أخبارخدماترئيسيمجتمع الزراعةمقالاتمياه ورى

الدكتور أحمد زكى أبو كنيز يكتب : فى شأن ترعة سقارة البحرية يا وزارة الرى .. ماهكذا تورد الأبل

طالعتنا الصحف و المواقع الالكترونية و مواقع التواصل الاجتماعى بغضب عارم على اهالى قرية العزيزية بالبدرشين بمحافظة الجيزة , حول تلوث ترعة سقارة البحرية الحديثة التبطين بعشرات الاطنان من القمامة الملقاه بها والتى غطت مياهها حتى لم تعد تتبدى للناظرين و كانما صارت الترعة مقلب ضخم للقمامة ..و هذا أمر حزن له الجميع و تأسفنا عليه , و لانرضى أن يحدث هذا بعد أن تم صرف اموالاً طائلة من أجل تبطين الترعة كأحد مجهودات وزارة الموارد المائية و الرى فى ضبط منظومة الرى ووقف هدر المياه و احداث استغلال افضل لمياه الرى فى مصر.
وقديماً ولازلنا نسمع مقولة لاصحاب المهن المتشابكة ان تظيبط الشغل اهم من الشغل, و ما اقصده هنا انه كان يتوجب ان يتم تنسيق بين الجهات ذات الصلة لمعرفة ما تتعرض له المجارى المائية حاليا و كيفية التصرف بعد الانتهاء من العمل و ماهو الاسلوب الامثل للتنفيذ الذى يتفادى مثل هذه المشاكل .. معلوم ان القرى المصرية توسعت فيها الكتل السكنية و ألتهمت الكثير من الاراضى الزراعية و الآن صارت تحيط بالمجارى المائية …كما تلاشت الاماكن الفارغة والاراضى الفضاء التى كنا نجدها فى الريف لدرجة ان فى الكثير من القرى فى السبعينات و ما قبلها و جزء كبير من الثمانينات كانت المساكن تشغل مساحة اقل كثيرا من الاراضى الفضاء و التى لاتزرع و كنا نرى المزارعين يضعون بها حيواناتهم و يخزنون بها الاسمدة البلدية و الاخشاب و الاحطاب …….الخ وكان هذا يعطى متسعاً لالقاء القمامة فيها.
و مع الزيادة السكانية المضطرده و قيام الحكومة بمنع البناء على الاراضى الزراعية قدر الامكان تلاشت هذه المساحات و لم يعد هناك مكان لتربية المواشى و لا القاء المتبقيات او المتخلفات الزراعية. فى الى اى مكان سوف يذهبوا؟ كيف يتم التخلص منها؟ الاجابة السريعة و السهلة و التلقائية هى انها ستلقى فى اقرب مجرى مائى يحملها بعيداً عن نطاق الملقى لها و لان الترع و المصارف لدينا طولها بالكيلو مترات و تخترق القرى و النجوع والدساكر فمن المنطقى ان يلقى بها كل شىء .
و اتصور ان هذا السلوك الشعبى المشين مستمر منذ زمن بعيد و بالتالى حينما بدأت الاعمال الهندسية لتبطين هذه الترع تمت ازالة عشرات الاطنان من القمامة الملقاه فى نفس الترعة و من نفس الاشخاص و فى نفس الاماكن , ماهو الجديد ؟ لاشىء.
يا سادة بيوتنا القروية القديمة التى كانت بالقراربيط و كان بها اماكن لتخزين القمامة لحين نقلها الى الحقول أصبحت شققاً تقاس بالامتار , فاين نذهب بالقمامة, طيورنا وحيواناتنا التى كانت تربى بالمنازل (الحظائر و الذرائب) و تتغذى على غالبية متبقيات و قمامة المنازل لم تعد موجودة. اذن كيف نتصرف؟
الجديد ان لدينا ترعاً صارت مبطنه و لا يجب ان نلق بها القمامة حتى تظل تقوم بدورها فى الرى و لكن كيف نمنع القاء القمامة؟ ربما اسهل و اسرع حل هو ان نطبق غرامات كبيرة على من يلق القمامة بالترع هو بالتاكيد حل له وجاته فلابد من الضرب بيد من حديد على المخالفين و أتصور انه تم التلويح به بالفعل, لكن هل هو حلاً ناجعاً؟ الاجابة لدى أنه حل فاشل و لن يفيد كثيرا فامجارى المائية اطوالها بالكيلومترات وهناك فرصة 24 ساعة فى اليوم لهذا الفعل المشين و هناك صعوبة فى المراقبة على مدار الساعة؟ اذن ماهو العمل؟

الاجراء الصحيح و الحضارى هو ضرورة التنسيق بين الجهات الحكومية المتعددة ذات الصلة باى نشاط او مشروع يتم تنفيذه مثل الرى و الزراعة الحكم المحلى البيئة …الخ , و فى البدء دعنا نتفق عزيزى القارىء ان هذه القمامة التى يتم التخلص منها بالالقاء فى الترع و غيرها ماهى الا ثروة مهدرة يتعين علينا الاستفادة بها, اذن لابد من تنفيذ مشروع جمع وتدوير للقمامة فعال وقوى ومستمر ولن يكون هذا عن طريق الجمعيات الاهلية او المشروعات الصغيرة للشباب او مبادرات مجتمعية لابد ان تكون برعاية الدولة, يمكن الاستعانة بالجمعيات الاهلية او اصحاب المشروعات الصغيرة و المتوسطة فى جزء من هذا النظام, يا سادة قضية مخلفات المنازل فشلنا ولازلنا نفشل فى ادارتها و الاستفادة بها كقيمة اقتصادية قبل ان تكون اسلوب للتخلص من اشياء لاقيمة لها لدينا. القمامة تحتاج الى نظام صارم للجمع و الفرز و التصنيف ثم اعادة التصنيع او التدوير, يا سادة القمامة يمكن ان ننتج منها اسمدة و صناعة بلاستيك و كرتون و عبوات معدنية …..الخ. فاذا ما نجحنا فى هذا فلن تكون هناك قمامة تلقى فى المجارى المائية او الطرقات, هذا اولا. و لكنه ربما يحتاج الى فترة غير قليلة حتى نصل اليه لانه يحتاج الى التوعية و العمل على تغيير سلوكيات الناس حيال تعاملهم مع هذه المخلفات يحتاج الى فترات زمنية طويلة.

اما ثانياً وهو الايسر و الاسهل و الاقل كلفة على المدى البعيد ان يتم تغطية المجارى المائية داخل الكتل السكنية تماما حتى لا يكون هناك فرصة لالقاء اى شىء و ايضا لحماية اطفال القرى من حوادث السقوط فى الترع و الغرق و ما اكثرها, ربما تكون عمليات التغطية اكثر كلفة من التبطين لكن على المدى البعيد اذا ما اخذنا تكاليف التطهير الدورية لهذه الترع فى الحسبان سنجد ان الامر اقل كلفة واكثر نظافة و تحضر و سوف يكمن استخدام مساحات الترع المغطاه فى انشاء مساحات خضراء تكون متنفسا للاهالى و اضافة جمالية. وهى ممارسات نفذتها زارة الرى كثيرا وفى اماكن عديد فى طول البلاد عرضها.
و اعود فاقول ايها السادة المسؤلين عن هذا المشاريع لابد من التنسيق قبل تنفيذ اى مشروع ودراسته من كافة جوانبه واثاره كما اطالب بتدشين نظام فعال و قوى و مستمر لجمع و تدوير القمامة واخيرا اقترح تغطية جميع المجارى المائية داخل الكتل السكنية….. اللهم بلغت اللهم فاشهد.


د. احمد زكى أبو كنيز
مركز البحوث الزراعية…خبير التنمية المستدامة
عضو مجموعة مستقبل الزراعة العربية





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى