أخبارمقالات

الدكتور على عبد الرحمن يكتب : الاستفادة من قوة الهوية الرقمية

اختبرت جائحة فيروس كورونا قدرة الحكومات على تقديم الدعم المالي وغيره من أشكال الدعم للسكان الضعفاء.
• أن 200 بلد وإقليم قد خطط أو نفذ تدابير للحماية الاجتماعية استجابة للجائحة، فإن العديد من الحكومات حاول جاهدا من أجل تحديد العمال بالقطاع غير الرسمي ممن لا تشملهم برامج الرعاية الاجتماعية القائمة أو خطط الضمان الاجتماعي لموظفي القطاع الرسمي.
• وتعذر مساعدة المحتاجين مع قواعد التباعد الاجتماعي والحجر الصحي.
• ولكن في بعض البلدان، مكنت أنظمة الهوية الرقمية السلطات من تحديد السكان بشكل موثوق وعن بعد، وإجراء تحويلات نقدية طارئة إلى الفئات الضعيفة – مثل النساء والفتيات، والفقراء، والعمال بالقطاع غير الرسمي والمهاجرين، ومن يعيشون في مناطق نائية، واللاجئين.
• فعلى سبيل المثال، سمح نظام الهوية الرقمية لشيلي بسرعة تسجيل ملايين المستفيدين الجدد في البرامج الاجتماعية، ومكّن الناس من التحقق من وضعهم في الدعم على الإنترنت، وإذا لزم الأمر، الطعن في ذلك.
• وفي تايلند، حيث تقدم أكثر من 28 مليون شخص بطلبات للحصول على إعانة جديدة للعمال في القطاع غير الرسمي من الجائحة، تمكنت الحكومة من تصفية من سيحصلون على مساعدات من برامج أخرى.
• وتمكنت السلطات الهندية مؤخراً من تسديد دفعات سريعة في إطار برنامج للشمول المالي لأكثر من 200 مليون امرأة نتيجة لتحسين العمليات التي شملت ربط حساب الفرد بالهوية الرقمية.
• ولكن أنظمة الهوية الرقمية وحدها ليست هي الحل السحري للوصول إلى الفئات الضعيفة.
• فقبل كل شيء، تتطلب هذه المخططات إمكانية الوصول إلى البنية التحتية الرقمية بأسعار ميسورة.
• وحيثما يتوفر هذا، يتيح رقم التعريف الرقمي أساسًا يمكن أن تبنى عليه التطبيقات والأنظمة المهمة الأخرى.
• ولأن أنظمة الهوية الرقمية تسمح للأشخاص بإجراء معاملات عن بعد، فيمكنها أيضاً تمكين المدفوعات الرقمية(من خلال المعاملات غير النقدية) وتحسين حوكمة البيانات(من خلال تمكين المعاملات الورقية مع الحفاظ على الخصوصية).
• لذا تعد كل من الهوية الرقمية والمدفوعات الرقمية وحوكمة البيانات مهمة كل على حدة. وتمثل معا ما يرقى إلى الصالح العام القوي.
• وهذا المزيج لا يُعدّ في غاية الأهمية لاقتصاد اليوم، كما كانت الطرق والسكك الحديدية للاقتصاد الذي كان قائما في القرن العشرين.
• فعلى سبيل المثال، لدى بلدان مثل إستونيا وسنغافورة نظم إيكولوجية رقمية متقدمة تسمح للسكان بالحصول على الخدمات الحكومية والتجارية بالكامل عبر الإنترنت، مما يخفف جزئيا من تعطيل النشاط الاقتصادي نتيجة لجائحة كورونا.
• بينما تركز البلدان على ’إعادة البناء على نحوٍ أفضل’ بعد انتشار الجائحة، فإن لديها فرصة حاسمة للقفز إلى اقتصاد رقمي بدرجة أعلى – والقيام بذلك بشكل يتسم بالمسؤولية. وأياً كان النموذج الذي تختاره، يمكن للحكومات أن تغير حياة الناس في كل مكان من خلال بناء أنظمة للهوية الرقمية تستهدف تحقيق أقصى قدر من الخصوصية والشمول والثقة.
• ومع تقدم الرقمنة، تمر المواقف تجاه حماية البيانات بتحول عميق.
• فاختراق البيانات وإساءة استخدامها تجعل الناس على وعي أكبر بالتهديدات التي تتعرض لها خصوصيتهم.
• وتمنح القواعد واللوائح الجديدة المواطنين قدرا أكبر من التمثيل بشأن بياناتهم الشخصية، وتهدف النماذج اللامركزية الجديدة على الإنترنت إلى تحويل السلطة من الغير إلى المستخدم.
• ويمكن أن تؤدي أنظمة الهوية الرقمية سيئة التخطيط إلى خلق أو تفاقم المخاطر التي تتعرض لها البيانات الشخصية، ولكن مع دقة التصميم، يمكن للأنظمة أن تعزز الاستخدام المسؤول وإعادة استخدام البيانات من خلال تمكين الأشخاص من ممارسة الرقابة.
• يجب أيضاً تصميم أنظمة الهوية الرقمية مع وضع التضمين والثقة في الاعتبار.
• ولا يعني الإدماج ضمان إمكانية التسجيل للجميع فحسب، بل يعني أيضاً أن يتمكن كل فرد من استخدام هويته الرقميّة لتلقي المساعدة وتمكين نفسه اقتصادياً، بما في ذلك أولئك الذين يعانون من تدني مستوى الإلمام بالقراءة والكتابة ومحدودية فرص الوصول إلى التكنولوجيا.
• ومن الأهمية بمكان أن يثق الناس في سلامة النظام، بما في ذلك قدرته على الحفاظ على الخصوصية والحقوق الفردية.
• وهذا يتطلب وجود آليات فعالة للشفافية والمساءلة.
• ولا تعزز نظم الهوية الرقمية الجيدة قدرة الحكومات والشركات على العمل فحسب، بل تستفيد من المواطنين وتحميهم أيضا.
• وثمة مجموعة متنوعة من النماذج تجسد السياقات المحلية.
• ففي حين أن بعض البلدان تحتاج إلى البدء بنظام الهوية التأسيسية كي يتمكن الجميع من إثبات هويتهم الرسمية، فإن بلداناً أخرى، مثل أستراليا وكندا وفرنسا، بدأت في إنشاء “نظم إيكولوجية” رقمية للهوية تمنح الناس خيار مقدمي بطاقات الهوية من القطاعين العام والخاص.
• وأيا كان الشكل الذي تتخذه هذه النظم، فإن هناك حاجة ماسة إلى هذه النظم.
• فلا يزال مليار شخص في جميع أنحاء العالم لا يملكون بطاقة هوية رسمية، مما يحول دون وصولهم إلى النظم المالية والخدمات الاجتماعية، نصف هؤلاء في أفريقيا.
• وقد أبرزت جائحة كورونا الحاجة الملحة إلى نظم الهوية الرقمية التي من شأنها أن تسمح للحكومات بتقديم المساعدة الاجتماعية والدعم المالي للأسر والشركات بشكل أسرع وأكثر خضوعا للمساءلة.
• ومن أجل مواصلة البحث عن حلول مبتكرة، أطلقت مبادرة ID4D مؤخرًا التحدي الثاني Mission Billion Challenge – وهو دعوة عالمية لإيجاد طرق جديدة لتمكين أكثر الناس عرضة للخطر في العالم من التسجيل للحصول على بطاقات الهوية الرقمية واستخدامها بأمان.
• بينما تركز البلدان على ’إعادة البناء على نحوٍ أفضل،بعد انتشار الجائحة، فإن لديها فرصة حاسمة للقفز إلى اقتصاد رقمي بدرجة أعلى – والقيام بذلك بشكل يتسم بالمسؤولية.
• وأياً كان النموذج الذي تختاره، يمكن للحكومات أن تغير حياة الناس في كل مكان من خلال بناء أنظمة للهوية الرقمية تستهدف تحقيق أقصى قدر من الخصوصية والشمول والثقة”.


أ.د/علي عبدالرحمن علي
رئيس الاتحاد الدولي للاستثمار والتنمية والبيئة





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى