تركت باقة من الورود في منزلي وسافرت بعيدا لعدة أيام. عدت من سفري اليوم مرهقا والقيت بجسدي المتعب على أريكة تمتص بنسيجها بعض آلامي وتداوي بملمسها الحريري شعوري بالتعب.
نظرت إلى باقة الورد التى تركتها في آنية الزهور وإذ بكل الورود قد طأطأت رؤوسها واستسلمت للموت او كادت. إلا هذه الوردة البيضاء ظلت منتعشة تبادلني النظر.
تعجبت من قدرتها على البقاء حية منتعشة دون الآخرين ونهضت بسرعة لكي احررها من ساحة الموت حولها فتخلصت من الآخرين وقصصت عنقها تحت الماء ووضعتها في كوب ماء جديد وأجلستها أمامي.
انتعشت اكثر ودبت فيها الحياة وهي تطالعني كما أطالعها. قلت لها في صمت ما سرك وكيف قاومتي الموت ولم تودعينا كرفاقكً.
أجابت في صمت أبقاني حب الحياة وشغف الأمل.
قلت لها يعجبني حديثك الصامت الرقيق والغامض ولكنى اود ان افهم اكثر يا وردتي الجميلة.
قالت كل رفاقي ظنوا انك سافرت ولن تعود ولن يجدوا من يغير ماء الاناء ويمدهم بالأكسجين وان الموت هو الخطوة القادمة فاستسلموا للموت. نمت بعض البكتريا التى اغلقت اوعيتهم الخشبية والتهمت انسجة اللحاء فأغلقت الأوردة والشرايين وتدنت اسباب الحياة حتى توقفت تماما.
قلت ولكن كيف نجوت انت من هذا الموت وانت في نفس الوعاء.
قالت كما ذكرت لك حب الحياة جعلني أقاوم الموت والأمل بأنك حتما ستعود كانا أدواتي في البقاء. كنت أضح في أوردتي وشراييني إكسير الحب للحياة ومقويات الأمل ولدينا نحن النباتات وخاصة الورود الجميلة مواد تنساب فينا كالماء تدافع عنا ضد الميكروبات وضد الجفاف وتكسبنا مناعة ان اردنا استخدامها.
قلت لها ولماذا لم يستخدمها الآخرون؟
قالت لكل ظروفه وأحواله ونحن الورود مختلفين فربما ترانا ورود لها نفس الشبه ولكننا من حقول مختلفة ومن نباتات مختلفة وكل منا مر بتجارب مختلفة لا تظهر علينا إلا في وقت الشدة. حتى وأنت في الحقل قد تجد نباتات صحية ومنتعشة وسط مجموعة كبيرة من النباتات المريضة بشدة. المرض حالة خاصة جدا مرتبطة بالظروف البيئية المحيطة بالنبات وبما يحتويه النبات من عوامل موروثة.
قلت لها أنت أكيد خريجة كلية الزراعة
قالت وتخصص بساتين كمان
ضحكت بشدة وضحكت الوردة وهي تقول هامسة: ولكن هناك حقيقة أخفيتها عنك وهي اني كنت اصغر الورود وتفتحت لأول مرة في بيتك.
قلت لها في كل الأحوال أسعدتني طلتك وانتظارك لقدومي وأملك في لقائي وارجوا ان تستمري معي ولو لبعض الوقت.
ابتسمت وردتي وقالت سأحاول ولكن الأعمار بيد الله.