الدنيا .. كلها ابتلاءات.. ومحن .. وفتن . ليست على حال واحد .. افراح واتراح ..وهموما وأحزان
ولم ينجوا من الابتلاءات أحد
ويبتلى المرأ على قدر إيمانه..
ولذلك كان الانبياء أشد الناس ابتلاءا . بل كان أولوا العزم من الرسل ابتلائهم اشد من غيرهم من إخوانهم الانبياء .
.
فقد ابتلى سيدنا يوسف عليه السلام …وكان ابتلاؤة من اخوته ..فقد رماه إخوته فى غيابات الجب ..وبيع فى سوق الرقيق ….لمحبة أبيه له . فتآمروا عليه إزاحة له من طريقهم حسدا حتى يخلوا لهم وجه أبيهم ويباع الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم الخليل بثمن بخس.
لذلك لاتتعجب
أن يبيعك اقرب الناس اليك إذا اختلفت مصالحهم معك مهما كان درجة صلاحك ونقائك .ومعدنك واخلاصك لهم ..
وابتلى خليل الرحمن سيدنا إبراهيم عليه السلام بأن القى فى النار لكلمة حق نطقها … أمام النمرود ..
ولذلك لاتتعجب من انقلاب الحال إذا قلت كلمة لاتعجب دعاة الباطل ..والفاسدين فكلمة الحق مرة .. .فلو استطاعوا أن يحرقوك أو يحرقوا سمعتك لما ترددوا لحظة ولن يراعوا فيك إلا ولاذمة
وابتلى سيدنا نوح عليه السلام بالسخرية منه وعدم الاستجابة لدعوته حتى قال رب إنى دعوت قومى ليلا ونهارا فلم يزيدهم دعائى الا فرارا … وإنى كلما دعوتهم استغفر لهم جعلوا أصابعهم فى آذانهم ..
لذلك لاتتعجب عندما ترشد الناس إلى طريق الصواب وتدلهم عل الخير ومع ذلك لابستمعون الا لأصوات أهل الباطل وبدلا من يتبعوك يسخرون منك ويشوهون سيرتك حتى تصبح غريبا بينهم .
وابتلى سيدنا موسى بعدة ابتلآت منها أنه اتهم بالسحر بينما السحره الحقيقيون مكرمون وكان لهم الحظوه والمكانه
ولذلك لاتتعجب أن تجد الذين يأكلون عل. كل الموائد بسحر الكلمات الموهوبين بالنفاق يستطيعون أن يعموا البصائر. والقلوب بأفعالم وأقوالهم فأخذوا اماكن ليس لهم حق فيها .
وابتلى سيدنا. محمد ﷺ فى أن فقد كل ابنائة فى حياته إلا ابنته السيدة فاطمة توفت بعده بست شهور .وطعن فى عرضه فى زوجته السيدة عائشة الشريفه بنت أبى بكر الصديق رضى الله عنه وكذب صلى الله عليه وسلم وهو الصادق الامين ورمي بالحجارة حتى دميت قدماه الشرفتين وكسرت رباعيته وهو اكرم خلق الله على الله …
فلا تتعجب إذا كذبت واغتبت وأوذيت فى عرضك وفقدت اغلى الناس ..عليك ..
وهل ننتظر بعد ابتلاءات الرسل وهم صفوة الله من خلقه أن تحنوا علينا الايام .. أو تضحك لنا الدنيا ….
فمعلوم أن الدنيا إذا حلت أوحلت و إذا جلت أوجلت و إذا غلت أوغلت و إذا كست أوكست و إذا أينعت نعت و إذا أوشكت شكت و إذا أقبلت بلت .. و كم من عاشق عاش في سلامات فلما سلا مات .. و كم من ملك رفعت له علامات فلما علا مات .. و كم من القبور تبنى و ما تبنا.
ياليتنا تـُبنا من قبل أن تـُبنى.
يقول الله تعالى. ..(ألم .. أحسب الناس أن يتركوا أن يقولو آمانا وهم لا يفتنون )
ومع كل الخطوب والابتلاءات ليس لنا إلا الصبر والتقوى وتفويض الأمر لله .
يقول تعالى (فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل )
بالصبر تبلغ ماتريد .. وبالتقوى يلين لك الحديد .. وبحسن التوكل عليه .يجعل لك من كل ضائقة مخرجا ..
واعلم أن الأيامُ جندٌ من جنودِ اللهِ ، يداولها بين النَّاس، ليُرِيَ خلقَه أنه لا يبقى أحد على حال واحد الا هو سبحانه .. فهو الذى يغير ولا يتغير يقول تعالى (وتلك الأيام نداولها بين الناس ) ..
وعل قدر صبرك ورضاك على الابتلاءات تأتى المنح والعطايات .
فقد أصبح سيدنا يوسف عليه السلام بعد محنته على خزائن الارض وسجدت له إخوته .
و فرعونُ الذى تجبَّرُ وقال ﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي﴾فأدار اللهُ الزمان ثم أجرى الماء من فوقه
و النمرودُ الذى أراد حرق سيدنا ابراهيم بالنار وكان يقولُ ﴿أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ﴾
فأدار الله الزَّمان ثم أرسلَ له بعوضةً دخلت فى رأسه فكان لا يهدأ إلا إذا ضربه على رأسه بالنعال، أولئك الذين كانوا يسجدون له بالأمس كإله ! وهكذا ليعتبر من يتعالى أو يتجبر.
وكما خرج النبيُّ ﷺ من مكة تحت جنحِ الظلامِ بعد تآمرت قريش على قتله بأن أخذتْ من كل قبيلةٍ رجلاً ليضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه بين الناس
فأدار الله الزمان، ثم أعاد نبيّه إلى مكة فاتحاً في عزِّ الظهيرة!ورفع له ذكره …
ولله حكمة الله في تقليب الزمان!
والأيام، يجريها من خلقها بين خلقه، تارة صحة وتارة مرض،تارة غنى وتارة فقر،
تارةً فرح وتارة حزن، تارة عطاء وتارة سلب
حتى لا يغترَّ قوي ولا ييأس ضعيف،
ولا يتجبر غني ولا يقنط فقير،
ثم إنه يرمي الناس بسهام قدره،
فكُنْ في كل أحوالكَ بجانبِ الرَّامي تنجُ!..
اللهم أفرغ علينا صبرا واملأ قلوبنا بك حبا وايمانا .. وتوفنا بكرمك مسلمين ..وارزقنا تقواك ورضاك يارب العالمين
وصلى اللهم وسلم على المبعوث رحمة للعالمين ورسل الله أجمعين ..
جمعتكم طيبة مباركة ..
ا.د / ابراهيم حسينى درويش
المرشح على منصب رئيس الاتحاد الإقليمى للجمعيات والمؤسسات الأهلية بالغربية .