الدكتور صبرى مقلد يكتب : لا عاش ولا كان من يقبض علي رقبة مصر ليحرمها الحق في الحياة
كان الجو العام للمناقشة في اجتماع مجلس الامن الدولي امس حول ازمة سد النهضة الاثيوبي ايجابيا وباعثا علي التفاؤل بامكانية الخروج بحل دبلوماسي توافقي لهذه الازمة الدولية الخطيرة… وكان عرض الوزير سامح شكري لموقف مصر وافيا وشاملا لكل ابعاد الموقف ولما يؤشر به من تداعيات واحتمالات تنذر بافدح الاخطار….. حتي جاء وزير خارجية اثيوبيا ليلقي علي مسامع المجلس بمجموعة من الالغام المتفجرة وليكيل الاتهامات لمصر ولينسف كل الجهود التفاوضية الجارية حاليا علي الصعيدين الدولي والافريقي من اساسها وليعود بالازمة الي المربع الاول في الوقت الذي لا يبدي فيه الاثيوبيون بادرة مرونة واحدة للتراجع عما عقدوا العزم عليه وهو ملء هذا السد الملعون وفقا لنظامهم الذي يخدم مصالحهم وحدهم في الموعد الذي قرروه بانفسهم لانفسهم غير عابئين بتداعياته الكارثية علي امن وحياة شعبي دولتي المصب في مصر السودان…….
وبهذه السلوكيات العدائية الممعنة في استفزازها وتعنتها وانتهازيتها ، تدفع اثيوبيا مصر كرها الي عبور الخط الفاصل بين الدبلوماسية والحرب وهو ما ظلت مصر تقاومه وتجهر برفضها له وتحاول تجنبه بكل الوسائل وبطاقة من الصبر والتحمل لا حدود لها، رغم المراوغات والمماطلات والمغالطات الصارخة التي شابت الموقف الاثبوبي من البداية وحتي هذه اللحظة. … فاوضوا بسوء نية وراهنوا علي شراء الوقت وتبنوا موقفا هجوميا في طابعه العام وحاولوا طيلة الوقت حشرنا في الزاوية لاستنزافنا واضعافنا وحرق اوراقنا ووثائقنا التي تثبت حقوقنا التاريخية في مياه نهر النيل ، وتدمير مراكزنا التي نفاوضهم منها ، حتي لا ننتهي من هذا كله الي نتيجة ايجابية واحدة ، وتصرفوا معنا ربما اكثر من السودان، بغطرسة زائدة وبروح عدائية لا تتفق بحال وعلاقات حسن الجوار بين دول يجمعها نهر دولي مشترك.. تعاملوا معنا وكانهم اصحاب الحق في كل ما فعلوه وانفردوا وحدهم باتخاذ القرارات الحاسمة فيه…….
وبعد ما سمعناه وسمعه العالم كله منهم علي لسان وزير خارجيتهم في بيانه الكئيب والمحبط امس ، من تكرار ممل ولا جديد فيه لمواقفهم المتعنتة ومن تشبثهم بالمضي بمشروعهم الي النهاية بلا رجعة فيه ، فانه يصبح من غير المتصور اطلاقا ان تقبل مصر تحت اي ظرف او ضغط ان تبقي حياة شعبها من الآن وحتي نهاية التاريخ تحت رحمة دولة حاقدة وكارهة شاءت اقدارنا البائسة ان تكون منابع نهر النيل في اراضيها.. . ويقيني كما هو يقين كل المصريين في هذه اللحظة المصيرية الفاصلة ، هو ان مصر التي عرفت كيف تحافظ علي حقوقها المائية التاريخية في الماضي حتي وقت ان كانت ضعيفة وتحت الاحتلال الاجنبي ، سوف لن تتركها تضيع منها وهي التي تملك جيشا هو احد اقوي عشرة جيوش في العالم…………….
وامام تحديات الحياة والموت ، تحديات البقاء او الفناء، تحديات ان نكون او لا نكون، كتلك التي نحن فيها الآن ، فليس ثمة مجال للتخاذل او التردد او الخوف او التهيب او المهادنة او الاذعان للامر الواقع الذي يحاولون فرضه علينا او اكراهنا علي قبوله.. ، لان ما سنخسره الآن سوف يضيع منا الي الابد….
واخيرا اقول انه لا عاش ولا كان من يقبض علي رقبة مصر ليحرمها من حقها في الحياة.