أخباررئيسيمقالات

الدكتور على عبد الرحمن يكتب : التفتيش النوعى على السلع الغذائية

يتطلب التفتيش على الأغذية فى الأسواق ومخازن الأغذية ومتاجر البيع بالتجزئة أومنافذ الدخول، استخدام الخبرة الشخصية ومعرفة صفات الغذاء الصحى. فالمعروف أن الأغذية الفاسدة تظهر عليها أعراض من الرائحة أوالتغير فى اللون أوالقوام كما تظهر على الأغذية المعبأة علامات الاشتباه إذا ظهر عليها أية علامة توحى بأن العبوة غير سليمة.

ويعتمد التفتيش النوعى للسلع الغذائية عند منافذ الدخول أوالأسواق المحلية على الخبرة الشخصية لمفتش الأغذية ومعرفة الصفات الظاهرية والحسية للغذاء الصالح وتجرى غالبية الفحوص والاختبارات البسيطة بالحواس كالمشاهدة أوالشم أواللمس أوالتذوق فى حدود ضيقة.
ومنها كذلك مشاهدة ظروف النقل أو التخزين فى الحاويات عند منافذ الدخول أوالعرض فى الأسواق المحلية، فبعض المنتجات كالخضروات والفواكه واللحوم والدواجن وغيره تتلف أوتتدهور صفاتها على درجة الحرارة العادية، ولهذا يتحتم نقلها أوتخزينها أو عرضها للبيع على درجات حرارة منخفضة.
وكذا مشاهدة حالة العبوات والبيانات المدونة عليها وكذا لون المنتج وما قد يكون:
• عالقاً أومختلطاً به أوملوثاً له من شوائب غريبة
• نموات فطرية (وغالباً يكون مصاحب لها رائحة تعفن)
• نموات الخميرة الكاذبة (المايكوديرما) فوق سطح المخللات (التى تكون مصحوبة عادة بتليين نسيج الخللات)
• رائحة تخمر نتيجة لتلف المواد السكرية
• رائحة نتانة نتيجة لتلف المواد الحيوانية
• رائحة زناخة مع طعم مر للزبد أوالمرجرين أوالسمن بسبب التأكسد
• فقدان لقوام المادة الغذائية كتخثر الحليب بسبب زيادة الحموضة بفعل بكتريا حامض اللاكتيك مما يدل على عدم كفاية عملية البسترة أوالتعقيم أوالتلوث بعدها
• تبلور السكروز عند عنق زجاجات شراب الفاكهة بسبب قلة حامض الستريك
• عسل النحل المغشوش بإضافة محاليل السكروز إليه
• تغير لرقم الحموضة كما فى الحليب أوالشراب التالف
• أولانتفاخ المعلبات بسبب الفساد الذاتى نتيجة لعدم كفاية عملية التعقيم…ألخ.
ولهذا يجب على المفتش أن يكون منتبهاً إلى مختلف الظروف التى يمكن أن تنشأ فى المتجر أوالمخزن مثل الظروف المتعلقة بالنظافة والتى تؤثر على الأغذية غير المعبأة أوظروف انقطاع التيار الكهربائى عن معدات التبريد أوالتجميد واحتمالات حدوث أية تغيرات فى الكتابة أوالأختام فى حالة المنتجات المعبأة.

بعض جوانب التفتيش والفحوص والاختبارات البسيطة التى يمكن إجراؤها فى الموقع لمجموعات السلع الغذائية المختلفة:

أ-الخضروات والفواكه الطازجة:
تفرز عادة الخضروات والفواكه الطازجة غازات معينة بدرجات وتركيزات تختلف باختلاف النبات، وهذه الواقع عبارة عن منبهات أومنشطات للنضج أوزيادة النضج.
ويتأثر إفراز هذه المنشطات بالعوامل الجوية حيث تزداد بارتفاع درجات الحرارة ويؤدى ذلك إلى الإسراع فى زيادة النضج الذى يؤدى بدوره إلى تغيرات فى اللون أو الرائحة أوالمذاق أوبهم جميعاً. وقد يؤدى ذلك إلى العطب والذبول لبعض الفواكه (كنمو الفطر عليها) أوالتخمر (نتيجة نمو الخميرة) وتذبل الخضروات وخاصة الورقية منها.
وبناء على ذلك فإن أول فحص يجرية مفتش الأغذية على الخضروات والفواكه عند منافذ الدخول هو معرفة درجة حرارة التبريد فى شاحنات النقل ومنه يمكن التكهن بدرجة طازجة الخضروات أوالفاكهة ومدى إصابتها بالتعفن أوالتخمر أوالذبول أثناء النقل وعليه أن يتحقق من ذلك بفتح العبوات ومشاهدة حالتها. ويمكن الاستعانة بالعدسة المكبرة للتأكد من عدم وجود النموات الفطرية، وتجرى نفس الفحوص على الخضروات والفاكهة المعروضة فى الأسواق المحلية وخاصة الورقية وذلك لنقلها فى شاحنات مع فاكهة كثيرة الإفراز للغازات المنشطة للنضج كالموز مثلاً.
بعد ذلك يفحص مفتش الأغذية البضاعة ويحدد مدى مطابق درجة جودتها من حيث الصنف أواللون أو الحجم مع ما يكون مصاحباً لها من مستندات.
وفى ظروف معينة ترسل عينات ممثلة منها للفحص المخبرى لتقدير متبقيات مبيدات الآفات أومدى التلوث بالنويات المشعة ويكون ذلك مؤسسا على مبررات قوية أوبناء على طلب الإدارة الصحية أوإدارة المختبر أوبالتشاور معها.

ب- الخضروات والفواكة المجففة:
تجفيف الخضر والفاكهة هو خفض نسبة الرطوبة بها إلى حد معين يمنع تلفها وذلك تحت ظروف محددة من درجة الحرارة والرطوبة النسبية.
ويتم ذلك بطريقتين أساسيتين:هما التجفبف الشمسى أوالطبيعى ( أى باستخدام حرارة الشمس أوتيار الهواء الجاف) أوالتجفيف الصناعى (الذى يستخدم الهواء المدفوع الساخن وذلك بواسطة أفران خاصة).
ونظراً لاختلاف محتويات الخضر والفاكهة من حيث احتوائها على المواد الصلبة الذائبة كالسكريات والأحماض العضوية، وهى فى حد ذاتها مواد تساعد على حفظ المادة الغذائية ووقايتها من الفساد، وحيث أن نسبة السكريات والأحماض العضوية تكون أكبر فى حالة الفاكهة (فيما عدا الزيتون) وقليلة فى الخضروات (باستثناء الطماطم والبطيخ والشمام وما شابههم). فإن نسبة الرطوبة فى الخضروات يجب ألا يتعدى 5 % فى حين أن الفاكهة تجفف حتى نسبة رطوبة تتراوح ما بين 12 – 15 % حسب تركيز المواد الصلبة القابلة للذوبان بها (السكريات والأحماض العضوية). ولتجفيف الخضروات والفاكهة عدة مزايا:

• صغر حجمها ووزنها وبالتالى قلة نفقات نقلها.
• سهولة وقلة نفقات تخزينها مقارنة بالخضروات والفاكهة الطازجة أوالمجمدة.
• قلة نفقات التجفيف مقارنة بوسائل الحفظ الأخرى.
جـ – المعلبات:
التعليب هو طريقة لحفظ الأغذية فى أوعية محكمة القفل بحيث لا يعتريها الفساد عند تخزينها على درجة الحرارة العادية. وتعتمد فاعلية الحفظ بالتعليب فى قتل الجراثيم أوإيقاف نشاطها على المدة والحرارة وتركيب الغذاء نفسه وعلى درجة الحموضة يه (الرقم الهيدروجينى).
ويمكن تقليل فعل الميكروبات المسببة للفساد بمعاملة الغذاء بالحرارة المناسبة للمدة المناسبة، أوتخفيض الرقم الهيدروجينى إلى ما دون 4.6 مما يقلل من احتمال نمو البكترية الخضرية. ويمكن الجمع بين هذه الثلاثة عوامل الحرارة والمدة والرقم الهيدروجينى بما يؤدى إلى قتل الأحياء الدقيقة المسببة للفساد أوإيقاف نموها. وتتبع الطريق الأولى وهى الجمع بين درجة الحرارة والمدة على الأغذية قليلة الحموضة وتتبع الطريقة الثانية (تخفيض الرقم الهيدروجينى) على الأغذية الحمضية أوالتى يضاف إليها الأحماض.

ويجب ملاحظة أن ارتفاع الحرارة أكثر من اللازم قد يؤثر على نكهة الغذاء أوقوامه أومظهره أوقيمته الغذائية أودرجة استساغته. ولهذا يجب أن تكون الحرارة ملائمة للغرض. فيجب مراعاة التوازن بين درجة الحرارة ومدة المعاملة بما يضمن – لأقصى درجة ممكنة – القضاء على جراثيم الميكروبات المسببة للفساد مع أقل تأثير على نوعية الغذاء وصفاته المميزة. وإذا ما تمت عمليات الحفظ بالتعليب على الوجه الأكمل من حيث حالة الخامات المصنعة ومياه ومعدات الغسيل والتعبئة والتعقيم ثم القفل والتبريد ثم التجفيف والتخزين، فإن التلف الذى قد يصيب المنتجات بعد تصنيعها أوتعليبها ينحصر فى:

• نوع اللحم المزدوج فى العلب.
• التلوث البكتيرى لمياه التبريد.
• تلف العلبة بسبب سوء تشغيل المعدات المستخدمة فى التعليب.
وكثيراً ما تكون مياه التبريد هى المصدر الرئيسى للتلوث بعد التصنيع، وبالتالى فساد محتويات العلب فيما بعد عند التخزين.
ولهذا يجب أن تكون مياه التبريد بعد التعقيم نظيفة من الناحية الميكروبيولوجية، وإلا فيجب إضافة الكلور، كما يجب أن تجفف العلب بعد البريد وقبل نقلها إلى المرحلة التالية.
فمن المعروف أنه قبل أن تهبط درجة حرارة العلب إلى المستوى الكافى يكون اللحام قد تمدد بدرجة طفيفة، قد تسمح بدخول الميكروبات المسببة للفساد إلى داخل العلبة خاصة عند مناولة العلب بخشونة حيث تكون حساسة جداً للتلوث. فعلى مفتش الأغذية أن يفحص شبكة الماكينات من بداية القفل إلى حين وصول العلب فى الصناديق المعدة لذلك ويتبين مدى تأثير هذه العمليات على كفاءة اللحام.
وعلى المفتش كذلك فحص المعلبات بصفة دورية سواء الموجودة على الأرفف بمحلات بيع التجزئة أو بالمخازن، سواء كانت مخازن المتجر أوالمصنع، ويكتشف اللوطات المعيبة كأن تكون من بينها علب مبتلة أو منتفخة أوبها تسرب أوتظهر بها ذبابات فاكهة أوغيرها من الحشرات وما إلى ذلك. فإذا تبين للمفتش وجود وحدات ذات عيوب ظاهرة فعلية أن يجرى فحصاً ظاهرياً لما هو مخزن فى المستودع على أن يبدأ بفحص اللوطات التى ظهرت فيها علامات الفساد. إلا أنه من المستحسن فحص أى لوط فى المستودع خزن لمدة أسبوعين أوأكثر. ولهذا يجب أن تكون جميع الصناديق التى يتألف منها اللوط مميزة برقم رمزى واحد.

د – المشروبات الخفيفة:
أهم نقاط التفتيش على هذه المنتجات هى المواد الغريبة التى قد يكون منشؤها الزجاجات المرتجعة كوجود قطع زجاج بداخلها أوفطريات فى المنتجات بسبب عدم نظافة المعدات.
وأهم الخامات المستخدمة فى هذه الصناعة هو الماء الذى يجب أن يكون ذو مصدر معتمد مع التأكد من الطريقة التى تتبعها المنشأة فى معاملة الماء. والمادة الخام الثانية المستخدمة فى المشروبات الخفيفة هى السكر الذى يجب فحص المعدات الخاصة به فحصاً دقيقاً والتأكد من نظافتها وخلوها من التلوث. أما المواد الملونة والمنكهة فيجب أن تكون مقبولة صحياً، كما يجب التأكد من أنها مواد (وخاصة الملونات) نقية تستخدم فى الأغذية وليست من النوع الذى يستخدم فى صبغ المنسوجات.
وأهم المصادر التى قد تعرض المشروبات الخفيفة للعيوب الظاهرة هى الزجاجات الفارغة وهذه يجب فحصها جيداً عند عودتها إلى المنشأة وقبل الغسيل لاستبعاد الزجاجات المكسورة أوالتى قد يكو بداخلها مواد غريبة (فهذه تفصل على حدة لتنال المعاملة اللازمة عند الغسيل).
وعادة يستخدم عند غسيل الزجاجات المرتجعة الفارغة محلول من الصودا الكاوية بنسبة 3 % على درجة 55 م، ثم تغسل بعد ذلك بماء نظيف لإزالة بقايا محلول التنظيف، مع ملاحظة أن المكان الذى توجد به ماكينات الغسيل فى كثير من الأحوال موبوء بالحشرات وأهمها الصراصير.
كما أن ماكينة الغسيل نفسها تتضمن بعض الأجزاء التى يجب تنظيفها باستمرار، وإلا أصبحت بؤرة لتلوث الزجاجات من جديد بعد غسلها. كما يجب فحص الزجاجات بعد الغسيل وقبلة لإعادة غسيل مالم يتم غسله جيداً منها.
ولسهولة إجراء هذه العملية يجب أن تكون الزجاجات مرتبة ترتيباً سليماً فى غرفة أو حيز التفتيش بحيث تمر صفوف الزجاجات أمام حائط أبيض مضىء بحيث يكون نظيفاً وخالياً من أية بقع تمنع دقة التفتيش، ويجب دائماً عدم تعريض الزجاجات الجديدة أوأغطيتها للغبار أوالحشرات أوالقوارض.

هـ – الحبوب والبقول ومنتجات الدقيق:
المشكلة الكبرى فى هذه المجموعة من الأغذية هى عدم مراعاة النظافة العامة عند تجفيفها أوتخزينها بعد الحصاد. والمفروض أن تخزن هذه الحبوب بطريقة لا يظهر معها العفن ولا التلوث بالميكوتوكسين ولا من غزو الحشرات. ويجب ألا تتدهور نوعيتها بسبب وجود مواد غريبة مثل إفرازات القوارض أوالشعر وما إلى ذلك.
وعلى المفتش ملاحظة ما إذا كانت هذه السلعة مغشوشة بإضافة حبوب من درجة منخفضة أومواد أخرى، وعليه أن يتأكد من أن الحبوب التى تستخدم كتقاوى للزراعة والتى عادة تعالج بالكيماويات ومبيدات الفطريات وغير ذلك لا تختلط مع الحبوب المعدة للاستخدام كغذاء للإنسان. أيضاً يجب أن يراقب نظافة جميع عمليات النقل والتداول
فالعفن ينمو على أى حبوب يكون نسبة الرطوبة بها مرتفعة، وذلك إذا كانت الرطوبة النسبية للجو عالية وكان الجو دافىء أثناء الحصاد أوالتخزين.
ويجب أن يكون المفتش على علم بنسبة الرطوبة فى الحبوب تحت ظروف التخزين. فالحبوب المخزونة فى مكان مغلق يجب أن تكون الرطوبة بها أقل بكثير مما تكون عليه الحبوب المخزونة فى أماكن هاوية.

___________________________________

أ.د /علي عبدالرحمن علي
مستشار وزير التموين والتجارة الداخلية





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى