أجواء فيروس كورونا تقضى على الاحتفال باليوم العالمى للمياه
يصادف اليوم الاحد 22 مارس الاحتفال باليوم العالمى للمياه ، والذى يأتى فى أجواء يسيطر فيها القلق على ارجاء العالم فى ظل الضربات القوية والغير رحيمة التى يوجهها فيروس كورونا لمعظم الدول ..
ويأتى احتفال هذا العام تحت شعار “المياه وتغير المناخ ” ، حيث يراد من حملة هذا العام إبراز أن استخدام المياه يساعد في خفض الفيضانات والجفاف والندرة والتلوث، فضلا عن أنه يساعد في مسأل تغير المناخ ذاتها. ومن خلال التكيف مع الآثار المائية لتغير المناخ، سنستطيع حماية الأنفس واستخدام المياه استخداما كفوءا وخفض غازات الدفيئة .
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلي أن ثلث سكان العالم يعيش بدون مياه صالحة للشرب. ومع حلول عام 2050، يمكن أن يعيش ما يقرب من 6 مليار فرد في مناطق تعاني من ندرة المياه مرة واحدة في العام على الأقل. ويمكن أن تنقد موارد المياه والمرافق الصحية المكيفة مناخيا أنفس ما يزيد على 360 ألف رضيع سنويا.
وإذا استطعنا الحد من الاحترار العالمي دون درجة ونصف مئوية فوق مستويات الثورة الصناعية ، فيمكننا خفض الإجهاد المائي بسبب المناخ بنسبة تصل إلى 50% . وقد تسببت حالات الطقس القاسية في ما يزيد عن 90% من الكوارث الرئيسة في العقد الأخير. ومع حلول 2040، يتوقع أن يزيد الطلب على الطاقة العالمي بنسبة تزيد عن 25% ، في حين يتوقع أن يزيد الطلب على المياه بنسبة 50% . وسيؤثر تغير المناخ على توافر المياه ونوعيتها وكميتها لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية ويهدد التمتع الفعلي بحقوق الإنسان في المياه والصرف الصحي لمليارات البشر المحتملة. كما ستشكل التغييرات في دورة المياه مخاطر على إنتاج الطاقة ، والأمن الغذائي ، وصحة الإنسان ، والتنمية الاقتصادية ، والحد من الفقر ، مما يهدد بشكل خطير تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
فكرة اليوم العالمى للمياه :
وتعود فكرة اليوم العالمي للمياه إلى عام 1992، وهو العام الذي عقد فيه مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية في العاصمة الأرجنتينية ريو دي جانيرو. وفي نفس العام، اعتمدت الجمعية العامة قرارها 193/47 الذي أعلنت فيه يوم 22 مارس من كل عام يوما عالميا للمياه.
ويرتكز اليوم العالمي للمياه، الذي يحتفل به في 22 مارس سنويا منذ عام 1993، على أهمية المياه العذبة ، حيث يراد من اليوم إذكاء الوعي بتعذر حصول ما يزيد عن ملياري فرد على المياه الصالحة للشرب. كما تتعلق هذه المناسبة باتخاذ إجراءات لمعالجة أزمة المياه العالمية. وينصب التركيز الأساسي لهذه المناسبة على دعم الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة الذي يعالج مسألة إتاحة المياه ومرافق الصرف الصحي للجميع مع حلول 2030.
يحمل التكيف مع تغير المناخ أهمية خاصة في البيئات الهامشية التي تبرز فيها تأثيرات ذلك التغير علي المياه . وخلال السنوات والعقود القادمة، من المتوقع أن يفاقم تغير المناخ من مشكلات الافتقار إلى المياه العذبة. مما يعني أن المناطق الجافة ستصبح أكثر جفافاً أو ستشهد تغيرات أخرى في أنماط الطقس من قبيل درجة الحرارة والرطوبة والرياح، والتي ستحمل جميعاً تأثيراً مباشراً في استخدام المياه المخصصة للمحاصيل.
وتؤثر المخاطر المتصلة بالموارد المائية على 80 % من سكان العالم، وتلوح في أفق سنة 2070 أزمة مائية جسيمة. والموقف الداعي إلى التصرف على النحو المعتاد غير مقبول. إن التصرف في المياه شأن علمي ، لكنه أيضا شأن سياسي، وهو مرتبط بالحوكمة وبالقيم المجتمعية. ففي القرن الحادي والعشرين، سوف تخضع الموارد العالمية من المياه الصالحة للشراب إلى ضغوطات غير مسبوقة، ذلك أن ارتفاع عدد سكان العالم والتطور الاقتصادي سوف يؤديان إلى استغلال متزايد للموارد المائية. وقد تم تسجيل انخفاض في تدفق الأنهار، واختفاء البحيرات والمناطق الرطبة وانخفاض في منسوب المياه الجوفية ، جراء الاستعمال المكثف للمياه.
والمثال الأكثر دلالة على هذه الظاهرة هو الاختفاء شبه التام لبحر آرال في آسيا الوسطى، الذي كان يعد سابقا البحيرة المالحة الرابعة في العالم. لقد تصحر في غضون 40 سنة ولم يعد يمسح سوى 10% من مساحته الأصلية بسبب استخراج المياه من المنابع التي كانت تنصب فيه. وبصفة عامة، فإن تداعيات النشاط البشري على الأنظمة الطبيعية قد تفاقمت إلى درجة أن عبارة «أنثروبوسين» صيغت للتعريف بالعصر الجيولوجي الحالي. كما أن التحضر أي أكثر من نصف سكان العالم يعيشون في المدن، وإزالة الغابات ، والتنمية الفلاحية (1،5 مليار هكتار من مساحة الكرة الأرضية)، كان لها انعكاسات هامة على خصائص الماء وكمياته.
تهديدات الأمن المائى :
ويتعرض حوالي 80% من سكان العالم إلى مستويات مرتفعة من التهديدات من حيث الأمن المائي. وتمثّل المناطق الحضرية والفلاحة مصدرين لتلوث المياه، مما يهدد الحياة في الوسط المائي ويضغط على النظم البيئية للماء العذب. ففي سنة 2010، وحسب تقديرات الأخصائيين، يبلغ عدد أنواع المياه العذبة التي انقرضت أو التي أصبحت مهددة بالانقراض، ما بين 10 و20 ألف نوع.
ومن ناحية أخرى، سوف يتحتم في أفق 2050، الزيادة في إنتاج المواد الغذائية بنسبة 70% للتمكن من الاستجابة إلى الطلب، حسب الدراسات المستقبلية التي أنجزتها سنة 2012 منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة. وبالتالي، لا مناص من احتداد الضغوطات التي تمارس على المحيط المائي، لتلبية احتياجات عدد متزايد من سكان العالم ، في مجالي التغذية والطاقة.
دراسات حول ندرة المياه
وحسب دراسة حول ندرة المياه، والتي تم نشرها في المجلة العلمية الهيدرولوجيا وعلوم نظام الأرض( هيدرولوجي آند إيرث سيستم ساينس )، فإن حوالي نصف سكان العالم سوف يعيشون وضعية توتر مائي خطير بين 2071 و2100.
فلقد تسببت التغييرات التي أدخلها الإنسان على البيئة في تفاقم تهديدات الماء على حياته، وعلى ممتلكاته وعلى البنية التحتية عموما، كما بينته فيضانات هيوستن في تكساس (الولايات المتحدة) سنة 2017 . في تلك المنطقة التي تطورت رغم مخاطر الفيضانات المعروفة، تضررت حوالي 300 ألف من المنشآت مما أدى إلى إخلاء مئات الآلاف من الأشخاص وتسبب في خسائر مادية قُدرت بـ125 مليار دولار.
وأدى احترار المناخ في الفترة الأخيرة إلى تغيرات عميقة في البيئة المائية. ومن ذلك النسق السريع لتقلّص أنهار الجليد في سلسلة الجبال الصخرية الكندية، حيث من المنتظر أن تضمحل تماما في نهاية القرن، علما وأنها تغذي أهم الأنهار التي تصب في المحيطات الهادي والأطلسي والشمالي. ولئن كانت المنطقة الغربية لكندا مثالا للوضع على الصعيد العالمي ، يجدر التذكير بأن نصف سكان العالم يعتمدون على مياه المناطق الباردة التي هي معرضة لتأثير الاحترار المناخي بصفة مماثلة . وحسب دراسة نشرت في مجلة التغير المناخي ( كليماتيك شانج)، سوف يتعرض في 2050 ما بين 0،5 و3،1 مليار نسمة إلى احتداد نقص المياه بفعل التغير المناخي.