الإنشاءات الهامة على الأنهار داخل إثيوبيا
سنة 1964 ورداً على قُرب جمال عبدالناصر من الاتحاد السوفيتي والعمل على إنشاء السد العالي قدَّمت المخابرات الأمريكية دراسة للحكومة الإثيوبية تم العمل عليها لخمس سنوات، وهي ناتج اتفاق وُقِّع بين الولايات المتحدة وإثيوبيا سنة 1957 تُحدد 26 موقعًا تصلح لإنشاء سدود تحجز الماء عن الدول المجاورة لإثيوبيا وأهمها على الإطلاق سد حدودي كبير للضغط على مصر، وتوقعت الدراسة أن تمد السدود إثيوبيا ب 45 الف ميجا وات من الكهرباء، لكن توقف المشروع الإثيوبي.
للتقريب:
تستهلك مصر حاليا في فترة ذروة الصيف حوالي 35 ألف ميجا وات كحدٍ أقصى، لكنها تنتج أكثر من 50 ألف ميجا وات، ولازالت تتوسع في إنشاء محطات الطاقة في السنوات الست الأخيرة دون مبرر.
سنة 1988 أعدت المخابرات البريطانية تقريراً نشرت بي بي سي جزءًا منه يؤكد أن مصر ستتعرض للإذلال في حال نُفذت دراسة إنشاء سدود إثيوبيا، وهو ما لن تتحمله مصر، لكنها قدَّرت أن إثيوبيا لن تملك القدرة على التنفيذ قبل مائة عام بسبب ضعف إثيوبيا الشديد.
والإنشاءات الأهم حاليًا على مجاري المياة في إثيوبيا والممتدة مع الدول الست المجاورة لإثيوبيا هي على النحو التالي:
مع كينيا:
مجموعة سدود “جليجل جيب” على “نهر أومو” أكبر رافد ل “بحيرة توركانا” الكينية -بنسبة 90٪ من مياهها- وهي أكبر بحيرة صحراوية في العالم، ورابع أكبر بحيرة مالحة في العالم، وهي تُستخدم في الصيد والزراعة لأن ملوحتها منخفضة.
قامت إثيوبيا بتهجير القرويين الإثيوبيين على جانبي نهر أومو لأجل الخزانات المتعددة الناشئة عن السدود وللتوسع في المزارع المنتجة لمحاصيل السكر على جانبي النهر لتستهلك أكبر كمية من مياهه قبل دخوله الحدود الكينية،
وهو ما أدى للإضرار بكينيا التي يعتمد نصف مليون من مواطنيها على البحيرة التي انخفضت مستويات المياة فيها، وارتفعت ملوحتها، فتوترت العلاقات بين البلدين جزئيًا، ولم تتطور الأمور أكثر لكون كينيا لديها مصادر مياة بديلة فهي لا تعتمد على بحيرة توركانا للشرب.
مع الصومال:
مجموعة سدود “جينالي داوا” على “نهر جينالي” و”نهر داوا”، حيث يجتمع النهران مُشكلان “نهر جوبا” على حدود الصومال وهو أحد أشهر أنهار افريقيا.
وأربعة سدود أحدها بالقرب من مدينة “جُدي” في “أوجادين المحتلة”، وآخر هو سد “مِلكا واكينا” وجميعهم على “نهر شبيلي”، وهو نهر موسمي يزيد لدرجة الفيضان في الصيف ويقل في بقية الفصول بدرجة كبيرة، ورغم أنه لا يمد الصومال إلا بأقل من 3 مليار متر مكعب إلا أنه يكاد يكون جُفف بنسبة كبيرة، وتعزو إثيوبيا السبب للقحط وتنفي علاقة سدودها بنقص المياة الواصلة للصومال، فهو ينبع من إثيوبيا ويمر بمدينة “بلدوين” بالقرب من الحدود الصومالية الإثيوبية ويمر داخل الصومال حتى يتلاشى بين مدينتي “حرمك” و “جيليب” ، وفي أوقات الفيضان سابقًا وقبل السدود كان يفيض عرضًا ويمتد طولًا ليلتحم بنهر جوبا الذي يصب بالمحيط الهندي.
“أنا كاتب مسار نهر شبيلي بالذات لأن صعب توصل له على الخرائط لو متعرفش موقعه بدقة لأن إثيوبيا شفطت مياهه وجففته بنسبة كبيرة، وقد كان يعتمد عليه قرابة 3 مليون صومالي”
وأدت السدود على روافد نهري جوبا وشبيلي لتقليل نسبة مياة الشرب والزراعة الواصلة لجنوب الصومال بشكل خاص فجنوب الصومال هو المنطقة الأكثر كثافة سكانية في الصومال، وذلك لتقوية موقف إثيوبيا كونها دولة حبيسة، وقدرتها على استغلال سلاح الجوع ضد الصومال لفتح الطريق نحو المحيط الهندي، وابقاء الصومال تحت سيطرتها متى ما أرادت.
مع جيبوتي:
مجموعة سدود “نهر أواش” الذي يغذي مجموعة بحيرات كلها داخل إثيوبيا، كبحيرات “كاداباسا – أفامبو – جيمري – كوكا – زواي – أبيجاتا – شالا” ، وتتبقى “بحيرة آبي” المُقتسمة على الحدود بين إثيوبيا وجيبوتي، وكانت جيبوتي تستفيد من الوصول الحر للمياة لإمداد الخزان الجوفي فيها، وهي دولة صغيرة أصلًا قليلة الاستهلاك، وهو ما حجَّمت من وصوله إثيوبيا.
مع إريتريا:
مجموعة سدود “نهر تيكيزي” للحد من كميات المياة المتدفقة لكل من إريتريا والسودان ومصر، حيث ينبع “نهر تيكيزي” من إثيوبيا ويلتحم بجزء من حدود إريتريا شرقا ويدخل السودان ليصب في مجرى “نهر عطبرة” الذي ينبع هو كذلك من إثيوبيا ويتصل بالنيل عند مدينة عطبرة شمال الخرطوم.
مع دولة جنوب السودان:
“سد بارو” على “نهر بارو” الذي يمد “نهر السوباط” بأكثر من 80٪ من مياهه خلال شهور الفيضان، فنهر السوباط يمر بجنوب السودان ويصل السودان ليصب في “النيل الأبيض” ويمد مصر بما يقارب 10٪ من مياهها.
مع السودان ومصر:
ينطبق عليهما ما ينطبق على إريتريا المذكورة سابقًا وبالتحديد سدود نهر تيكيزي ، وينطبق عليهما وضع دولة جنوب السودان وبالتحديد سد بارو على نهر بارو المتصل بنهر السوباط ثم النيل الأبيض وصولًا للنيل.
وكذلك سدود “تي أباي الأول” و “تي أباي الثاني” على النيل الازرق ، وسد “تانا بيليز” على “نهر بليز” الذي ينبع من جنوب غرب مدينة “شاويرا” في إقليم “أمهرا” جنوب غرب “بحيرة تانا” أكبر بحيرات إثيوبيا والتي تمد النيل الأزرق وتقع وسط إقليم “أمهرا” الحاكم و الأكثر تعصبًا ويمتد نهر “بليز” من إقليم “أمهرا” ليصل إقليم “بني شنقول-قماز” ليلتحم بالنيل الأزرق جنوب غرب مدينة “إرنج”، و “سد فينشا” الذي يُشكل “بحيرة شومِن” على “نهر فينشا” عند مدينة فينشا، وهو أقدم سدود إثيوبيا المُنشأة على أحد روافد النيل الأزرق، وأخيرًا “سد النهضة”.
مع ملاحظة إغفال عدد كبير من السدود الصغيرة على الأنهار كافة فيما سبق وعلى روافدها.
كما أن إثيوبيا تستهدف بناء قرابة المائة سد خلال بضع سنوات.