الدكتور إبراهيم درويش يكتب : الأضحية.. فلسفتها وأهم احكامها
فلسفة الأضحية:
هي في ذاتها امتزاج بين حاجة الإنسان الروحيّة وحاجته الماديّة ففيها إطعام وفيها تطهير للنفس من الشح، وفيها توجه روحيّ لله عبر استحضار القربان لله وعبر استحضار قصة إبراهيم وابتلائه العظيم بذح ابنه إسماعيل، وعليه فالأضحية تمثل نفس البعد الممتزج بين عالمي الأرض والسماء وحاجة المجتمع وفي الأضحية يربينا الإسلام على الحرص لإنجاز أعمالنا متكاملة، وعلى إفراد الله سبحانه وتعالى بعباداتنا ومناسكنا، بل وكل أعمالنا. كما يحرص الإسلام من خلال الاضحية وهذ النسك على وجود ارتباط اجتماعي كامل بين المسلمين كافة في تشريعاته وشعائره وهى مظهر اجتماعي عظيم فى الاعياد وادخال البهجة على الفقراء والمساكين وتزيد من اواضر التراحم والمحبة بين نسيج المجتمع و كل على قدر طاعته. «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها» (سورة البقرة – الآية 286)
مشروعية الأضحية:
تعد الأضحية من شعائر الإسلام العظيمة، ومن أعظم القربات والطاعات، وهي شعار على إخلاص العبادة لله وحده، وامتثال أوامره ونواهيه، والأضحية سنة من سنن المرسلين وسنة في الأمم من قبلنا، وأستدل بعض العلماء على ذلك من قولة تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 34] – الأضحية مشروعة بكتاب الله وبسنة رسول الله وبالإجماع وهى مستحبة على الرأى الارجح وليست بواجبه، و الدليل على استحبابها أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن من لم يضحِّ من أمته، فقد سمى الله على كبش وكبَّر، وقال هذا عمن لم يضحِّ من أمتي، وقال أبو مسعود البدري رضي الله عنه، إني لأضع الأضحى أي اترك التضحية وإني لموسر حتى لا يظن الناس أنها واجبة فعلى ذلك قوله تعالى: “فصل لربك وأنحر” هو دال على المشروعية لكن ليس بالأمر الملزم، ومعناه فصل لربك لا تصل لأحد سواه وأنحر لربك ولا تنحر لأحد سواه بغض النظر عن الوجوب، فالأضحية مستحبة وليست بواجبة. ومن ا فال بانها واجبة استدل بحديث “من وجد سعة فلم يُضحِّ فلا يقربن مصلانا”؟ وهذا الحديث ضعيف غير ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام،
فالأضحية سنة مستحبة وعلى ذلك إن فعلتها تثاب وإن لم تفعلها فلا إثم عليك وعلى إثر ذلك إذا كان المسلم يضحي كل سنة وآثرت عامًا فترك الأضحية فعليه ألا يتشاءم بتركة للأضحية لأنها سنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها
ثواب الاضحية :
ثواب الاضحية غير محدد على الأضحية ليس فيه خبر ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لها ثواب بلا شك لأن النبي قال للرجل الذي ذبح قبل الصلاة قال: “ذبيحتك ليست من النسك في شيء، شاتك شاة لحم”، فمعنى ذلك أن ما ذبح قبل الصلاة أعتبره النبي محمد لحمًا يُطعم كباقي الأطعمة، أما ما ذُبح بعد الصلاة وتوافرت فيه شروط ذبح الأضحية فحينئذ يُثاب فاعلها.
بعض احكام الاضحية
– تكون الأضحية من الأنعام الثمانية، وهي “الجمل، الناقة، الثور، البقرة، الجدي، العنزة، الكبش والنعجة، والجاموس يلحق بالبقر، فما الجاموس إلا بقر أسود، فهذه الأقسام التي تجوز منها الأضاحي ولا تجوز في غير ذلك. ويجب أن تتوافر في الأضحية أولًا أن تكون مسنة، والمسنة هي الثني من كل شيء، والثني الذي ظهرت له سنتان بعد الأسنان اللبنية، والأسنان اللبنية هي التي تكون في المولود أول ما يولد صغيرة وتتساقط. – الثني من البقر ما له سنتان فصاعدًا على وجه التقريب، ومن الإبل ما له خمس سنوات فصاعدًا، ومن الماعز ماله سنة فصاعدًا، ومن الغنم الضأن فيه بعض الاختلاف والأشهر ما له ستة أشهر فصاعدًا. وقاعده هامة (لا تقوم السمنة مكان السن في الأضاحي) كما نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن التضحية بذات العيب الواضح، مثل العوراء والمريضة والكسيرة أو الهزيلة او العرجاء فإذا اخترت شاتك وأعددتها لتضحي بها وقبل العيد بأيام كُسرت فلا تُجزئ في الأضحية؛ لأن العبرة بوقت التضحية. وتُجزئ عن الرجل وأهل بيته شاة أو عنزة أو معز أو كبش، أو سُبعُ بقرة، وسُبعُ جمل وان ذاد فهو خير كبير،- ويجوز اشتراك شخص بسبع كأضحية وشخص أخر بسبعين كعقيقه عن ولد ذكر وشخص ثالث بسبع عن عقيقه لبنت وشخص رابع بسبع كلحم يأكله فيجوز هذا الاشتراك عند جمهور العلماء
ولايعطى الجازر من الأضحية شيئًا، يأخذ الأجر كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولا يجوز الذبح قبل صلاة عيد الأضحى، قال صلى الله عليه وسلم: “من ذبح قبل الصلاة فليعد مكانها أخرى”، وقال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]، ويمكن الذبح حتى قبل غروب شمش اليوم الثالث من ايام التشريق وهو رابع ايام العيدولا يجوز العدول عن الأضاحي بدفع أموال للفقراء ايا كان المبررقال الله تعالى : {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، ومثل هذه المقولات من المثبطين هدفها هو محو الشعائر والأمر في توزيعها على التوسعة وليس هناك ملزم بلقسم فمن كان كريما فالله اكرم .ولا يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة في شاة واحدة ولكن فى البقر يجوز اذا اشترك بسبع لكل منهما ولا يجوز أن تشترى بزكاة مال بقرة وتقول هي أضحية – ولا يُعطى الجازر من الأضحية شيئًا ولا حتى جلودها، فالجلود يُتصدق بها ويجوز التوكيل في الأضحية، ولكن الأفضل أن يقوم الإنسان بنفسه لكي يأكل منها، لقوله سبحانه: {فكلوا منها واطعموا البائس الفقير}.كما تجوز الأضحية عن الميت الميت كصدقة له.
كل عام وحضراتكم بخير وتقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال
أ.د /ابراهيم درويش رئيس قسم المحاصيل بكلية الزراعة جامعة المنوفية