يهدف برنامح التنمية المحلية بصعيد مصر إلى تعزيز قدرات الحكومة المحلية لتوفير بنية تحتية وخدمات ذات جودة عالية وتوفير المناخ الملائم لتنمية القطاع الخاص وتوفير الوظائف في أربع محافظات.
والبرنامج اعتمد نهجاً قائماً على المشاركة في التخطيط بالتشاور مع أصحاب المصلحة في قطاع واسع من المجتمع المحلي لتحديد الاستثمارات التي ينبغي القيام بها وتنفيذها وتقييمها.
جهود البرنامج لاقت إشادةً من إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة التي أدرجته على قوائمها لأفضل الممارسات التي تحقِّق أهداف التنمية المستدامة.
يقول حسن كامل عضو منتدى التنمية المحلية في صعيد مصر بمحافظة سوهاج: “أصبحنا نحن المواطنين من يحدد أولويات المشروعات التي نحتاج إليها. لم يحدث هذا قط من قبل هنا، وهو ما جعلني أشعر أنني كمواطن لي دور فعال في تنمية قريتي.”
والعملية التي أشار إليها حسن كامل هي أحد مُكوِّنات برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر الذي يمتد لسبع سنوات وتلقى تمويلاً قدره 500 مليون دولار من البنك الدولي.
ويساند البرنامج الذي تم تدشينه في 2017 جهود الحكومة للنهوض بمناطق الصعيد في جنوب البلاد التي لم تحظ بنصيبها من التنمية، وذلك بتحسين بيئة الأعمال المحلية.
وقد أدى البرنامج إلى تحفيز إيجاد فرص العمل بقيادة القطاع الخاص وتقوية قدرات أجهزة الحكم المحلي على توفير البنية التحتية والخدمات.
ويوفر البرنامج، الذي يُعَد نموذجاً تجريبياً مبتكراً للتنمية الاقتصادية وتقديم الخدمات على أساس التنمية المكانية المتكاملة، تمويلاً على أساس تحقيق النتائج في محافظات سوهاج وقنا والمنيا وأسيوط وذلك عن طريق دمج مشاركة المواطنين ومؤسسات الأعمال من أجل تعزيز المساءلة على المستوى المحلي في تلك المحافظات.
وفي عام 2021، أدرجت إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة البرنامج ضمن قوائمها باعتباره نموذجاً لأفضل الممارسات بين المبادرات الإنمائية الرامية إلى تحقيق الغايات الشاملة الواردة في أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 التي اعتمدتها الأمم المتحدة. وتم أيضاً تصنيف البرنامج باعتباره أحد العوامل الرئيسية المساهمة في تنفيذ برامج الحكومة المصرية للسنوات المالية 2018/2019- 2021-2022.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن تعداد سكان مصر قد تخطَّى 100 مليون نسمة في أوائل عام 2020، يتركز ثلثهم في منطقة الصعيد وحدها. ومع ذلك، تتأخر هذه المنطقة عن بقية البلاد من حيث النمو الاقتصادي، وإيجاد فرص العمل والتوظيف، والربط بشبكة الطرق الموصلة للأسواق، والحصول على خدمات عالية الجودة. ويعيش قرابة نصف فقراء مصر في هذه المنطقة، وتُعد المحافظات الأربع التي يشملها البرنامج من أفقر محافظات البلاد.
تمويل مرافق البنية التحتية والخدمات
يسعى برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر منذ إطلاقه إلى معالجة هذا التأخر على مؤشرات التنمية، حيث قام بما يلي:
وتمويل مرافق البنية التحتية والخدمات التي تلبي الاحتياجات المحلية. ساعد البرنامج على تحسين قدرات المحافظات على:
• تخطيط الاستثمارات الرأسمالية متوسطة الأجل بين القطاعات
• تصميم المشروعات، وتقييمها المسبق وتنفيذها
• إدارة المخاطر البيئية والاجتماعية
• استدامة البنية التحتية المحلية من خلال إدارة الأصول.
وتم تطوير مرافق البنية التحتية من أجل الارتقاء بمستوى معيشة المواطنين مع التركيز على التنمية الحضرية، وتطوير المدن، والخدمات البلدية الأساسية (إمدادات مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي والطرق والكهرباء).
وتشير التقديرات إلى أن مرافق البنية التحتية والخدمات التي مولها البرنامج عادت بالنفع على نحو 5 ملايين مواطن حتى الآن في أول محافظتين وهما قنا وسوهاج، أو ما يعادل ثلث سكانهما؛ كما أن نصف المستفيدين من النساء.
وتساعد مشروعات البنية التحتية على تحسين رفاهة الناس، وذلك في الغالب بشكل مباشر. من أمثلة ذلك: تغطية ترعة تمر بجوار إحدى المدارس في قرية “أولاد نصير” بمحافظة سوهاج،حيث كان الوضع سيئاً للغاية فيما سبق، حيث كان يجري التخلص من القمامة على جانبي الترعة، وأدى هذا إلى انبعاث روائح كريهة تصل إلى المدرسة وتؤثر تأثيراً سلبياً للغاية على المعلمين والطلاب
كما تم اعتماد نهج متكامل لتعزيز القدرات التنافسية على مستوى محافظات البرنامج. ويشمل هذا :
• تحسين الخدمات من الحكومة إلى مؤسسات الأعمال عن طريق إصدار تصاريح المحال التجارية وتراخيص البناء
• تشجيع التنافسية في القطاعات من خلال الحوارات التي تتم بين القطاعين العام والخاص ويقودها المجتمع المحلي وتستهدف أربعة تكتلات قطاعية (المنسوجات، وقصب السكر، والتطريز، والأثاث)
• تحسين الإدارة والخدمات في المناطق الصناعية المحلية.
وبحلول عام 2021، بلغ عدد الشركات المحلية المستفيدة من مثل هذه المبادرات أكثر من 3300 شركة محلية، وزاد معدل الإشغال في المناطق الصناعية بنسبة 20 نقطة مئوية في قنا و5 نقاط مئوية في سوهاج منذ عام 2017.
ويهدف البرنامج إلى إتاحة خدمات أسرع للمستثمرين في المراكز التكنولوجية التي تقدم خدمات تسجيل مخططات البناء واستخراج تراخيص البناء. وساعد البرنامج حتى الآن في اختصار الوقت المستغرق في استخراج تراخيص البناء بما لا يقل عن 25% في العديد من مراكز تقديم هذه الخدمات بالمناطق المستهدفة.
واستفاد من تطوير المركز التكنولوجي في المحافظة: “أتقدم بطلبات استخراج تراخيص البناء منذ عام 2012؛ وكان استخراج التراخيص يستغرق مني من شهرين إلى ثلاثة شهور فيما مضى. أما الآن، فقد أصبحت هذه المدة أقل بكثير؛ والإجراءات أكثر تنظيماً بشكل كبير.”
تعزيز مشاركة المواطنين ومؤسسات الأعمال
كما تم تعزيز مشاركة المواطنين ومؤسسات الأعمال من خلال عملية قائمة على المشاركة. يشترك المواطنون ومنهم النساء والشباب في اختيار المشروعات الاستثمارية من خلال مشاورات منتظمة.
وقد شارك أكثر من 8500 من المواطنين، نحو ثلثهم من النساء، في المشاورات، وأسهمت أفكارهم وآراؤهم في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن اختيار المشروعات التي تتضمنها الموازنة السنوية.
وقد أدَّى البرنامج إلى زيادة حصول الجمهور على المعلومات، وزيادة ما ينطوي عليه ذلك من شفافية بالإفصاح علانية عن الوثائق الرسمية التي لم تكن تُنشَر من قبل مثل الموازنات السنوية للمحافظات، وتقارير المراجعة، وخطط المشتريات العامة، وتقارير استقصاء آراء المواطنين، وبيانات الاستجابة للشكاوى وتسويتها. ويعالج البرنامج شكاوى المواطنين بشأن الخدمات المحلية من خلال آلية جديدة للاستحابة لهذه الشكاوى وتسويتها.
وتعقِد مؤسسات الأعمال المحلية اجتماعات للتشاور بين القطاعين العام والخاص من أجل تحديد أولوياتها مثل منتديات المستثمرين في المناطق الصناعية ومبادرات تعزيز التنافسية في القطاعات الاقتصادية المختلفة، حيث تقوم هذه المؤسسات بوضع خطط العمل لمعالجة ما تواجهه من معوقات.
وقالت مارينا ويس، المديرة الإقليمية المسؤولة عن مصر واليمن وجيبوتي في البنك الدولي: “يساعد هذا البرنامج على تهيئة بيئة ملائمة لإصلاح السياسات استناداً إلى الشواهد والأدلة بالإضافة إلى الإصلاحات المؤسسية اللازمة لتحسين التنافسية في المناطق التي لم تحظ بنصيب من التنمية من قبل، فضلاً عن تمكين أجهزة الحكم المحلي من تلبية احتياجات المجتمعات المحلية وأولوياتها التنموية. ويحدونا الأمل في إيجاد نموذجٍ قابل للمحاكاة من أجل النهوض بتلك المناطق التي تأخرت تنميتها في مصر والشرق الأوسط.”
دكتور / علي عبدالرحمن
رئيس الاتحاد الدولي للاستثمار والتنمية والبيئة