الدكتور إبراهيم درويش يكتب : البحوث العلمية طوق النجاه لمجابهة التغيرات المناخية
اصبحت التغيرات المناخية واقعا لامفر منه ولامهرب ..ولها آثار جانبية على القطاع الزراعى والأمن الغذائى وارتفاع درجات الحرارة ..والجفاف. والاحتياجات المائية للمحاصيل وانتشار الآفات والأمراض التى لم تكن موجودة من قبل ..
والتى يجب أن يتم وضع سياسة زراعية لها وإعداد تركيب محصولى مختلف عن الحالى وتعديل مواعيد الزراعة بما يتناسب مع درجات الحرارة الحالية وحسب المناطق الزراعية داخل الدولة المصرية وتجديد التوصيات الفنية التى تتناسب مع التغيرات المناخية و التى يطلقها المزارعون على محاصيلهم لمجابهة هذه التغيرات ..
وكل النقاط السابقة تستدعى
زيادة البحوث العلمية الجادة والتطبيقية وعلى أرض الواقع التى تهتم بمعالجة التغيرات المناخية والتكيف معها والحد من آثارها ومجابهة ماتحدثه من آثار ضارة بالمحاصيل الزراعية الاستراتيجية ..التى تعتبر عصب الأمن العذائى للدولة المصرية وبما تحدثه من أضرار على محاصيل الخضر أو الفاكهة والتى تعتبرها الدولة المصرية مصدرا من مصادر زيادة الدخل القومى من العملة الصعبة لأنها محاصيل تصنيعية وتصديرية ..
ويجب أن يتم إعداد التوصيات الفنية لكل محصول على حدة عن طريق متخصصين فى هذا المحصول .. ولاتترك التوصيات الفنية لمجابهة التغيرات المناخية للتجربة والخطأ من غير المتخصصين ..
وفى هذا السياق نستعرض بعض الآثار الضارة التى تسببها التغيرات المناخية من ارتفاع لدرجات الحرارة على المحاصيل الزراعية الصيفية
واقتراح اهم المعاملات التى يجب أن نقوم بها لتخفيف الأضرار التى تسببها ارتفاعات درجة الحرارة..المرتفعة …
ومن المهم أن نوضح الاتى :
اولا …. أن الاجهادات التى تتعرض لها المحاصيل قد تكون اجهادات منفردة أو اجهادات مركبه او متعددة ..
فعندما تتعرض المحاصيل إلى إجهاد ارتفاع لدرجات الحرارة بصورة أكبر من الحرارة المناسبة فهذا بالتأكيد يمثل اجهادا على النبات وهذا إجهاد فردى
.لكن هذا الإجهاد يزداد صعوبة على النباتات إذا صاحب ارتفاع درجات الحرارة نقص المياه وتعطيش للنباتات وبذلك يكون لدينا اجهادان على المحصول فى نفس التوقيت ..وايضا تتفاقكم المشكلة
اذا كان هناك ارتفاع فى درجة الحرارة ونقص للمياه ( جفاف) وايضا الأرض ملحية …. فيكون لدينا ثلاثة اجهادات مركبة ..(حرارة.. جفاف…ملوحة )
وبالتأكيد ستؤدى إلى خسائر فادحة إذا لم يتم مجابهة هذه الاجهادات على وجه السرعة ..أو المعاملة بطريقة تعى حجم التحديات التى تفرضها هذه الاجهادات ..
وتزداد الكارثة إذا تم استخدام المبيدات الكيماوية لمكافحة الآفات أو الحشائش فى ظل هذه الاجهادات .. اكون بذلك حكمت على المحصول بالموت الكامل …
ثانيا …..كما يلاحظ ايضا العلماء وخاصة المشتغلين بعلوم تربية النبات أن الصفات التى يتم الانتخاب إليها فى الأصناف المتحملة الاجهادات البيئية متداخلة للاجهادات الثلاثة ( تحمل الحرارة المرتفعة .تحمل الجفافى.تحمل الملوحة )
بمعنى انك عند التربية واستنباط أصناف تتحمل الجفاف يمكن أن تتحمل الحرارة ويمكن تحسينها وتتحمل أيضا الجفاف ..
وهذه مدرسة تحاول أن تستفيد من صفات تحمل الاجهادات الجيدة الموجوده فى التركيب الوراثة ..
الاضرار التى تسببها درجات الحرارة المرتفعة
١- التأثير على التركيب المحصولى
فمن المعلوم أن التركيب المحصولى لاى دولة تحدده عدة اعتبارات….
أهمها؛
المساحة المنزرعة ..وإحتياجات الدولة المصرية ..وظروف التربة والمنطقة التى يزرع فيها المحثول …..والمناخ ..
والأهم هو مدى توفر الموارد المائية التى تحقق تنفيذ التركيب المحصولى بفاعلية ..وتجعله أمر واقعا …
وبارتفاع درجات الحرارة عن المعتاد سوف يؤثر بالتأكيد على التركيب المحصولى لأن درجات درجات الحرارة المرتفعة تؤثر على كل العوامل السابقة .
٢- زيادة الاحتياجات المائية لكل محصول ..فى ظل محدودية الموارد المائية المصرية ..
إرتفاع درجات الحرارة ستؤدى إلى زيادة الاحتياجات المائية والمقننات المائية وكميات المياه التى يحتاجها كل محصول على حدة وبالتأكيد ستختلف بالزيادة عن الكميات السابقة..وهذا يجعل المزارع يحتاج إلى زيادة كمية المياة فى الرئة الواحدة وايضا زيادة عدد الريات عن المعتاد على فترات متقاربة الأمر الذى يجب عليه أن توفر وزارة الرى كميات من المياه إضافية تضخها فى القنوات المائية مما يؤثر بالسلب على الموارد المائية المصرية فى ظل محدودية الموارد ….
٣- تأثير ارتفاع درجات الحرارة على المحاصيل الزراعية سوف يختلف فى تأثيرها الضار من محصول إلى اخر وذلك حسب المجموع الخضرى له ومدى غضاضته وعمر المحصول ..وعدد مرات الرى . ويزداد التأثير الضار كلما زاد المجموع الخضرى. وعند زيادة التسميد الازوتى عن الحد اللازم ..أو التسميد الغير متوازن ..
ويكون التأثير أكثر ضررا عند زيادة التسميد الازوتى فى ظل نقص المياه أو التعطيش ..
٤- ويزداد الضرر ايضا عند ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياة خاصة مراحل التذهير والتلقيح والاخصاب .ومرحلة امتلاء الحبوب .أو العقد ..لان إرتفاع درجات الحرارة. مع نقص المحتوى المائى فى النباتات سوف يؤدى إلى خلل فى جميع العمليات الحيوية والفسيولوجية الداخلية وعدم اتزان ..فى كل وظائفة بما فيها فتح وغلق الثغور مما يؤثر على امتصاص الماء والعناصر الغذائية .
٥- يظهر الضرر بوضوح إذا كان هناك تذبذب فى درجات الحرارة مما يفقد النبات استقراره ويؤثر على امتصاص المياه من التربة بما فيها من عناصر. غذائية وتوزيعها داخل النبات كما تؤثر على عمليات النتح والتمثيل الضوئى وتؤدى إلى زيادة الاحتياجات المائية للنباتات
٦- تؤثر درجات الحرارة المرتفعة بصورة مباشرة على المياسم وحبوب اللقاح سواء بموتها أو لزوجتها أو فشلها فى اختراق المياسم و الاخصاب مما سيقل العقد فى الازهار…وتظهر الحبوب الفارغة مثل الأرز أو تغيب الحبوب مثل الذرة الشامية فعند غياب الحبوب فى الكوز يطلق عليه سنة العجوزة ..
٧- تأثير الحرارة المرتفعة فى محاصيل الخضر والفاكهة فقد يحدث تساقط الازهار بها .أو تظهر على أوراقها علامات التهدل للاوراق .وذبولها لزيادة بعض الهرمونات النباتية. وانخفاض المحتوى المائى للاوراق والخلايا. مما ينعكس بالسلب على إنتاجية هذه المحاصيل ..
أهم التوصيات التى يجب نلفت الإنتباه إليها ..
اولا ..توجيه البحوث العلمية لمجابهة التأثيرات المناخية الضارة
ثانيا … زيادة الاهتمام ببرامج تربية الأصناف المتحملة للإجهادات البيئية مثل ( الحرارة العالية ..أو المنخفضة. نقص المياه ..الملوحة )..
ثالثا. ..التوصية بزراعة والاعتماد على الأصناف الواسعة القاعدة الوراثية أفضل من الأصناف ضيقة القاعدةالوراثية ….خاصة عند التوسع فى زراعة أصناف الهجن من الذرة الشامية فى المشروعات القومية الكبرى
رابعا. ..الاهتمام بالتسميدالمتوازن.وتطبيق المعادلات السماوية لكل محصول على حدة ..وعدم الاسراف فى التسميد الازوتى خاصة عند ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه ..
خامسا …يراعى تجنب استخدام المبيدات وقت الظهيرة أو عند نقص المياه حتى لانزبد الضغوطات الاجهادية على النباتات.
سادسا…..الاهتمام بإجراء عمليات الرى المتتالي وتقصير الفترة الزمنية بين الريات لتوفير الرطوبة الأرضية اللازمة للمحصول و لتخفيف اثار الإجهاد الحرارى وتخفيف تركيز الأملاح حول جذور النباتات إذا كانت التربة ملحية ..
سابعا… العمل على تدعيم النباتات بالعناصر الغذائية الصغرى خاصة أن التربة المصرية أصبحت فقيرة فى العناصر الصغرى مثل الحديد الزنك البورون والمنجنيز وبعض المحفزات. و الرش بسليكات البوتاسيوم وممكن استخدام الخل والليمون وكل ذلك بهدف مساعدة النباتات على مجابهة ارتفاع درجات الحرارة …والقيام بالتمثيل الضوئى فى اقل كمية ممكنةومتاحة من المحتوى المائى
ثامنا ..يفضل أن يكون الرى وجميع العمليات التى تجرى على النباتات فى الصباح الباكر أو قبل الغروب لأنها الفترة التى تقوم فيها النباتات بجميع العمليات الحيوية لها بصورة طبيعية بعيدا عن الاجهادات ..
ا.د / ابراهيم حسين درويش
استاذ المحاصيل
وكيل كلية الزراعة جامعة المنوفية