السالمونيلا هي بكتريا سالبة الجرام عصويّة الشكل من عائلة البكتريا المعوية منتشرة جدًا في الطبيعة و عادةً ما تعيش في الأمعاء الحيوانية والبشرية، ويتم إخراجها مع البراز.
هناك أكثر من 2000 صنف مختلف من السالمونيلا، وأكثر من 200 صنف منها تُسبب الأمراض لدى البشر إذ تصيب الجهاز الهضمي من خلال تناول أغذية، أو مياه ملوثة بالسالمونيلا.
إعتبرت منظمات الصحة العالمية المعنية بسلامة الغذاء ميكروب السالمونيلا أحد اهم المسببات البكتيرية التي تهدد صحة المستهلك وذلك بسبب تكرار العدوى بها و إنتشارها و ضراوة إصابتها.
وبائياً، تُعد السالمونيلا من أهم مسببات الإسهال وغيرها من أعراض التسمم الغذائي في مختلف الأعمار حيث تم تسجيل 93.8 مليون إصابة بالسالمونيلا، و 111.000 وفاة على مدار خمسة سنوات طبقاً لمنظمة التحكم في الأمراض الوبائية.
إقتصادياً، فقد تم تقدير الخسائر الاقتصادية بسبب الإصابة بالسالمونيلا الناتجة عن تناول الأغذية الملوثة بحوالي 1.66 مليون دولار سنوياَ. من ناحية أخرى، فإن التقارير الوبائية والاستقصائية للإصابة بالسالمونيلا في افريقيا، وفي مصر بشكل خاص، غير كاملة و دقيقة على الرغم من تسجيل 1.9 مليون إصابة بالسالمونيلا في افريقيا بشكل عام.
في العادة، لا يعاني الأشخاص المصابين بعدوى السالمونيلا من أي أعراض. ويعاني آخرون من الإسهال والحمى وتشنجات البطن في غضون 8 إلى 72 ساعة. ومعظم الأشخاص الأصحاء يتعافون خلال أيام بدون علاج معين.
في بعض الحالات، يمكن أن يتسبب الإسهال المرتبط بعدوى السالمونيلا في جفاف شديد، الأمر الذي يتطلب الحصول على الرعاية الطبية الفورية. و قد بكون مصحوبة بمضاعفات مهددة للحياة أيضًا في حالة إنتشار العدوى في الجسم خارج الأمعاء. تزيد خطورة الإصابة بعدوى السالمونيلا بنسبة أعلى غند السفر إلى بلدان ذات مرافِق صحية سيئة.
أصبحت ظاهرة مقاومة البكتريا، ومنها السالمونيلا، أحد أهم ما يشغل البحث العلمي لما يسببه من تفشي للامراض مع عدم القدرة على علاجها أو السيطرة عليها خاصة في مجال صحة الاغذية. إذ تعتبر السالمونيلا المقاومة للمضادات الحيوية من أهم المخاطر التي تهدد الانسان والحيوان على حد سواء، إذ يعتبر تفشي السالمونيلا المقاومة للمضادات الحيوية في الحيوانات المنتجة للغذاء والمنتجات الغذائية بشكل عام من أهم مسببات إصابة الانسان بالتيفود، خاصة مع إنتشار عترات السالمونيلا المقاومة للعديد من المضادات الحيوية والتي تم تسجيل مقاومتها لمجموعات التتراسيكلين، السيفالوسبورين والكينولون عالمياَ؛ إذ تعتبر تلك المركبات من أهم المضادات الحيوية التي كانت قد اوصت بها منظمة الصحة العالمية لعلاج الاصابة بالسالمونيلا في الانسان.
يعيش في الطعام وفي جسم الإنسان عشرات السلالات من البكتيريا المقاومة لتأثير المضادات الحيوية. في هذا الصدد، و باعتقاد العلماء، فإن خطر الأوبئة اليوم لا يزال مرتفعا جدا، حتى أنه يوجد خطر حقيقي بأن الأدوية المضادة للميكروبات ستفقد فعاليتها وسيتراجع الطب إلى “العصور المظلمة”.
ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى الاستخدام غير السليم للمضادات الحيوية في مزارع تربية الحيوانات اللاحمة والمنتجة لمختلف الاغذية مثل البيض والحليب، حيث تضاف إلى علف الأبقار والدجاج، لتنتقل نسبة عالية منها إلى الإنسان أثناء تناول لحومها، دون أن يشعر بذلك. أي أن جسم الإنسان يصبح معتادًا عليها، وعندما يصبح المضاد الحيوي ضروريًا حقًا لشخص مصاب، فإن مفعوله لن يكون بالمستوى المطلوب أو حتى لن يكون له أي مفعول. لذلك يعتقد العلماء بأن حظر استخدام المضادات الحيوية في مزارع تربية الماشية والدواجن يجب أن يكون الخطوة الأولى نحو مكافحة العدوى.
يعتبر الكشف البكتريولوجي والتتبع الوبائي لإصابات السالمونيلا خاصة المقاومة منها للمضادات الحيوية من الضروريات لما يشكله من خطر على الصحة العامة. لذا فإن إستخدام التقنيات الحديثة مثل تفاعل البلمرة المتسلسل، و VITEK® –2 و MALDI‑TOF MS من أهم و أسرع و أدق التقنيات المستخدمة في التعرف على الكائنات الدقيقة وتصنيفها، بل ومعرفة تتابعها الجيني و مدى ضراوتها ومقاومتها للمضادات الحيوية.
محلياَ، سجلت العديد من الدراسات الوبائية المصرية وجود السالمونيلا في العينات البشرية ولحوم الدجاج و غيرها من المنتجات الغذائية. ومع ذلك ، لا تعتبر السجلات والتقارير الحاضرة عن معدل الإصابة والتشابه بين عترات السالمونيلا المعزولة من الانسان والغذاء دقيقة وكاملة في محافظة القليوبية.
علاوة على ذلك، فإن التهديد العالمي المتزايد الذي يمثله ظهور مثل هذه البكتيريا المقاومة دفعنا إلى إجراء دراسة فحص صحية بيطرية و بشرية عن وبائية وجود وتوزيع السالمونيلا في الغذاء والبشر، وتسجيل عترات السالمونيلا المعزولة المقاومة لمضادات حيوية حديثة.
د. محمد نبيل السيد عبدالقادر (باحث صحة أغذية – معمل بنها ) – مركز البحوث الزراعية – مصر
- mail: mhmdvet2010@gmail.com