أخباردرسات وابحاثمقالات

الدكتورة رهام عبد الوهاب تكتب : “تلوث منتجات اللحوم والدواجن بالفطريات والسموم الفطرية”

تعتبر لحوم الدواجن من أهم الأغذية التي يحتاج إليها الإنسان لاحتوائها على العديد من العناصر الغذائية وفى مقدمتها الأحماض الأمينية الأساسية اللازمة لبناء الجسم وكذلك الفيتامينات والأملاح المعدنية الضرورية اللازمة لنمو الجسم. كما تعتبر هي المادة الخام لكل مصنعات اللحوم في مصر والتي تستخدم كمصدر للبروتين الحيواني للكثير من المستهلكين نظرا لانخفاض سعرها مقارنة باللحوم الحية .

ونظرا لتعرض منتجات اللحوم للتلوث بالعديد من الميكروبات مثل الفطريات وغيرها ,من مصادر مختلفة سواء كان مصدرها الحيوان نفسه أو من المعاملات التي تجرى له ابتداء من ذبحه وإعداده وتجهيزه حتى وصوله إلى المستهلك مما يؤدى إلى سرعة فسادها وتلفها نتيجة نمو وتكاثر الميكروبات التى تؤدى إلى حدوث التغيرات غير المرغوب فيها أو انتاج السموم، مما قد يسبب خطورة صحية على المستهلك .

تعد الفطريات احدي اهم الكائنات الدقيقة المجهرية التي من الصعب رؤيتها دائما بالعين المجردة , وعدم وجود علامات العفن علي الطبقة العليا من الغذاء المطهي او الأطعمة النيئة لا يعني انه خال تماما من النموات الفطرية لأنه غالبا ما تكون جذورها عميقة داخل المادة او المنتج الغذائي.والفطريات تشبه البكتريا مع كُبر حجمها عنها نسبياً في عدم القدرة على التغذية الذاتية، لذلك تنمو فوق المواد العضوية. وهناك نحو 50 ألف نوعاً من فطريات العفن منتشرة في البيئة (الهواء والماء والتربة)، وتتفاوت أضرارها بين تعفن المواد الغذائية من منتجات اللحوم وغيرها بمستودعات التخزين. أو التأثير علي جودة المنتج حيث تسبب تحلل البروتين والدهون فتقلل من القيمة الغذائية للمنتج. وتصل بعض أنواعها إلى حد إنتاج انواع مختلفة من السموم الفطرية وهي اقوي السموم المعروفة وقد تسبب أمراض خطيرة بتركيزات قليلة تصل الي اقل من 10 جزء من البليون و يرجع السبب في قوة السموم الفطرية إلى انها مقاومة للحرارة بدرجة يصعب التخلص منها بواسطة المعاملات الحرارية التقليدية المستخدمة في عمليات التصنيع و الطهي بالإضافة إلى انها تنتشر بسرعة من مستعمرات الفطر إلي الأغذية و لذلك فان إزالة الأجزاء المصابة بالفطر من الأغذية لا يؤدي الي التخلص الكامل من السموم الفطرية المتكونة في هذه الأغذية وأغلب السموم الفطرية عديمة الرائحة والطعم.

وتعرف السموم الفطرية أنها ناتج ايضي (تمثيل غذائي ) ثانوي لبعض انواع الفطريات السامة وهي مركبات مختلفة التركيب الكيميائي وقد ينتج الفطر الواحد اكثر من سم فطري و حاليا يوجد اكثر من 200 نوع من السموم الفطرية التي تسبب مخاطر صحية للإنسان و الحيوان وبعض هذه السموم لها تاثير تراكمي لا يظهر بسرعة بعد تناول الاغذية الملوثة بها والمشكلة الأخرى أنها ذات أوزان جزيئية منخفضة يتراوح  ما بين 100 –  697 دالتون لذلك لا تستحث الجهاز المناعي في الجسم لإنتاج إي أجسام مضادة كي يتم الكشف عنها ولا يوجد لها علاجات دوائية للحد من تأثيرها؛ وبذلك تشكل مخاطر صحية على مستوى العالم ومن ضمن أخطارها أنها تسبب تشوهات للأجنة أو تثبط المناعة أو تتلف للكبد أو مسببة  التهاب الجهاز التنفسي، أو التهاب الكلى أو الجهاز العصبي.

وتُعد الأفلاتوكسينات من أشد السموم الفطرية سمية وتنتجها بعض أنواع العفن (الرشّاشية الصفراء والرشّاشية الطفيلية) التي تنمو في التربة والنباتات العطبة والدريس والحبوب. وتشمل المحاصيل التي كثيراً ما تتضرر من أنواع الرشّاشية المتعددة، الحبوب (الذرة والذرة الرفيعة والقمح والأرز)، والبذور الزيتية (فول الصويا والفول السوداني وعباد الشمس وبذور القطن)، والتوابل (الفلفل الشيلي والفلفل الأسود والكزبرة والكركم والزنجبيل) والثمار الجوزية (الفستق واللوز والجوز وجوز الهند وجوز البرازيل). كما يمكن أن توجد السموم في لبن الحيوانات التي تتغذى على أعلاف ملوثة، في شكل أفلاتوكسينM1.  ويمكن أن تؤدي جرعات الأفلاتوكسين الكبيرة إلى تسمم حاد (التسمم بالأفلاتوكسين) وقد تهدد الحياة، وعادة ما يكون ذلك عن طريق إتلاف الكبد. وقد ثبت أيضاً أن الأفلاتوكسينات سامة للجينات، أي أنها تضر بالحمض الريبي النووي المنزوع الأوكسجين ويمكن أن تسبب السرطان في أنواع الحيوانات. كما تشير البيّنات إلى أنها قد تسبب سرطان الكبد في البشر.

وهناك مستويين للإصابة بالسموم الفطرية

أشارت العديد من الدراسات الى ان التعرض لجرعات عالية  (>6000) ملجم من سم الافلاتوكسين تؤدى الى التسمم الحاد وبالتالى له تأثير قاتل ، انما التعرض لجرعات صغيرة لفترات متعددة فيؤدى الى التسمم المزمن

  • الإصابة الحادة و التي تحدث نتيجة استهلاك تركيزات عالية من السموم الفطرية، مسببة التهاب الكبد والكلى ونزف أغشية الفم والأمعاء ويمكن أن تؤدي إلى الوفاة في بعض الأحيان.
  • الإصابة المزمنة و التي تحدت نتيجة استهلاك تركيزات منخفضة من السموم الفطرية لفترة طويلة ولا ينتج عنها أعراض مميزة ولذلك يصعب تشخيصها والعضو المستهدف هو الكبد فالسموم الفطرية تؤثر على الكبد بصورة كبيرة بحدوث خلل بعملية التمثيل الغذائى لكلا من الدهون والبروتين فهى ترسب الدهون على الكبد وتجعله كبد دهنى ومن ثم تؤدى الى تلف خلاياه وتليفها ومن ثم اصابة الكبد بالسرطان.

وبما أنه الى الان لا يمكن تلافى تلوث الغذاء من السموم الفطرية الافلاتوكسين حتى باستخدام اعلى التقنيات فى التصنيع الغذائى ولا توجد من الناحية العلمية طريقة تضمن خلو الغذاء والتى يمكن الاعتماد عليها وتحول دون وصول تلك السموم الى اغذيتنا.ولهذا السبب سمحت منظمة الFAD المعنية بالاغذية والدواء بتواجد مستويات محددة من سموم الافلاتوكسين فى الاغذية ، ومنظمة الفاو تقول ان ربع غذاء سكان العالم ملوث السموم الفطرية الافلاتوكسين …..مع العلم ان المستويات المقبولة منه فى الاغذية هى (20  ppm) اى عشرون جزءا فى البليون وهذا الحد الاقصى المسموح به من سموم الافلاتوكسين كلية(Total aflatoxins)

 

مصادر تلوث منتجات اللحوم بالفطريات والسموم الفطرية

  • يعد استخدام الكثير من التوابل التقليدية وغير التقليدية في منتجات اللحوم لإضافة نكهات مميزة من أحد اسباب تلوث منتجات اللحوم بالفطريات والسموم الفطرية ,حيث  يتم استيراد التوابل بشكل أساسي من البلدان النامية ذات المناخ الاستوائي وشبه الاستوائي ، حيث غالبًا ما تؤدي درجات الحرارة المرتفعة والأمطار الغزيرة والرطوبة  المرتفعة إلى تعزيز نمو الفطريات وتسهيل انتاج السموم الفطرية .
  • وقد تنتقل السموم الفطرية من غذاء الحيوان الى اللحوم والأغذية ذات الأصل الحيواني فيما يعرف بالتأثير المرحل.

كيفية الوقاية من تلوث الأغذية بالفطريات وسمومها:

  • لمنع حدوث السموم الفطريةفي منتجات اللحوم هو عدم استخدام المواد الخام الملوثة كما  يجب التحكم في نمو العفن بشكل فعال من خلال إتباع إجراءات الأمان الحيوي في منشآت تصنيع منتجات اللحوم.
  • الكشف عن السموم الفطرية الموجودة في الأعلاف بصفة دورية قبل تناول الحيوان منها وعدم وضعها للحيوان إذا ثبت إنها تحتوي علي كميات اعلي من الحد المسموح بها طبقا للمعايير الدولية الصادرة عن الهيئات والمنظمات المعنية بسلامة الأغذية في هذا الشأن.
  • استخدام مركبات مضادة للفطريات لتقليل العد الكلى للفطريات وبالتالي تقليل إنتاج السموم الفطرية.

د/ رهام محمد عبد الوهاب محمد

(باحث- صحة الأغذية – معمل الزقازيق) – مركز البحوث الزراعية – مصر 





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى