أخباراقتصاد أخضرمقالات

الدكتور محمد عسكر يكتب : الزراعة الذكية ضروره ملحه لتطوير القطاع الزراعى وتعزيز الأمن الغذائي

تلعب الزراعه دورا مُهمّا في الإقتصاد المصرى، فهى من أقدم المهن في تاريخ مصرالتي كانت ومازالت المصدر الرئيسي للغذاء بل وركيزةً إقتصاديةً هامه، فالقطاع الزارعي يمثّل حجرالأساس في الإقتصاد المصرى لإرتباطه بباقي القطاعات الأخرى، ولدوره الفعّال في تحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية، ومن ثمّ تحقيق الأمن الغذائي والقومي.

إلا أن قطاع الزراعة يواجه الكثير من الصعوبات والتحديات حالياً، إذ أنه ينافس النمو السكانى والتوسع العمراني بلا هواده، كما أننا شهدنا مؤخراً نزوحاً لليد العاملة من المناطق الزراعية النائية إلى المدن المركزية، إضافه إلى عزوف للأجيال الصاعدة عن مهنة الزراعة، خاصةً وأنها لا زالت متأخرةً عن مواكبة التطور التقني مقارنةً بالصناعات الأخرى.

وممّا لا شكّ فيه أنّ القطاع الزارعي بمصر ققد تضرر كثيراً بالعديد من المشاكل والتحديات التي حالت دون تحقيق الأهداف المرجوّة وأهمّها زيادة الإنتاج وضمان سلامه الأمن الغذائي. ولعل أبرزهذه المعوقات والتحديات تتمثّل في التغيّرات المناخية وما يترتب عليها من أثار الجفاف والتصحرإضافه إلى عدم ترشيد عملية إستهلاك الأسمدة، ونقص العمالة الزارعية وتدني الإنتاجية والهدر في الإنتاج، بالإضافه إلى مشاكل الموارد المائية وندرة المياه التي تشكّل تحدّياً كبيرا في تحقيق الأمن الغذائي و سلامته.

ولعلّ أهمّ الأسباب ترجع إلى عدم الإ ستفادة من التطورات التكنولوجية الحديثه، لذلك فإن إنتهاج الزارعة الذكية أصبح حاجه ملحه وضروره حتمية لا غنى عنها من أجل النهوض بالقطاع الزاعي لمواجهة التحديات المقبلة، وتحقيق الأمن الغذائيّ في مصر. وذلك عبر إقامة التوازن بين الإعتبارات الإجتماعية والإقتصادية والبيئية وتعزيز الزراعة الذكية كنهج قادر على تحويل النظم الزراعية وإعادة توجيهها لدعم التنمية بشكل فعّال وضمان الأمن الغذائي في ظلّ تغير المناخ.

تاريخيّا كان القطاع الزارعي في مصر قادارعلى توفيرأغلب إحتياجات السكان من الغذاء، لكن مع الزياده المتسارعه فى عدد السكان دخلت مصر في أزمة غذاء أصبح على أثرها موضوع الزراعة على رأس قائمة الأولويّات نظراً لزيادة الطلب على المواد الغذائية، ممّا سبّب عجز في تلبية هذا الطلب محلياً، وبهذا إضطرت الدوله إلى اللجوء للخارج. ومن المتوقّع أن تكون الزارعة الذكية علاجا فعّالا واستراتيجيّة حيويّة لا بديل عنها في لرفع كفاءة إستخدام الموارد الزارعية وزيادة الإنتاج ، ممّا يسهم في تحقيق الأمن الغذائي من جهة والمحافظة على الموارد الطبيعيّة وإستدامتها من جهة أخرى.

إضافة إلى دورها في توفيرغذاء أمن صحيّا وخال من التلوّث لخلوّها من الأسمدة الكيماويّة والمبيدات الضارّة بالصحة والبيئة، بالإضافة إلى أهميّتها في التغلب على الأثار السلبية للتغيّرات المناخيّة على الأنظمة الزارعية. وبالتالي تكمن أهميّة الزارعية الذكيّة في مصر بما يلي:
– المحافظة على الموارد الطبيعيّة ورفع كفاءة إستخدامها.
– خفض التكاليف والإستخدام الأمثل للموارد الزارعية.
– توفير الأمن الغذائي والتغذية المحسّنة.
– تعزيزالزارعة المستدامة.
– إدخال بعض المحاصيل الجديدة الهامة في منظومة الزارعة.
إنّ الزارعة الذكية هي إستخدام أقل مساحة من الأرض والمياه، للحصول على أفضل إنتاج من المحاصيل المستهدفة، وذلك لتحقيق إنتاج زارعي مستدام مع الحفاظ على الموارد الطبيعيّة للأجيال القادمة. كما تعمل الزارعة الذكيّة على خفض إنبعاثات الغازات الضارة بالبيئة إلى أدنى حدّ ممكن والتكيف مع التغيّرات المناخيّة المستقبليّة.

الزارعة الذكية هي عبارة عن نهج يهدف إلى تطوير وتحسين منظومة الزارعة، وهي تعتمد على الوسائل والآليّات الزارعية الحديثة التي من شأنها زيادة الإنتاجية والجودة دون إستنزاف الموارد الطبيعية. تمثل الزراعة الذكية ثورة خضراء ستنقذ البشرية من تبعات الإنفجار السكاني وتغير المناخ، فهى تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة في الزراعة بطرق مستدامة ونظيفة، وعلى نظم إدارة وتحليل المعلومات لإتخاذ أفضل قرارات الإنتاج الممكنة بأقل التكاليف، بالإضافة إلى مكافحة الآفات، ومراقبة التربة والمحاصيل كما انها تهدف إلى ترشيد إستخدام الموارد الطبيعية خاصة المياه.

وتعتبر الزارعة الذكيّة تطوّرا هامّا وحيويّا في سياسة التنمية الزارعية، فهى تعطى أعلى إنتاجية وإستدامة لأنها تستند إلى نهج أكثركفاءة في إستخدام الموارد الذكية والتى تقوم على التقنيات الحديثة مثل الإستشعارعن بعد ونظم المعلومات الجغرافية وإنترنت الأشياء والذكاء الإصطناعى والتعلم الآلى وتكنولوجيا المعلومات والإتصالات لمواجهة المشكلات الزراعية التى قد تحدث ولتحقيق الأمن الغذائى من خلال رفع كفاءة الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية المتاحة ومتطلبات الإنتاج. ويعدّ تطبيق الزارعة الذكية ضماناً لخفض التكاليف وزيادة الانتاجية بإستخدام كميّات أقل من المياه في ظلّ التغيرات المناخيّة ونقص المياه وندرة الأ راضي الصالحة للزارعة بسبب ظاهره التصحر، ممّا يؤدّي إلى زيادة إنتاجيّة المحاصيل بمعدّل 50 % تقريبا، وبالتالي يمكن في المستقبل القريب النجاح بعمليّة الريّ وتخصيب الحقول بطريقة صديقة للبيئة وإنتاج زارعي أوفر. كما بإمكان المزارعين إتخاذ خطوات عدّة للتكيّف مع الزراعة الذكيّة، وذلك من خلال تنفيذ:
الإستراتيجيات المبتكرة للمحاصيل: من خلال التنويع والتناوب في زارعة المحاصيل المناسبه، يمكن زيادة أرباح المزارعين ورفع إستخدام الأراضي إلى أقصى حدّ مع المحافظة على الخصوبه التربة.

البنية التحتية القادرة على التكيف: فعمليات الري المناسبة تفضي إلى كميات أكبر من المحاصيل، في حين أن زيادة التهوية والتظليل تساهم في المحافظة على الإنتاجية خلال تغير المناخ.
أنظمة الدعم: هناك وفرة من التقنيّات الحديثه والوسائل الجديدة المتاحة للمزارعين، وبإمكان بيانات الطقس التي توفرها الأقمار الصناعية جعل المزارعين متقدّمين خطوة في التخطيط لإستخدام أراضيهم في الموسم المقبل. كما بالإمكان تصميم أنظمة لتخزين ونقل المواد الغذائية بهدف الحد من الهدر الغذائي.
لقد أصبح لزاما علينا الاعتماد على الأنظمة الذكية والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة للمحافظة على الأراضى الصالحة للزراعة وترشيد إستخدام الموارد الطبيعية ومعرفة إحتياج النباتات من ورطوبة ورى وأسمدة ومراحل نمو النبات والكشف عن الامراض مبكرا عن طريق المعلومات المخزنة لكل نبات وإقتراح أفضل الحلول للمزارع من مبيدات أو أسمده. إنّ تطبيق “الزارعة الذكية” قادرعلى تحقيق ثورة زارعيّة وإقتصاديّة مهمّة وسوف يحقّق عدّة منافع للقطاع الزارعي المصرى، كتحسين الإنتاجية الزراعية والحصول على منتجات زراعيّة آمنة وخفض إستخدام المواد الملوّثة مثل المبيدات والأسمدة الكيماويّة .وتكمن إحدى فوائد الزارعة الذكيّة في تعزيز إنتاج المحاصيل والقدرة على الصمود في وجه تغيّرالمناخ، من خلال أصناف جديدة من المحاصيل، كما أنّ هذه الزارعة تساهم في تعزيز كفاءة إستخدام الموارد، وإضافة القيمة إلى المنتجات وزيادة سلامة الأغذية.

إنّ التحوّل إلى أساليب الزارعة الذكيّة يساهم في تحسين جودة و نوعية المحاصيل، ويوفر أساليب عدة لخفض غازات الإحتباس الحراري و عزل الكربون في التربة، ورفع مستويات دخل الأسر الزارعية، ويحمي المزارعين، من الآثار الضارة لتغيير المناخ، بالإضافة إلى أهداف أخرى لها آثارعلى التنمية المستدامة و أبرزها:
1 – حفظ و حماية البيئة من خلال إدارة أفضل للموارد الطبيعية، و التكيف مع تغيّر المناخ.
2- زيادة الإنتاج وتحسين جودة المحاصيل الزارعية لتخفيض ظاهرة الجوع والفقر.
3- تعزيز الإبتكار الزراعي، وخلق الوظائف الخضراء.
4- الحدّ من إنبعاثات الغازات الدفيئة و تطبيق الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية.
5- تحسين إدارة التربة وخصوبتها من خلال تحويل فضلات الحيوانات إلى غاز حيوي كمصدر بديل ومتجدّد الطاقة.


دكتور /محمد عسكر
مستشار التكنولوجيا وخبير أمن المعلومات





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى