الدكتورة إيمان يونس تكتب : البروبوليس.. هدية من الله
قال تعالى…” وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ سورة النحل: 68-69…
هذه الأيات الكريمة من سورة النحل توضح بإيجاز وإعجاز سلوك وعادات هذه الحشرة الصغيرة المباركة التي وهبها الله سبحانه وتعالى من القدرة علي صناعة هذا الشراب المختلف الألوان, الذي فيه شفاء للناس, ما تعجز عنه البشرية مجتمعة. وهذه سنوات كثيرة مضت والعلماء من شتى البقاع والجنسيات يعكفون على دراسة نحل العسل ومنتجاته المختلفة وفى كل يوم يكتشفون الجديد والمبهر ويتسألون؟ كيف لهذه الحشرة الضئيلة الحجم الضعيفة البنيان أن تعمل بدقة عجيبة يعجز عن مثلها العقل المفكر سواء في بناء خلاياها, أو في تقسيم العمل بينها, أو في طريقة إفرازها للعسل المصفي،وبقية منتجات النحل التى لا تقل أهمية عنه، والجواب أنها الفطرة التي أودعها إياها الخالق, فهو لون من الوحي تعمل بمقتضاه وهي تتخذ بيوتها حسب فطرتها في الجبال والشجر ومما يعرشون.
وبالرغم من أن ما يُفهم ضمنيا من الآية الكريمة أن ما يخرج من بطون النحل هو العسل فقط ، إلا أن علماء النحل وجدوا أن هناك منتجات أخرى تخرج من بطون النــحل لا تقل أهميـة إن لم تكن تزيـــد فى بعض الأحيان فى التأثير العلاجى عن العسل مثل الغذاء الملكى وسُـم النحل وشمع العسل والصموغ التى تجمعها شغالات نحل العسل من الأشجار وتجلبها الى الخلية ثم تضيف اليها بعض الإفرازات التى تخرج من بطونها مثل العسل واللعاب فتُسمى بعد إضافة تلك الإفرازات إليها بروبوليس ( صمغ النحل ) فيصبح شافيا للناس من بعض الأمراض بإذن الله سواء استعمل بمفرده أو مضافا إلى مواد علاجية أخرى.
ما هو البروبوليس؟
اسم البروبوليس يونانى الأصل مكون من كلمتينPro)) وتعنى قبل أو امام، وكلمة ((Polis وتعنى المدينة أو الحصن فيصبح معناه دفاع المدينه وله عدة اسماء اخرى مثل العكبر ومسمار النحل وصمغ النحل.
البروبوليس ماده راتنجية حمضية لزجة لونها بنى مخضر تجمعها شغالات نحل العسل من بعض أجزاء الأشجار والأعشاب تخلطه شغالات النحل بشمع النحل وتستخدمه لسد الفتحات الموجودة فى الخلية ولصق حواف الخلية وتغطية أجسام الحشرات الميتة التى دخلت الخلية ولا تستطيع إخراجها لوقاية الطائفة من نمو البكتريا وفطريات العفن التى تسبب أمراضا عديدة للنحل.
ويقول الخبراء ان البروبوليس موجود منذ أكثر من 54 مليون عام واستخدمه الأنسان منذ الاف السنيين فى علاج الجروح والقروح ومضادا للألتهاب اللثه والام المفاصل.
ويعتبر البروبوليس من أقوى المضادات الحيويه الطبيعيه على الأطلاق لذلك زاد التركيز عليه فى الأونه الأخيرة وقامت العديد من الشركات بتعليبه وتقديمه للمستهلكين بسبب زيادة النشاط عليه لعلاج الأمراض المختلفة، خصوصا وهو يرفع من درجة مناعة الجسم ضد الأصابة بالعوامل الممرضة.
يعتبر البروبوليس هدية نفيسة من الله سبحانه وتعالى الى الأنسان لأنه يعتبر مادة واعدة فى العلاج والطب بفضل ما يحتويه من مواد فعالة.
وتكمن القدرة الشفائية للبروبوليس فى تنوعه والتناسق المثالى بين المواد الفعالة الموجودة به، وهناك حالات رائعة نجح فيها العلاج بالبروبوليس حيث فشلت برامج الطب التقليدى.
البروبوليس يحتوى على العديد من الفيتامينات A, B, C,E وحمض نيكوتينك والبتوسينيك كما يحتوى على أحماض أمنية مثل الأرجنين والبرولين والعديد من العناصر المعدنية التى لها دور حيوى فى العديد من التحولات الغذائية الخلوية كما يحتوى على احماض عضوية، أحماض فينول،أحماض أمنية، أحماض كافيك، سكريات معقدة، الدهيدات عطرية، كومارينات، فلافونيدات و فلافونات. ويختلف التركيب الكيميائى للبروبوليس تبعا للمصدر النباتي و الموقع الجغرافى، وقد وجد أن البروبوليس يحتوى على 55 % مواد راتنجية و 30 % شموع و 10 % زيوت إثيرية و 5 % فيتامينات ومعادن وبروتينات، وتلك المكونات غنية بالفيتامينات والأملاح المعدنية وعناصر نادرة مثل النحاس، المنجنيز، حديد، الزنك، الكوبلت، الرصاص، النيكل، الكروم، الفالديوم ، الباريوم، فضه، الومونيوم، سيلينيوم، ماغنيسيوم، ايتان وايتان.
وقد أثبتت الدراسات والأبحاث الحديثة فاعلية البروبوليس فى علاج الكثير من الأمراض وفاعليته كمنشط مناعى ودوره القوى فى الوقاية والحماية من عدد كبير من الميكروبات مثل البكتريا والفطريات والفيروسات، ومازالت الأبحاث مستمرة عليه لاكتشاف المزيد والجديد من خصائصه ومركباته. البروبوليس يحتوي على 300 مركب دوائي، وحوالي 80 مضادا لأمراض مثل السرطان، البكتيريا، الفيروسات، الأكسدة، تصلب الشرايين، ضغط الدم والقلب، الام المفاصل والعضلات، اضطرابات القناه الهضمية وقرح المعده، ومضاد للالتهاب والحساسية والأورام كما أنه منشط للكبد وواق للكلى، ومنشط مناعي، ويسهم في تخفيض الدهون الثلاثية والسكر من الدم، ويزيد البروتين في الكبد، لذا فمن الضرورى تطوير تقنيات جديدة لتحسين استخلاص البروبوليس المائى او الإيثانولى.
ونظرا لوجود العديد من الأساسيات النشطة فى البروبوليس فإن مفعوله ومجالات استعمالاته الطبية واسعه جدا فمثلا الفلافونيدات ( (flavonoids هى من المكونات السائدة فى البروبوليس والتى لها تأثيراتها العلاجية المتميزه. الفلافونيدات..لها تأثيرها على الشعيرات الدموية وعلى قوة ونفاذية الأوعية الدموية وتأثير مضاد للتجلط وعلى الجهاز الدورى بصفة عامة كما انها مزيده لإفراز العصارة المرارية ومنبه لإفراز الهرمونات الأنثويه ولها تأثيرات على الغدد الصماء الأخرى مثل الغده التيموسية والدرقية والبنكرياس والجاركلوية.
وقد اظهرت التقارير الطبية ان العلاج بالفلافونيدات كان فعالا فى حالات متنوعة وكثيرة مثل الحمى الروماتيزميه والأجهاد وضغط الدم العالى واصابات الجهاز التنفسى والبواسير وتليف الكبد كما ان لها ايضا تأثيرات مضادة للبكتيريا والفيروسات والطفيليات، فمن المعروف ان الفيروسات تكون موجوده داخل غلافها البروتينى وطالما يظل هذا الغلاف البروتينى سليم فإن الفيروس يظل محبوسا ولا يحدث أى ضرر أو أذى للكائن الحى الحامل لهذا الفيروس، ولقد وجد أن هناك إنزيم يعمل طبيعيا على هذا الغلاف البروتينى ويكسره ولكن الفلافونيدات تثبط هذا الأنزيم وبالتالى يظل الفيروس حبيسا داخل الخليه.
الفلافونيدات تعمل فى منع الحساسية، فهى تبطل انسياب مادتى الهستامين والسيروتونين اللذان يعتبران من هرمونات الأنسجة. الفلافونيدات تبطل بناء البروستاجلاندتيات (prostaglandis) والتى تسبب الأحساس بالألم كما أن لها دور قوى فى بناء الجهاز المناعى حيث انها تنبه كرات الدم البيضاء و lymphocytes داخليا لأنتاج الأنترفيرون وهو مادة البروتين الطبيعى التى عرفت اهميتها فى تقوية الجهاز المناعى. فلافونيدات البروبوليس تحفز كل من رد الفعل المناعى الخلوى والسائل ويمكن استخدامها كنوع جديد من محفزات المناعة فهى تعمل على تنشيط كرات الدم البيضاء من خلال التأثير على السيتوكينات المختلفة وتعمل على تنشيط العوامل المناعية الخاصة والعامه.
البروبوليس يحفز وينشط انتاج الأجسام المضادة فهو يزيد من نشاط وقدرة الخلايا البلعمية (الأكولة)، ينظم المناعة المتخصصة وغير المتخصصة، ويعمل كمحفز لنشاط خلايا القاتل الطبيعى(natural killer cells) ضد خلايا السرطان. البروبوليس له تأثير مثبط على تكاثر الخلايا الليمفاوية انطلاقا من دوره كمضاد للإلتهابات، وفى الدراسات المناعية، كانت أفضل النتائج التى لوحظت عند ما حقنت الحيوانات لفترة قصيرة بالبروبوليس.
يعتبر البروبوليس أقوى مضاد للأكسده فهو اقوى من فيتامين ه وفيتامين ج والبيتاكاروتين وذلك لأحتوائه على الفلافونيدات التى اثبتت انها أقوى مضاد للأكسده على الأطلاق وكذلك لاحتوائه بصفة خاصةعلى حمض الكافيك والفريوليك وغيرها من مركبات الفينول والتى تتميز بأن لها بعض التأثيرات المرغوبة ضد بعض الأورام. وقد زاد الأهتمام بحمض الكافيك والفريوليك بصفة خاصة بعد نتائج الدراسات الحديثةالتى اثبتت أن هذه المواد لها دور مهم فى تفادى الأصابة ببعض الأورام الناتجة من مادة النترات التى تحملها للجسم بعض العادات الغذائية الضارة.
وهكذا يحافظ البروبوليس على سلامة الخلايا الحية من التدمير الناتج من الشقائق الحره التى تحدث الألتهابات التى من اهم اعراضها الأجهاد المستمر، تصلب الشرايين، نقص المناعة، السكر، الانيميا، عدوى الرئه وكذلك السرطان. وقد أصبح البروبوليس امل جديد لعلاج الأورام السرطانية نظرا لما يحتويه من حمض الكافيك الذى ثبت ان له تأثير مضاد لنشاط السرطان، كما وجد ان العديد من الفلافونيدات فى البروبوليس لها تأثير مضاد لنشاط الخلايا السرطانية ومنع نمو الأورام. وهناك العديد من المواد المثبطة للسرطان تم عزلها من البروبوليس مثل الفلافونيدات وحمض الكافيك واستراته الفينولية ومادة جديده يطلق عليها سيلرودان ديتيربينات وارتبيلين س والتى لها تأثير قاتل للسرطان عن طريق وقف نشاط خلايا السرطان فى مرحلة الأنقسام.
وخلاصة تلك الدراسات قررت استخدام البروبوليس كنوع جديد من المنشطات الطبيعية لأنه يقوى جهاز المناعة الذى يتعامل مع كل مسببات الأمراض و المسئول عن الشفاء من كل الأمراض بإذن الله. وقد تجلت هذه الحقيقة العلمية فى الأيه الكريمة لعلنا نتفكر ونتدبر خلق الله سبحانه وتعالى ولعلهم يرشدون.
د/ ايمان ممدوح يونس
باحث بقسم الكيمياء الحيويه والسموم والنقص الغذائى
معهد بحوث الصحه الحيوانيه/ الدقى – مركز البحوث الزراعية – مصر