الدكتور أحمد زكى أبو كنيز يكتب : ليست المرة الأولى التى تجفف فيها أثيوبيا من حولها
فى اثيوبيا ثلاثة عشر نهراً اكبرها النيل الازرق و أشهرها نهر اومو وهذا النهر خططت اثيوبيا ان تقيم عليه مجموعة من السدود عددها خمس سدود هى جلجل 1, 2…..جلجل 5 و فعليا انتهت من بناء ثلاثة اهمهم الثالث الذى يعتبر الاعلى بين السدود الافريقية والذى تسبب فى اقتراب بحيرة توركانا من الجفاف تحت وطأة انخفاض الايراد المائى لها من نهر اومو وهذا ادى الى خفض، الرواسب والمواد الغذائية الحيوية التي تحتاجها الزراعة التقليدية والمراعي الموجودة حول البحيرة, وبالتالى ادى الى اضرار ايكولوجية كبيرة باكبر بحيرة صحراوية بالعالم.
و لمن لايعرف فحوض تركانا فريد من نوعه وثمين، فهو يعد مهد وبوتقة جنسنا البشري. و يشمل مساحات شاسعة و يعتبر من أقدم مناطق العالم المعروفة بأنها كانت مهد الجنس البشري أو “الهومو سيبينز”، والتي تعد الآن أحد أكثر أماكن التنوع الإثني تميزاً في العالم. ففى هذه المنطقة تاريخ متنوع من التقاء الثقافات لثماني مجموعات إثنية بدائية، تتحدث العديد من اللغات بدءاً من الأفرو آسيوية وحتى النيلو صحراوية. كل هذا دفع اليونسكو لتصنيفه موقع تراث انسانى عالمى. عام 1980
وقد ترتب على تشغيل السدود الاثيوبية الثلاث على نهر اومو تهجير قصرى للسكان الاصليين بالجزء الذى يقع داخل الحدود الاثيوبية من حوض تركانا و بالتالى يمثل هذا بداية القضاء على منطقة التنوع الاثنى , كما انخفض ايراد بحيرة تركانا مما ادى الى انحسارها و ذهابها فى اتجاه الجفاف و ربما بعد عدة عقود قادمة تصبح اثراً بعد عين فيتكرر ماحدث فى كارثة بحر آرال. اما المجتمعات المتعددة، الموجودة في حوض تركانا، عانت من تقليص منظم لأبسط حقوقها الأساسية وهم الان يرون انهم فى طريقهم للفناء.
وقد اتبعت اثيوبيا مع كينيا و اليونسكو و السكان الاصليين بالمنطقة استراتيجية التطمين مع ففى البداية وعود وعهود و ايمان مغلظة و مواثيق انه لن يحدث ضرر بشعوبكم او بمنطقة التراث الانسانى المسجلة
و لن تنقص مياه نهر اومو المتدفقة على بحيرة تركانا ليستفيق الجميع على على امر واقع قد تم فرضه وهو انخفاض حاد فى تصرف هذا النهر نتيجة انشاء الجلاجل الثلاث و كانت لها نتائج كارثية اهما تهجير 300 الف مواطن اثيوبى من مناطق السد لزراعة حوالى 300 الف هكتار قصب و انشاء ستة مصانع لاستخلاص السكر من القصب. والان كينيا تعض اصابع الندم على مافات.
ان اثيوبيا تقول انها تريد التنمية فحسب لكن ماهى التنمية ايها الاحباش, التنمية هى مسألة أكثر من مجرد زيادة في إجمالي الناتج المحلي هو أمر قد ترسخ بالفعل. إن التنمية المستدامة يجب أن تكون مبنية على الحصول على نصيب شامل من الضرورات الاجتماعية والاقتصادية، مع عدم الاضرار بالثروات البيئية او البيولوجية او التراث الانسانى. الآن انا ارى ان الاحباش ومن ورائهم تجاوزوا كل ذلك ويحلمون بتدشين امبراطورية تعتمد على الكهرباء المنتجة من المياه و على المياه نفسها للتحكم فيمن حولهم, هذا هو بيت القصيد فهل تنجح فى ذلك؟ هذا ما ستجيب عنه الايام القادمة.
و اعود فأقول إن استراتيجية بناء السدود لدى الحكومة الإثيوبية تجاوزت الأعراف الدولية والقانونية وأن الهدف من هذه السدود يتجاوز مجرد تحقيق أهداف التنموية بحتة الى تحقيق هيمنة اقليمية مائية وهذا مخالف لحقائق التاريخ و الجفرافيا و لن يكون ابداً وربما يكون محركها لذلك بعض القوى الاقليمية و الدولية وهذا لن يمر مرور الكرام.
أن السدود الإثيوبية بالتاكيد ستلحق ضرراً مباشراً بمصالح الدول المتشاركة معها في ذات الأنهار، وهو ما يمثل تهديد مائي مستمر لهذه الدول وهذا سيقود الى عدم استقرار فى منطقة القرن الافريقى خاصة وللمجتمع الدولي عامة.
واعود فأقول ان تجربة سدود جلجل الثلاث يجب ان تكون ما ثلة امام العيان فى مصر و السودان وان ما وقع بحوض بحيرة تركانا مرشح بل مؤكد أن يقع فى حوض النيل الازرق و اصبحنا نرى باعيننا ما يمكن ان يحدث لدولتى المصب السودان ومصر خلال سنوات قليلة قادمة.
و امام مماطلة وتعنت و محاولة فرض الامر الواقع من جانب الاحباش تنفتح جميع الاحتمالات و على رأسها تنفيذ و صية الفرعون الخالدة المنحوتة على جدران معبد حورس و التى تقول اذا انخفض منسوب النهر فليهرع كل جنود الفرعون و لا يعودون الا بعد تحرير النيل مما يقيد جريانه,, هكذا أمر الفرعون واضح جلى لا لبس فيه.
أن اجراءات الحبشة الاحادية المتعنتة سواء فى ملىء بحيرة السد اللعين او التصرفات التشغيلية الدائمة له ستضر حتما بمصالح مصر و السودان و سيتأثر البلدين فى انتاج الطاقة الكهرمائية و ربما تخرج بعض السدود من الخدمة اضافة الى تضرر مساحات شاسعة من الاراضى الزراعية و خروجها من الخدمة ايضاً , وكذلك زيادة تركيز الملوثات بمياه نهر النيل, كل ذلك يحتم على الدولتين ضرورة و سرعة التصرف للحفاظ على امنهما القومى و استخدام القوة فى منع الاحباش مما ينتون فعله .