الدكتور صلاح الدين محمد يكتب : العوده للطبيعه فى الغذاء والدواء .. دعوه ايدها منطق العلم وتجارب الحياه
بقلم اد/ صلاح الدين محمد محمود … استاذ النباتات الطبيه والعطريه بقسم البساتين كليه الزراعه جامعه الازهر بالقاهره – رئيس قسم البساتين الاسبق – مصر
ان الناظر فى ملكوت اللة و بخاصة فى المملكة النباتية ليندهش من هذا التنوع البديع فى الأنواع النباتية رغم انها تنتمي الى مادة واحدة وحياة مشتركة فى بيئة وتربة الارض التى نحيا عليها. هذا التنوع المذهل الذى يدل على قدرة الخالق -جلت قدرتة- هو نفسة الذى اغرى العلماء الى دراستة والعمل على فتح مغاليقه وكشف اسراره والتعرف على فوائده؛ بعدما اضناه الجوع فبحث فيها عن الغذاء ثم اسقمه المرض فبحث فيها عن الدواء.
وعلى مدار آلاف السنين كانت حياه الانسان على وتيرة واحده؛ يأكل مما تنبته الارض؛ ويقتنص مما يطير فى السماء؛ ويصطاد مما يسبح فى الماء؛ حلالا طيبا كما خلقه الله واقتضت مشيئته؛ وظل الانسان على هذا ردحا من الزمن اذا اشتد به الداء ذهب الى نبات الارض يلتمس فيها الدواء؛ فعرف البنات المعالج الشافى واستخرج منها الدواء الناجع الواقى؛ وكل منها القوت الكافى .
فلما ارتقت حياه الانسان وبدأت الثوره العلميه التى لا يتعدى عمرها الخمسمائة عاما او اكثر قليلا؛ حيث بدأ الانسان يتفحص النبات ويبحث فيه حتى عرف مكوناته؛ وتعرف على خصائص محتوياته؛ فقام باستخلاصها فوجدها اكثر قوه وأسرع فى الشفاء؛ ومن هنا ازداد طموحه واشتدت شهوته فما فتئ يبحث حتى عرف كيف يتلاعب فى تركيب المواد الطبيعيه وقاده طموحه الاعمى الى ان يحاكيها ويخلق من الكيماويات المصنعه ما يشابه صنعها ويقوم بديلا عنها؛ ومن هنا ظهرت المشكله وبدأت المتاعب حتى اكتوى الانسان من نار الادويه المصنعه والاغذيه المعلبه ..ولم يكتف الانسان بذلك بل اضاف الى طعامه سموم المواد الحافظه وزينها بزخارف واهيه من المواد الملونه الصناعيه ؛ وما ادراك ما هى اضرار المواد الحافظه والالوان المصنعه !!!
والسؤال الجيد الذى يطرح نفسه : اذ كان لكل حق حقيقه …فما هى حقيقه افضليه الاعشاب والاغذيه الطبيعيه عن تلكم الادويه المصنعه والاغذيه المعلبه المجهزه؟؟؟؟
فمن باب الانصاف فيجب ان نطرح الامر من جميع جوانبه؛ فيرى اصحاب العلاج بالادويه ان للادويه المصنعه مميزات تجعلها فى المقدمه يمكن ايجازها فى الاتى:-
1-خفه الحمل 2- جمال الشكل 3- سرعه التاثير 4- التخصصيه فى العلاج 5- سهوله الاستعمال 6- توافرها وسهوله تداولها 7- امكانيه تقنين الجرعه المستخدمه منها….. وهذا حق لا جدال فيه؛ بينما يقدم محبى التداوى بالاعشاب دلائل قويه على تفوق الاعشاب وافضليتها عن العلاج باستخدام الادويه المخلقه. وسوف نورد وجهه نظر هذا الفريق فيما ياتى:-
اولا: الخصائص المتفرده للنباتات الطبيه
حيث ان بعض المركبات الطبيعية المستخلصة من النباتات الطبية لها خواص علاجية لم تصل أليها بعد مثيلاتها المحضرة صناعيا فمثلا مركب الخلين المستخرج من ثمار الخلة علاج ناجح لامراض أتذبحه وتوسيع الحالب لمرور الحصوات. كذلك مركب زيت البرجموت الطبيعى يفيد فى علاج البهاق بينما يعجز عن ذلك زيت البرجموت الصناعى.
ثانيا: العامل النفسي
ويقصد به مدى تقبل المريض للعلاج؛ حيث يقبل المريض على استعمال الإعشاب الطبية كشراب او غذاء بينما البعض لا يستسيغ استعمال الادويه ألمصنعه فى شكل أقراص او حقنا فى الجسم وللمريض خاصة المقيمين فى الريف ثقة فى الإعشاب الطبية وهذا الأثر النفسي لا يمكن تجاهله او إغفاله.
ثالثا: خلو الأعشاب الطبية – اذا احسن استعمالها – من الآثار الجانبية الضارة.
• حيث إن النباتات الطبية تحتوى على مركبات طبيعية يمكن للجسم إن يتعامل معها ثم يستطيع إن يهضمها وليس لها تأثيرات جانبيه ضاره ويستطيع الجسم إن يتخلص منها بسهوله بعد انتهاء مفعولها؛ بينما بعض الادويه المصنعة والاغذيه المعلبه لها أثار مدمره على الجسم وخاصة ألمعده والكبد والبعض منها تصل أضرارها الى حد إن تقوم شركات الادويه ألمنتجه لها الى كتابه أثارها ألجانبيه الضارة فى النشرات ألمرفقه وخاصة لدويه الروماتيزم والسرطان. وتتمثل الاثار الجانبيه لادويه المصنعه والاغذيه المعلبه فى: المضاعفات الدوائية الشائعه – الحساسيه –المضاعفات الخاصه مثل مضاعفات فرط استخدام المضادات الحيويه – التسمم بسبب فرط الجرعه – التشوهات الخلقيه –السرطنه – ادمان المواد المسكنه والمهدئات ..الخ مما يطول شرحه وليس المجال هنا فى نشره وسرده.
• رابعا: عدم مقدره الإنسان على محاكاتها
فان هناك الكثير من المركبات الطبيعية التي لم تصل يد الإنسان الى محاكاتها مثل مركبات الهيوسين والهيوسيامين من الداتوره والسكران ومركب الخلين من الخلة والجليكوسيدات القلبيه من الديجتالس و الزيوت العطرية الطبيعية مثل زيت الورد والبنفسج والتيوبروز؛ الراولفيا علاج ضغط الدم؛ الجلكرسين من العرق سوس؛ الفينكرسين من الونكا؛ الامودين من الخله؛ السيملارين من الخرشوف والخس؛ الروتين من الموالح؛ النيجلون من حبه البركه؛ الحلفابرول من الحلفابر؛ الالوين من الصبار؛ السيلارين من بصل العنصل ؛ وهكذا وما زال الإنسان يعتمد فى دوائه على استخلاص هذه المواد من النباتات. والمركبات الذي نجح البشر فى محاكاتها لم تصل بعد الى جوده المنتج الطبيعي فمثلا زيت الياسمين الصناعي اقل كثيرا فى ألجوده عن الزيت الطبيعي.
خامسا: العامل الاقتصادي
وفى هذا الصدد نجد إن الإعشاب الطبية تمتاز بالميزات ألاقتصاديه الاتيه:
أ- كونها إعشاب يمكن زراعتها وتوافرها عند ألحاجه إليها ولا يمكن احتكارها فى يد دوله او شركه معينه دون غيرها.
ب- رخص سعرها مقارنه بأسعار الادويه المصنعة مما يسهل من تداولها بين طبقات الفقراء والأغنياء.
ومن اصدق من قال هذه العباره من علمائنا الاسبقون (فلا عجب اذا امتدت الايادى والأصوات مناديه بالعوده الى الطبيعه وتصحيح المسار؛ وترك الدواء المصنع والغذاء المعلب بعدما اكتوى منها من ضرر وغلاء فى الاسعار؛ ولنعد الى احضان الطبيعه نشرب من ماءها وننهل من ثمرها وناكل من غرسها ولتعد المراءه تتزين من عطر ازهارها وبديع الوانها …مصداقا لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ … صدق الله العظيم).