بداية لايدعى احد منا مهما كان صلاحه انه بلا أخطاء او ذنوب لانه لاعصمة الا لنبى
لأنه إذا كان البشر كلهم معصمون. فلماذا الجنة ولماذا النار ولماذا الحساب .!
وكيف نفسر أيضا صفات الجلال لله عز وجل. واسمائه الحسنى الذى تقرر بانه غافر الذنب وقابل التوب ..فمن اسماء الحسنى انه التواب وانه هو العفو وانه هو الغفور ..وانه هو الرحمن وهو الرحيم ..فهذه الاسماء الحسنى والصفات الجليلة تثبت قدرة الله وعزته وقيومته …وانه لاراد لقضائه ولامعقب لحكمه فهو العزيز الحكيم …
لذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم (كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون)..
فكل منا له اخطاء وذنوب …لكن من رحمة الله انه سترها علينا ..
وقد اكد ذلك قول المسيح سيدنا عيسى عليه السلام (من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر) وهذه الكلمات رواها أحد الأناجيل عن المسيح (عليه السلام)، في قصة امرأة متهمة بالفاحشة، وأرادوا رجمها، وأرادوا أن يحرجوا المسيح بأن يشارك هو في رجمها، أو أن يقف موقف المعترض على شريعة موسى (عليه السلام). فقال لهم تلك العبارة، لما رآهم يتعاملون معها بقسوة المتعالي وبغلظة المتكبر الذى لا يخطئ… فلما قالها لهم، رجعوا، فلم يرجمها أحد، لأنهم قالوا لأنفسهم: من منا بلا خطيئة؟!
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله فيغفر لهم”.
وماأحوجنا جميعا الى ستر الله علينا ورحمته وعفوه وغفرانه .
ولأن الله رحيم بخلقه ..اكرمنا بمواسم للطاعات وعلى رأسها شهر رمضان المبارك ..فأوله رحمة واوسطه معفرة واخره عتق من النار ..يقول النبى صلى الله عليه وسلم “إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها، لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدًا”، ويقول تعالى “وتزودوا فإن خير الزاد التقوى”.
فشهر رمضان فرصة للتغير وتطهير النفوس والقلوب ، ومحطة لتجديد الايمان وتصحيح مسار أنفسنا للأفضل، ونعدّل عاداتنا إلى ما هو أجمل، ونرتقي بأخلاقنا إلى ما هو أعلى وأكمل.
وهو فرصة لنجدد العهد مع الله بالإيمان والطاعة، ونجدد أواصر المحبة والقربى مع أسرنا وأقاربنا وأحبابنا والناس ، ونجدد روابط الأخوة والتناصر والتلاحم مع أبناء أمتنا ومجتمعاتنا. وفرصة للارتقاء بالأخلاق والتخلص من العادات السيئة ؛ونعود للعائلة ازواجنا وأبنائنا ونصل رحمنا واحبابنا
،ونستعيد روابط المحبة والمودة ، ونمد جسور المحبة والتسامح، ونتجاوز عن خلافاتنا وشحنائنا، وينصر القوي أخاه الضعيف، ويعين الموسر أخاه المحتاج..
وشهر رمضان هو شهر الصيام
ليس عن الطعام والشراب فقط بل الصيام عن القبائح والخطايا والذنوب ..فهو من أعظم فرص التغيير لكل مايزعجك في ذاتك ..
وعندما شرع الإسلام،صيام رمضان لم ينظر إليه على أنه حرمان مؤقت من بعض الأطعمة والأشربة،
بل اعتبره العقلاء ..بأنه خطوة إلى حرمان النفس دائما من شهواتها المحظورة ونزواتها المنكورة يقول تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
فالغاية هى تقوى الله عز وجل
فلَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ، إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ أَوْ جَهِلَ عَلَيْكَ فَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ.
ولذلك ترك الطعام والشراب ليس هو مقياس القبول ..بل التغير النفسى والسلوكى والاقلاع عن العادات السيئة والذنوب هو المقصود ..يقول صلى الله عليه وسلم موضحا ذلك «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِى أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»
فمااجمل أن نجعل شهر رمضان شهر الطهارة والتطهير من الذنوب والخطايا والاثام، وتصحيح المسار الذى من اجله خلقه الله …
وافضل وسيله لتصحيح المسار هو الاعتراف بالذنب والاقلاع عنه والندم على اتيانه والعزم على عدم العودة اليه ..والاسراع فى التوبة .
وشهر رمضان بما فيه من اجواء طيبة وبركات يساعدك على التوبة من المعاصي والإقلاع عن السيئات، ويحفز على الالتزام بالواجبات والطاعات
ومن هنا رمضان هو شهر التغيير الفكري والنفسي،شهر تغيير بوصلة حياتنا من السلبية إلى الإيجابيه .
ومن ارتكاب المعاصى إلى فعل الطاعات رجاءا فى رحمة الله والعتق من النيران ..
ومن يأتى عليه رمضان ويمر بدون ان يحدث له تغير اجابى فأعلم ان هذا الشخص في الخسران المبين.
حيث الجو الملائم والتهيئة الربانية، وإقبال النفوس، والشياطين مصفده وابواب الجنة مفتحه …وابواب النار مغلقه ورحمات الله نازله
وهناك نداءات. يوميه يابغى الخير أقبل ..وياباغى الشر أقصر …
ولذلك خاب وخسر من ادرك رمضان ولم يغفر له..
والله يفرح بتوبة عبده ورجوعه اليه…ونحن بني آدم جبلنا على الخطأ والتوبة والاستغفار.
واياك ان تصدك نفسك المتكبرة والامارة بالسوء ان تعيد حسابتك
او تقنعك بأنك على صواب او انك لم تخطئ ابدا ..فهذه النفس كانت سببا فى هلاك ابليس وقارون ..
او يصدك حب الدنيا او غواية الشيطان . فالإنسان ابتلى بأربع قال عنهم الإمام الشافعى “إني ابتليت بأربع ما سلطوا إلا لشدة شقوتي وعنائي إبليس والدنيا ونفسي والهوى كيف الخلاص فكلهم أعدائي”
فاحرص على مراجعة نفسك ومخالفة هواها..واكثر من الاستغفار خاصة وانت صائم وأوقات السحر
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله فيغفر لهم”.
وقال النبي ﷺ :” إِنَّ الشيطانَ قال :وعِزَّتِكَ يا ربِّ! لَا أبْرَحُ أُغْوِي عبادَكَ مَا دَامَتْ أرْواحُهُمْ في أجسادِهمْ ..فقال الرَّبُّ – عزَّ وجلَّ – : وعزَّتِي وجلَالي؛ لَا أزالُ أغْفِرُ لَهم ما استغْفَرُونِي “.
فعلينا ان نستغفر ربنا مهما تعددت ذنوبنا حتى يمل الشيطان من غوايتنا…
وقال الربيع بن خثيم لأصحابه: ما الداء؟ وما الدواء؟ وما الشفاء؟ قال: “الداء الذنوب والدواء الاستغفار، والشفاء أن تتوب فلا تعود” …وقال الحسن: أكثروا من الاستغفار في بيوتكم وعلى موائدكم وفي طرقكم وفي أسواقكم وفي مجالسكم وأينما كنتم، فإنكم ما تدرون متي تنزل المغفرة”
نعم رمضان فرصة للتغيير ، فغير ما في نفسك مما لا يرضي ربك ، وتخفف مــن كــل ما يثقــل ظــهرك مــن الذنوب والآثام ، تجد توفــيــق الله لك وتـذكر بأن البداية من عندك يقول تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ }
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها ..
تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الاعمال ..
جمعتكم طيبة مباركة
ا.د / ابراهيم درويش