15 دولة عربية تحت خط الفقر المائي.. ” مدير اكساد” : تحديات مائية تواجهها المنطقة بسبب المُناخ ..صور
حذر الدكتور نصرالدين العبيد مدير عام المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة من التحديات المائية بالمنطقة العربية ومحدودية مواردها المائية بسبب التغيرات المناخية، رغم الجهود العملاقة التي تقوم بها عدد من الدول العربية لمواجهة هذه التحديات، مشيدا بمبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لزراعة 100 مليون شجرة مثمرة ، وإقامة مشروع توشكى، الذي يهدف إلى خلق دلتا جديدة جنوب الصحراء الغربية موازيةً لنهر النيل، تسهم في إضافة مساحة تصل حتى 540 ألف فدان للرقعة الزراعية، بالإضافة إلي مبادرتي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد في المملكة العربية السعودية (السعودية الخضراء، والشرق الأوسط الأخضر).
وشدد مدير«أكساد»، في كلمته خلال أعمال جلسة توسيع آلية التمويل الذكي التي إقيمت علي هامش الدورة الخامسة لاسبوع القاهرة للمياه ، علي إنه سيكون لهذه المبادرات الأثر الكبير في التخفيف من الآثار السلبية لتغير المُناخ، والتكيف مع آثاره، بما يساعد في تحقيق الأمن الغذائي العربي، والمحافظة على الغطاء النباتي، وتنميته بما يسهم جديّاً في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للمنطقة في مواجهة مخاطر الآثار السلبية لظاهرة التغيرات المناخية ومحدودية الموارد المائية بالمنطقة العربية.
وأشار «العبيد»، إلي إنه إزاء هذا الوضع بات 15 دولة عربية تحت خط الفقر المائي. ومن المتوقع أن يزداد الوضع المائي في المنطقة العربية تدهوراً في ظل تزايد الطلب على المياه، وتفاقم تغير المُناخ، سيما وأن المنطقة العربية تُعد المنطقة الأكثر تأثراً بتغير المُناخ في العالم، متوقعا أن يؤدي هذا التغير إلى انخفاض الموارد المتجددة بنسبة %20، وإلى زيادة تكرار موجات الجفاف.
وكشف مدير «أكساد»، عن ارتفاع الطلب المنزلي والزراعي على المياه، بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة تسرب مياه البحر المالحة إلى أحواض المياه الجوفية في المناطق الساحلية، نتيجة ارتفاع مستوى مياه البحر، وتواصل الاستجرار المفرط للمياه الجوفية، مشيرا إلي أن الأراضي الزراعية في المنطقة العربية تتعرض لتدهورٍ متزايد، فقد نال التدهور حتى الآن من نحو %34 من مساحة الأراضي الزراعية المروية فيها وتعرضها للتصحر بمختلف درجاته.
وأوضح مدير «أكساد»، إن المنطقة العربية تقع بمعظمها في أقاليم مُناخية جافة أو شبه جافة، رغم أن مساحتها تشكل نحو %10 من مساحة العالم، وعدد سكانها يمثلون قرابة %5 من سكان العالم، فإن كمية الأمطار المتساقطة فوقها لا تُكوِّن إلا %2.1 من الأمطار المتساقطة سنوياً في العالم، ويتبخر منها ما يقارب %80 ، مشيرا إلي ان الموارد المائية بالمنطقة العربية المتاحة لا تتجاوز 260 مليار متر مكعب في العام، منها %80 مياه سطحية يأتي ثلثاها من خارج الحدود، وتمثل المياه الجوفية نحو %15 الجزء الأكبر منها مياهٌ غير متجددة.
وأشاد مدير عام «أكساد»، بجهود وزارة الموارد المائية والري، لما تقوم به من جهودٍ جبارة هدفها تعزيز الحوارات السياسية في البلدان التي تعاني من ندرة المياه، من أجل التصدي للتحديات المرتبطة بهذه الندرة، في ظل تزايد الاحتياجات المائية، وتفاقم آثار تغير المُناخ، مشيرا إلي خبرات «أكساد» علي مدار أكثر من 50 عاما من الخبرة البحثية والتطبيقية في قطاعي الزراعة والمياه، باعتبارها منظمة عربية تنطلق رؤيتها من تحويل المناطق الجافة وشبه الجافة من مناطق هامشية إلى مناطق متكاملة إنتاجياً، واجتماعياً، تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وشدد «العبيد»، علي أهمية تعزيز التشاركية مع القطاع الخاص من خلال التعاون معه في تنفيذ مشاريعه والتعاون مع المنظمات المعنية سواء الإقليمية أو الدولية، لتطوير أداء قطاعي الزراعة والمياه وبناء القدرات، مشيرا إلي زيادة الاهتمام بتأسيس المشاريع الصغيرة، وتمويلها لدورها في التنمية المجتمعية عموماً والريفية خصوصاً بتوفير فرص عملٍ مناسبة، ومصادر عيش جيدة، تترافق مع تعزيزٍ للاستقرار الاجتماعي.
ولفت مدير «أكساد»، إلي أن المناطق الريفية، أصبحت تتعرض لضغوطٍ كبيرة نتيجة، تغير المُناخ، وشح المياه، وتكرار فترات الجفاف، وتراجع سبل العيش. وهو ما يفاقم من التحديات المالية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها. مشيرا إلي أن «أكساد» نفذت العديد من مشاريع الحصاد المائي في مناطق مختلفة من المنطقة العربية، وذلك لأغراض الشرب، والري، وسقاية المواشي، وإعادة تأهيل المراعي، وهو ما ساعد السكان المحليين على تعزيز سبل عيشهم، وتحسين وضعهم الاقتصادي بزيادة الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وتوفير استقرارهم الاجتماعي، كما كان لهذه المشاريع دوراً هاماً في تعظيم دور الشباب والنساء، وتخفيف الأعباء الملقاة على كاهل المرأة في هذه المجتمعات.
ونبه «العبيد»، إلي أهمية التركيز على تمويل مشاريع المياه والمُناخ لما تمثله المشاريع المتعلقة بالمياه والمُناخ من أهمية تنموية بالغة الخطورة، لجهة التأثير الكبير لها في حياة المجتمعات، حيث أولت منظمة «أكساد» مسألتي المياه والمُناخ أولوية خاصة، فأنجزت العديد من الدراسات والمشاريع المتصلة بهما، ولاسيما المتعلقة بتقييم تغير المُناخ، وآثاره في قطاعي المياه والزراعة، إضافةً لمشاريع حصاد مياه الأمطار، ونمذجة المياه الجوفية.
وشدد مدير «أكساد»، علي أهمية التوسع في استخدام المياه غير التقليدية، ولاسيما الاستفادة من مياه الصرف الزراعي. وفي هذا المجال نقترح الانتقال من بناء محطات معالجة مياه الصرف الصحي المركزية (الكبيرة) إلى بناء المحطات اللامركزية (المحطات الصغيرة)، وذلك للتخفيف من الحاجة لمصادر تمويل كبيرة، وتعزيز نهج التشاركية في إدارة الموارد المائية، والتقليل من فرص تلوث هذه الموارد، مع إفساح المجال هنا للقطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال.
ولفت «العبيد»، إلي أهمية دعم التوسع في الزراعة الذكية، واستخدام التقانات الحديثة في إدارة مياه الري. إضافةً لدعم وتطوير كلٍ من الإرشاد الزراعي والمائي وتوفير التمويل لمشاريع التكيف مع آثار تغير المُناخ، مشددا علي ضرورة قيام الدول الرئيسية المسببة لتغير المُناخ، والدول الغنية من غير هذه الدول، بمساعدة الدول الضعيفة المتأثرة بنتائجه، وتقديم العون اللازم لها، لتجاوز التحديات التي تواجهها في مسألة التكيف.