الدكتور محمد بدر يكتب : تأثير الإجهاد الحراري على إنتاجية وخصوبة حيوانات المزرعة
تأثير الإجهاد الحراري على إنتاجية وخصوبة حيوانات المزرعة واستراتيجية تقليل آثاره السلبية
تتعرض جمهورية مصر العربية خلال السنوات الأخيرة إلى تقلبات جوية شديدة مرتبطة بتغير الناخ العالمي تمثلت فى ارتفاع حاد في درجات الحرارة ونسبة الرطوبة فى فصل الصيف، بينما لوحظ الانخفاض الشديد فى درجات الحرارة فى فصل الشتاء مع زيادة كمية الأمطار وتلك التغيرات المناخية أدت الى تزايد غاز ثانى أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين والميثان وتكوين غلاف جوى يحيط بالكرة الأرضية وتحولها الى ما يشبه الصوبة التي تعمل على تخزين أشعة وحرارة الشمس وارتفاع درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية، وبالتالى نشأت ظاهرة الاحتباس الحرارى الذي يؤدي الى الإجهاد الحراري الذي تتعرض له حيوانات المزرعة.
وتعتبر التغيرات المناخية من اكبر المؤثرات على الكفاءة النتاجية لحيوانات المزرعة كما أن الجو الحار المصاحب لأشهر الصيف أحد المحددات الرئيسية التي تعمل على خفض الكفاءة الإنتاجية للأبقار والجاموس وغيرها من حيوانات المزرعة لتأثير درجة الحرارة على الوظائف الفسيولوجية, وتتراوح درجة حرارة الجسم في الماشية ما بين 36.7 : 38.9 درجة مئوية. ودرجة حرارة الجسم هذه تعبر عن التوازن الحاصل بين الحرارة المتولدة في جسم الحيوان نتيجة لعمليات التحول والتمثيل الغذائي التي تحدث للغذاء الذي يتناوله الحيوان والحرارة المفقودة من جسم الحيوان والتي تمثل الطاقة الزائدة عن احتياجات الحيوان لأداء العمليات الفسيولوجية المختلفة ومن ضمنها إنتاج اللبن وإنتاج اللحم ويتسبب الإجهاد الحراري في العديد من الآثار الضارة على وظائف الجسم الحيوية في الجاموس والابقار بسبب الاحتباس الحراري وتغير المناخ.
الإتزان الحراري هو الفرق بين تناول الأعلاف المنتجة للطاقة المطلوبة للحفاظ على وظائف الجسم الفسيولوجية والإنتاج والحمل والرضاعة وانتاج الللبن واللحم و درجة الحرارة المفقودة, وعندما تتعرض الحيوانات لاتزان الطاقة السلبي، فإنها تخضع للعديد من التغييرات الفسيولوجية والأيضية التي قد تعرضها إلى العديد من الآثار السلبية مثل ضعف المناعة وزيادة الأكسدة الفوقية للدهون (MDA) ونقص تركيز الجلوتاثيون المختزل (GSH) وقلة نشاط الأنزيمات المضادة للأكسدة مثل إنزيم الجلوتاثيون بيروكسيديز (GPx) ، وإنزيم السوبراوكسيد ديسموتاز (SOD) والكاتالاز (CAT. الى جانب التغيرتات الايضية والهرمونية متمثلة قي نقص مستوى الجلوكوز بالدم وقلة افزاز هرمون الانسيولين وزيادة افراز الكورتيزول كما أن الاجهاد الحراري يتسبب في حدوث تغير كبير في نشاط إنزيمات وظائف الكبد وكذلك التأثير على وظائف الكلى وزبادة مستوى البولينا والكرياتينين وفي الوقت نفسه يتسبب حدوث تغير كبير في مستوى البروتين الكلي والألبومين والجلوبيبلين وهرمون الثيروكسين والكوليسترول الكلي و الدهون الثلاثية وكوليستيرول البروتين الدهني عالي الكثافة، وكوليستيرول البروتين الدهني منخفض الكثافة وكوليستيرول البروتين الدهني منخفض الكثافة جداً.
وأثبتت الدراسات والابحاث العلمية تأثير مخففات الصدمة الحراية مثل بيكربونات الصوديوم وكربونات البوتاسيوم وأكسيد الماغنسيوم وحمض الأسكوربيك وكذلك استخدام الأملاح المعدنية مثل اليوياسيوم والصوديوم والزنك والمنجنيز والنحاس والمنظمات مثل بيكربونات الصوديوم وكربونات البوتاسيوم وأكسيد الماغنسيوم بالإضافة الى حمض الأسكوربيك لتقليل تأثير الاجهاد الحراري على بعض قياسات الدم البيوكيميائية الحيوية والهرمونية خلال موسم.
وتعانى الحيوانات من الإجهاد الحرارى بسسب انتاج حرارة زائدة أكثر مما تستطيع التخلص منها بسهولة لتصل الى مرحلة الاتزان الحرارى كما تؤثر درجة حرارة الجو العالية تأثيرا سلبيا على قدرة الحيوانات التناسلية مثل تأخر سن البلوغ فى الذكور والإناث، وإنتاج سائل منوى ذى نوعية رديئة وعدم إنتظام دورات الشبق وقصر فترة الشبق مع زيادة معدل الشبق الصامت في حالة ارتفاع درجة حرارة الجو عن 30˚م.
كما أن الإجهاد الحرارى يؤثر تأثيرا مباشرا على الأجهزة التناسلية حيث يؤدى إختلال عملية تكوين الحيوانات المنوية فى الذكور لتأثيره المباشر على الخلايا الجرثومية فى الخصية ونقص الرغبة الجنسية فى الذكور وكذلك على الحيوانات المنوية الموجودة فى البربخ وفي الأجهزة التناسلية فى الأنثى بعد التلقيح. كما أن الإجهاد الحرارى يحدث تأثيره السلبي على النظام الهرمونى فى الجسم مما يعيق عملية التبويض فى الأناث، كذلك تؤثر الحرارة العالية على البويضة نفسها وعلى المراحل الأولى لتكوين الجنين،
وقد تبين من خلال الدراسات الحقلية أنه بإزدياد درجة الحرارة العظمى عن 30˚م يحدث تغير واضح فى نشاط الحيوان وإقباله على الأكل حيث يقل نشاط الحيوان و تقل كمية الغذاء المستهلك. كما أن معظم الأمراض التناسلية مثل التهاب الضرع والتهاب الرحم و واحتباس المشيمة ارتبطت بالخلل في اتزان الطاقة.
كما يؤدى الإجهاد الحرارى يؤدى الى فقد الشهية وقلة افراز هرمون الغدة الدرقية، وبالتالى خفض معدل التمثيل الغذائى فى الجسم، وبالتالى قلة إنتاج اللبن في الجاموس بشكل ملحوظ عندما تزيد درجة الحرارة عن 22˚م وبخاصة بالنسبة لحيوانات اللبن عالية الانتاج مثل الفريزيان والهولشتاين.
ولذلك فإن انخفاض استهلاك العلف نتيجة الاجهاد الحراري الذي تتعرض له الحيوانات يؤدى إلى انخفاض مستوى الصوديوم والبوتاسيوم والماغنسيوم والذي يقدر احتياجاته بحوالي 1.5% بوتاسيوم و0.5-0.6% صوديوم و0.3% ماغنسيوم مما يخل بعملية تبادل السوائل في الجسم وينعكس على إنتاج اللبن. وبوجه عام فإن تنفس الحيوان يكون طبيعياً عندما تكون تعتدل درجة حرارة الجو. ويزيد استهلاك الحيوان من المياه فمن المعروف أن الأبقار تستهلك 2-4 لتر ماء لكل كيلو جرام مادة جافة مأكولة بالإضافة إلى حوالي 3-5 لتر ماء لكل كيلو جرام من اللبن وتحت ظروف الجو الحار يحدث ارتفاع كبير في استهلاك المياه وانخفاض في استهلاك كمية العلف التي يتناولها الحيوان مما يسبب إنخفاض في إنتاج اللبن .
ومن الضروري وضع استراتيجية تتناسب مع التغيرات المناخية المسببة للإجهاد الحراري وتشتمل هذه الإستراتيجية نظم التغذية ونظم الإيواء والرعاية لتقليل الخسائر والحد من الآثار السلبية للإحتباس الحراري الذي تتعرض له حيوانات المزرعة. أهم اسس هذه الاستراتيجية:
- إستخدام الماء فى تقليل الإجهاد الحرارى عن طريق رش الحيوانات حيث يؤدى رش الحيوانات الى انخفاض نتيجة تبخير الماء من سطح الجلد ويمكن أن تنخفض درجة حرارة الجسم لعدة ساعات.
- استخدام الاعلاف الجافة ذات الجودة العالية.
- استخدام المنظمات في العلائق مثل بيكربونات الصوديوم وكربونات البوتاسيوم وأكسيد الماغنسيوم للمساعدة على حفظ درجة حموضة الكرش. لتخفيف الأثر المترتب على استخدام نسب مركزات عالية في العلائق والحفاظ على كمية استهلاك الغذاء وبالتالي إنتاج اللبن.
- استخدام املاح الصوديوم والبوتاسيوم والماغنيسيوم لتسهيل عملية انتقال السوائل وتبادلها داخل الجسم.
- إضافة الأملاح المعدنية مثل الزنك والمنجنيز والنحاس لتحفيز الجهاز الدفاعي المضاد للأكسدة.
- تقديم العلائق في الفترات الباردة من اليوم (الصباح الباكر والمساء) وزيادة عدد مرات تناول الغذاء حتى يتمكن الحيوان من تناول العليقة بشكل مناسب في كل مرة.
- التبريد بالرذاذ وزيادة حركة الهواء باستخدام المراوح والتي يجب أن تكون مصممه تصميماً جيداً لتكون قادرة على دفع كميات كافية من الهواء تكفي لتجديد الهواء حول جسم الحيوان وجعله يشعر بإحساس الراحة.
- خفض أعداد الأبقار في العنابر وأماكن الانتظار.
- زيادة الاحتياطات الصحية ودوام ملاحظة التطهير الدوري.
دكتور محمد بدر عبد العظيم النيل – مركز البحوث الزراعية –باحث الكيمياء الحيوية ووالكيمياء الإكلينيكية – معهد بحوث الصحة الحيوانية – معمل الزقازيق – مركز البحوث الزراعية – مصر