الدكتور جمال صيام يكتب : هل يؤدى وباء كورونا إلى رفع الأسعار الزراعية أم إلى تخفيضها؟
هذا سؤال مهم الإجابة عليه من قبل الاقتصاديين الزراعيين ،والإجابة مهمة بصفة خاصة بالنسبة للدول المستوردة الصافية للغذاء ومنها مصر.
وتستورد مصر نحو 60% من احتياجاتها الغذائية وتصل فاتورة واردات الغذاء إلى نحو 9 مليارات دولار(2017).
الأسعار الزراعية العالمية تتحدد من خلال تفاعل العوامل المؤثرة على كل من الطلب العالمى والعرض العالمى للسلع الغذائية،ويساهم الوباء هنا بقدر تأثيره على كل منهما بما فى ذلك سياسات الدول -المستوردة والمنتجة على حد سواء بالنسبة للمخزون الاستراتيجى للغذاء.
قد تتجه الدول المنتجة الرئيسية (جانب العرض) إلى تقييد صادراتها بهدف زيادة مخزونها الاستراتيجى لمواجهة مخاطر الوباء، كما أن الإنتاج نفسه قد يتأثر سلبا بسبب حالة الركود الاقتصادى التى بدأت تضرب الاقتصاد الأمريكى والأوروبى ، فضلا عن بعض الدول النامية المصدرة للغذاء كالبرازيل (نستورد منها السكر واللحوم) والأرجنتين .
أما فى جانب الطلب ، فمن الأرجح أن ينخفض الطلب العالمى على الغذاء بسبب الركود الاقتصادى الذى ضرب الدول المستوردة الرئيسية وعلى رأسها الصين (انخفاض معدلات النمو فى الGDP). ومع ذلك سوف تحاول بعض الدول المستوردة حشد طاقاتها لبناء مخزونات استراتيجية كبيرة لمواجهة مخاطر الوباء.
إذا أخذنا فى الاعتبار مجمل محصلة هذه العوامل فمن الأرجح أن تتصاعد الأسعار العالمية للغذاء بمعدلات تتوقف بالقطع على طول فترة الوباء وسياسات الدول فيما يتعلق بالغذاء والمخزونات الغذائية.
ومع ذلك هناك عمل مهم قد يثبط من زيادات الأسعار العالمية ، وهو أيضا من آثار كورونا ، ألا وهو انخفاض أسعار البترول من نحو 50 دولار للبرميل قبل الوباء إلى 30 دور للبرميل بعد شهرين فقط من بدء الوباء.
لاشك أن انخفاض أسعر المحروقات تؤدى إلى خفض تكلفة إنتاج الغذاء (ومن ثم زيادة الإنتاج ) وكذا تكلفة النقل الدولى لقد أجبر كورونا كافة دول العالم بلا استثناء على غلق حدودها أمام الأفراد ، فهل يتصاعد الأمر إلى غلق الحدود أمام التجارة (مدمرا بذلك اتفاقية الجات ومنظمة التجارة العالمية)، وحينها سوف تكون الدول المستورة للغذاء ومنها مصر أمام موقف غاية فى الخطورة.