دخل رجل على طبيب فقال له :أمتع الله بك إني أكلت البارحة من لحوم هذه الجوازل ، فطسئت طسأة فأصابني وجع ما بين الوابلة إلى دأية العنق فلم يزل يربو و ينمو حتى خالط الخلب و الشراسيف ،،،فهل عندك دواء لي ؟
فقال الطبيب : نعم خذ خربقاً و شلفقاً و شربقاً فزهزقه و زفزفه و اغسله و اشربه
قال الرجل : لم أفهم ما قلت !
قال الطبيب : وهل فهمت منك ما قلته انت اولا؟؟ ( منقول)
هذا هو حال التداوى بالأعشاب … فى يومنا هذا ما بين خزعبلات الدجالين و نصب المعلنيين… التى تطالعنا بين الحين والاخر على صفحات بعض المجلات وبعض قنوات التليفزيون … فهم يداوون بها كل الامراض .. و عندهم شفاء لكل الاعراض .
والغريب ان الطبيب فى كليه الطب يقضى من عمره سنوات طويله فى الدراسه والاستذكار حتى يعطى شهاده ويصرح له فى مزاوله مهنه الطب … وذلك حرصا على حياه المرضى وصحه الناس .. لكن فى طب الاعشاب فهو طب مباح .. يكفي ان يقرأ احدهم كتاب فى الاسواق فيذهب ليصف لهذا وذاك دواء لكل الامراض .. بلا رقيب ولا رادع؛ ولا ضمير ولا وازع.
متى يكون لهذا الطب العشبى اهله…. ولا يصرح ان يزاوله الا من درسه وعلمه …!! وعرف الداء ثم الدواء .. فكم من اعراض تشابهت وامراض تماثلت لكن لكل منها دواؤه ولكل منها سبيل الى شفاؤه..فما ينفع هذا لا يعالج ذاك .. ولست كذلك مثل ذلك..فليفهم اصحاب الصنعه تلك المسالك وليبعدوا بها عن المجاهل التى تورد المهالك.
وينبغى على المعالج بالاعشاب ان يكون داريا بعلوم الطب والعقاقير Pharmacognosy ملما بكيفه اعداد الاعشاب الطبيه للاستخدام الطبى وعارفا بجرعاتها ومقننا لمده استعمالها وواعيا للاضرار التى قد تحدث من فرط استعمالها عالما بالتفاعلات بينها وبين غيرها من الادويه.. مدركا بالماده الفعاله بها وكيفيه استخلاصها … هكذا والا فهو مدعى لا علم له .. متعديا لا خلاق له..
ويا حبذا لو تم إخضاع تلكم القنوات الإعلانية إلى سلطة الضبط للحد من التروّيج لأنواع الاعشاب والوصفات العشبيه تحت مسمى التداوى بالاعشاب، وتقنين بيعها وفرض الرقابة على بيع مكملات غذائية مبهمه على أساس أنها أدوية حيث إن منتجي هذه المكملات لا يصنفونها في خانة الأدوية من أجل التهرب من إجبارية الحصول على الرخصة من وزارة الصحة، لأن الدواء لا يباع إلا بوجود رخصة من الوزارة .
وتقع المشكلة الكبيرة تتمثل في تلاعب بعض المتاجرين بمشاعر المرضى وايهامهم بتوفير العلاج تحت ما يسمى عندهم بالطب العشبى، فيوفرون لهم خلطات وأدوية لإيهامهم بأنها تشفي الحالات المزمنه منها كالعقم والسرطان وداء السكري وضغط الدم والتهاب الكبد الفيروسي….الخ والغريب في الأمر هو الإقبال الكبير للمرضى الذين يصدقون بوجود وصفات”معجزة” تداوي ما لم يستطع الطب الحديث التغلب عليه…. فلا نامت اعين الجهلاء
ومن اخطر الامور التى يجهلها معظم المداوون بالأعشاب هى ظاهره التداخلات الضاره بين الاعشاب والادويه. فان تناول الاعشاب مع الادويه قد يودى الى ثلاثه اضرار اذا اخذت بدون درايه . فقد تكون الإعشاب مضاعف للجرعه او مقويه لها او متعارضه معها (mimic, magnify, or oppose the effect of drugs). فمثلا تناول الزنجبيل اوالثوم اوالجنكو وجميعها من الاعشاب المسيله للدم مع الأدوية المانعة للتجلط، مثل الأسبرين ودواء (Warfarin) يؤدى الى تضاعف الجرعه مما يتسبب فى احداث النزيف؛ كما ان الإكثار من العرقسوس يتسبب فى زياده افراز البوتاسيوم وزياده تركيز الصوديوم مما يؤدى الى زياده الضغط مقللا من مفعول ادويه خفض الضغط ؛ كما ان كل النباتات الطبية الملينة المعالجة للإمساك، والتى تحتوى على مادة الأنثراكينون مثل
الراوند والسنامكى والصبار تتسبب خروج ادويه القلب والمضاده الحيويه فى الاسهال ولا تتيح امتصاصها فى المعده مما يقلل من فعاليتها كثيرا مما يتسبب فى تأثيرات خطيرة عند أخذها مع أدوية القلب، وتسبب خللا كبيرا فى الجرعة العلاجية،. , والامثله على ذلك كثيره ولا مجال لذكرها هنا .. ولكن يجب ان ننتبه الى خطوره هذا الطرح فلا يصف الدواء عشبيا كان او مصنعا الا خبير متخصص فى علوم الطب والصيدله وعلم الاعشاب ولا نتركها كلاء مباحا لمن تجارته المرابحه فى الالام الناس … والله ولى الامر والتوفيق
اد/ صلاح الدين محمد محمود … استاذ النباتات الطبيه والعطريه بقسم البساتين كليه الزراعه جامعه الازهر بالقاهره – رئيس قسم البساتين الاسبق