهم – غسول – رش – تغطيس).

5- لا يتراكم فى التربة.                    6- أن يتحلل إلى عناصر غير سامة.

لذلك ينبغى العمل على تداول واستخدام المبيدات بأسلوب علمى سليم من خلال برامج متكاملة من التدريب والتوعية منعًا ودرءًا لأضرارها على صحة الإنسان والحيوان والبيئة ودعماً لتأثيراتها الإيجابية فى القضاء على الآفات وزيادة إنتاجية المحاصيل على اختلاف أنواعها وبالتالى عائدها الاقتصادى.

وننتقل إلى لون آخر من ألوان طاعون القرن العشرين. فسنجد أن مكان الصدارة محجوز لعالم (الهرمونات الغذائية) فهى يطلق عليها فى بعض الأحيان الكيماويات الشيطانية لما لها من تأثير على الدواجن والحيوانات فى زيادة وزن أجسامها من أجل خلق سوق رابحة للمال ودورات سريعة لرأس المال.  إن الحقيقة المرة أنه يقف وراء هذه السوق بلا حياء أساطين  سوق أخرى سحقوا حبوب منع الحمل وخلطوها بغذاء الدواجن أضافوا إليها أملاحًا وهرمونات ليسرعوا بإيقاع النمو الذى خلقه الله متوازنًا فعبثوا به فكل لحوم الدواجن التى نأكلها محلية أو مستوردة تلعب فيها الكيماويات دورًا للشر لم تعهده البشرية من قبل، وكذلك أتى نتاجها من البيض كبير الحجم بلا طعم ولا فائدة اللهم إلا ما يضيفه إلى أجسامنا من كولوسترول وهو حصيلة لعنه الكيماويات.

وفى النهاية نرى أننا نعيش تحت ظلال الكيماويات فى هذا العصر، وتسقينا السم الزعاف قطرة بقطرة ويومًا بعد يوم. فلا يوجد من سبيل إلا أن تتكاتف الجهود كلاً فى مكانة لكى نتخلص من هذا الطاعون الذى يزحف ويهدد الحياة على وجه الأرض كل

 


الدكتورة ايمان زعبل – باحث الباثولوجيا الاكليتيكية بمعهد بحوث صحه الحيوان بالزقازيق – مركز البحوث الزراعية – مصر





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى