مصطفى خلاف يكتب : تنفيذ توجيهات الرئيس السيسى بتطوير مركز البحوث الزراعية تبدأ من هنا
لا شك أن قطاع الزراعة من أهم القطاعات التى تحمل على عاتقها ليس فقط مهمة تأمين وتوفير الغذاء ، ولكنه هو القطاع الأهم من بين قطاعات الدولة قاطبة .. فمصر دولة زراعية فى المقام الأول ويمكن أن تنطلق إلى فضاءات رحبة من التطور والتحديث والنهضة إذا أحسنت استغلال مواردها الزراعية ورفعت من القيمة المضافة لمنتجاتها الهائلة .. نظرا لتنوع الأنشطة القائمة عليه من انتاج وتصنيع زراعى وفرص عمل وغيرها الكثير ..
ويقع مركز البحوث الزراعية فى قلب هذا الحلم ، خاصة أن تطويره يحظى بأهمية كبيرة لدى الرئيس عبد الفتاح السيسى ، وجاءت توجيهاته واضحة فى أكثر من لقاء من بينها الاجتماع الذى تم تنظيمه فى سبتمبر 2021 بحضور رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى وعدد من الوزراء المعنيين بينهم وزير الزراعة لمتابعة جهود تطوير وتحديث مراكز البحوث الزراعية على مستوى الجمهورية .
ويعد البحث العلمى الزراعى هو ركيزة أساسية للنهوض بهذا القطاع الحيوى لأنه الطريق والأمل الوحيد لتعظيم العائد من وحدة المساحة والمياه ، وبدونه لن يكون لدينا بحوث ومعاملات قوية لزيادة الإنتاجية الفدانية والتوسع الرأسى خاصة فى ظل تحديات المياه الكبيرة التى تعيشها مصر .. ومركز البحوث الزراعية الذى أنشأ بالقرار الجمهوري رقم 2425 لسنة 1970 ويخضع لقانون الهيئات العلمية رقم 69 لسنة 1973 والقانون 49 لسنة 1972 ( قانون تنظيم الجامعات المصرية وتعديلاته ) هو المظلة التى تضم أفضل الكوادر من الباحثين والعلماء الذين يعملون لتحقيق هدف تأمين احتياجات مصر من الغذاء والنهوض بهذا القطاع الحيوى
ويضم مركز البحوث الزراعية حوالى 16 معهدا علميا بحثيا كبيرا تعمل في مختلف العلوم والأبحاث الزراعية الحديثة في مجالات الأراضي والمياه – والمحاصيل الحقلية والمحاصيل السكرية والمحاصيل البستانية ( الخضر والفاكهة والزينه والأشجار الخشبية ) – وبحوث الأمراض والحشرات والميكنة الزراعية والهندسة الوراثية الزراعية وبحوث الإرشاد الزراعي والاقتصاد الزراعي وبحوث الإنتاج الحيواني وصحة الحيوان والامصال واللقاحات وغيرها بالإضافة الي حوالي عشرة معامل مركزية كبيرة في حجم المعاهد تعمل في مجالات علمية تطبيقية متنوعة مثل الثروة السمكية وإنتاج وتطوير زراعة النخيل والمناخ وبحوث الحشائش والتحليل الإحصائي وتصميم التجارب الزراعية وغيرها ..
ماذا يجرى داخل مركز البحوث الزراعية ؟
بالنظر إلى واقع وحال مركز البحوث الزراعية وما يجرى على مستوى تعيين القيادات فى المعاهد المختلفة ، نجد أن الأمر يحتاج إلى تطبيق المزيد من قواعد الحوكمة والعودة إلى قانون تنظيم الجامعات الذى من المفترض أنه يحكم ادائه فى هذه النقطة ..ولا يخفى أنه قد بات تعيين هذه القيادات خصوصا مدير المعاهد وو كلائهم وكذلك المحطات البحثية المنتشرة فى ربوع مصر هو الملف الذى يحظى بعلامات استفهام وتساؤلات كثيرة من جميع المهتمين بهذا الأمر من البحوث و الجامعات والمهتمين بالقطاع الزراعي لأنهم علي دراية بمن يتم اختيارهم و من يتم إقصائهم رغم عنصر الكفاءة المعتبر الذى يتمتع عدد كبير منهم .
ومن هنا يبقى السؤال الذى سيظل يطرح نفسه ..لماذا لا يتم تطبيق المعايير الخاصة بتعيين عمداء الكليات حيث تتبع قانون تنظيم الجامعات و البحوث علي تعيين مديري المعاهد الخاصة بمركز البحوث بدلا من اقتصار الأمر علي ترشيح مدير المركز فقط ، وفي ورقة تُدس بين ضفتي مظروف دون اعلان مسبق يسمح بتقدم من يرى نفسه ومؤهلاته قادرا على تولى هذا المنصب .. الوضع الحالى هو أشبه بتبادل الكراسي من نفس الصندوق غير الخلاق .
اللافت للنظر أن وكلاء المعاهد يبقون ابد الدهر لا يتم تغيرهم كل 3 سنوات طبقا لقانون تنظيم الجامعات و البحوث ويتم تصعديهم في بعض الاحايين الي مديري معاهد و بمبدأ “هذا ما إلفينا علية إبائنا “و لا نسمح بأى تطوير أو تحديث
والحديث عن مركز البحوث الزراعية يأخذنا بطبيعة الحال إلى صناعة مهمة وهى “صناعة التقاوى ” .. هذا القطاع الذى بدأ عملاقا وقويا وشامخا( كما يقول الدكتور حمدى المرزوقى أحد علماء مركز البحوث الزراعية ضمن احد مقالاته المنشورة فى “بوابة الزراعة ) وكان اسما علي مسمي ..وشهد ازهي عصوره ايام بعض القيادات الناجحة والقوية مثل ا.د عبدالرحيم شحاتة ( الجنرال المدني ) وايضا المرحوم م. ابراهيم شتا ..ثم دارت به الايام مع تقلص الميزانية ووجود قيادات ضعيفة ..فاصابه الضعف والهوان وخاصة مع تقلص شديد في الميزانية وعدم وجود الكوادر الشابة المبشرة ..ولهذا فإن الأمر يحتاج الي سرعة الإصلاح في اختيار القيادات الجادة والكوادر الشابة وتحسين الميزانية حتي يسترد عافيته علي وجه السرعة وليس إطلاق( رصاصة الرحمة ) علية ..الإصلاح المالي والإداري مطلوب …ويكفى أن نعلم أن ميزانية مركز البحوث الزراعية قد تناقصت من حوالي 500 مليون جنيها الي اقل من عدد اصابع اليد الواحدة في السنوات الأخيرة…. )
سياسة التمكين و”درونة” مركز البحوث
ما اتحدث عنه لاحقا ربما يتسبب فى غضب البعض ، ولكنها الحقيقية التى تكشفها متابعتى لقطاع الزراعة على مدى أكثر من ربع قرن .. من هنا أجد أن “الدرونه” هى المصطلح الأكثر تعبيرا فى تقديرى لتفسير ما يجرى داخل مركز البحوث الزراعية .. و”الدرونة ” هنا تعنى جعل قيادات مركز البحوث و قطاعاته من قسم بحوث الذرة سواء شامي أو رفيع ” ، ولا أعرف هل ما يجرى هدفه ” تمكين” الباحثين فى هذا التخصص بحيث تكون الأولوية لبحوث الذرة “درة ” ، مع تقديرنا بالطبع لهذه الشريحة من علماء مركز البحوث الزراعية .. على حساب محاصيل استراتيجية أخرى لا تقل أهمية
وإذا كانت الأفضلية للمتخصصين فى بحوث” الدرة ” فلماذا لا نجد انجازات قوية وفعلية على أرض الواقع .. ولماذا نجد معظم مساحة الذرة في الجمهورية من إنتاج شركات الذرة الخاصة مثل بانوير و هاي تك وكورتيفا…. الخ
ولماذا وصلت شيكاره الذرة الهجين ثلاثة اربعات لشركه بايو نير زنه 7 كجم إلى أكثر من3000 جنيها ومع ذلك يلهث وراءها المزارع .. ؟
نجن بدورنا فى “بوابة الزراعة ” نتلقى استفسارات وتساؤلات كثيرة عن هجين الذرة للشركات ، فأين دور معهد البحوث الحقلية والادارة المركزية لانتاج وتوزيع التقاوى ؟
مصر تزرع سنويا – وفقا للبيانات المتاحة – نحو 400 ألف فدان ذره رفيعه في الصعيد .. فهل سأل قيادات مركز البحوث الزراعية ” المعنيين” أنفسهم كم كميه التقاوي التي يتم توزيعها من هجن قسم بحوث الذرة الرفيعة مقارنه بالهجن المستوردة ؟؟ .. وسلامي للهند !! و لا ننسى تقاوي عباد الشمس الصيني
تقاوى البصل أكثر عجبا :
الأكثر عجبا كم من تقاوي البصل يتم توزيعها من معهد المحاصيل مقارنه بالآخرين .. وهذه أمور اعتقد أنها لم تُعرض بشكل موضوعى أمام السيد القصير وزير الزراعة .. فمنذ عام 2021 وصل سعر كيلو البصل التقاوي 1200 جنيه يعني الطن مليون و200 ألف جنيه .. والسؤال : كم وزع معهد المحاصيل من هذه التقاوى ؟؟؟
وعلى رأى أحد الباحثين المحترمين وهو فى نفس الوقت من القامات العليمة التى تفخر بها مصر عندما قال لى أنه لم يتبقى سوى أن يتولى أحد الباحثين من تخصص بحوث “الدرة” شئون محطات الإنتاج الحيواني فهم ” أسيادنا” لأنه يمثل المكون الأساسي للعلف !!
ما ذكرته سابقا أتمنى أن يكون محل تقدير ونظر من جانب وزير الزراعة السيد القصير ، على اعتبار أن النهج الحالى الذى يسير عليه مركز البحوث الزراعية يجعلنا أكثر خوفا علي واقع ومستقبل البحث العلمى الزراعى ويرفع من سقف الاحباط والسخط فى أوساط الباحثين الشباب ومن لديهم قدرات وخبرات ينتظرون فرصة توظيفها لخدمة مصر .
فى النهاية نأمل أن يكون هذا المقال بداية لتحريك المياه الراكدة ونشر مقالات أخرى من جانب علماء مركز البحوث الزراعية للحديث عن واقع ومستقبل هذا المركز البحثى المهم ، سواء تضمنت وجهات نظر تتفق أو تختلف مع ما طرحناه لأن غايتنا جميعا الإصلاح ورفعة شأن الوطن .. والله المستعان
كاتب صحفى متخصص فى الشأن الاقتصادى وشئون الزراعة والمياه – رئيس تحرير “بوابة الزراعة ” – مصر