أخبارخدماتشركاتمجتمع الزراعةمشروعكمقالات

الدكتور عوض محمد يكتب : المعاملة الأنسب لمكافحة الفاروا فى خلايا النحل

كل طوائف نحل العرب مُبتلاةٌ بالڤاروا. أياً كانت دولتك من المحيط إلى الخليج، وأياً كان نوع السلالة التي تربيها والخلية التي تتخذها مسكناً لنحلك، وأياً كانت ممارساتك النحلية في إدارة نحلاتك، وأياً كانت خبراتك ومهاراتك العلمية والعملية بشئون النحل والڤاروا. لا بد أن الڤاروا موجودة في كل خلية من خلاياك التي تنحل وتعسل فيها!

الاختلاف بين هذه السلالة وتلك، وبين منطقة وأخرى، وبين موسم أو شهر وموسم أو شهر آخر، وبين نحال ونحال هو معدل تعداد الڤاروا بالخلية ومستوى الضرر الواقع منها على النحل. فتعداد الڤاروا وضررها موجود في كل خلية وفي كل زمان ومكان بالمنطقة العربية وعند كل نحال. لكن هذا التعداد ومستوى الضرر يتباين بتباين السلالة والظرفين الزماني والمكاني وخبرات وممارسات النحالين.

استقر علماء الزراعة والبيولوجي والبيئة على أن التعامل مع مثل هذه الآفات هو إدارتها وليس القضاء عليها بالكلية. ودوافع هذا النهج كثيرة، ما يهمنا منها هنا هو حقيقة أن القضاء على الڤاروا بالكلية يكاد يستحيل. لذلك فإن المتاح هو إدارتها بالأساليب والممارسات والمعاملات التي تحقق الشروط التالية:
1. خفض تعداد وضرر الڤاروا إلى مستوى يمكن تقبله.
2. استعمال أساليب وممارسات ومعاملات آمنة على النحل ومنتجاته.
3. اقتصار المعاملات على استهداف الڤاروا دون غيرها.
4. استعمال الحد الأدنى من المجهود والتكلفة.
منذ بداية بلاء الڤاروا على النحل في سبعينيات القرن الماضي تم اقتراح وابتكار واختبار مئات الأساليب والممارسات والمعاملات لإدارة الڤاروا. فيما يلي حصر لأغلب طرق إدارة الڤاروا المثبتة علمياَ:

أولا: ممارسات نحلية للحد من الڤاروا:
1. انتخاب وتـربية النحل المقاوم للڤاروا: يجب اعتماد صفة مقاومة الڤاروا في برامج انتخاب وتهجين وتحسين سلالات النحل. ويجب أن تتوسط كل خلية نحل ملكة تحمل في جيناتها صفات مقاومة الڤاروا. من الصفات التي تدل على مقاومة الڤاروا وترتبط بها صفة السلوك النشط والفعال في تمشيط الڤاروا من على الجسم وقضمها بالفكوك، وصفة اكتشاف الحضنة المغلقة المصابة بالڤاروا وفتح أغطيتها والتخلص منها، وصفة قصر فترة ما بعد إغلاق الحضنة (كلما قصرت الفترة عن 13 يوم كلما انخفضت كفاءة الڤاروا في التكاثر)، وغيرها صفات أخرى.
2. إيقاف دورة الحضنة: الحضنة المغلقة ضرورية لتكاثر الڤاروا كضرورة الرحم لتكاثر الثدييات. توقف الحضنة المغلقة لأسبوعين أو أكثر يمكنه تعطيل تكاثر الڤاروا والحد كثيراً من تعدادها بالخلية. يمكن استغلال فترات البرودة القاسية أو الانقطاع التام للمرعى أو الهجوم الشديد المتواصل للوروار لوقف دورة الحضنة قليلاً.

ثانياً: أساليب ميكانيكية لخفض تعداد الڤاروا

1. مصايد الڤاروا: لم يعرف أغلب نحالي العرب استعمال أساسات شمعية لتربية الذكور. هذا النوع من الأساسات يعرفه نحالو أوروبا وأمريكا الشمالية. يستعمل في محطات تربية وإنتاج الملكات، ويمكن استعماله لإنتاج الجوموجينات وحضنة الذكور، والأهم هو استعماله كفخ لإيقاع الڤاروا وصيدها والتخلص منها. فمعلوم تفضيل الڤاروا لحضنة الكور عن حضنة الشغالات عند بحثها عن يرقة قبل الإغلاق للتكاثر. فباستعمال أساس شمعي لتربية حضنة الذكور يمكن قنص غالبية الڤاروا بالخلية في حضنة الذكور المغلقة والتخلص منها. يجب ضبط توقيت تخريب عيون الذكور المغلقة بدقة.
2. تخريب حضنة الذكور: حتى من لا يتوفر له أساس شمعي بعيون واسعة لتربية حضنة الذكور لا يزال بإمكانه قنص وإعدام الڤاروا داخل حضنة الذكور المغلقة في فترات كثرتها في الربيع.
3. سلك شبكي على قاعدة الخلية: جسم الڤاروا مثل جسم السلحفاة. فعند وقوعها على ظهرها لا يمكنها الاعتدال إن لم تلامسها نحلة لتتشبث بها. فعند استعمال السلك الشبكي في قاعدة الخلية يمكن حرمان الڤاروا المتساقطة من ملامسة النحل لها، وبالتالي تظل مكبلة في نومها على ظهرها حتى تموت!!!
4. سكر البودرة: رش النحل بالسكر الناعم ينشط لديه شهية لعق نفسه، هذا اللعق النشط السريع القوي المتحمس يتسبب في تمشيط وتهشيم عدد كبير من الڤاروا الملتصقة بالنحل!!

ثالثا: الزيوت العطرية
بعض الزيوت العطرية لها مقدرة على قتل الڤاروا، أشهر وأقوى هذه الزيوت هي الزعتر والنعناع والكافور. قد يستعمل الزيت بحالته الخام بعد تبليل قطعة قطن أو قماش ووضعها داخل الخلية. وقد يستعمل في مستحضرات مجهزة لمكافحة الڤاروا تسمح بتطاير الزيت داخل الخلية بمعدلات محسوبة (مثل Apiguard). وقد تستعمل منتجات تجارية تعتمد على خلائط من عدة زيوت (مثل Apilife Var).
تتميز هذه الزيوت ومستحضراتها بأنها فعالة ضد الڤاروا بدرجة جيدة. كما أنها آمنة على النحل ومنتجاته. مع استثناءات قليلة مثل تأثر العسل برائحة وطعم زيت الزعتر عند استعماله خلال فترات الفيض، واحتمال تضرر الحضنة من زيت الزعتر ومستحضراته.

رابعاً: الأحماض العضوية
لبعض الأحماض العضوية فعالية ممتازة في قتل الڤاروا. أشهر هذه الأحماض هي حمض الفورميك وحمض الأوكساليك (يسمى أيضاً أوكسالات أو ملح الأوكسالات).
وإني أحذر من ليس لديه دراية عميقة بكيمياء حمض الأوكساليك وبمخاطره وباحتياطات استعماله. إن استعمال حمض الأوكساليك بجرعة كبيرة و/أو بطريقة غير مناسبة و/أو بغير الاحتياطات الضرورية و/أو في الظرف غير المناسب يمكن أن يؤدي لعواقب كارثية على النحل وحتى على النحال.
لحمض الفورميك مستحضرات تجارية سهلة الاستعمال يكون فيها محملاً على مادة صلبة أو أو شبه صلبة بحيث يتبخر منها بمعدلات محسوبة. حمض الفورميك بالجرعات المنضبطة وبالتطبيق الصحيح آمن على النحل والعسل. لكن زيادة الجرعة أو سوء التطبيق يمكن أن يتسبب في توقف الملكة عن وضع البيض ليوم أو عدة أيام، وربما يزيد الضرر على الملكة لما هو أسوء من ذلك، وربما يتسبب في هجر الطائفة لخليتها.
إحدى أهم ميزات حمض الفورميك هي مقدرته على النفاذ داخل أغطية الحضنة وقتل الڤاروا داخل الحضنة المغلقة.

خامسا: المبيدات المتخصصة على الڤاروا
مثل أميتراز وغيرها
وإني لا أوصي باستعمالها في المنطقة العربية لأسباب عدة ربما يأتي سردها في فرصة قادمة.

تستلزم ظروف الصيف الطويل والشتاء القصير بالمنطقة العربية تطبيق دورتي علاج للفاروا (بالزيوت أو الأحماض) كل عام. الفترات الأنسب لهاتين الدورتين تختلف حسب الدولة والمنطقة.

يجب تحديد فترات للمكافحة الجماعية لكل دولة أو منطقة. ويجب أن تكون المكافحة جماعية باستعمال الزيوت أو الأحماض. فمثلا ربما يكون النصف الثاني من نوفمبر والنصف الثاني من يونيو هي الفترات الأنسب لدورتي المكافحة الجماعية للفاروا في مصر.

هذا أبسط ما يمكن اتباعه لإدارة الڤاروا بعيداً عن فوضى “أسلوب العطارة” في مكافحة الڤاروا.

تحياتي
دكتور عوض محمد





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى