الدكتور أحمد الطباخ يكتب : ازرعوا قمحكم وكلوا مما تزرعون !
لقد عرفت بلادنا الزراعة من قديم الأزل وكانت سلة غلال العالم كله حيث كانت بلاد الدنيا تأتي إلينا لتأخذ قمحها وشعيرها وقصة سيدنا يوسف عليه السلام مع الملك في رؤياه التي رٱها في كتاب الله وكيف أدار سيدنا يوسف عليه السلام الأزمة الغذائية بحنكة وخبرة وعلم غير مسبوق على الاطلاق ليكون ذلك درسا عظيما وخطة عجيبة في الاعتماد على الذات في الطعام والغلال في وقت كان العالم كله يعاني مشكلة غذائية ولكن مصر التي حباها الله بالنيل والأرض الخصبة استطاعت أن تتجاوز كل ذلك في وقت قصير بعلم العلماء وحسن الإدارة للأزمة وهذا هو لب المشكلة حتى يمكن حلها علم العلماء وإدارة الأمناء والأكفاء الذين هم الرجال الذين يوسد الأمر إليهم .
لو أن علماءنا صرفوا هممهم ووفروا طاقاتهم وقللوا كلامهم وركزوا وعظهم وجهدهم في مشروع حضاري واحد وهو :ليكن طعامكم من فأسكم حتى يكون قراركم من رأسكم ،ما وصل حالنا إلى تلك الحالة المزريه التي وصلت إليها أمتنا العربية التي تعيش عالة على أراذل أمم الأرض في لقمة عيشها وطعامها وشرابها ، كثير من الناس يتباكون على الايام الخوالي التي انقضت وانتهت ويتجرعون منها أجمل الذكريات الجميلة لأنها كانت أيام كنا نأكل من زرعنا ونشرب من ضرعنا ونلبس من عمل أيدينا فكنا اعزة لا يتحكم أحد في مقومات حياتنا وكنا نقول لدول الاستعمار التي استعمرت أراضينا لإخضاعنا وإخضاع قرارنا وإرادتنا كنا نقول بملء أشداقنا وأفواههنا لا وألف لا فلستم أوصياء علينا فنحن نملك طعامنا وشرابنا ولباسنا فمن انتم ولكن اليوم فماذا نقول ونحن نعتمد على غيرنا في كافة أمورنا.
شغلتنا الخيبة والوكسة السياسية والمعارك الفارغة عن هذه القضايا القومية التي بها صلاح حالنا واستقامة أمورنا واستقلال قراراتنا التي ارتهنت بهذه الخلافات التي لم يحصد منها الوطن سوى المرض والضعف والوهن الذي أصاب المجتمع لان نريد مناصب سياسية ولا معارك وهمية ولا خلافات حزبية ولا تبادل اتهامات سياسية جلبت الخراب والدمار لأوطاننا وجعلتنا في هذه الحالة المزرية
والنكسة التي فاقت النكاسات السابقة وهي الاعتماد على غيرنا في طعامنا وشرابنا وكسائنا فوصل حالنا إلى ما نرى ونقرأ ونعرف ونسمع ، وقد اشتد الأمر هذه الأيام عندما حدث ما يحدث في أوكرانيا التي كنا نستورد منها القمح .