الدكتور ناصر أبو عرب يكتب : الأسماك بين الفوائد والأضرار
تعتبر الأسماك كما خلقها الله من المصادر الطبيعية الهامة للبروتين الحيوانى عالى القيمة الغدائية والذى يحتوى على الأحماض الأمينية المحتوية على الكبريت والدهون غير المشبعة الصحية التى تعمل على خفض مستوى الكوليسترول فى الدم وتقى من أمراض القلب.
ومن فوائد الأسماك : ـ
1ـ تحتوى على كمية ممتازة من البروتين وعلى جميع الأحماض الأمينية الأساسية وعلى سبيل المثال تحتوى الوجبة الواحدة من الرنجة على حوالى 25 جرام من البروتين مما يجعلها خياراً ممتازاً للرياضيين كما تساعد على حماية الجسم من زيادة الوزن حيث تحتوى على نسبة قليلة من السعرات الحرارية.
2ـ تحمى الجهاز الدورى لاحتوائها على مواد تدعم جدران الشرايين والأوردة وتخفف لزوجة الدم وتعمل على منع الجلطات ومن هذه المواد الدهون غير المشبعة التى تحسن صحة القلب.
3ـ تساعد على إفراز هرمون الغدة الدرقية (الثيروكسين) حيث تحتوى على تركيز جيد من مادة اليود.
4ـ تحتوى كذلك على عناصر الكالسيوم والماغنسيوم والسيلينيوم والكولاجين وكذلك على نسبة ممتازة من فيتامين ب المركب وفيتامين د اللازمة لصحة العظام وعلاجاً فعالاً للهشاشة والام المفاصل .
5ـ تحتوى على نسبة عالية من الفوسفور مثل الفسيخ الذى يزيد من الرغبة الجنسية لدى الجنسين ومهم كذلك لصحة العظام .
6ـ كذلك تحتوى على البوتاسيوم والحديد والزنك وكل هذه المعادن والفيتامينات لازمة لصحة الأعصاب وجهاز المناعة.
7ـ تحتوى على مضادات الأكسدة التى تحارب الجذور الحرة والإلتهابات وأخطاء نسخ الحمض النووى وبالتالى فهى طعام ضد السرطان .
8ـ تحتوى على نسبة عالية من الأوميجا 3 وتحتوى أسماك الرنجة بمفردها على نسبة أكثر من سمك السلمون والتونة فيحتوى كل 85 جرام من لحمها على 1.5 جرام من الأوميجا 3 والذى يزيد من قدرة المخ على الإستيعاب ويعزز المناعة ويقاوم الأمراض والكوليسترول وخافض للدهون الثلاثية بالدم وكذلك معزز لصحة المخ والذاكرة ومقاوم لمرض الزهايمر.
ومن أمثلة الأسماك الشعبية والتى يستهلكها المصريون بكثرة وبخاصة فى الأعياد وشم النسيم سمك الرنجة والفسيخ.
غير أن بعض المعاملات التى تستخدم لاطالة مدة حفظ وصلاحية هذه الأسماك وإضفاء نكهة وطعم مميز وشهى للأسماك قد تتسبب فى أضرارجسيمة على صحة المستهلكين ومن هذه المعاملات التمليح والتدخين.
أما التمليح فيتعرض له أنواع معينة من الأسماك ومنها سمك الهارنج الذى تصنع منه الرنجة وكذلك سمك البورى الذى يصنع منه الفسيخ .
أما الرنجة فيتم تمليحها قبل تدخينها ولكن بنسبة أقل من الفسيخ . وأما الفسيخ فيتم تمليحه بكمية كبيرة من ملح الطعام ويسمى تمليح الفسيخ بعملية التفسخ والغرض منها هو تحلل الأسماك لحفظها أطول فترة ممكنة وكذلك سهولة تناولها وجودة مذاقها.
ويصنع الفسيخ بوضع الملح فى الخياشيم ثم يرش على سائر جسم الأسماك ويترك فى الشمس لعدة ساعات أو يلف بالخيش ويدفن فى الرمال لمدة طويلة من إسبوعين الى حوالى شهر ونصف .
من أضرار عملية التمليح الشديد للأسماك :ـ
1ـ يتسبب الصوديوم الموجود بملح الطعام فى احتباس السوائل بالجسم ومن ثم تورم اليدين والقدمين فى حالة ارتفاع نسبته بالدم.
2ـ عسر الهضم والحموضة والانتفاخ والإسهال وتقلصات المعدة بل قد يصل الأمر الى سرطان المعدة.
3ـ إرتفاع ضغط الدم وفشل عضلة القلب والسكتة الدماغية وتصلب الشرايين .
4ـ أمراض الكلى وتكون الحصوات والإرهاق الشديد للجهاز البولى بسبب عملية طرد الصوديوم من الجسم عبر البول بصورة شديدة .
5ـ تسمم الحمل وبالذات فى الأشهر الأولى والأخيرة والتهاب الجهاز البولى والولادة المبكرة.
6ـ أثبتت الدراسات أن استهلاك الأطعمة ذات نسبة الصوديوم الكبيرة يرتبط بالإصابة بداء السكرى.
وأما التدخين فهو من أهم وأشهر طرق حفظ الأسماك ويستخدم لذلك أنواع معينة من الأخشاب لإحداث الإحتراق الحرارى غير الكامل ويحتوى الدخان على مواد تكسب الأسماك نكهة وطعم ولون مميز ومن هذه المواد الفينولات وحمض الكربوليك والأسيتالدهيدات وتعمل كذلك هذه المواد على تثبيط الميكروبات والفطريات وتشمل طرق التدخين :ـ
1ـ التدخين الساخن السريع
ويستخدم لتدخين سمك الرنجة حيث توضع الأسماك فى محلول ملحى لعدة ساعات ثم توضع على خشب التجفيف لمدة 1ـ2 ساعة ثم تدخن بعد ذلك لدرجة عالية قد تصل الى 140 درجة لمدة تتراوح من 10 دقائق الى ىساعة ونصف على حسب نوع السمك ولا تزيد فترة الصلاحية عن 3ـ4 أيام .
2ـ التدخين البارد البطيئ
وفيه يخلل السمك جيدا بملح الطعام لإخراج أكبر كمية من الماء ثم يدخن عند درجة 18ـ 26 درجة لمدة 2ـ4 أيام وتزيد مدة الصلاحية الى أكثر من 4 أشهر.
من أضرار عملية تدخين الأسماك :ـ
1ـ تتعرض الأسماك المدخنة للتلوث بجراثيم الليستريا مونو سيتوجينس والأيشيريشيا كولاى والسالمونيلا وكذلك بالفطريات المختلفة إذا وضعت دافئة وحفظت فى درجة حرارة الغرفة لفترات طويلة ما يؤهلها لتكون وسط مناسب للجراثيم والفطريات لإفراز السموم البكتيرية المختلفة وكذلك السموم الفطرية كالأفلاتوكسين والأوكراتوكسين المقاومة للحرارة والتى لها أثر تراكمى مسرطن بالجسم .
2ـ بينت الدراسات وجود علاقة بين استهلاك الأطعمة المدخنة وسرطان البروستاتا والقولون والمستقيم والبنكرياس والثدى وذلك وفقاً للمعهد الوطنى لأبحاث السرطان ويعود ذلك لبعض المركبات الحلقية الأمينية غير المتجانسة والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات PAHs المسببة للسرطان والتى تمتص من الأدخنة والقطران الناتج من عملية التدخين .
3ـ تحتوى على مادة النيتروزأمين الناتج من مادة نترات الصوديوم المضافة بغرض الحفظ وكذلك مادة البنزوبيرين الناتجة من التدخين وكلا المادتين يتسببان فى الأورام السرطانية الخبيثة.
ومن عيوب التمليح والتدخين كذلك فى الفسيخ والرنجة نموأنواع مختلفة من الميكروبات من أهمها بكتريا الكولوسترديم بوتيولينم اللاهوائية المتحوصلة والتى توجد كذلك فى المعلبات نظرا للظروف اللاهوائية وتؤدى الى تسمم البوتوليزم فتنمو هذه البكتريا والتى قد تكون فى أمعاء الأسماك وتنتج السموم إذا توافرت لها نسبة الرطوبة المناسبة مع نقص الأكسجين .
وهذا السم يتسبب فى التسمم الغذائى للمستهلك ولا يمكن غسله أوإزالته أوتخفيف أثره بالليمون أو الخل ولا يمكن التخلص منه عن طريق التجميد أوالتبريد أوالغليان أوالتدخين أو التجفيف أو التغليف المفرغ أوأى معاملة أخرى.
ويستهدف هذا السم الجهاز العصبى ويؤثر على عضلات التنفس فيسبب فشل الجهاز التنفسى والشلل بعد12 ـ72 ساعة من تناوله ويمكن أن يحدث قبل ذلك أو بعده ويسبب كذلك صعوبة فى البلع والتحدث وعدم وضوح الرؤية وهبوط حاد فى الدورة الدموية وضعف عام فى العضلات وغثيان وجفاف الفم وأعراض عصبية أخرى والتعافى من أثر هذا السم صعب للغاية وتكون الوفاة حتمية فى أغلب الأحوال.
ونادراً مايمكن التفريق بين السمك السليم والمسمم أما السمك الفاسد فيمكن التعرف عليه من خلال علامات الفساد المعروفة كوجود رائحة كريهة وفقدان لون الجلد اللامع ولزوجة محتويات التجويف البطنى وسهولة نزع القشور والتصبن والتعفن وغيرها من علامات الفساد.
كذلك من عيوب هذه المعاملات تكون الأمينات الحيوية نتيجة نزع مجموعة الكاربوكسيل من بعض الأحماض الأمينية بفعل انزيم ( داى كربوكسيلاز) الذى تفرزه بعض الميكروبات وتحول تركيبها الكيميائى فيتحول الهستادين الى الهستامين والتيروزين الى التيرامين وغيرها .
ويعتمد ذلك على طبيعة الأسماك والميكروبات الموجودة ووجودها غالباً مرتبط بوجود الفساد الميكروبى ويعتبر الهستامين من أكثر الأمينات الحيوية سمية فى الأغدية.
ولذلك يوصى باتباع بعض النصائح لتخفيف أضرار هذه المعاملات ومنها :ـ
1ـ وضع الفسيخ فى الفريزر لمدة ساعتين قبل الاستهلاك ووضعه فى ماء مغلى قبل الأكل مباشرة لتقليل الأملاح .
2ـ تناول الفواكه كالبرتقال والموز والكنتالوب الغنى بالبوتاسيوم لإخراج الملح الزائد وإدرار البول .
3ـ تناول الخضراوات بجانب الفسيخ والرنجة مثل الخس والخيار والطماطم والبصل والبقدونس واستخدام الليمون والخل لأنها أغذية مقوية للمناعة وقاتلة للبكتريا.
4ـ منع تناول المشروبات الغازية لأنها تزيد من احتباس السوائل وتمنع طرد السموم والأملاح.
5ـ شرب عصائر البرتقال والموز والليمون والسوائل الساخنة كالنعناع والينسون والزعتر والقرفة والكركديه والشاى الأخضر وشرب كميات كبيرة من الماء لطرد السموم والأملاح من الجسم.
6ـ الإبتعاد عن الأسماك المملحة والمدخنة والمعلبة قدر الإمكان واستبدالها بالأسماك الطازجة الطبيعية.
د. ناصر محمد محمد أبو عرب
باحث أول صحة الأغذية
معهد بحوث الصحة الحيوانية
معمل بنها