الدكتور على عبد الرحمن يكتب : الثورة الخضراء
إن انتشار تطبيق إنتاج الأغذية الذي يعتمد على العلم ظاهرة حديثة نسبياً.
وكان كثير من المعرفة العلمية الضرورية لبدء الإنطلاق في الإنتاجية الزراعية متوفراً بحلول الأربعينيات. ومع ذلك، فقد تأخر انتشار إتباع هذه التكنولوجيا الجديدة بسبب الكساد الاقتصادي الكبير في الثلاثينيات والذي أصاب الاقتصاد الزراعي العالمي بشلل.
وهذه التطورات والتطورات الأخرى في مجال الزراعة تمثل قيام ثورة جديدة. وهي مأطلق عليها ثورة خضراء تعتمد على تطبيق العلم والتكنولوجيا”. وهكذا تمت صياغة مصطلح “الثورة الخضراء”.
وتمثل الثورة بدء عملية تطبيق العلم الزراعي لوضع أساليب حديثة لظروف إنتاج الأغذية في العالم الثالث.
ويتم تمويل كثير من بحوث الثورة الخضراء بتنفيذ من القطاع العام ومؤسسات خاصة غير ربحية.
وتم نشر التقدم الذي أحرز في المعرفة والذي نتج عن هذه البحوث بشكل عام وتقاسمه بدون أي قيود.
وقد أفضت الشبكات الدولية لاختبار المورثات التي نتجت عن ذلك- مع تبادل المواد الوراثية بحرية وبدون أي قيود إلى حد كبير- إلى بدء مرحلة جديدة من تربية النباتات.
أيضا انتاج نوعيات القمح والأرز التي تعطي إنتاجا كبيراً – وممارسات إنتاج المحاصيل الأكثر كثافة .
وكان القمح عالي الغلة ونوعيات الأرز هي “الرائدة” في الثورة الخضراء رغم تحقيق تقدم كبير أيضاً في التحسين الوراثي للذرة والذرة الرفيعة والشعير والبطاطس والعديد من البقول.
وقد أعطي اهتمام زائد بنوعيات القمح والأرز ذاتها كما لو كانوا هما وحدهما يستطيعان التوصل إلى نتائج عظيمة.
والمؤكد أن هذه النوعيات الجديدة كان لديها إمكانية رفع مستويات استجابة المحصول لأعلى نظراً لوجود هندسة نباتية أكثر كفاءة وإدراج المصادر الوراثية من أجل حماية أكبر من الأمراض والحشرات.
ومع ذلك، فهذه النوعيات حققت المقدرة المحصولية الوراثية عند مزجها مع التغييرات النظامية لإدارة المحاصيل مثل مواعيد ومعدلات الزراعة والتسميد وإدارة المياه ومكافحة الأعشاب الضارة والآفات.
وقد حلت أيضاً نوعيات الحبوب ذات القدرة المحصولية الأكبر محل النباتات الأصلية ذات القدرة المحصولية الأقل، مما أدى إلى فقدان التنوع الحيوي.
ولكن أكبر تغيير في عوامل الإنتاج كان في استخدام الأسمدة مع ارتفاع الاستهلاك من 2 مليون إلى 700 مليون طن من الغذية. كما حدثت تغييرات هائلة في الميكنة. زاد عدد الجرارات المستخدمة من 200000 إلى 22مليون وحدة وتم طرح مئات الآلاف من الدراسات المكيانيكية.
وعلى الرغم من هذه القيود، قدمت الزراعة التي تعتمد على العلم إسهامات ضخمة لإنتاج الاغذية عالمي – ولحماية الموائل لطبيعية خلال ال40 عاماً الماضية. وبرغم تضاعف عدد السكان في العالم، فالتحول الذي حدث في النظم الزراعية ذات القدرة المحصولية الأقل قد حافظ على تقدم إمدادات الأغذية العالمية للفرد الواحد على النمو السكاني.
وقد انخفضت أسعار السوق العالمي للقمح والذرة والأرز، والتي تم تعديلها من أجل التضخم.
وقد استفاد جميع المستهلكين من أسعار الأغذية الأقل، وبوجه خاص الفقراء حيث أنهم ينفقون جزءاً كبيراً من دخلهم على الأغذية. وانخفضت، منذ 1970، نسبة الأشخاص الذين يعانون من الانعدام الغذائي في الدول النامية من 38 إل29%,
10- وكان هناك أيضاً فوائد بيئية بارزة نتجت عن تكنولوجيا الثورة الخضراء، والتي كثيراًً ما يتم تجاهلها. وكان من أكبر الفوائد الأراضي التي تم توفيرها لأغراض أخرى.
لو كانت المزيد من الأراضي الضعيفة بيئياً قد استخدمت من أجل الإنتاج الزراعي لتلبية احتياجات الأغذية المتزايدة، لكان التأثير هائل ومن الأرجح فاجع على تعرية التربة، وفقدان الغابات والمراعي، والتنوع الحيوي، وانقراض أنواع الأحياء البرية.
والأكثر من ذلك، كانت النزاعات حول موارد الأراضي على الأرجح ستزيد إلى حد كبير.
أ.د / علي عبدالرحمن علي