أخبارانتاج حيوانىمقالات

الدكتور محمد الأسيوطى يكتب : مخاطر تلوث الحليب ومشتقاته بالفطريات و السموم الفطرية

يعد التلوث الفطري للألبان ومنتجاتها من أهم القضايا التي تهدد صحة واقتصاديات العديد من الدول النامية ، خاصة تلك التي تفتقر إلى ظروف التخزين الجيدة ، حيث تؤثر على صحة المستهلك وتؤدي إلى أمراض مزمنة.  وقد أصبح الحليب ومشتقاته من الأطعمة المهمة للبالغين والأطفال بسبب قيمتها الغذائية العالية. يمثل أهم مصدر للكالسيوم والفوسفور لجسم الإنسان ، ويحتوي على جميع الأحماض الأمينية الأساسية ، وقد أظهرت الدراسات أن شرب الحليب يرتبط ارتباطًا وثيقًا بكفاءة الإنسان ، والذكاء ، وفقدان الوزن ، وغيرها من الظروف الصحية  ويمنع الأمراض المعدية ، وينظم نشاط التمثيل الغذائي ، ويحمي من ارتفاع الضغط الدموي ، ويزيد من الدهون المفيدة في الجسم ، وهشاشة العظام. نتيجة لذلك ، يتلوث الحليب ومنتجاته بالفطريات في مراحل مختلفة من الإنتاج ، يمكن أن يكون في مزرعة الألبان أو في المصنع أو حتى في منزل المستهلك ، بغض النظر عن نوع  الحيوان. وقد يتسبب الإنتاج الضخم للحليب ومنتجاته وطرق التصنيع المختلفة والظروف الصحية في إصابة المستهلكين بأمراض مختلفة والتسمم الغذائي ، مما يشكل خطرًا صحيًا عامًا على المستهلكين و يعتبر تلوث الحليب ومنتجاته بالسموم الفطرية  ضار جدا بصحة الإنسان وله تأثير سلبي على جودة وسلامة الحليب ومنتجاته ، لذلك يجب أن يكون الحد من ملوثات السموم الفطرية في الحليب ومنتجاته  أقل ما يمكن .

إن التلوث بالفطريات واحدة من أهم المشاكل التي تواجهنا في الوقت الحاضر لانتشارها الواسع في كل مكان من الطبيعة سواء في الغذاء أو الماء أو المحاصيل الزراعية والمنتجات الحيوانية التي تعد كجزء لا يتجزأ من غذاء الإنسان. فهي تشكل بذلك تهديداً لصحة الإنسان من جراء استهلاكه للسموم التي تنتجها بعض الفطريات خلال السلسلة الغذائية، إن الحليب ومنتجاته مما يتناوله الكبار والصغار فهو يعد أقرب الأغذية إلى الكمال، مع رخص ثمنه وأهميته كغذاء تتوفر فيه جميع الأحماض الامينية اللازمة لبناء الجسم، فتحتوي الألبان على ما يقرب من 10000 مادة مختلفة المصادر ما يزال الكثير منها غير معروف. بالإضافة إلى فائدته في تقوية المناعة في أجسامنا ضد الميكروبات لاحتوائه على مواد تساعد الجسم على تخليق جهاز المناعة في حديثي الولادة.

مشكلة تلوث الحليب الخام ومنتجات الألبان بالفطريات شائعة ، خاصة الفطريات التي تنتج سمومًا تعرف باسم الأفلاتوكسين ، وهي مركبات يمكن أن تسبب سرطان الكبد والنخر وتسلل الجلد وتشوهات الجهاز الهضمي واختلال وظائف الكائنات الحية. عملية جسم الإنسان. لم يشكل نمو الفطريات في الحليب ومنتجاته مشكلة صحية خطيرة حتى اكتشاف السموم الفطرية في الأربعينيات ، عندما أصبح وجود الفطريات يشكل تهديدًا كبيرًا لصحة الإنسان.

يرتبط تلوث الألبان ومنتجاتها ارتباطا وثيقا بصحة الإنسان ، حيث يمكن أن يؤدي في بعض الأحيان إلى الوفاة. من بين السموم الفطرية نواتج الأيض التي تسمى الفطريات الخيطية ، والتي تؤثر على الأنسجة الحيوية للإنسان والحيوان. يمكن أن يصاب الطعام بأنواع مختلفة من الفطريات التي تفرز مواد تسمى السموم الفطرية ، ومعظمها سام للإنسان والحيوان ، وقد تم توثيق العديد من حالات الأمراض البشرية والحيوانية عبر التاريخ. (يمكن أن ينتج التسمم عن تناول الأطعمة الملوثة بأنواع معينة من الفطريات ، وتختلف الأعراض حسب نوع السموم الفطرية التي تسبب التسمم) . (ومن أبرزها النزيف والقيء والغثيان والإجهاض وضعف الكفاءة الإنجابية لدى الرجال والنساء وانخفاض عدد المواليد وانخفاض الوزن عند الولادة وارتفاع معدل وفيات الأمهات).

ما هي السموم الفطرية :

وهي عبارة عن مركبات كيميائية سامة تفرزها أنواع من الفطريات التى تنمو على عليقة الحيوان ولها تأثير ضار علي الكائنات الحية عند الابتلاع . تنتج السموم الفطرية من قبل الفطريات المنتجة لها في كثير من الأحيان عندما يتعرض الفطر المنتج للسم الى ظروف غير ملائمة أو المنافسة على الغذاء والمكان

تعتبر السموم الفطرية واحدة من أقوى السموم المعروفة التي تسبب أمراضا خطيرة. وقد سمحت إدارة الدواء و الغذاء الامريكية بنسب من السموم الفطرية فى الغذاء لا تتجاوز 20 – 300  جزء في البليون ، و يرجع السبب في قوة السموم انها مقاومة للحرارة بدرجة يصعب اتلافها بواسطة المعاملات الحرارية التقليدية المستخدمة في عمليات التصنيع و الطهي و السبب الثاني انها تنتشر بسرعة من مستعمرات الفطر الي الالبان و منتجاتها وتعتبر الافلاتوكسنيات واحدة  من أشهر وأخطر أنواع السموم الفطرية الموجودة في الألبان ومنتجاتها ، وهناك 4 أنواع منها. ( ب 1 ، ب 2 ، م 1 ، م 2) التى تسبب سرطانات الكبد والكلى.

بسبب مشكلات سلامة الحليب التي يسببها أفلاتوكسين M1، يحظى الأفلاتوكسين بأكبر قدر من الاهتمام مقارنةً بجميع السموم الفطرية في منتجات الألبان. يتفكك الأفلاتوكسين جزئيًا في الكرش ويتحول الجزء المتبقي بيولوجيًا في الكبد إلى أفلاتوكسين M1، الذي يظل متوفرًا حيويًا وسامًا وللأسف قد ينتقل إلى الحليب.

و عادة ما تتلوث الألبان ومنتجاتها بالفطريات وسمومها بطريقة مباشر وذلك  بنقل الفطر السام إلى الألبان ومنتجاتها. أو قد يحدث التلوث بطريقة غير مباشر نتيجة لسوء ظروف التصنيع وسوء النظافة وسوء عمليات التطهير ونقص النظافة الشخصية والصحة العامة التي ينتج فيها الفطر و السموم الفطرية التي تنتقل إلى الألبان ومنتجاتها وتتلوث بها.

مخاطرالتلوث بالسموم الفطرية للألبان و منتجاتها علي الصحة العامة:

تنقسم السموم الفطرية إلى الفئات التالية وفقًا للضرر الذي تسببه:

  • سموم ذات تأثير سام علي الكبد ، تؤدي الي إصابة الإنسان بمختلف أنواع السرطانات وخاصة سرطان الكبد مثل الأفلاتوكسين.
  • سموم ذات تأثير سام علي الكلى مثل السترين والأوكراتوكسينA التي تعتبر من السموم الفطرية الخطيرةعلى صحة الانسان التي لها تأثيرات مختلفة فهي بالدرجة الاولى سموم كلوية  تسبب الفشل الكلوي، وسرطان الكلى .
  • سموم ذات تأثير سام علي القلب مثل حمض الكاروليك.
  • سموم ذات تأثير سام علي الجهاز الهضمي مثل سموم الباتولين و الدييوكسي نيفالينول والنيفالينول وسموم T2 وHT2، والفيومونسنات . التي تسبب إضطراب مستمر في المعدة. – إنتفاخ في البطن. – فقدان الشهية. – التقيؤات المتكررة. – تقلصات في البطن. – حمى وصفار الجلد والعينين. – تورم البطن، وتضخم الطحال والكبد. – نزف من الجهاز الهضمي. – إصابة بالغيبوبة.
  • السموم الجنسية ذات التأثير السام علي الاعضاء التناسلية و الخصوبة مثل الزيارالينون الذي يأثر على الهرمونات مثل الإستروجين و يسبب العقم .
  • سموم ذات تأثير سام علي الجلد مثل التريكوثيسينات ( الدييوكسي نيفالينول والنيفالينول وسموم T2 وHT2، والزيارالينون والفيومونسنات). و تعتبر سموم التريكوثيسينات شديدة الخطورة و السمية علي البشر، حيث تسبب تهيج سريع في الجلد و الصدفية.
  • السموم العصبية ذات التأثير السام علي الجهاز العصبي مثل الافلاتوكسينات.
  • السموم الرئوية ذات تأثير سام علي الجهاز التنفسي و الرئة مثل ايبوميانول.
  • السموم المطفرة مثل البنيسيليك الذي يتسبب في حدوث طفرات وراثية وتشوهات خلقية .
  • سموم تسبب تشوهات خلقية مثل الاوكراتوكسين.
  • سموم تسبب النزيف مثل الديسيتوكسين.

الأمراض التي تسببها السموم الفطرية:

تسبب السموم الفطرية العديد من الأمراض والمشاكل لدى الإنسان ، ويمكن أن تصل هذه الأمراض إلى الموت أهم هذه المشاكل الصحية هي :

– أعراض الحساسية: يحدث هذا بسبب معظم الأنواع المنتجة للسموم ، والأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة أو الذين يعانون من الحساسية بسبب مشاكل وراثية يعانون بشكل سيء عند تعرضهم للسموم الفطرية ، وتكون هذه الحساسية مصحوبة بالحمى وسيلان الأنف مع التهاب الجيوب الأنفية ومشاكل في التنفس ، ويمكن أن تكون هذه الأعراض مؤقتة أو مزمنة.

– الإصابة المرضية: بعض أنواع السموم الفطرية مسببة للأمراض بطبيعتها ، ومن أمثلة الأجناس التي تنتج هذا النوع من السموم aspergillus, fumigatus, histoplasma

– المشاكل التي تسببها رائحة الفطر: يعرف الفطر برائحته المميزة ، والتي يمكن لبعض الناس تمييزها ، ولكن هذه الرائحة كريهة لدرجة أنه عندما يشم الشخص ، فإنه يسبب أعراض الصداع والقيء والإغماء والربو.

– الأمراض السامة: تنتقل السموم إلى جسم الإنسان عن طريق الاستنشاق من الهواء أو تناول الطعام أو عن طريق الجلد ، مما قد يسبب بعض أمراض الجهاز التنفسي – أمراض الجهاز الهضمي – أمراض الجهاز التناسلي وبعض الأمراض الخطيرة للغاية ، مثل السرطان والكبد والفشل الكلوي.

 طرق الوقاية للحد من تلوث الالبان و منتجاتها بالسموم الفطرية:

  • الاهتمام بمخازن الاعلاف من حيث درجة الحرارة و التهوية .
  • توفير إمدادات نظيفة خالية من الفطر والسموم من مصادر موثوقة.
  • معالجة الحبوب ببعض مضادات السموم الفطرية كالاحماض العضوية مثل حامض الخليك و الفورميك.
  • اتباع برنامج الوقاية أثناء زراعة بعض المحاصيل في الحقل مثل الفول السوداني.
  • تثقيف المستهلكين حول مخاطر مثل هذه الأنواع من الفطريات.
  • مراقبة جودة الحبوب المستوردة من الخارج والتأكد من عدم وجود عدوى فطرية.
  • – تعد الإدارة الجيدة للسيلاج أمرًا ضروريًا لتجنب نمو المزيد من الأعفان ، ومن ثم منع إنتاج السموم الفطرية. ويُنصح بالاستخدام المنتظم لمقيدات السموم الفطرية ومبطلات مفعولها. من الضروري إدارة مخاطر السموم الفطرية بشكل سليم لتجنب الخسائر غير المتوقعة والحفاظ على الإنتاج العالي للقطعان الحلوبة.
  • – تطبيق أفضل الممارسات مثل الممارسات الزراعية الجيدة (GAP ) و ممارسات التصنيع الجيدة   GMP و الهاسبHACCP بعد إجراء تقييم مناسب للمخاطر .

الخلاصة

يشكل تلوث الالبان و منتجاتها والاعلاف بالسموم الفطرية خطرا” علي صحة الانسان و يأثر ذلك سلبيا” علي جودة و سلامة تلك الالبان و منتجاتها, لذا يجب ان تكون حدود ملوثات الالبان و منتجاتها و الاعلاف من السموم الفطرية منخفضة بقدر ما يمكن تحقيقة بصورة مقبولة بما لا يتجاوز الحدود الآمنة المسموح بها طبقا” للمواصفات القياسية العالمية و ذلك من خلال تطبيق أفضل الممارسات مثل الممارسات الزراعية الجيدة (GAP ) و ممارسات التصنيع الجيدة ( GMP) و الهاسب (HACCP) بعد إجراء تقييم مناسب للمخاطر .

المراجع:

Garnier, L.; Valence, F.; Pawtowski, A.; Auhustsinava-Galerne, L.; Frotté, N.; Baroncelli, R.; Deniel, F.; Coton, E.; Mounier, J. 2017. Diversity of spoilage fungi associated with French dairy products. Int. J. Food Microbiol. 2017, 241, 191–197.

Hjartaker A, Lagiou A, Slimani N et al .2002. Consumption ofdairy products in the European Prospective Investigation intoCancer and Nutrition (EPIC) cohort: data from 35,955 24-hourdietary recalls in 10 European countries. Public Health Nutr5:1259–1271.

Makum, H. A., S. T. Anjorin, B. Moronfoye, F. O. Adejo, O. A. Afolabi1, G. Fagbayibo, B. O. Balogun and A. A. Surajudeen. 2010. Fungal and aflatoxin contamination of some human food commodities in Nigeria . African Journal of Food Science,4: 127-135.

Montagna, M.T.; Santacroce, M.P.; Spilotros, G.; Napoli, C.; Minervini, F.; Papa, A.; Dragoni, I. 2004. Investigation of fungal contamination in sheep and goat cheeses in southern Italy. Mycopathologia 2004, 158, 245–249 .

Vacheyrou, M., A. C. Normand, P. Guyot, C. Cassagne, R. Piarroux, and Y. Bouton. 2011. Cultivable microbial communities in raw cow milk and potential transfers from stables of sixteen French farms. Int. J. Food Microbiol. 146:253–262.
Williams JH, Phillips TD, Jolly PE, Stiles JK, JollyCM, Aggarwal D, 2004. Human aflatoxicosis indevelopingcountries: a reviewof toxicology,exposure, potential healthconsequences, andinterventions.Am J Clin Nutr.80: 1106-1122.


 د/ محمد سعيد الاسيوطي                                                                                              

باحث أول صحة و سلامة الاغذية

 بمعهد بحوث الصحة الحيوانية بدمنهور – مركز البحوث الزراعية – مصر.





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى